بعد يوم الأرض باشرت الحزب الشيوعي (ركاح) في شن حملة تحريض لم يسبق لهل مثيل ضد “متسبين” ٬ وسفرت هذه الحملات في تهجمات شديدة علينا في صحف ركاح وبتنظيم اجتماعات اعلامية في كل قرية عربية ضد ما تسميه ركاح “اليسار المغامر” وبالتهديد باستعمال القوة ضدنا .

نحن غير معنيين بتدهور العلاقات الى هذا الحد ٬ بالعكس نحن معنيين بالتعاون مع ركاح في أمور مسلم بها ومن خلال الاعتراف المتبادل بحق الاستمرار في الحوار الفكري بيننا وذلك بروح أخوية ذات صلة بموضوع الحوار .

ولكن تهجمات ركاح اضطرتنا الى الرد على مزاعمها والى تكريس مكان واسع نسبيا لهذا الرد في صحيفتنا . وليس هذا دابنا ولا عادتنا . لقد فصلنا دائما وما زلنا نفضل تكريس صحيفتنا صفحة لتهيئة النضال ضد الصهيونية والامبريالية والطبقات الحاكمة في الأقطار العربية وفي اسرائيل . اننا نعتبر أعضاء ركاح شركائنا في النضال رغم اختلاف الآراء . لذلك فاننا نناشد ركاح تركيز نضالها ضد العدو الطبقي المشترك وليس ضدنا .

وليس هذا هو الرد الكامل طبعا ٬ فاستمرار الحوار من حيث الأسلوب والمضمون أيضا ٬ يقرره مستقبلا قادة ركاح كذلك . ولا يشرفنا ان نتطرق الى التهجمات السافلة التي نشرت في “الغد” (عدد أيار 1976) ضد عضو منظمتنا على الأزهري . اننا نرفض بشكل قاطع هذه التهجمات ونندد بأصحابها . ان تهجمات كهذه لا تليق بالشيوعيين اذ انها مكتوبة بنفس الأسلوب الذي تستخدمه الرجعية في مهاجمة الشيوعيين أنفسهم .

*     *     *

مقال سالم جبران “حوار مع الفكر المغامر لجماعة متسبين” والذي نشر في مجلة “الغد” ‒ عدد رقم 4 ٬ أيار 1976 ‒ يزعم بانه حوار فكري معنا ومع منظمات أخرى ٬ هذا المقال لا يعدو كونه مجموعة من الافتراءات والتخرصات والشتائم ٬ والتهجمات والطعن الشخصي ‒ ولعل هذا هو السبب ان صاحب المقال ‒ وهو شاعر معروف ‒ آثر الا يوقع اسمه عليه هربا من الخزى والعار . لأنه أدرك ان نوعية مقاله لا تجلب له شرفا .

وقد لا يكون هذا هو السبب في عدم التوقيع على المقال فمن الجائز أن يكون المقال قد لاقى حظوة لدى مؤسسات الحزب أو اسرة ‒ الغد ‒ فحملهم ذلك على الايعاز لجبران بالا يوقع اسمه ٬ فيجئ ذلك المقال ليس كانتاج شخصي غير ملزم ٬ بل كوثيقة ذات أهمية وتحمل خاتم الرسمية الحزبية .

ولئن كان ذلكم هو السبب ٬ فان نشر المقال يؤسفنا بالغ الأسف مثلما يؤسف القراء الشيوعيين وسائر قراء “الغد” وكافة المناضلين ضد التشريد والاحتلال والاضطهاد والاستغلال في بلادنا . ان نشر المقال يعني ان قادة الحزب الشيوعي يعتبروننا بالذات أعداء لهم .

ان نشر المقال ‒ والذي تظهر ترجمته كاملة الى العبرية في هذا العدد من “متسبين” ‒ قد جاء دليلا ومؤشرا لبداية حملة شاملة ضدنا بالقلم واللسان . ويشهد على ذلك قراء الصحف الشيوعية بالعربية والعبرية وجمهور المشتركين في اجتماعات الحزب الشيوعي في الآونة الأخيرة .

لقد آمنا وبنية صادقة ٬ وما زلنا نؤمن ان احدى واجبات الثوري هي التمييز بين العدو والصديق وبين المبغض والأخ وبين الخصم والرفيق . وخاصة عندما نقف امام أعداء وخصوم ومبغضين خطرين خبيثين وعدائيين وفي الوقت الذي لا نزال فيه جميعا ‒ أصدقاء وأصحاب وأخوة ‒ دون أعدائنا قوة ٬ ولا نزال امام نضال مرير ومتواصل ومنهك معهم .

ومنعا لأي التباس فاننا نقولها صريحة : عندما نقول أصدقاء وأخوة فاننا نعني بذلك شركاء النضال ضد الصهيونية وضد الطبقات الحاكمة في العالم العربي وضد الامبريالية ٬ ولا نعني أننا نتجاهل الفروق والاختلافات في الرأي ٬ بالعكس نحن نؤمن ان مصلحة النضال تلزمنا جميعا بالاعتراف بالفروق والاختلافات الفكرية باحترامها والمجادلة بها ومناقشتها ولكن دون نسيان المشترك طبعا .

هنالك الكثير من المشترك بيننا وبين الشيوعيين ٬ وحقا فانه لم تنقض ساعات معدودة على يوم الأرض ٬ وفي 31 آذار 1976 بعثنا برسالة عاجلة الى اللجنة المركزية لركاح مكتوبة كلها بهذه الروح . وانتظرنا الرد . وتلكأ الرد في الوصول ٬ ولم يصلنا أي رد حتى هذا اليوم رغم مرور ثلاثة أشهر . وافادة للقارئ نعيد نشر هذه الرسالة في هذا العدد من مجلتنا وكنا قد نشرناها في العدد السابق (أيار 1976) .

يمكن اعتبار مقال سالم جبران “مجهول التوقيع” بديلا للجواب ٬ وان لم يكن هذا هو الجواب المرجو والمنشود . كتبنا في الرسالة اياها اننا نقف للدفاع عن ركاح . وجبران يجيبنا ناعتا ايانا “مجانين” “مشبوهون” ! كتبنل ان الدفاع عن ركاح يشكل مساهمة في النضال ضد الاحتلال والاضطهاد والتشريد تجاه أبناء الشعب العربي الفلسطيني ٬ “والغد” ترد بأننا “أعداء للشيوعيين ٬ عصابة ٬ صبيانيون ٬ مغامرون وضفادع مستأسدة” !!

لماذا ؟ يسأل قراء “الغد” ٬ وينتظرون جواب هيئة تحرير “الغد” ٬ ولماذا يسأل أعضاء الحزب الشيوعي الاسرائيلي ٬ وتسأل كذلك الشبيبة الشيوعية وينتظرون جواب قادتهم .

ملكية ركاح الخاصة

لماذا نحن أيصا نسأل ٬ .. ونجب : كتب سالم جبران ان “صبيان متسبين” ‒ ولقد أخطأ جبران اذ ظن ان هذا اللقب من القدر ‒ غاضبون لأن السلطات اتهمت الحزب الشيوعي بأنه “الدماغ المفكر للنضال” في يوم الأرض . بعبارة أخرى فان “متسبين” حسب اعتقاد جبران تحسد ركاح لفوزها بتاج قيادة النضال !

أولا ٬ لسنا بالغاضبين ولسنا بالحاسدين .

ثانيا ٬ حتى وان كنا غاضبين وحاسدين لركاح فهل في ذلك المبرر الكاف لدفع سالم جبران وقيادة الحزب الشيوعي لشن هجمة شرسة ضدنا (فمن نحن بمجملنا) ؟ على ذلك يجيب صاحب المقال : “جسم غريب مرفوض ومنبوذ ..” .

المعنى هنالك سبب آخر غير “غضبنا” وغير “حسدنا” يدفع شخصا أو أشخاصا في الحزب الشيوعي لتكرر وتؤكد ان “كل طفل في المجتمع العربي يعرف الدور القيادي لحزبنا” .

وبما انه لا يليق الحزب الشيوعي ان تتفاخر بهذا الأسلوب الصبياني “نحن المخططون” أو “نحن القائدون” ٬ فانهم يفبركون “حسد” متسبين لركاح ٬ وبذلك يختلفون السب للتنديد بهذا “الحسد” ومن خلال ذلك يفاخرون “نحن المخططون ونحن القائدون ٬ نحن ونحن ولا أحد سوانا ..” .

فما هو السبب الذي يدفع قيادة الحزب الشيوعي للافتخار “بدورنا القيادي” ؟ كما هو معروف لم يخطط أحد ولم يقد أحد نضال الجماهير الفلسطينية في اسرائيل في يوم الأرض عندما وقفت بكرامة وشجاعة ضد رجال الشرطة والجنود الذين هاجموا هذه الجماهير في قراها . وليس في هذا القول ما يحط من قدر الحزب الشيوعي أو يمس قيادته . فقد أدرك أيضا قادة ركاح والناطقون باسمها ٬ ان الاعتداء المسلح للجيش والشرطة هو الذي خلف المقاومة في شوارع سخنين وعرابة ٬ وان العنف الرسمي هو الذي جند أهالي الناصرة وشدهم صفا كبنيان مرصوص . ومن المعلوم ان اللجنة القطرية للدفاع عن الأرض { كانت قد خططت يوم الأرض كيوم مظاهرة واضراب لا كيوم عنف . والحكومة هي التي جعلت ذلك اليوم يوما داميا وبذلك أثارت ضدها السخط الجماهيري والمقاومة الشعبية . هذا السخط وهذه المقاومة يثيران امتعاض قادة ركاح الى حد ما . لهذا السبب فانهم عصبيون الى هذا الحد ٬ وعدائيون الى هذا الحد ٬ ولهذا السبب ينشرون مقالات مثل مقالات سالم جبران . ولهذا السبب يفترون علينا الكذب في اجتماعاتهم وكانما نحن قد دعونا الجماهير العربية الى حمل السلاح في يوم الأرض !

اننا نقول لزعماء ركاح : نرفزتكم هذه قد تكون مفهومة لكنها لا تبرر التخرصات واختلاق الأكاذيب .

يخشى قادة ركاح ان تفقدهم الروح النضالية المتعاظمة في الآونة الأخيرة تأثيرهم في صفوف الجماهير الفلسطينية في اسرائيل . وكما هو معلوم للجميع فان قادة ركاح يعتبرون هذا التأثير ملكيتهم الخاصة ولا يريدون اشراك أحد بهذه الملكية . قادة ركاح يخشون مثلا ٬ من الاستقلالية المتعاظمة للطلاب العرب في الجامعات ويخشون من تحول لجان الطلاب العرب الى أجسام مستقلة وحرة ٬ لا ترضخ دائما لسيطرة الحزب الشيوعي . يخشون مثلا ٬ من تنظيمات مستقلة فو الوسط العربي مثل القوائم المحلية غير الحمائلية والتي تسمى “أبناء البلد” ٬ (في أم الفحم ٬ ونحف وفي أماكن أخرى) وباختصار يخشى قادة الحزب من نشوء وضع جديد بحيث لا يكون فيه الحزب الشيوعي هو القوة الواحدة والوحيدة غير المرتبطة بالسلطات بين الجماهير العربية . لذلك فانهم يعيدون ويكررون : “كل طفل في المجتمع العربي يعرف الدور القيادي لحزبنا” . لذلك فانهم غالبا ما ينددون بالطلاب العرب وينعتونهم كعملاء “متسبين” ٬ ولذلك أيضا يهاجم قادة الحزب قوائم “أبناء البلد” وكانما هي أيضا ‒ ويا للفاجعة ‒ تابعة لمتسبين .

وفي سياق ردنا وتوضيحنا هذا نود ان نطمئن زعماء ركاح : ليس الطلاب العرب وليس “أبناء البلد” ملكا لنا وليسوا “في جيبتنا” ونقول نفس الشيء أيضا لزعماء ركاح وليسوا هم ملكا لكم ولا “في جيبتكم” ٬ وما هم بملك لأحد ! انما هم بشر مستقلون سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم . وهم جزء من الشعب العربي الفلسطيني .

demonstration and meeting

مزاعم عارية من الصحة

ويزعم جبران بأن “صبيان متسبين” يحاولون طمس الدور الذي يقوم به حزب الطبقة العاملة ٬ أي الحط من قدر الحزب الشيوعي الاسرائيلي !
هذه المزاعم عارية من الحقيقة وما هي الا من نسج خيال جبران وقد غره الوهم بأن تقولاته هذه تصبح حقيقة من الحقائق بمجرد طباعتها !
ومع كل الاحترام للحزب الشيوعي الاسرائيلي “لدوره في تربية وحماية وتعميق وعي الشباب في هذه البلاد” فان الحوار لا ينتهي عند هذا الحد بل من هنا يبدأ :

هل هنالك مشيئة الهية تقضى بأن الحزب الشيوعي هو القوة الوحيدة التي ترفع راية النضال ٬ وهل غير هذا الحزب ليس بأهل للنضال ٬ يبدو لنا ‒ ولعلنا غير مصيبين ‒ ان زعماء الحزب الشيوعي يعتقدون حقا بأن حزبهم هو حزب واحد أحد ولا حزب غيره ٬ وام مثله كمثل اله اليهود والمسيحيين والمسلمين ٬ اله واحد لا اله غيره . وان تواجدت قوى ثورية أخرى على نفس الساحة التي يعمل فيها الحزب الشيوعي ٬ فان هذه القوى ‒ في اعتبار الحزب ‒ لا يمكن ان تكون الا واحدة من اثنين : توابع للحزب أو خدام للنظام .

ورغم أن قادة الحزب الشيوعي ومن يقرر مواقفه لا يتكلمون ولا يكتبون عن الثورة الاشتراكية الا فيما نذر ٬ فانه اذا صدف ووجد هذا المصطلح “الثورة الاشتراكية” في معاجمهم ومفرداتهم يكون مفهومه المطلق حزبهم وزعامتهم لأنه حسب اعتقادهم لا اشتراكية الا سلطة الحزب الشيوعي ٬ لأن حزبهم كما هو معلوم واحد أحد قبل الثورة وفي اثنائها وبعدها ! حزب أبدي ! ونود هنا ان نستميح القراء معذرة للخروج من هذا الزقاق الضيق الذي دفعنا اليه جبران لكي نوضح هذه المسألة بمزيد من الاسهاب .

ان اعتقادنا ووعينا بأننا نمثل خطا ثوريا وبرنامجا ثوريا لا ينفى وجود منظمات أخرى وأحزاب تمثل خطا ثوريا وبرنامجا ثوريا والاختلاف في الرأي مع غيرنا من الثوريين لا تجعل منهم خونة وعملاء للعدو . اختلافات في الرأي بين الثوريين لا تبطل امكانية جبهة محاربة ضد أعداء الثورة ٬ ضد المستغلين والمضطهدين .

جبهة مكافحة كهذه ليست بالشيء غير الواقعي ٬ بل هي ضرورة واقعية للجماهير في بلادنا . أما زعماء الحزب الشيوعي ولأسفنا فانهم يعتقدون خلاف ذلك .

وعلى النقيض من رجال ركا حفاننا نعتقد ان غاية الثورة الاشتراكية هي ايصال الجماهير الكادحة والمستغلة الى السلطة وليست غايتها ايصال الحزب الى السلطة . ونحن نعتقد ان مهمة المنظمة الثورية أو الحزب الثوري ليست السيطرة على زمام السلطة والاحتفاظ بها . بل مهمة المنظمة الثورية أو الحزب الثوري هي المساعدة بأقصى طاقاته لاستيلاء المجالس المنتخبة بواسطة الجماهير على السلطة واحتفاظ المجالس بها . ان استيلاء مجالس كهذه ‒ والتي تسمى سوفيتات ‒ على السلطة يشكل معلما وحدثا حاسما للثورة الاشتراكية .

فما رأي صاحبنا جبران في هذه المسألة ؟ وها نحن نفتح لك صحيفتنا رغم كون صحفك مغلقة في وجهنا . ولا بطالبك باتفاقية بين جانبين ليتمكن طبقا لهل الجانب الواحد من التعبير عن رأيه من على صفحات صحيفة الآخر ٬ اننا نطالب بحوار لائق وذي صلة بموضوع الحوار . ومن أجل حوار كهذا فها نحن نفتح أمامك ٬ وأمام أصحابك مجلتنا ‒ متسبين ‒ فتفضلوا :

هل في اعتقادك انه من الممكن أن يكون في بلد ما حزب ثوري بالاضافة الى الحزب الشيوعي ؟

هل المفروض في الثورة ايصال الحزب الى السلطة أم ايصال السوفيتات المنتخبة بواسطة الجماهير ؟

وماذا كان يعني لنين بالضبط عندما رفع قبل ثورة أكتوبر الشعار الثوري : “كل السلطة للسوفيتات” ؟ نحن بالطبع نتقبل هذا الشعار الثوري ونتبناه بكل اخلاص . وأنت ؟

استطردنا قليلا في الحوار فلنعد الى مزاعم جبران كما وردت في “الغد” .

نقد وليس سخرية

“والنقطة الثالثة التي يطرحها مراهقو متسبين هي السخرية من سعى حزبنا الى اقامة جبهة عريضة للدفاع عن الأرض” على حد زعم جبران .

ليست بالسخرية أيها الرفيق المحترم . انما هو نقد وهذا النقد لا يقتصر فحسب على الجبهة الواسعة للدفاع عن الأرض التي يتحدث عنها جبران . هذا النقد يتطرق لكامل سياسة الجبهات للحزب الشيوعي . وباختصار نكتفي بقولنا هذا : عندما يبادر الحزب الشيوعي لاقامة جبهة معينة فانه يتوجه فورا الى جميع القوى التي تقف على يمينه ٬ ويقاطع بشكل أوتوماتيكي تقريبا جميع القوى الواقعة على يساره . الحزب يبحث عن حلفاء محتملين في أوساط الصهيونيين ويقاطع شركاء محتملين من القوة المعادية للصهيونية . والحزب يفضل شراكه مع [الحركة الصهيونية “اليسارية”] “موكيد” ويمتنع عن مشاركة متسبين .

اننا نسأل جبران وقادة ركاح : لماذا ؟

هذا سؤال يلزم بالجواب ٬ نحن بانتظار جواب ركاح . ونحن بطالبها بالجواب .

وربما قال قائل : انه من الطبيعي ان تفضل ركاح “موكيد” على متسبين . لأن موكيد ممثلة في الكنيست وغير ممثلة متسبين . ونحن نقول ليس هذا بالجواب الشافي . لأن ركاح عندما تريد اختيار شركاء من القوة غير الممثلة في الكنيست فانها تفضل الصهاينة على مناهضي الصهيونية وهاكم مثلا من ذلك : في الأول من أيار الماضي (1976) دعى ممثلو جماعات صهيونية صغيرة لم يسمع يذكرها أحد تقريبا ٬ وقوتها أصغر من قوتنا بكثير ٬ دعيت الى الاشتراك في تنظيم مظاهرة ركاح في تل أبيب ٬ ولالقاء الخطب من على منصة المظاهرة سوية مع زعامة ركاح . والمقصود هو ممثلو الجماعات الصهيونية التابعة لرفتين “رابطة اليسار الصهيوني الاشتراكي المستقل” وميكونيس “المعارضة الشيوعية الاسرائيلية” .

الخلاصة : ان المعيار الذي تستخدمه ركاح لاختيار شركائها الاحتماليين لانشاء الجبهات هو مقدار ولاء هذا الشريك المحتمل للوضع الراهن ‒ 4 حزيران 1967 . فالذي يقدس دولة اسرائيل في حدود ما قبل حرب حزيران 1967 فهو حليف نزيه لا غبار عليه مطلقا ومن لا يقبل هذا الوضع فانه غير صالح للجبهات . وطبقا لمقياس ركاح هذا فان جميع القوى المناهضة للصهيونية ساقطة وغير شريفة وطبقا لنفس المقياس فان جميع الصهاينة المعتدلين نزيهون وشرفاء . حتى رجل مبام الذي يعارض انسحاب اسرائيل من هضبة الجولان مفضل لدى ركاح على رجل متسبين !

ومصيبة زعامة ركاح ان هذا المعيار لا يكفي لاقامة الجبهات على هوى هذه الزعامة ٬ فهنالك ضرورة موافقة الشركاء الاخرين . مثلا : لا يكفي ان جبران يحول مئير بعيل ‒ وبقدرة قادر ‒ الى شريك في جبهة الدفاع عن الأراضي ٬ بل المطلوب أيضا قبول مئير بعيل لهذه الشراكة . والواقع ان زعماء ركاح لا يمكنهم ان يكونوا راضيين عن سياستهم الجبهوية . فالمناهضون للصهيونية على استعداد للتعاون مع ركاح في جبهات مختلفة ونضالات كثيرة وان الصهاينة يرفضون ذلك .

واذا جاز لنا استعمال المثال الذي أورده جبران جاز لنا أن نسأله ثانية : هل حقا يشرك عضو الكنيست مئير بعيل في جبهة الدفاع عن الأراضي ؟ أم ان هذه ليست الا أوهاما من ركاح تروّج لها في سوق السياسة ذروا للرماد في عيون الجماهير واستعراضا من ركاح ‒ الجبهة ‒ وهمية أمام الجماهير ؟!

تعالوا لنقف على حقيقة موكيد كما هي ٬ وليس يعرضها جبران بواسطة صنف من المئير بعيل الوهمي غير الموجود في هذا الوجود .

وهاكم ثلاثة أمثلة حية :

أولا ٬ ان موكيد هي الحركة السياسية الوحيدة التي تؤكد في برنامجها السياسي ٬ على سياسة النضال ضد الحزب الشيوعي الاسرائيلي . ففي برنامجها السياسي تقول موكيد ان النضال من أجل السلام ومن أجل “بديل اشتراكي” يوجب نضالا فكريا وسياسيا ضد سياسة المعراخ في السلطة وضد سياسة ركاح ووجهات نظرها .

انتبهوا : “ضد سياسة المعراخ وضد سياسة ركاح ووجهات نظرها” . موكيد يضع المعراخ في مصاف ركاح !

بعد يوم الأرض واثناء مناقشة اقتراح ركاح لحجب الثقة عن الحكومة قال ممثل موكيد مئير بعيل : “لن أصوت مؤيدا لحجب الثقة عن الحكومة . لأنني لا أوافق مع ركاح التي تقترح حجب الثقة والتي تحاول ركوب أمواج القومية العربية المتطرفة .. ان الاضطرابات الوحشية التي وقعت في قسم من القرى العربية في الجليل .. هذه الاضطرابات لجزء من عرب اسرائيل لم تكن محتملة هذه المرة من حيث عنفها ٬ وكرد فعل لهذه الاضطرابات فقد خرج جزء من قوات الأمن عن طوره ..” الى آخره .

ثالثا : بعد يوم الأرض تحدث أحد ممثلي موكيد المدعو ‒ رؤول تايتلباوم ‒ في مجلس الهستدروت . وقد أحصينا من مجمل أقواله اثني عشر سطرا كالحا ومعتدلا ضد الحكومة ٬ ستة سطور في مدح سكرتير الهستدروت وخمسة وعشرين سطرا ضد … ركاح : “ركاح مسؤولة ليس أقل من حكومة اسرائيل ٬ عن الضحايا البريئة في الجليل ..” والى اخره ..

(جميع الاقتباسات التي أوردناها لمئير بعيل وتايتلباوم أخذناها عن صحيفة “بموكيد” ٬ نشرة خاصة ٬ 22 نيسان 1976).

ونقول اذن : ويل لموكيد وويل لزعماء ركاح الذين يخطبون ود موكيد . وواضح الآن أن جبران لا يفترى الكذب على متسبين فحسب بل يكذب على نفسه ويكذب على قرائه في كل ما يتعلق بموكيد .

“صهيونية متعقلة”

ويمعن صاحبنا من “الغد” في التحليق على أمواج خياله الخصيب : “ان مأساة صبيان متسبين انهم غير قادرين على اقامة التحالفات المرحلية ٬ اطلاقا ٬ لأنهم يقذفون بكل ما في الجعبة من شعارات ٬ بحيث يستحيل التحالف معهم” .

هذا الكذب كتب في شهر أيار أياما معدودات بعد أن جلس ممثلو متسبين ساعات متواصلة مه ممثلين كبار من زعامة ركاح مثل عضو المكتب السياسي عوزي بورشتاين ٬ وذلك لبحث التحضيرات لمظاهرة الأول من أيار في تل أبيب . لقد رفض ممثلو ركاح أن نشترك باسمنا وتحت شعاراتنا في المظاهرة التي سموها “مظاهرة موحدة يهودية عربية” وسمح ممثلو ركاح لجماعات صهيونية صغيرة رفع شعارات لصالح “الصهيونية المتعقّلة” . ما هي هذه “الصهيونية المتعقّلة” ؟ ومنعنا ممثلو ركاح من رفع شعارات معادية للصهيونية ٬ منعونا من رفع شعار : “ليحاكم المسؤولون عن قتل المواطنين في الضفة والجليل” واقترحوا بديلا لهذا الشعار شعارين ٬ الواحد : :ليحاكم المسؤولون عن قتل المواطنين في الجليل” والآخر : “ليحاكم المسؤولون عن قتل المواطنين في الضفة” ٬ لماذا ؟ لأن شعارنا كما فسره ممثلو ركاح يلمح الى ان الضفة والجليل شيء واحد هما ٬ واما اقتراحهم فيفرق بين الجليل الذي هو جزء من دولة اسرائيل وبين الضفة التي هي منطقة محتلة .

تنازلنا لركاح وتنازلنا في سبيل التظاهر سوية في الأول من أيار ٬ وكان تنازلنا ذا مدلول بعيد بحيث قامت منظمة “أفنغارد” بتحريض الطلاب العرب ضدنا بزعمها اننا قد بعنا أنفسنا لركاح ورضخنا لشعارات صهيونية !

ولكن سالم جبران يأبي الا ان يفسر لجمهور قرائه بأنه “يستحيل التحالف معنا” لأننا نقذف بكل ما في الجعبة من شعارات” . جبران في واد والحقائق في واد ! وما عليك أيها القارئ الا ان تختار ٬ وننصح لك باختيار الحقائق حتى وان كانت غير عضوات في الحزب الشيوعي الاسرائيلي .

ولكن يدعم جبران روايته الخيالية يورد قصة من الماضي : “ولعل المثال الساطع على موقفهم الصبياني الانعزالي هذا ٬ انهم طالبوا برفع شعار “الاشتراكية في الشرق الأوسط” في المعركة الشعبية في حينه لاعادة أهالي أكرت وكفر برعم الى قريتهم” .

أرأيتم ؟ هذه كذبة أخرى من اختلاق “الغد” . لقد اشتركنا في المظاهرة الجماهيرية الكبيرة التي جرت وقتئذ في القدس وكل ما أضفناه الى شعار ركاح الذي اقتصر على المطالبة باعادة لاجئي أكرت وبرعم الى قريتهم كان شعارا يطالب بالاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين كافة . قد يعتقد بعض القراء ان هذا المطلب للاعتراف بحقوق سائر المشردين الفلسطينيين هو مطلب مضر وهدام للنضال لاعادة لاجئي أكرت وبرعم ٬ ولكن يجب على هؤلاء القراء معرفة الحقائق التي يتملص منها جبران . فكما ترفض ركاح الآن رفضت وقتئذ ٬ اشراكنا في التحضيرات للمظاهرة الكبيرة في القدس من أجل أكرت وبرعم . ولذلك لا تستطيع ركاح ان تدعى الآن بأننا رفعنا شعارات غير مقبولة عندها . على ركاح ان تختار بين أمرين : ان توافق على اشراكنا في الجبهات الواسعة والنضالات الواسعة ٬ وعندئذ تستطيع أن تطلب منا تنسيق مواقف أو تنسيق شعارات أو تخطيط مشترك أو ان تستمر في مقاطعتنا وفي التحريض ضدنا وفي محاولتها اقصائنا عن كل نضال ضد نظام السلب والاحتلال والقمع ٬ واذا استمرت ركاح في انتهاج هذا السبيل فلا حق لها في مطالبتنا بالولاء لخطها ولشعاراتها ولتخطيطها .

ومهما أوتيت ركاح من ذوى الخيال الخصيب من شاكلة جبران ٬ فانها لا تستطيع اتهامنا بأمر واحد : نكث العهود أو نقض المعاهدات أو احباط حلف .

ولم نلتزم مرة باتفاقية سياسية مع ركاح ٬ أو مع غيرها ٬ لالا واحترمنا الاتفاقية من منطلق الاستقامة والشرف ونحن نتحدى جبران ليتفضل ويحاول انكار ذلك !

منطق “المجانين” السليم

وفي احدى تحليقاته الرائعة يجتر الشاعر كعادته “أسئلة منطقية جدا نطرحها بكل بساطة” مع تأكيده لقرائه مسبقا بأنه “كيف يمكن ان نفتش عن المنطق السليم ٬ عند مهووسين ومصابين بالسعر المعادي للشيوعية ؟!” والمقصود هنا ‒ ولمن لم يدرك حتى ان ‒ هم المهاويس والكلاب من “محششة متسبين” .

وها هي أسئلة حمامة السلام الغراء من برج “الغد” والتي أبت الا ان تبول على رؤوسنا بالذات :

“ماذا تقترحون ان يظل الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الى ان تسقط الصهيونية من داخل اسرائيل ٬ ان يظل اللاجئون في الخيام حتى تنتصر الثورة الاشتراكية في كل الشرق الأوسط ؟”

جوابنا :

“نحن نؤيد حق الشعب العربي الفلسطيني لتحريره بما في ذلك نضاله لانسحاب اسرائيل كامل وغير مشروط من الأراضي المحتلة في سنة 1967 ٬ لانشاء اطار سياسي مستقل فيها”.

واضح ؟

“اننا نناضل :

“من أجل انسحاب اسرائيلي كامل فوري وغير مشروط من جميع الأراضي المحتلة .

“ضد كل محاولة اسرائيلية تفرض على الجماهير الفلسطينية ممثليها .

“ضد كل محاولة اسرائيلية تفرض مستقبل الأراضي التي تنسحب منها اسرائيل” .

(هذه الفقرات مقتبسة عن وثيقة رسمية لمنظمتنا : “المسألة الفلسطينية ٬ هنا والآن” ٬ نشرت في أعقاب حرب تشرين 1973) .

ولكن ‒

كمنظمة اشتراكية ثورية فان من واجبنا محاربة الأوهام التي يبثها اليسار الصهيوني والحزب الشيوعي الاسرائيلي أيضا ٬ وكان اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع سوف تحل النزاع العربي الاسرائيلي . فحتى وان اضطرت اسرائيل الى انسحاب الى حدود الرابع من حزيران “الخط الأخضر” فان المسألة الفلسطينية ستظل قائمة بكل حدتها واضحة وملموسة أكثر مما كانت عليه قبل حرب حزيران 1967 .

لماذا ؟

هنا علينا ان نطلب من خصمنا جبران ٬ أن ينس لبرهة من الوقت قرار مجلس الأمن (242) ٬ والذي أسرف جبران في حشونا به طيلة عقد من الزمان حتى اتخمنا ٬ وليقرأ جبران الأسطر التالية بالصبر والاناة :

  • الجماهير الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وخارجها , الذين لا يسلّمون بواقعية التشريد , الاضطهاد , والغربة , ومشكلة هذه الجماهير لا تحلّ بواسطة دولة الضفة والقطاع .
  • مشكلة نصف المليون فلسطيني في اسرائيل والذين يعيشون فيها كمواطنين من الدرجة الثالثة , تبقى هذه المشكلة بدون حل كذلك .
  • وبعد الانسحاب فأن اسرائيل ستبقى ككلب حراسة للامبريالية , وتبقى على استعداد للهجوم فور تسلّم الاشارات من أسيادها .
  • ديناميكية الاستيطان الصهيوني ستتضرر , ولكنها لن تقف – فستظل اسرائيل الصهيونية ترى أن رسالتها الأساسية هي , تجميع يهود العالم في “أرض اسرائيل التأريخية” حتى وأن كان ذلك على حساب مصالح سكانها وضد اغراض التطور في المنطقة .

(هذه الفقرات مقتبسة عن وثيقة رسمية لمنظمتنا : “المسألة الفلسطينية ٬ هنا والآن” ٬ نشرت في أعقاب حرب تشرين 1973) .

سنكرر هذا الكلام المرة تلو الأخرى ٬ لكي يصعب عليك مستقبلا ٬ يا شتّامنا الظريف ٬ ان تحاول ثانية تلطيخنا تبعا لأهوائك .

فانصت واستمع :

“ولا ينبغي لامكانية قيام دولة فلسطينية في الأراضي , التي ستضطر اسرائيل الى الانسحاب منها , أن تبلبل الاشتراكيين الثوريين العاملين في اسرائيل , ذلك لأن الانسحاب الاسرائيلي والدولة الفلسطينية لن يحلا “المسألة الفلسطينية” , ولذلك فاننا نؤكد مرة أخرى , بأن الحل الكامل للقضية الفلسطينية ممكن فقط ضمن نجاح النضال الثوري , من أجل الاشتراكية في كل المنطقة , النضال الذي سيدحر الامبريالية ويسقط نظام وكلائها المحليين في اسرائيل والدول العربية , ويلغى الحدود القائمة , يوحّد الشعوب العربية ويضمن الحقوق الكاملة للشعوب غير العربية التي تعيش في الشرق العربي” .

(هذه الفقرات مقتبسة كذلك عن وثيقة رسمية لمنظمتنا : “المسألة الفلسطينية ٬ هنا والآن” ٬ نشرت في أعقاب حرب تشرين 1973) .

طبعا يستطيع سالم جبران وزعماء الحزب الشيوعي الاسرائيلي الاختلاف معنا في وجهة نظرنا هذه . هذا حقهم ولكن ان كانوا حقا على اختلاف معنا ٬ فواجبهم ان يعلنوا ذلك جهارا ليس على مسامعنا فحسب وانما في الأساس على مسامع قرائهم وأنصارهم وأعضاء حزبهم .

اننا نعتقد انه في فترتنا وفي منطقتنا ٬ يستحيل النضال من أجل الاشتراكية ٬ ما لم يكن نضالا ثوريا وشاملا للمنطقة كلها . ونعتقد ان النضال ضد الامبريالية وضد وكلائها المحليين في اسرائيل والدول العربية هما توأم واحد . ونحن مقتنعون ان الغاء الحدود القائمة وتوحيد الشعوب العربية وضمان الحقوق الكاملة للشعوب غير العربية التي تعيش في الشرق العربي ‒ بما في ذلك الشعب اليهودي الاسرائيلي ‒ جميع هذه المقومات هي بمثابة ألف باء ٬ ليس بوسع أي ثوري كان ان يتنازل عنها .

وفي السنوات الأخيرة لم ينبس زعماء ركاح ببنت شفة حول هذه القضايا . لماذا ؟ هل أصبحت هذه القضية نسيا منسيا في أدمغة وأفئدة هؤلاء الزعماء أم انهم قد استبدلوا جميع هذه القضايا بذلك القرار المشهور لمجلس الأمن ‒ تو فور تو (242) ‒ والذي غدا من أقدس مقدسات السياسة الشيوعية في المنطقة ؟

نفاق “العدل والواقعية”

ركاح تفاخر بأنها تملك في جعبتها برنامجا للسلام وبرنامجا عادلا واقعيا ‒ يخزى العين ‒ . مفاخرة عالفاضي . فمنذ صدور قرار مجلس الأمن تو فور تو (242) ٬ في تشرين الثاني 1967 ٬ تلقفه زعماء ركاح ٬ وقبضوا عليه كالعصا السحرية لحل النزاع العربي الاسرائيلي والصهيوني الفلسطيني . لقد رفضنا هذا القرار منذ ولادته ٬ حتى من منطلق الذوق البسيط لأن هذا القرار ل يأخذ بالحسبان الحقوق القومية للشعب العربي الفلسطيني الذي هو الضحية الرئيسية للاستيطان الصهيوني . قلنا لرجال ركاح ان قرارا كهذا الذي يتطرق فحسب الى اللاجئين العرب يمكن ان يخدم سياسة بريطانيا الدولية (ممثل بريطانيا هو صاحب فكرة هذا القرار) ٬ أو سياسة الاتحاد السوفييتي الدولية ‒ ولكن هذا القرار لا يشكل برنامج لحل الأزمة أو النزاع وما هو بالجواب للمسألة الفلسطينية .

فما كان جواب ركاح الا ان قالت : “مغامرون” وهي تقولها منذئذ . ولم يكتف زعماء ركاح بهذا الجواب “النظري” بل راحوا يترجمونه الى لغة نشاطهم اليومي واتخذوه سلاحا لمقاطعتنا فمثلا عندما نطرح كل سنة مسألة المظاهرة ضد الاحتلال “5 حزيران” يقرر مثلو ركاح “لا يمكن التعاون مع رجال متسبين لأنهم يعارضون قرار مجلس الأمن رقم 242” .

وعندما كانت تبحث مسائل النضال ضد مصادرة الأراضي العربية أو النضال ضد الاستيطان أو النضال ضد القمع في الأراضي المحتلة أو عمليات مشتركة في الجامعات أو مظاهرة من أجل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية والى … الخ ..

في جميع هذه الحالات لم يكن في أفواه ممثلي ركاح سوى جواب واحد : “بدون متسبين” . لماذا ؟ “لأنه لا يمكن العمل سوية مع منظمة تعارض قرار مجلس الأمن” !!

وعلى حين غفلة من السنة الماضية ٬ (وبقدرة قادر مقتدر) ٬ لم يعد قرار مجلس الأمن اياه ‒ تو فور تو ‒ بذلك الشعار الرئيسي لركاح ‒ ونكست اعلام مجلس الأمن في هيكل الحزب الشيوعي !

أيه جرى يا ترى أين هو برنامج السلام ‒ 242 ‒ وماذا تبقى من كل تلك الوحول والقلاعيط التي قلعطنا بها ركاح باسم ذلك القرار ‒ تو فور تو ‒ ؟!

اننا نصر في مطالبتنا بجواب من زعماء ركاح ٬ أو من بوقها “الغد” ولكننا سنحاول هنا الاجابة بأنفسنا على هذا السؤال لأننا مقتنعون بأننا لن نحصل على جواب من ركاح .

ان برامج السلام للحزب الشيوعي تكون “عادلة” و”واقعية” طالما انها تتلائم مع البرامج السوفييتية السائدة في نفس الفترة . اننا نعلن بكامل المسؤولية ٬ انه لا يمكن تفسير تذبذب الحزب الشيوعي ‒ الفلسطيني سابقا والاسرائيلي لاحقا ‒ ما لم نفهم الارادة الحديدية لزعماء الحزب ٬ لمطابقة مواقفهم دائما للخط السوفييتي . ولدينا من الأمثلة على ذلك الجم الكثير ٬ وجميعها مدعومة بوثائق الحزب الشيوعي ونكتفي هذه المرة بايراد مثال واحد فقط :

في أواخر سنة 1946 أصدر الحزب الشيوعي الفلسطيني نشرة تحت اسم : “الطريق الى التحرير” . وتضمنت أقوال مئير فلنر بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر للحزب . وقد أقرت اللجنة المركزية وقتئذ أقوال فلنر . وهنا يثبت فلنر في تلك النشرة ان “العدل والواقعية” يتطلبان أيضا ان تقام في هذه البلاد “دولة فلسطينية ديمقراطية ومستقلة عربية يهودية” . هكذا بالضبط قال يومئذ الرفيق فلنر ‒ وبعد مرور سنة وبالضبط في أواخر 1947 ٬ ينسى فلنر “عدل وواقعية” سنة 1946 ٬ ويدعو ثانية باسم “العدل والواقعية” الى تقسيم البلاد حسب قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 تشرين الثاني سنة 1947 (!) . ماذا حدث أي تحولات جرت في تلك السنة ؟ ما الذي دفع زعامة الحزب الشيوعي الى تغيير مواقفها في مسألة بالغة الحيوية ؟

ben gurion and vilner

اذا وافق فلنر على اجابتنا واذا أقنعنا بعدالته فاننا سوف نستسمحه ونعلن على رؤس الاشهاد بأننا قد تجنينا على الحزب الشيوعي أو بالتحديد ٬ تجنينا على قيادة الحزب بغير الحق . واما اذا لم يجبنا مئير فلنر فان ذلك سيكون برهانا قاطعا على ان زعماء الحزب لا يهتدون بالتحليل المستقل وانما يسيرهم ايمانهم الأعمى بعدالة الخط السوفييتي ٬ هكذا ٬ وليس على وجه آخر ٬ يمكن تفسير موقف الحزب الشيوعي من قرار مجلس الأمن 242 .

لذا فانه لزام علينا ان ننصح لجبران وأشكاله : عندما تبادرون الى تلطيخ خصومكم السياسيين “بعدلكم وواقعيتكم” أو عندما تحاولون تمجيد وتعظيم مواقفكم فعليكم بقليل من التواضع ليس احتراما لنا وانما ٬ من أجل كرامة الجماهير اليهودية والعربية التي تعيش في هذه البلاد .. وسيهديكم التواضع الى التخلق بالخلق الكريم ليس أمامنا ٬ انما أمام التاريخ ٬ أمام
الماضي غير البعيد وأمام الحقيقة .

*     *     *

وختاما :

انتم الذين اضطررتمونا الآن الى هذا الحوار ونحن مجبرون على الاشتراك فيه ٬ اذا كنا نريد انقاذ عدالتنا وكرامتنا أمام الجماهير العربية واليهودية . والا فان الجميع سيفهمون بأننا جديرين بتلويثكم ايانا .

لسنا بحاجة الآن الى هذا اللعب بالأوساخ والوحول . نحن بحاجة الى نضال مشترك ضد الصهيونية وضد الرجعية العربية وضد الامبريالية .
والخيار بأيديكم يا زعماء ركاح .

هيئة تحرير متسبين

 

اعتذار شيوعي ٬ نشر في "الغد" ٬ عدد 6 ٬ تموز 1977

اعتذار شيوعي ٬ نشر في “الغد” ٬ عدد 6 ٬ تموز 1977

اعتذار لعضو المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية ‒ متسبين

كنا قد نشرنا في مجلة “الغد” ٬ أيار 1976 تهجما شخصيا ضد عضو متسبين علي الأزهري وتشهيرا وطعنا بشخصه .

اننا نعتذر لعلي الأزهري على ما نشرناه من تهجم شخصي عليه . ونكذب ما نسبناه اليه  ونأسف لتأخرنا في نشر هذا الاعتذار .

هيئة تحرير “الغد”

*

هذا الاعتذار الواضح من حيث طبيعته لا يلغى نقاشنا الايديولوجي مع جماعة متسبين أو ينفى رفضنا التام لمواقفهم السياسية ومنطلقاتهم الفكرية .

هيئة تحرير “الغد”