كنا قد نشرنا قبل ثلاث سنوات , في شباط 1977 , من على صفحات مجلتنا “متسبين” دعوة لاقامة جبهة عربية – يهودية من أجل نضال ديمقراطي , وكان ذلك كنا يذكر قبل ان بادرت ركاح لاقامة “جبهتها” . وخلال الثلاث السنوات تلك عدنا وكررنا طرح هذه الفكرة . ولم نكن وحيدين في ارادتنا رؤية هذه الجبهة وقد قامت : فالفكرة لم تكن خيالية بل كانت ولا تزال ضرورة حيوية للنشاط السياسي الناجع لسائر القوى المناضلة ضد النظام في اسرائيل .
وفي 29 آذار 1980 دعا ابن الطيبة صالح برانسي الى اقامة جبهة كهذه , وذلك في اجتماع شعبي لقائمة “النهضة” في الطيبة , بمناسبة يوم الأرض . ودعا الى عقد مؤتمر لبحث اقتراحه هذا . وقال عضو متسبين علي الأزهري الذي تحدث بعد برانسي : “انني , باسم المنظمة الاشتراكية في اسرائيل – متسبين , أضم صوتي الى صوت صالح برانسي لاقامة جبهة عربية – يهودية للنضال ضد الصهيونية” .
المظاهرة المشتركة في الطيبة – يوم الأرض 1980
Land Day demonstration, Taibeh, March 1980
ההפגנה המשותפת, יום האדמה, טייבה, מארס 1980
وفي الغداة , جاء دليل آخر على الامكانية العملية للسير سوية , ومغزاها الرائع الذي سيكون له ما بعده بالنسبة لمواصلة النضال . ففي يوم الأرض 30 آذار 1980 سارت في الطيبة مظاهرة مشتركة لكل من حركة أبناء البلد , الحركة الوطنية التقدمية , العصبة الشيوعية الثورية والمنظمة الاشتراكية في اسرائيل – متسبين . ولدى انتهاء المظاهرة انضم المتظاهرون الى الاجتماع الرئيسي الذي نظمته اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي العربية . وتكلم حسن جبرين (من أبناء البلد في أم الفحم) باسم جميع المشاركين في المظاهرة .
ومن أجل المضي قدما بهذه الفكرة وتحقيقها فاننا ننشر فيما يلي وللمرة الثانية , فقرات من افتتاحية مجلتنا التي رأت النور قبل ثلاث سنوات وعبرنا فيها عن موقفنا من بناء مثل هذه الجبهة .
* * *
بعد سلسلة طويلة من النقاشات ، اتخذت منظمتنا – “متسبين” – القرار الاتي :
علينا أن نعمل منذ الان ، من أجل اقامة وبلورة جبهة ديمقراطية من العرب واليهود ، تكون مفتوحة لأفراد ، منظمات وأحزاب ، جبهة يكون برنامجها قائما بشكل أساسي على البنود المتعلقة بالغاء كافة المؤسسات ، القوانين ، الأنظمة والاعراف التي يرتكز عليها النظام الصهيوني ، وسوف نسعى من أجل حرية التعبير الكامل لسائر مؤلفي الجبهة ٠
ان هذا القرار يقوم على وجهات نظرنا المعروفة ، ويتجلى كذلك في مبادئنا الأساسية ٠ فالبند الثالث عشر من مبادئنا ينص:
“وكجزء من النضال من أجل هذه الثورة (الثورة الاشتراكية) فان “متسبين” تقوم بنضال من أجل اسقاط نظام الحكم ااصهيوني والغاء كافة المؤسسات ، والقوانين ، واللوائح والتقاليد التي يرتكز عليها” ٠
* * *
وتجدر الملاحظة أن سياسة التعاون ، التحالف والجبهات غير جديدة بالنسبة لنا ٠ ففي 1965 ، دعونا الى اقامة جبهة معادية للصهيونية باشتراك الحزب الشيوعي ، “الأرض” ، “هعولام هزه” ، “هكواح هشليشي” و”متسبين” ٠
نحن نعتقد أن الظروف أصبحت مؤاتية لاقامة جبهة عربية – يهودية ، للنضال ضد الإضطهاد القومي والتمييز العنصري ، ومن أجل الاعتراف بالحقوق القومية والانسانية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني ٠ ونعتقد أن الاشتراك في هذه الجبهة ممكن لجميع الذين يؤمنون أنه من أجل تحقيق سلام حقيقي – أي حل النزاع الاسرائيلي- العربي بشكل جذري – يتوجب النضال ضد الصهيونية حتى كسرها ، وارساء علاقات الشعبين – الشعب العربي الفلسطيني والشعب اليهودي الاسرائيلي – على أساس من المساواة الكاملة ٠
من منطلق هذا التعريف فاننا نعتبر القوى التالية كمرشحة للاشتراك في اقامة الجبهة: الحزب الشيوعي الاسرائيلي (ركاح) ، قوائم “أبناء البلد” مثل “أبناء البلد” في أم الفحم و”جبهه أبناء نحف” ، التركيب غير الشيوعي في جبهة الناصرة الديمفراطية ، رجال “النهضة” في الطيبة ، لجان الطلاب العرب ، لجنة المبادرة الدرزية والمنظمات الثورية المعادية للصهيونية ٠ كذلك يستطيع أفراد غير منظمين المشاركة في اقامة الجبهة ٠
نحن نوصي بسياسة انفتاح الجبهة الدائم أمام أي عنصر أو انسان يكون مستعدا للانضمام اليها ٠ وبهذه الروح فاننا نرى انه من المناسب اتخاذ تكتيك التوجه المستمر المفتوح والعلني الى الأحزاب والمنظمات والأفراد كي يشاركوا في النضال وينضموا الى الجبهة ٠ نحن نوصي بهذا التوجه حتى وان كنا نشكك في نتائج فورية ٠
(نقصد ، مثلا ، أفراد “معسكر شلي” وأعضاء الحركة الطلابية “كامبوس” , وشركاء ركاح في جبهتها مثل “شاسي” والفهود السود . ومع اننا نفترض ان بعضهم أو كلهم لن يخرجوا للنضال ضد الصهيونية ، فان ثمة أهمية سياسية تثقيفية ودعائية في هذا التوجه ٠ ومن الجائز الافتراض ان خطوات بهذه الروح قد تشجع تطور قوة معادية للصهيونية داخل هذه الأجسام ٠)
باختصار: يجب علينا عدم اغلاق الباب في وجه شركاء احتماليين أو مقاطعتهم ٠ فليقولوا هم لماذا يعارضون نضالا ديمقراطيا اساسيا ٠ وليتورطوا بمحاولاتهم أن يوضحوا عبثا أن الصهيونية والديمقراطية غير نقيضين ٠
من أجل ماذا تناضل الجبهة ؟
نحن نعتقد أن عليها أن تناضل :
- ضد أنظمة الطوارئ ٠
- ضد قوانين مصادرة الأراضي العربية ٠
- ضد قوانين العودة وضد جميع القوانين والأنظمة التي تخول مؤسسات مثل “الوكالة اليهودية” والقيرن قييمت ممارسة نشاطها ٠
الجبهة تشجع وتبادر وتشارك في نضالات ديمقراطية مثل النضال ضد تهويد الجليل ومصادرة الاراضي العربية ٠ وتشارك في نضالات دفاعا عن حرية العمال في النضال ، من أجل حقوق المرأة ولفصل الدين من الدولة ٠
الجبهة تقف الى جانب جميع المظلومين والمضطهدين والمستغلين (بفتح الغين) وترفع راية الكفاح ضد كافة أشكال التمييز والاضطهاد سواء كان مصدرها قوميا أم طائفيا أم طبقيا أو غيره ٠
اننا لا نقصد تصميم برنامج ، انما نطرح نقاطا ومواضيع تبدو لنا أساسية للغاية ٠ وبهذه الروح يتضح لنا ان الجبهة ستكون ملزمة بالنضال من أجل تغيير برنامج التعليم لكي تحترم الحضارة العربية وتأريخ الأمة العربية ، ومن أجل الفصل بين الحضارة اليهودية والتأريخ اليهودي وبين الصهيونية ٠
ويتوجب على الجبهة أيضا العمل من أجل تطوير وتقدم القرية العربية ، الدفاع عن العمال العرب من أجل حقهم في التنظيم ، وتناضل الجبهة من أجل الاعتراف بالعرب في اسرائيل كجمهور قومي ، والذي هو جزء من الشعب العربي الفلسطيني ، ومن أجل حق هذا الجمهور في أن ينتخب له مؤسسات وممثلين على مستوى قطري ٠ وتناضل من أجل عودة اللاجئين الى وطنهم ٠
اننا نعتقد ان النضال من أجل احترام حقوق الشعب العربي الفلسطيني القومية والانسانية يجب أن يشتمل على النضال من أجل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثلة لهذا الشعب ، ومن أجل انسحاب اسرائيلي فوري وغير مشروط من جميع الأراضي المحتلة ٠ وهذا النضال يلزم المعارضة لاية محاولة اسرائيلية لفرض مستقبل الأراضي التي سوف تنسحب منها اسرائيل ٠
اننا نعتبر العرب في اسرائيل جزءا من الشعب العربي الفلسطيني ونعترف بحق العرب في اسرائيل في تقرير المصير حتى الانفصال ٠ ولكن هذا لا يعني بالحتم انه تنبغي التوصية بالإنفصال ٠ نحن كمنظمة اشتراكية ثورية تضم في صفوفها يهودا وعربا نميل الى توصية الجماهير بالعيش المشترك لأبناء الشعبين وليس بالانفصال ٠
كما أسلفنا ليس هذا برنامجا كاملا وشاملا ٠ ان بلورة برنامج كهذا حسب رأينا يجب أن تتم ضمن اطار مشترك لجميع مؤلفي الجبهة ٠
هل يجب على الجبهة تبني حل معين للقضية الفلسطينية؟
في اعتقادنا – كلا ٠
في رأينا يجب ان تضم جميع الذين يبنون المستقبل على المساواة الكاملة بين الشعبين حتى وان كانوا على اختلاف حول السبل لتحقيق الهدف ونيله ٠ مثلا ، تستطيع الجبهة أن تشمل المؤيدين لدولتين ، أو مؤيدين لدولة واحدة أو مؤيدين لاطار فدرالي اسرائيلي- فلسطيني أو مؤيدين لاتحاد اشتركي للمنطقة ٠ كذلك يستطيع المشاركة في الجبهة أولئك الذين يرتؤون الحل من خلال اطار قومي- ديمقراطي وأولئك الذين يرتؤونه من خلال اطار ثورة اجتماعية اشتراكية ٠
ان هذا لهو المنطق الكامن في أساس التعاون بين قوى قومية- ديمقراطية وبين قوى اشتراكية ثورية ٠
هل ثمة احتمال لاشتراك ركاح في جبهة كهذه؟
حاليا – كلا ٠
لان وجوه زعماء ركاح صوب جبهة مع الصهاينة وليس مع أعداء الصهيونية ٠
اذن ، هل يجب التراجع عن برنامج الجبهة أو تأجيل اقامتها؟
كلا ٠
لاننا اذا انتظرنا حتى توافق ركاح ، فاننا نكون قد ساعدنا زعمائها على عدم الموافقة الى الابد ، وأما اذا سعينا في اقامتها فاننا نستطيع ان نقنع الشيوعيين – أو بعضهم ان لم يكن كلهم – بالمشاركة في الجبهة ٠
اننا ندعم فرضيتنا هذه بكون ركاح كحزب ، ستواقق على جميع ما سلف من القول ٠ اننا نوصي بسياسة “الباب المفتوح” تجاه ركاح ٠ وننصح بعدم الانزلاق الى اعتبار ركاح “عدوا” ، وبعدم الانحطاط الى حروب القذع والافتراء والتلفيق ، وبعدم السقوط في معاداة الشيوعية ٠ اننا كاشتراكيين ثوريين نعتبر الشيوعيين اخوتنا وشركائنا في النضال ٠
كيف ، حسب رأينا يجب بناء الجبهة؟
يجب أن تقوم الجبهة على أساس برنامج سياسي مشترك عام وموافق عليه ٠ وبتأليف الجبهة يؤخذ بالاعتبار أنها يجب أن تضم أناسا أولى مواقف سياسية مختلفة ووجهات نظر مختلفة ٠ ويجب أن يكون هذا البرنامج خلاصة وتعبيرا عن المشترك في مجال النضال الديمقراطي المعادي للصهيونية في اسرائيل ٠
العضوية في الجبهة تكون شخصية ، وتنتخب مؤسساتها في انتخابات قطرية عامة ، وتنظم الجبهة في اطار من الخلايا والفروع المحلية ٠ وتحرص على السماح بحرية التعبير الكامل كتابيا وكلاميا لسائر أعضائها داخل الجبهة وخارجها ٠
الجبهة تعمل بشكل قانوني وتسعى لاستغلال كافة الامكانيات التي يمنحها القانون في اسرائيل ٠
الجبهة تعترف بالاختلاف والتنوع السياسي بين مؤلفيها وتحرص على حياة داخلية وعلى أشكال من النشاط ترفض التعصب الحزبي الهدام وسياسة “تحت الطولة” .
هل المقصود جبهة انتخابات؟
حسب رأينا – كلا ٠
فالنضال الذي نقترحه أوسع وأشمل من نضال برلماني صرف ٠
هل تشترك الجبهة في الانتخابات؟
ربما ٠
على كل حال ليست لدينا معارضة مبدئية للاشتراك في الانتخابات ٠
هل تصدر الجبهة صحيفة خاصة بها ؟
نعتقد ان الصحيفة هي أداء حيوية في النضال وثمة أهمية بالغة لجريدة مشتركة للعرب ولليهود ، قد تحظى في الظروف الراهنة بانتشار لا يستهان به ٠
هل كل ذلك ممكن؟
أجل اطلاقا ، في نظرنا يجب الاقدام على اقامة جبهة كهذه ٠
وخير البر عاجله .