راشد حسين

 

هذه القصيدة كتبها الشاعر الفقيد راشد حسين قبل عشرين سنة رثى فيها شهيداً مات غريباً عن ثرى وطنه .. وكأنما رثى بها نفسه .

*     *     *

الشمس لم تجزع لمصرعه ولا غاب القمر

والأرض لا هي زلزلت اسفاً ولا نزل المطر

والدمع رواد مقتلي حيناً وعاد فما انهمر

لكن بكى قلبي لمصرعه وأحسبه انفطر

 

هل تعرفين الكوكب المحمر في كبد السماء ؟

والوردة البيضاء كيف تخضبت بدم الحياء ؟

فوحق حبك هكذا كانت تلطخه الدماء !

وعيونه كالنرجس النعسان أغمضها المساء !

 

وأهلت أكداس التراب فويقَ جثتِه الصغيرة

لكنني لم أستطع إخفاء عزَّتَهُ الكبيره

نظراته وجبينه لم يبرحا نفسي الكسيره

وضميره ؟ يا ليته أعطى لقاتله ضميره ؟!

 

الدودة العمياء صار طعامُها من مقلتَيه

أكلت طريَّ إهابِه والجوعُ يَقتُلُ طفلتيه

ديدان هذي الأرض أشرفُ من يدِ مُدّت اليه

يا ليتها قُطِعَت ويا ليت السماء عطفت عليه !

 

بالله يا ريح المساء اذا رحلتِ مع الغروب .

ورأيت أم التعس ِ تنتظر المغرب ان يثوب .

وتساءلت هل سوف يرجع أم رمته يد الخطوب .

فتمهلي قبل الجواب وإن يكن هو لن يؤوب !

 

وﺇذا ألحّت بالسؤال ِ لتخبريها بالحقيقة

قولي لها : خلفتُهُ في حضن والدة ٬ رفيقه . (1)

وإذا بكت وتأوهَتْ وتخيَّلتْ شبح الحقيقة .

فَلتصمتي يا ريح ﺇجلالا لموقفها دقيقة !

 

وﺇذا رأيتِ بناتَه يلبَسنَ أثواب الطهاره .

فتوسلي للدهر ألاّ يُلبس الايتام عاره .

وﺇذا رأيت بصدر زوجته من البؤ س ِ شراره .

فتلمسي قلب التعيسة وأطفئي يا ريحُ ناره .

 

قولي لهنَّ عن الفتى وشبابِه كيفَ انكسَر .

من غير أن تبكي السماء عليه أو يبكي القدر .

لم يرثِهِ الشعراء في شعرٍ ولا نزل المطر .

والشمس لم تجزَع لمصرعه ولا غاب القمر .
___
(1) – الأرض

 
محمد كيوان , من مؤسسي حركة أبناء البلد , يخطب في الجمهور اثناء تشييع جثمان الشاعر راشد حسين في مسقط رأسه قرية مصمص (ويظهر على المنصة المحامي علي رافع بالكوفية) , 1977