لنا آذان نسمع بها ولنا أعين بها نبصر : الهدف من المعاهدة الثلاثية الموقعة في واشنطون بين بغين السادات وكارتر ٬ هو تثبيت ترتيب سياسي جديد في المنطقة تلعب فيه اسرائيل ومصر بقيادة الولايات المتحدة الدور الرئيسي .
لنا ألباب ونفقه :
هدف الترتيب السياسي الجديد هو حماية النظام الاجتماعي القديم .
معنى ذلك : سيظل عمال المنطقة وفلاحوها رازحين تحت نير الاستغلال ٬ أما الأرباح ٬ ثمر كدحهم ٬ ستظل تتدفق في جيوب مستغليهم ٬ من الطبقات الحاكمة في كل دولة من دول المنطقة .
اننا نتظاهر في الأول من أيار ‒
- ضد أنظمة الاستغلال !
- ضد المستغِلين !
- ضد البرجوازيين والاقطاعيين وضد أولياءهم عبر البحار !
- ضد أحلافهم ٬ ضد معاهداتهم ٬ ضد اتفاقاتهم وضد “حكمهم الذاتي” !
- من أجل سلام عادل يقوم على احترام كامل الحقوق الانسانية والقومية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني !
- من أجل المساواة الكاملة بين شعبي البلاد ‒ الشعب العربي الفلسطيني والشعب اليهودي الاسرائيلي !
يخشى أصحاب المعاهدة الثلاثية من محاولة الجماهير تدمير الترتيب الاجتماعي القديم كي تبنى بدله ترتيبا اجتماعيا جديدا .
انهم يخافون الثورة الاشتراكية .
ولذلك فقد ازعموا ان يعملوا سوية لقمع أي نضال ثوري بيد من حديد مزودة بخيرة الأسلحة الأمريكية Made in U.S.A .
ليس عبثا يكرر ويردد بغين والسادات في اذني كارتر انه ما من أحد أنسب منهما وأجدر للدفاع عن “الغرب” لحماية مصالح “العالم الحرّ” وللتصدي “للتغلغل الشيوعي” . وما اختصما الا في أمر بسيط واحد : من منهما يقوم بدور الدركي الأكبر ومن بدور الدركي الأصغر في خدمة الامبريالية .
بعبارة أخرى : من يكون عمدة البلدة ومنيكون نائبه !
عمدة البلدة ونائبه اياهما يكرهان جماهير الشعب ويخافانها مثلما يكره عمدة البلدة ونائبه الهنود الحمر في أفلام الكاو بوي . وكما في السابق كذلك اليوم فهما يخشيان ان يغير “الهنود الحمر” على حين غفلة في شوارع البلدة ٬ ويستولوا على مخفر العمدة ويطلقوا سراح أصحابهم المسجونين ٬ ان يفتحوا مستودع السلاح وينهبوه ٬ ان يضرموا النار في البنك المركزي ويدنسوا الكنيسة …والشيء الجوهري : ان يستولوا على المزارع ٬ المشاغل ٬ الفنادق ٬ الحوانيت ٬ منجم الفحم ومحطة القطار وبئر النفط في مشارف البلدة .
لقد برزت كراهية بغين السادات وكارتر لجماهير الشعب وخوفهم منها في الوقت الذي كانت فيه الجماهير الايرانية تخوض نضالا بطوليا ضد نظام الشاه الدموي . هؤلاء الثلاثة كلهم تحالفوا مع الشاه سرّا وعلنا . أعانوا واستعانوا به . الثلاثة كلهم بكوا على مصيره الأسود .
كارتر دغم الشاه حتى اللحظة الأخيرة . بغين واصل صلاته الخفية الى ان قطعتها الجماهير الايرانية . أما السادات فقد استقبل الشاه استقبال الملوك من بعد ما قذف به الى مزابل التأريخ .
الفزع من اندلاع النضالات الشعبية على الاسلوب الايراني ٬ مجددا في أجزاء أخرى من المنطقة ٬ دفع بالثلاثة اياهم واستعجلهم في توقيع معاهدة سلام فيما بينهم .
اننا نعبر في الأول من أيار 1979 ٬ عن تضامننا مع جماهير الشعب الايراني في نضالها ضد مستغليها ومضطهديها من الداخل والخارج .
*
لماذا يتقنع أصحاب المعاهدة الثلاثية بأقنعة صنعة السلام ؟
انهم يدركون ان السلام هو امنية جماهير الشعب في كل مكان ومكان . فجماهير الشعب هي التي تنؤ بأوزار كل حرب ٬ وهي أول ‒ وفي الواقع الوحيدة ‒ من يشد الحزام في الحرب وأول من يسفك فيها دمه ويبذل في سبيلها العافية والحياة .
أما نحن ‒ شيوعيين واشتراكيين وأبناء البلد وسواهم من المناضلين من أجل سلام عادل يقوم على احترام حقوق الفلسطينيين ‒ فلا نزال كما كنا في الأمس ٬ كأن بغين السادات وكارتر يعملون في عالم آخر بعيد .
لم نفلح في اقامة وحدة نضالية من كل القوى التي سطرت على راياتها النضال ضد الامبريالية ضد الصهيونية وضد الطبقات المستغِلة الحاكمة في العالم العربي . بدل ذلك وقعنا في شقاق وانشقاق عميقين مقرونين بالتهم الباطلة والشتيمة والمقاطعات .
لقد أبصر بأم عينه من شارك في اجتماعات يوم الأرض في دير حنا وكفر كنا والطيبة ٬ كيف تتحول التهم الفارغة الى لكمات والافتراءات الى مشادات والمقاطعات الى ضربات .
في سبيل التوصل الى وحدة نضالية للقوى الثورية والديمقراطية بأحزابها ومنظماتها وحركاتها ٬ يتوجب الكف بتاتا عن الافتراءات والمقاطعات ٬ وفتح صفحة جديدة لتوضيح واجلاء مواقف سائر الشركاء الاحتماليين السياسية ٬٬ وذلك بغية استخلاص المشترك والعمل سوية .
هذا شيء ممكن وهذا شيء حيوي !
مثلا قيادة راكاح ٬ بحكم كونها أكبر قوة توحد في صفوفها عربا ويهودا على السواء ٬ بمقدورها ان تساهم مساهمة حاسمة في هذا الاتجاه ٬ ولكن من أجل ذلك على راكاح ٬ في اعتقادنا ٬ ان تقلع عن عادتها المشينة في سب وشتم منظمات أخرى مثل “متسبين” وأبناء البلد والتهجم عليها .
ففي بيان صادر عن لجنة الحزب الشيوعي الاسرائيلي في منطقة المثلث ٬ والذي نشر بعد يوم الأرض ٬ اطلق علينا لقب “اليساريين الصبيانيين” بينما وصم أبناء البلد “بالخيانة العلنية” ٬ وأعضاء “متسبين” وأبناء البلد ينعتون سوية بأنهم “قبضة أمنون لين اليسرى” وانهم “ادران” و”داء وخيم” …
أسلوب كهذا لا يساهم في التوصل الى وحدة نضالية ٬ بل يضر بها . وهو يعكس تصورا احتكاريا للنضال ٬ ينفي حق وجود منظمات قومية فلسطينية ٬ مثل أبناء البلد ومنظمات اشتراكية ثورية مثل “متسبين” .
في رأينا ليس الحزب الشيوعي فقط جدير بالانتقاد ومحتاج الى النقد الذاتي ٬ اذ ينبغي تسليط النقد على تصورات ونزعات أخذت تتخذ لها مواطئ في صفوف أبناء البلد وبعض المنظمات اليسارية . نحن نقصد ٬ على سبيل المثال ٬ معاداة الشيوعية (المتغذية من القومية والدين) ٬ التحزب المتعجرف ٬ الاستراتيجية الرامية الى القضاء على الحزب الشيوعي والحلول وكانه ٬ وتوجهات قومية تنادي بالتفريق بين العرب واليهود الى آخره .
رغم كل هذا فاننا لم نفقد الأمل !
اننا ندعو في الأول من أيار 1979 ٬ الجماهير العربية واليهودية في اسرائيل للالتحام في النضال ‒
- من أجل السلام !
- من أجل الديمقراطية !
- من أجل الاشتراكية !
المنظمة الاشتراكية في اسرائيل ‒ متسبين
أول أيار 1979
(وزع هذا النداء بالعبرية والعربية)