[مقابلة خاصة لمجلة “متسبين” مع عدنان الخليلي , مهاجر فلسطيني الساكن في مدينة سيدني الأسترالية].
عدنان خليلي
سؤال : عدنان خليلي من أنت ؟
جواب : أنا انسان , مررت بمراحل عديدة وممارسات طويلة وعرفت من خلال ماضي بأنني تعبيرا متغيرا من ناحية الانتماء الاقليمي . كنت في مرحلة من طفولتي اشعر بأني جزء من عائلتي فقط , ومن ثم اصبت انتمي الى بلدتي وابتعدت عن البلدة لأكون ابن منطقة معينة وانتقلت الى أستراليا لأحس بأنني عربي , الا ان تجربتي السياسية كانت ملازمة ومرافقة لهذا التطور الانتمائي فانتقلت بتفكيري من انسان يؤمن بمجتمع معين وبقيم هذا المجتمع الضيقة الى انسان يحترم كل المجتمعات ويؤمن بالقيم الانسانية بمفاهيمها العريضة السامية .
سؤال : عدنان من هو تأريخك السياسي ؟
جواب : بدأت اهتمامي بالسياسة مع ظهور الناصرية كتيار للقومية العربية حيث رأيت بهذا التيار ممثلا لأمال الأمة العربية في تحقيق مستقبل أفضل ورمزا للتحرر من القوى الامبريالية . الا انني ادركت ان القوى البرجوازية التي تولت مقاليد السلطة في نظام الرئيس ناصر لم تكن من حيث انتمائها الطبقي مؤهلة لتنفيذ برنامج التحول الاشتراكي الذي وعدت به . وفشلت تجربة مصر الاشتراكية بتولى السادات للسلطة وعادت البرجوازية المصرية الى وجهها الحقيقي كحليفة للامبريالية . وكان للنكبة الفلسطينية ولهزيمة الأنظمة العربية عام 1967 وهجرة المزيد من الفلسطينيين اثرا عظيما على نفسي , دفعتني هذه المأساة الى البحث في أعمال الكتاب الذين عاصروا احداث مشابهة في مناطق مختلفة من العالم . اهتممت بشكل خاص بتأريخ النازية والفاشية والتمييز العنصري وحاولت ان أفهم كيف تعمل هذه الأجهزة على تبرير جرائمها وتشكيل قاعدة شعبية مؤيدة لها , عندها عرفت ان قضية الشعب العربي الفلسطيني واليهودي الاسرائيلي مع الصهيونية لم تكن معزولة عن حلقات الاضطهاد العميقة الجذور في التأريخ .
سؤال : لماذا تركت الشرق العربي ؟
جواب : بعد ان تحررت الأقطار العربية من الاستعمار الغربي وانتهاء التواجد العسكري فيها انتقلت الى مرحلة جديدة من العلاقات مع النظام الرأسمالي حيث ان المنطقة العربية غنية بالموارد الطبيعية وخاصة النفط . هذه المرحلة الجديدة حتمت اسلوبا جديدا للتعامل وتبادل الأرباح بين البيروقراطية الجديدة في الشرق العربي وبين النظام الرأسمالي , فالشرق العربي موردا خصبا للمواد الخام من جهة وسوقا مزدهرا للمواد الاستهلاكية من جهة اخرى . ومصلحة البيروقراطية هي في حفاظها على مكاسبها وتتحقق هذه المكاسب ببقاء البيروقراطية في موقعها على رأس السلم الاجتماعي , وباستغلالها للمنتجين من عمال وفلاحين , وبحفاظها على الوضع القائم لأن أي تحول صناعي أو زراعي نحو التنمية يعني المزيد من استهلاك المواد الخام داخليا وخاصة الطاقة , وتغطية الأسواق المحلية بمنتجات مصنعة محليا . في مجتمع تبادل الأرباح هذا وجدت نفسي بعد ان غادرت الجامعة غير قادر على اعالة نفسي فأتيت الى هنا .
سؤال : كيف ترى أستراليا ؟
جواب : أستراليا وكما سمعت عنها بلدا ديمقراطيا يتمتع فيها كل المواطنين والمواطنات بحقوق متساوية بغض النظر عن أصلهم أو عرقهم أو دينهم , الا ان الواقع كان وللأسف غير ذلك , فأنا كمهاجر اتمتع بكامل حقوقي ولي الحرية الكاملة ضمن القانون وكذلك حال كل المهاجرين , الا ان سكان البلاد الأصليين – الأبروجينل – لا يتمتعون بهذه الحقوق وهذا فعلا يؤثر على نفسي وأشعر بأنني مذنب بحقهم لأنني هاجرت الى أستراليا . ولكني اجد في مواقفي منهم ما يبرر وجودي هنا فأنا ارفض بكل الأساليب الاضطهاد الذي يعانون منه واستغل كل مناسبة لأعبر عن تأييدي لهم ولحصولهم على حقوقهم المشروعة والتي أنا وأمثالي من المهاجرين يتمتعون بها .
أعلام “الأبروجينل” على “تلة الكابيتول” في العاصمة الأسترالية: الثاني من اليسار بيلي كرايغي , يليه اهود عين جيل وعدنان خليلي
سؤال : كيف تتصور مستقبلك السياسي ؟
جواب : انني لا اطمح الى بناء مستقبل سياسي لنفسي ولا اود ان احترف السياسة , الا انني سأعمل للقضايا التي أؤمن بها وهي تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة لكل الشعوب المقهورة والأقليات المغلوبة على أمرها وقد أغير موقفي مباشرة من تأييد أي شعب مقهور اذا تحول الى شعب قاهر . وسوف اسخر وقتي وجهدي لهذه القضايا بغض النظر عن لون أو عرق أو دين هذه الأقليات والشعوب المقهورة .
سؤال : ما هو الحل للقضية الفلسطينية حسب اعتقادك ؟
جواب : القضية الفلسطينية ليست بمعزولة عن غيرها من القضايا المشابهة وكقاعدة لحل مثل هذه المشاكل ارى ان تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة التامة بالواجبات والحقوق بين كل أفراد المجتمع بغض النظر عن عرقهم أو لونهم أو دينهم واعطاء كل مواطن ومواطنة الحرية الكاملة بالسفر والعودة الى موطنهم متى ارادوا , وان يكون لكل فرد في المجتمع حرية التعبير وممارسة حقوقهم السياسية والاجتماعية بما فيها حق تنظيم منظمات عمالية أو سياسية أو اجتماعية وحرية الشعوب بحق تقرير مصيرها على ان لا تكون هذه الحرية على حساب حرية الآخرين .
سؤال : هنالك حوالي 250 ألف مهاجر عربي في أستراليا . هل تعتقد أنه يجب عليهم القيام بأي التزام لأوطانهم الأصلية ؟
جواب : بالطبع توجد واجبات على أعضاء الجالية العربية هنا . ففي أستراليا توجد جالية يهودية عدد أفرادها حوالي 75 ألفا . هذه الجالية لا تعرف الكثير عن مجريات الأحداث في الشرق الأوسط . واجب العرب واليهود هنا التعاون معا لحل سوء الفهم الناجم عن تشوية حقائق ما يجري في اسرائيل وبالأراضي المحتلة وكشف الدور الحقيقي للحركة الصهيونية . فبممارسة الصهيونية للتمييز بين الأشخاص على أساس الدين أو العرق وبادعائها تمثيل جميع اليهود وبادعائها ان ما تطبقه من تمييز هو مشتق من الديانة اليهودية تشكل الحركة الصهيونية خطرا جديا على اليهودية .
سؤال : أية كلمة توجه الى الفلسطينيين والاسرائيليين في اسرائيل ؟
جواب : احب ان اكون جزءا من العاملين على تقريب الشعبين اليهودي الاسرائيلي والفلسطيني لكي يعيشا معا تحت راية ديمقراطية حيث يتمتع كل المواطنين والمواطنات من كل الأعراق والأديان معا بسلام عادل ودائم ومساواة كاملة وأن يناضلا معا لرفع الظلم وتحقيق العدالة . وقد عرف التأريخ أنظمة وحركات عنصرية كثيرة من اللاسامية كالنازية الى مستعبدي الشعوب الفاشيين الى الصهيونية العنصرية وقد انهزمت النازية وانتصر الشعب الالماني ويعيش اليهود اليوم بحرية في المانيا وستنهزم الصهيونية وتعيش الأمة اليهودية الاسرائيلية جنبا الى جانب مع اخوتهم الفلسطينيين .