أحمد مصاروة . الشيء المثير للاهتمام هو مقدار الاشتراك الواسع للنساء

 

حديث مع أحمد مصاروة , عضو المنظمة الاشتراكية في إسرائيل – متسبين

(نشر في مجلة “متسبين”، العددان ٧٨–٧٩، إيلول ١٩٧٦)

السؤال: فيما يتعلق بالاستعدادات لاضراب يوم الأرض ، فقد تناولت معظم الصحف بشكل أساسي قرارات وتصريحات صادرة عن شخصيات شعبية ٠ ‏ووردت تقارير مسهبة نسبيا عن قرارات اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي ، وعن دور ركاح في تنظيم الاضراب . الذي يعنينا هو مسار التنظيم للنضال في كل قرية وقرية ٠ ‏كيف مثلا كان التنظيم في قريتك عرعرة وفي المثلث ؟

الجواب: منذ اللحظة الأولى لإعلان إقامة اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي ، بدأت النشاطات ، نشرت المقالات ووزعت المناشير ٠ ‏بالنسبة لي كان الأمر واضحا ، بما انني ﺇنسان ذو وعي سياسي ومناصر للنضال فقد ساهمت بنصيبي . عندما وجه النداء لإضراب الثلاثين من آذار بدأنا مثل سائر القرى ننتظم ونقيم الاتصالات ونوزع المناشير ونتعاون ٠ ‏ونحن الذين يهمنا الأمر لم يتوجه إلينا احد ٠ ‏بدأنا نشاطنا ٠ ‏جزء من الناس الذين دعموا الاضراب في المثلث كان يعرف بعضهم بعضا ، فلنا ماض من اللقاءات والنضالات المشتركة ٠ ‏ونتيجة لاتصالات بعض الأصدقاء جاءت المبادرة إلى لقاء يشترك فيه ثلاثة أعضاء من اللجنة القطرية وأعضاء من اللجان المحلية في كل قرية ٠ ‏وكان هذا أيضا الاقتراح لاقامة لجنة عامة في المثلث٠

‏ما هي اللجنة المحلية في القرية ؟

‏يوجد في هذه اللجنة أناس تطوعوا للعمل لا استطيع عدهم ستة؟ سبعة؟ كل من قام بعمل ٠ ‏وفي اللقاء الذي جرى في الطيبة اقترح احد أعضاء اللجنة القطرية ضم عضو واحد من كل قرية وبذا تم تركيب اللجنة العامة للمثلث . ‏لقد كنت في اللجنة المحلية لعرعرة وكذلك عضوا في لجنة المثلث . ‏في اللقاء الثاني للجنة المثلث والذي جرى في عرعرة ظهرت الاستمرارية في العمل وأصبح هنالك عنوان للتنسيق بين اللجان المحلية . أصبحت هنالك رابطة بين الناس ٠ ‏نشأ وضع أصبح فيه القادم من الطيبة إلى عرعرة يعرف وجهته .

‏كيف عيّن أعضاء اللجنة ؟ هل جرت ﺇنتخابات ؟

كلا ٠ ‏لم تكن ﺇنتخابات ولم يشترك في أعمال اللجنة كل من شارك في النضال . ولم تكن هنالك أية ردود فعل سلبية كذلك ، كأنهم لا يعترفون باللجنة القائمة ٠ ‏والمجال مفتوح لمن يشاء الانضمام أو المبادرة بأمر ما . وإذا ‏ثارت بعض المشاكل فهنالك إمكانية لانتخاب لجنة أخرى مصغرة حسب مقتضيات الحال . ‏في اللقاءات المختلفة طرحت إقتراحات لتحضير النضال ٠ ‏لم يكن هنالك جهاز ذو موقف ومعطيات لارشادنا ٠ ‏ولم يكن هنالك جسم لتوزيع الأوامر أو لتعيين خط العمل ٠ ‏كنا تابعين بشكل عام للجنة القطرية ، ولكن هنالك مشاكل خاصة ، محلية أخذتها بالحسبان كل لجنة محلية وتصرفت حسب تفهمها . ‏طرحت اقتراحات لتوجيه النداء إلى عمال الضفة للتضامن والإضراب معنا في يوم الأرض ، وذلك لكي لا يفعل عمال الضفة العكس : أي إذا اضرب العمال الفلسطينيون في إسرائيل فأن عمال الضفة يقومون بأشغال أماكنهم وعندها يبدو وكأنهم ضد النضال٠لم يقبل هذا الاقتراح ٠ ‏ولم يجر حوار حوله ٠ ‏فقيل ان موقف اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي هو أننا موجودون داخل إسرائيل ضمن حدود ۱٩٦٧، وهذه (الضفة الغربية) مسألة اخرى٠ ولكن ليس هذا موقف غالبية الجماهير التي دعمت الاضراب ٠ ‏ويجب الأخذ بالحسبان أن تيارات سياسية مختلفة تعاونت لانجاح الإضراب ، وانه كانت هنالك مشاكل أخرى ، ‏لم يكن هنالك متسع من الوقت وإمكانية لبحثها ، بسبب ذلك كله لم يناقش الاقتراح ٠ ‏وكانت النتيجة ان إضراب عمال من الضفة ، في طولكرم اضربوا متضامنين ٠ ‏وهذا يثبت عكس ما تدعيه عوامل حزبية وسياسية معينة بأن مسألة الضفة هي مسألة مختلفة ٠ ‏الحقيقة هي أنه كان هنالك تضامن في الضفة مع يوم الأرض ٠ ‏والحقيقة هي ان رأفت زهيري (من أهالي مخيم اللاجئين نور شمس في الضفة ، قتل في يوم الأرض) لم يأت ‏صدفة إلى الطيبة لقد جاء خصيصا للاشتراك في الإضراب ولتأدية دوره في النضال ٠ ‏كلا ، هو لم يأت صدفة ٠ ‏وكان هنالك اقتراح لدعوة الجمهور الاسرائيلي للأعراب عن تضامنه مع الا‏ضراب ٠لم تكن ثمة ضرورة لاتخاذ قرار في هذا الشأن ٠ ‏بدا وأن هذا أمر واضح وتجلى ذلك بالمناخ والمناشير المختلفة ٠ ‏وكانت هنالك أجسام سياسية تحتوى أعضاء يهودا إسرائيليين عبرت عن تضامنها بحضورها إلى القرى ٠

‏وكيف عملتم في القرية ؟

‏كانت القرية محور أعمالنا كلجنة محلية ٠ ‏دعونا الأهالي للاضراب في يوم الأرض ووزعنا منشور اللجنة القط‏رية ٠ ‏قمنا بزيارات بيتية التقينا خلالها بالعمال والتلاميذ وربات البيوت ٠ ‏لقد كان هذا بالأمر الهام جدا ٠ ‏لقد قمنا بزيارة كل بيت تقريبا في القريتين عارة وعرعرة ٠ ‏قوبلنا بالترحاب الرائع لا أذكر ان رفضنا أحد ولو لمرة واحدة ٠ كان هنالك حادث أو اثنان حيث رفض بعض الأفراد الدعوة إلى الاضراب ٠ ‏وهؤلاء الأفراد لم يوافقوا على القيام بأي شيء فيما يتعلق بالنضال أو أي عمل شعبي للدفاع عن الأراضي وحتى فيما يتعلق بصالح أهل القرية سواء بما يتعلق بالمدرسة ‏أو المجلس المحلي ٠ ‏وواضح ان هذين الأمرين غير منفصلين ٠ ‏معظم أهالي عارة وعرعرة من العمال الأجيرين ، يعملون في المدينة اليهودية وذلك لأن معظم الأراضي صودرت في سنوات الخمسين والستين ٠ ‏يعني ان كل العمال مرتبطين بأماكن عملهم عند اليهود ٠ ‏وخاصة بالمصانع التي تحظى بدعم النظام القائم ويعادى أصحابها مصالح العرب ، ل‏ذلك كان يخشى من إمكانية إقالة العمال أو فقدان مصادر العيش ٠ ‏ولكن من ناحية أخرى فقد استقبلنا كل الناس بالتفهم ، ومع ذلك فأنهم كانوا يشكون في نجاح الاضراب ، حتى وان اضرب الجميع وذلك بسبب الاحظار والتهديدات من قبل أرباب العمل والسلطات ورجال الشين بيت الذين اثبتوا وجودهم في القرى منذ بداية التنظيم للاضراب ٠

‏ماذا كان جوابكم للذين خشوا أن يضربوا بسبب الأخطار التي ذكرتها ؟

دعونا الناس إلى الاضراب ٠ ‏ول‏كن عندما كان أحدهم يطرح مشاكله الخاصة لم نستطيع أن نقرر نيابة عنه ٠‏عامل يعمل في مصنع الورق في الخضيرة حيث كانت هنالك اقالات عمل سابقا وبدون علاقة بيوم الأرض ٠ ‏وكذلك حذروا العمال من القيام بالاضراب ٠ لقد كنا على علم بالوضع ، وكنا على وعى سياسي كافي بألا نرمى بالناس في الشارع ٠‏مسؤوليتنا الطبقية والاجتماعية ردعتنا من البت في الأمر باسم العمال ٠ وضحنا لهم موقفنا ودعوتنا للاضراب ولكن أبقينا لهم حرية القرار ٠ بالنسبة لى شخصيا لم يكن لدى حل فوري للمشكلة التي كانت ستنشأ ٠ لم أكن قادرا على مساعدة العامل المقال ، أو على تقديم عمل بديل له ولا حتى أي حل لإعالة أولاده ٠ ‏كنت أقدر ان أقدم ‏له كل ذلك لو كنا جميعا منظمين سوية ٠ ‏لو كان أكثر الناس على وعي سياسي واحد لاستطعنا بشكل جماعي ان نتخذ قرارا ملزما ٠

ما هي ردود الفعل المختلفة للأهالي على دعوتكم ؟

‏في معظم البيوت كانوا يسألون هل يعني الاضراب الاحتجاج على الغلاء كذلك ، وهل يعنى كذلك الاحتجاج على رسوم التعليم العالية ٠ ‏لأنه يوجد فى كل بيت تلميذان أو ثلاثة يدرسون في المدرسة الثانوية ٠ ‏وهل الاضراب يشمل أيضا المطالبة بإرجاع الأراضي التي أخذوها من القرية في الماضي وذلك لأنهم (السلطات) لم يعلنوا في الوقت الحاضر عن مصادرة ٠ وكان جوابنا ان الاضراب يشمل كل ذلك ٠ ‏ومن يقول ان الاضراب هو معارضة للمصادرات في دير حنا وسخنين وعرابة ومنطقة الناصرة فهو مخطئ ٠ بالأحرى لقد كان إضرابا مبدئيا وشاملا ، وهو بحد ذاته مسألة تضامن قومي ومسألة طبقية لا انفصام بينهما ٠

‏ماذا جرى في القرية في يوم الأرض ؟

‏لم نتوقع أن يضرب جميع العمال أو غالبيتهم ٠ ولكن النتائج كانت أبعد مما توقعنا وذلك رغم تهديدات أرباب العمل الهستدروت ورجال المخابرات (الشين بيت) ورغم المنشور الذي وزعته مبام داعية لتأجيل الاضراب ، ورغم ان رئيس المجلس المحلي في عرعرة ونوابه وقفوا ضد الاضراب ٠ عشية يوم الأرض اجتمع أعضاء اللجنة المحلية مع العمال ، انقسمنا إلى جماعات ٠ نظمنا العمل ووزعنا المهمات ٠ في صباح يوم الأرض نهضنا ف الساعة الرابعة لتوزيع المناشير مرة أخرى على العمال ٠ ووزع كذلك منشور من قبل لجان الطلاب الثانويين قي القرى والذين دعوا إلى الاضراب ٠ ‏‏حوالي الساعة السادسة والنصف حضرت سيارتا شرط‏ة وحرس حدود وصعدتا إلى مركز القرية ، وكان رجال الشرطة يضعون على رؤوسهم الخوذ ٠ ولما نزلوا من السيارة كانت على رؤوسهم قبعات عادية ٠ ‏وقرب الشارع العام اعتقلوا اثنين من أصدقائنا كانوا يوزعون المناشير ، وعادوا الى القرية وتمركزوا قرب الجماعة التي كنت فيها ٠ لقد اعتبرونا الجسم ال‏ذي يدعوا إلى الاضراب ٠ ‏فتفرقنا لنلتقي في مكان آخر بعد بضع دقائق ٠ ‏وأثناء ذلك كانت الساعة تقارب الثامنة وبدأ التلاميذ ينزلون إلى المدرسة ٠ حركة نشيطة للطلاب مما خيب آمالنا في تلك اللحظة ٠ لأنه أشيع مسبقا أن المدرسة سوف تضرب ٠ ‏ولكن المعلمون والمدير ورئيس المجلس هددوا التلاميذ بالضرب وباشعار أهاليهم (بمشاركتهم في الإضراب) وبأبعادهم من المدرسة وغيرها ٠ ‏وكا‏نت سيارة حرس حدود في المدرسة تنتظر التلاميذ ٠ فتوجه أحد التلاميذ الى المدير لاخراج حرس الحدود من ساحة المدرسة ٠ فرفض المدير ٠ ‏فقال له التلميذ بأنه سيتوجه الى حرس الحدود كمعلم وعليه الا يتدخل ٠ فتوجه إليهم وطلب منهم مغادرة المكان ، وخرجوا ٠ ‏ولما قرع الجرس إيذانا ببدأ الدراسة ، تجمعت فرقة من التلاميذ ودعت إلى الاضراب ٠ ‏وقسم كبير من التلاميذ لم يحضر للدراسة بل لتجنيد الآخرين ٠ وحضر قسم كبير منهم بدون حقائب ٠ ‏وما هي الا دقائق حتى انتظم التلاميذ في مظاهرة وهتافات من أجل الاضراب وضد مصادرة الأراضي ٠ وصعد التلاميذ في إتجاه عرعرة (المدرسة كائنة بين القريتين عارة وعرعرة) ٠ وفي عرعرة انضم إليهم النساء والعمال وضربوا على أبواب بناية المجلس المحلي احتجاجا على موقف المجلس ٠ ‏واما رئيس المجلس ققد اختبأ في الداخل مما جعل المتظاهرين يعتقدون بأنه غير موجود في المكان ٠ خاصة بعد أن أقسم لهم السكرتير بعدم وجوده ٠ وسارت المظاهرة في طريق المدرستين الابتدائيين فانضم إليها قسم من التلاميذ (فئة قليلة منهم لم ينضم) ومن هنالك سارت المظاهرة باتجاه عارة ٠ ولما مرت ثانية قرب المدرسة الثانوية ، صعدت سيارة شرطة وفيها ضابط نقطة الشرطة في وادي عارة وشرطيان آخران ٠ فضرب الطلاب على السيارة فتركها رجال الشرطة ٠ واستمرت المظاهرة في شارع وادي عارة ٠ ولم يكن هناك أحد يرشد أو يوجد ٠ وسارت المظاهرة على الشارع الرئيسي ٠ ومرت سيارة امريكية ضخمة من الخلف بسرعة كبيرة ولم تحمل السيارة نمرة ٠ ‏وتناول السائق ، في الخمسين من العمر، مسدسا بيده اليسرى واطلق النار في الهواء فالقى حجر كبير على الزجاج الخلفي للسيارة ، ولكن الزجاج لم يخدش ، لقد كانت سيارة غريبة جدا ٠٠٠ رأيت ذلك بعيني ٠وافلحت السيارة في الهرب ٠ومرت سيارات أخرى ، وكان المتظاهرون يفسحون لها السبيل ٠ وصلت المظاهرة إلى عارة ٠ ومرت بطريق المدارس الابتدائية ٠ انضم العمال والأهالي الذين تواجدوا في القرية ونساء كثيرات ٠ وكانت هنالك امرأة عمياء من عادتها الغناء في الأعراس ، فسارت معنا منشدة وأيدت المظاهرة ٠ ومن هناك سرنا مشيا على الأقدام مسافة ثلاثة كيلومترات على الشارع الرئيسي إلى كفر قرع ٠ وفي الطريق وصلت سيارة باص عادية لشاركة إيجد وتحرشت بمؤخرة المظاهرة حيث يسير تلاميذ وتلاميذات تعبون ٠ ونزل من الباص جنود ، ضربوا التلاميذ وجرحوا شابا واحدا وحاولوا إدخال فتاة إلى الباص فكافح الآخرون وخلصوها ٠ ونتيجة لذلك تم اعتقال عدد من الشباب والتلاميذ واستمرت المظاهرة إلى كفر قرع رغم ذلك ٠ وهنا خرج التلاميذ الذين كانوا في لا يزالون في المدارس وانضموا الى المظاهرة ٠ بعدها تفرقت المظاهرة وعاد المتظاهرون الى قراهم ٠ ونقطة هامة أخرى ٠ في الباص أراد الجنود ضرب أحد المعتقلين وعندها قال أحد الجنود: إذا ضربتموهم فسأخلع بزتي وأطلق النار عليكم ، لقد اعتقلنوهم ، هنالك شرطة ، نحن مسلحون وليس هنالك أي سبب لضربهم ٠ وعندما وصلوا إلى محطة الشرطة شهد شخص ما ان الجندي اياه قد أبعد عن الجنود الآخرين ٠ وقدم خمسة أفراد إلى المحكمة لمشاركتهم في المظاهرة ، وغرموا بما يربوا على ألف ليرة ٠ وفرد آخر – ألذي ضرب وجرح – حكم عليه بالسجن لمدة شهرين فاستأنف ٠

تحدثت سالفا عن تهديدات المخابرات ، أتقدر أن تفصل أكثر ؟

‏قبل يوم الأرض ظهرت شعارا ت على الجدران في القرية والمدارس تدعوا الى الاضراب في يوم الأرض ٠ ‏لست ادري من كتبها ٠ جاءت الشرطة وفتشت (ويبدوا انها بحثت عن طلاء) بيوت عبد آلله توفيق يونس ، زياد يونس ، مفيد صيداوي وأحمد مصاروة (أنا) ٠ ‏طبعا جاءوا إلينا ، والينا بالذات طلبت الى الشرطة وطلبوا مني التوقيع بأنني منظم مظاهرة ومحرض ضد ‏الدولة ٠ق‏لت انني لا ادعوا الى مظاهرات ولا احرض ٠ واني اعمل ضمن اطار القانون ما اراه مناسبا ٠ ‏وإذا كنت مجبرا للتوقيع بأنني أعمل ما أعمل ، اذا فأنني مجبر للتوقيع على أشياء أخرى كثيرة أقوم بها ٠ جرى لي هذا بحضور ثلاثة رجال شين بيت ٠ ‏وقرأوا لي نصا قد حضر مسبقا لكي اوقع عليه ٠ ‏ونفس النص قرئ على سامع اناس كثيرين من قرى كثيرة ٠ ‏لم اوقع عليه ٠ ‏بعد يوم الأرض قامت السلطات بدعوة مختلف الناس ، حتى معلمين لم يكونوا في المظاهرة أبدا ٠ ‏وحاولوا ان يلفقوا ضدهم تهمة المشاركة في مظاهرة غير قانونية وازعاج للشرطة اثناء القيام بواجبها ، والاعتداء على رجال الشرطة ٠ ‏وكان هؤلاء المتهمون وخاصة المعلمون يستطيعون احضار الكثير من الشهود بأنهم كانوا في المدرسة اثناء المظاهرة ٠ ‏غاية ما الأمر أن السلطات أرادت تصفية حسابات مع أناس معينين ، لأن أفراد عائلاتهم دعموا المظاهرة وعملوا من أجل الاضراب في يوم الأرض ٠

‏كيف تفسر التجاوب الواسع مع الدعوة للمشاركة في يوم الأرض ؟

‏الشيء المثير للاهتمام هو مقدار الاشتراك الواسع للنساء ٠ ‏فهن موجودات بشكل عام داخل القرية ويعرفن الوضع ، فخرجن للاحتجاج ضد كل ما يؤذيهن ٠ وكذلك التلاميذ موجودون غالبا في القرية ٠ ‏وهم ينتمون الى جيل لم يعرف هزيمة ، ونشأ على قيم أخرى ٠ ‏رووا له في المدرسة عن “طهارة السلاح” و”السلام” و”العدل”٠ ‏ولكن التلاميذ يعيشون ‏هذا الكذب الذي يفترونه عليهم ٠ ‏لقد آ‏من الطلا‏ب بعدالة الاضراب ٠ ‏أنني لا اعتبر يرم الأرض مصادفة ٠ ‏نحن لم ننتظم فقط من أجل الاضراب في ذلك اليوم وانتهى ٠ ‏انني لا ارى ان السلطات تتنازل عن الأراضي ‏التي صادرتها ٠ ‏لقد رأى الناس ردود فعل السلطات الحكومة والجيش ٠ ‏ولم يصدق الناس أن رد الفعل سيكون إلى درجة قتل الأبرياء ٠ ‏لقد ادى ذلك الى العكس مما هدفت اليه الحكومة ان كانت قد فكرت أن القوة تسكت المقاومة أو تصفيها ٠ ‏لقد خرج الناس أشد مراسا ٠ ‏هنالك مثل عربي يقول : “الضربة اللي ما بتقتلني بتقوبني” ٠ أصحاب الأرض المصادرة يقولون: سنجلس على أرضنا ولن نخرج منها الا وهي معادة لنا أو مقابر لنا ٠ ‏وليس هذا قول أصحاب الأرض واصحابها فحسب بل قول جميع الأهالي في تلك القرى ٠

أي شكل يتخذ التنظيم في القرية بعد يوم الأرض ؟

‏بعد يوم الأرض ، بالاضافة الى ما سبقه من تنطيم بدأ يتكون نشاط أوسع ٠ ‏فالذين لم يشاركوا في الاضراب والمظاهرات يشعرون بالاهانة لأنهم لم يؤدوا دورهم ونادمون لعدم اشتراكهم ٠ ‏وكذلك فان الذين اعتقدوا ان معظم العرب على رأي واحد اكتشفوا فجأة انهم ليسوا وحيدين ، وان الجميع يفكرون مثلهم ، وهذا ثبت في يوم الأرض ٠ ‏لذا بدأت تتنظم جماعات للنقاش ولتطوير العمل بشكل انجع وأكثر جدية وشمولية ٠ ‏فالتبرعات التي جمعت في كل قرية كانت أكثر بكثير مما يتطلبه الدعم القضائي للمعتقلين ٠ وطبعا ليس بمقدور أي مال تعويض عائلات الشهداء ٠ ‏ولكن مواكب الجنازات التي نظمت للشهداء والناس الذين اشتركوا فيها وا‏لشعارات التي رفعت وكذلك ذكرى الأربعين كلها دليل على التضامن والعهد للضحايا للاستمرار في النضال من حيث أوصلوه ٠ ‏وحضرت البعثات من معظم القرى لزيارة عائلات الشهداء ٠ ‏وجدير بالذكر هنا قدوم وفود القرى الدرزية ٠ ‏وكفى ما قاله لي أحد الدروز: المأساة هي أنني انا العربي يجب على أن اوضح للعرب بأنني عربي ! لأن ‏ النظام والزعامة ا لتقليدية للدروز وبقية الطوائف يريدون اختلاق هذه التفرقة ولكن يوم الأرض اثبت انه لم يكن تفرقة ٠ لقد أضربت القرى الدرزية أيضا واغلقت المصانع ٠ ‏وأما الصحف فقد حاولت ان تتجاهل ذلك ٠ ‏وبالنسب لنا فهذا طبيعي وواضح ان الدروز هم جزء لا يتجزأ من ‏الشعب العربي الفلسطيني ٠ ‏ومصادرة الأرض لا ‏تميز بين “المسلمين” ، “مسيحيين” و”‏دروز” ٠ يصادرون أرضنا جميعا لأننا عرب فلسطينيون ٠