رفاق متسبين الأعزاء ٬
فاجأتني مجلتكم الأخيرة (العدد 88) على الصفحة 7 بنشرها ما قدمته “الحرية” من كلام فارغ وكأنه نعي ثوري قتلته يد النظام الامبريالي . وللقتل الاف السبل في عصر العقول الالكترونية أم ترانا لا نزال مسطحي الادمغة ٬ لا نعرف من القتل الا الشكل البدائي منه لرجل الغاب ؟ استغربت فعلا أن تظل عقدة “الحرية” ملازمة لمتسبين حتى بعد أن نبذ الحرية أعز قرائها وقد يعذركم رفيق لو عشتم على سطح القمر ٬ لكنكم يا رفاقي تعرفون تماما ان ال”حرية” 1980 ليست حرية 1971 و1972 فالى متى تصلون على الأموات ؟
ما الذي تتفضل به الحرية في مجال نعيها على ايلي التي تشبه نواح عجائز القرى ؟ انها تضع مقدمة بكلمات قصيرة عن رفيق ثوري عاش كل لحظة في حياته مناضلا ضد الامبريالية بينما يجود خيالها واقلام كتابها عن ثورية النظام السوري والجزائري والليبي والخميني وفي هذا لا تبخل الحرية بالصفحات المملة .
أما ايلي لوبل فتقدم الحرية تأريخا مزورا له رغم قصر النص (فهي لا يحلو لها ذكر سفر ايلي لوبل الى كوبا وعودته المريرة من هناك) ثم تنتهي الى نتيجة بأن ايلي لوبل “بدأ يشعر بأن البورجوازيات العربية وخاصة المصرية والبورجوازية الصهيونية الحاكمة في اسرائيل أخذت تلتقي أكثر فأكثر لمحاصرة القوى التقدمية واليسارية وخدمة المشاريع الامبريالية في المنطقة” .
المسألة بالنسبة لأصحاب الحرية مسألة شعور ايلي ليس الا ٬ وليس الواقع الدموي اليومي ٬ ان هذا المنطق ليس اهانة لايلي انما لمتسبين التي تنشر هذه الايديولوجية . وتنتقل الحرية الى ان هذا “الشعور” أثر عليه ٬ وان ايلي رأى بمزيد من التشاؤم صفقة السادات وبيغن وكان بعيدا عن المنطقة لذلك لم ير هذا المسكين بأن قوى “الثورة والصمود” (لاحظ استعمال الحرية المتزايد لتعبير الصمود الأسدي القذافي) “ما زالت حية وقوية تقاوم وتتصدى” (والصدأ أصبح أيضا من مفردات الحرية المستحبة) …
هذه يا رفاق سفاهة لا حدود لها ٬ الانتحار عملية معقدة لا يفقهها أصحاب الادمغة المسطحة ٬ قادة الفكر المخصي ٬ الذين يقودون جماهير شعبنا من هزيمة اللا أخرى مطمئنين ان مئة هزيمة يومية تعادل نصرا سنويا ٬ وهم بذلك لا يخسرون ماء وجوههم ٬ كيف ذلك وهم لا وجوه لهم ٬ ايلي ككل ثوري يبصق على لعب التوازنات التي يجيدها هؤلاء ٬ وهم اذ يركضون وألسنتهم متدلية وراء البورجوازيات البيروقراطية العربية يتهمون كل من لا يلعب لعبتهم بأنه “بعيد” و”منعزل” الى آخره . كيف لا والقرب والاندماج مع الجماهير يمثل في قمته كيل المديح لأنظمة متخلفة رأسمالية بتسميتها “لا رأسمالية” امم فيها الصراع الطبقي فقط ٬ وللحرية في ذلك تجربة تصل الى حد محاربة الامبريالية على صفحات تقابل دعاية لبيبسي كولا (أنظروا بأنفسكم الى الدعاية في أعداد الحرية) .
اما الثوريين الملاحقين في الوطن والمهجر ٬ والذين يتعرضون لاضطهاد القتلة المحترفين ٬ ورغم ذلك يظلون صابرين يناضلون بكل الوسائل الممكنة ٬ ومنها القلم الثوري ٬ فهم أعلى مكانة من ان تدنسهم حوافر الانتهازيين ٬ الا تكفي الاشارة الى ان ما قام به أشخاص قلائل مطلوبين في كل بلدان المنطقة يرتفع بقيمته كأدب ثوري فوق أطنان المزورات والكلام الفارغ الذي قدمته مطابع البترول . قد يسقط أحد هؤلاء صريعا تحت رصاص كاتمات الصوت العراقية الليبية السورية ٬ وقد يغادر آخر الحياة مجبرا ٬ لكن شعوبنا المقهورة وطبقاتنا الكادحة ستظل تحمل أسماء هؤلاء غاليا في عقولها ٬ وسيدوس التاريخ على جثث البيروقراطية العسكرية وديدانها .
لقد ضمر “الحرية” في السنوات لأخيرة الى حد لا يحسدها عليه حتى بعثيو العراق وهذا الحساب الذي نالته وجنته أيدي مموليها فهنيئا لهم .
فهل قرأتم مرة ثانية مثل هذا النواح قبل أن تنشروه ٬ اذ ان ايلي ما كان الا ليبصق على مثله .
أتمنى لكم النجاح في عملكم ولمتسبين شيئا أكثر من الدورية في الصدور .
علي أبو سمرة
(ليون ‒ فرنسا)
رد هيئة التحرير :
تحياتنا الى الرفيق أبو سمرة من ليون ٬
اننا وان كنا نتفق معك في ما ورد في رسالتك حول جريدة “الحرية” اللبنانية وتعاونها مع الأنظمة العربية ٬ لنود هنا ان نبين انه في الظروف الراهنة ٬ التي تعمل فيها منظمتنا داخل اسرائيل ٬ ثمة أهمية قصوى لكل صوت يأتي من الطرف الفلسطيني غير متناغم كل التناغم مع الفكر القومي الضيق ومتضامنا ولو تضامنا ضحلا ٬ مع ثوري اسرائيلي كرفيقنا ايلي لوبل . نحن نأمل أن سيكون لمثل هذه الأصوات أثرها الطيب في تنمية الوعي الأممي لدى أبناء شعبي البلاد .
ذلك ما ابتغيناه من نشرنا رثاء الحرية لايلي لوبل ٬ وذلك ما كنا نبغي كل مرة نشرنا للحرية شيئا في مجلتنا . وكم نشرنا لها فيما مضى من السنين ٬ قبل تبديلها مواقفها ٬ رغم ان القائمين عليها من “اليساريين” آثروا تجاهلنا (“الحرية” هي مجلة “منظمة العمل الشيوعي” اللبنانية بقيادة محسن ابراهيم والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بقيادة نايف حواتمة) .
الحق انه كان ينبغي بنا ٬ درأ لأي التباس ٬ ايراد انتقادنا للحرية ودوافق نشرنا لرثائها ايلي لوبل عندما نشرناه . والآن جاءت رسالة أبو سمرة “فقطعت جهينة خبر كل يقين” !