من هم أفراد الحركة الوطنية التقدمية الذين فازوا هذه السنة في الانتخابات للجنة الطلاب العرب في الجامعة العبرية في القدس ؟ ليس ثمة جدل حول كونهم وطنيين فلسطينيين والوحيدون الذين لا يسلمون بذلك هم قادة ركاح الذين يحسبون انهم هم ممثلو القومية العربية .
وبما أنه لا جدل في كون أفراد الحركة الوطنية التقدمية وطنيين , فان واجبهم ان يثبتوا انهم تقدميين كما تسمى حركتهم . وهنالك مدلول واضح لكلمة “تقدميين” في البيئة الاجتماعية التي يعيشون ويعملون فيها – الجامعات – وهو الاستعداد لتعاون عربي – يهودي في نضالات ديمقراطية .
ما هو موقف أعضاء الحركة الوطنية التقدمية من هذا القضية الحيوية ؟
ان منظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) التي يعترف بها أعضاء الحركة الوطنية التقدمية ممثلا شرعيا وحيدا لأبناء الشعب العربي الفلسطيني في كل مكان , قد سطرت على راياتها منذ زمن شعار “الدولة العلمانية الديمقراطية” (أو علمانية لا طائفية) التي سيعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود في مساواة وسلام . ولكن علاوة على هذا الشعار فان التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات يؤيد اليوم اقامة دولة فلسطينية في المناطق التي ستجلو عنها اسرائيل وتطوير استراتيجية متعددة المراحل وعلى المدى البعيد من أجل اقناع يهود اسرائيل بضرورة اقامة اطار مشترك كبير في المستقبل يشمل البلاد كلها ضمن حدود الانتداب البريطاني .
نحن لا نقبل صيغة “الدولة العلمانية الديمقراطية” كصيغة دل للنزاع الدموي بين الصهيونية المغتصبة والجماهير الفلسطينية . لأن هذه الصيغة تفرض عن ادراك أو دون ادراك , ان من الممكن دل القضايا القومية والاجتماعية هذه ضمن الاطار المصغر والمحدد جيدا لحدود الانتداب (فلسطين) , ولأن هذه الصيغة تعتبر يهود اسرائيل طائفة دينية عديمة الحقوق القومية . غير انه لا شك في ان الفلسطينيين يطرحون ليهود اسرائيل منظورا غير عنصري وغير دموي , خلافا لمل يزعم الصهيونيين .
ان واجب من يحدد هويته كوطني فلسطيني ومن يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني , ان يطور استراتيجية تعاون عربي – يهودي وان يرسم طريق النضال المشترك للعرب واليهود من أجل غد مشترك . ان امكانية منظمة التحرير للعمل في هذا المنحى محدودة في الظروف الراهنة , حيث تتواجد قيادتها وقوتها الرئيسية خلف الحدود , وليس الأمر كذلك بالنسبة للقوى التي تعيش وتعمل داخل اسرائيل , وخاصة يختلف وضع منظمة التحرير عن وضع أفراد الحركة الوطنية التقدمية الذين يعيشون في اسرائيل ويدرسون في الجامعات ويعملون في بيئة أغلبيتها من اليهود الاسرائيليين .
ان موقع الطلبة العرب الخاص يلقي عليهم مسؤولية تأريخية للعمل من أجل بلورة نضال عربي يهودي مشترك ودفعه قدما – من أجل الغد امشترك ! ضد الصهيونية – من أجل الديمقراطية !
فيا أعضاء الحركة الوطنية التقدمية , نحن نرتقب سماع رأيكم في هذه الأسئلة الحيوية . وصفحات “متسبين” أمامكم مفتوحة !
ان من يحدد هويته “وطنيا وتقدميا” ويتملص من هذه المسؤولية التأريخية يكون قد أفرغ لقب “تقدمي” من كل مضمون واتخذ موقعا متخلفا في مؤخرة منظمة التحرير الفلسطينية . وما أكثر المتواجدين في هذه المواقع لأسفنا .
اننا لا نشك في ان سياسة الحزب الشيوعي الاسرائيلي التقليدية تساهم الكثير في صد كثير من الطلبة الفلسطينيين في اسرائيل عن الاضطلاع بهذه المهمة التأريخية , اذ يمارس هذا الحزب تحت ستار “اخوة يهودية عربية” سياسة باطلة : مهادنة الصهيونية ومغازلة عنيدة شديدة لصهاينة “معتدلين” والتودد الى نشاط من المحافظين والرجعيين بين الأهالي الفلسطينيين في اسرائيل .
وهذا الاحجام الناجم عن سياسة الشيوعيين هذه , يدفع الكثيرين الى نبذ شعار ركاح “اخوة يهودية عربية” ونبذ قضية النضال اليهودي – العربي المشترك على حد سواء !
ان المواجهة مع ركاح تتسبب في نتيجة سلبية أخرى بين أفراد الحركة الوطنية التقدمية , فهم ينهمكون بالحوار مع ركاح , اذ يصورون الشيوعيين أعداء رئيسيين للقومية العربية عامة والحركة الفلسطينية خاصة . ونزاعهم مع ركاح يستنزف طاقتهم ووقتهم حتى يظن ان أعداء الفلسطينيين ليسوا بالامبرياليين والصهيونيين والرجعيين العرب بل الشيوعيين !
نحن نعتقد ان هذا ليس صحيح لا نظريا ولا عمليا . اننا , رغم حوارنا المر والشاق مع الشيوعيين لا نفقد الاتجاه الصحيح ولا نخلط الخصم بالعدو كما يفعل بعد أعضاء الحركة الوطنية التقدمية .
معاداة الركاحية هذه قد تنزلق بأصحابها الى مستنقع معاداة الشيوعية الرجعي كما يعلمنا التأريخ .
من يخطىء ويقارن بين نشاط حركة أبناء البلد في أم الفحم وبين العمل في الجامعات يثبت انه لا يفقه شيئا في السياسة . فالبيئة الاجتماعية في القرية هي عربية – فلسطينية , والمجتمع الاسرائيلي ازائها هو “خارجي” , وعليه طالما لم تنشأ منظمة قطرية لأبناء البلد (جبهة , حركة , حزب وما شابه) فان التعاون اليهودي – العربي بالنسبة للنشاط في القرية يبقى ضمن اطار اعلان النوايا وشعارات التضامن على صعيد الممارسة اليومية . في القرية يدور النضال الأساسي في الميدان الفكري الاجتماعي والسياسي من خلال مواجهة القوى الأخرى , الحمائل , الشيوعيين , المتدينين وغيرهم .
أما في الجامعات فيختلف الوضع عما هو عليه في القرية . فالمجتمع هنا بسواده الأعظم يهودي – اسرائيلي والنضالات الرئيسية هنا ذات طابع مغاير تماما . ان من يتصور النضال الدائر بين ركاح والحركة الوطنية التقدمية وكأنه النضال الوحيد فانما يثبت عمى سياسيا منقطع النظير وليس فحسب بالنسبة للجامعات بل وفي المجتمع الفلسطيني في اسرائيل , في الناصرة وأم الفحم , في شفاعمرو وكابول , في حيفا والطيبة .
ففي بير زيت فاز الطلبة المتدينين ب 45 بالمائة من الأصوات , وفي كلية النجاح في نابلس فازوا بأغلبية ساحقة . وفي غزة خرج المتدينون غي نضال مكشوف وعنيف ضد اليسار الذي يشمل الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية على اختلافهم والشيوعيين . ولا يفتصر تعاظم قوة المتدينين على الجانب الآخر من الخط الأخضر , ففي أم الفحم وقرى أخرى أمر مشابه .
ان من يرفض رؤية الواقع السياسي الجديد وينهمك في الحوار بين ركاح والحركة الوطنية التقدمية , بدل ان يستعد لاستقبال هذا الواقع كما ينبغي , سوف يأخذه بغتة تيار سياسي جديد – قديم رجعي في جوهره , وهو غير مستعد وأعزل من السلاح المناسب للمواجهة .
وركاح , كعادتها , قد تتساوق مع النهضة الدينية , وستنال في نهاية المطاف ما تستحقه : بصقة في وجهها , ولن يشفع لها يومئذ علم جهابذتها الساعين الى التوفيق بين الماركسية والدين وخاصة بين الشيوعية والاسلام !!
وماذا تفعل الحركة الوطنية التقدمية ؟
* * *
ان كل لجنة طلاب عرب , سواء كانت تحت هيمنة ركاح أو الحركة الوطنية التقدمية , تدأب حقا على التعاون العربي – اليهودي في النضال ضد الصهيونية ومن أجل الحقوق الديمقراطية للجميع , سوف تجدنا – أعضاء متسبين – شركاء في النضال وليس فحسب متضامنين . ومع ذلك فاننا لا نستطيع ان نقول “آمين” لكل ما يعمله الفلسطينيون لكونهم فقط أبناء شعب مضطهد مشرد ومستغل !
كاشتراكيين ثوريين نحن نعمل من أجل العيش المشترك للعرب واليهود , القائم على المساواة التامة , من أجل اندماج شعبي البلاد : العرب الفلسطينيين واليهود الاسرائيليين , في اتحاد اشتراكي لسائر شعوب المنطقة . ويهذه الروح نزن عملنا ونخطط نشاطنا من أجل دفع الثورة الاشتراكية الى الأمام .
هيئة تحرير متسبين