(عن “الحرية” ‒ 19/7/1976)
وصل الى بيروت اخر عدد من “الانتصار” وهي النشرة السرية التي يصدرها الحزب الشيوعي المصري . وقد تضمن العدد مقالا سياسيا دامغا عن الأزمة اللبنانية . وفي ما يلي جزء من المقال تتعرض فيه النشرة الى مواقف الحكم المصري من الأحداث الجارية في لبنان :
طالعتنا الحكومة المصرية ‒ ولأول مرة منذ تفجر الحرب الأهلية في لبنان ‒ ببيانات رسمية عن الأوضاع اللبنانية هاجمت فيها بصراحة القوى الانعزالية والطائفية واتهمتها بالاسم بالعمالة والخيانة ٬ واعترفت بدورها التخريبي في لبنان وكشف صلاتها المشبوهة مع اسرائيل . أكدت حرص مصر على سلامة الثورة الفلسطينية ومستقبلها . وكان لهذه التصريحات بطبيعة الحال صدى طيبا في أوساط القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية وداخل صفوف المقاومة الفلسطينية .
ونحن اذ نسجل هذا التغيير في الموقف المصري ازاء لبنان ٬ نرى من واجبنا التنبيه الى مجموعة من الحقائق :
1 ‒ ان سياسة الحياد الظاهري بين قوى العمالة والطائفية من جهة وبين القوى الوطنية والتقدمية والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى مع تقديم الدعم والعون في الخفاء للقوى الانعزالية لم يجلب لمصر سوى العزلة القاتلة عن كل القوى الوطنية في الوطن العربي ٬ وأساء اساءة بالغة لدور مصر القيادي والرائد في المنطقة .
2 ‒ ان مصر وهي تقوم اليوم على تصحيح سياستها ازاء أحداث لبنان ٬ تدفع ثمن تورطها السابق في التعاون المشبوه مع الكتائبيين والشمعونيين . فلقد كشف كميل شمعون في تصريحات صحفية الموقف المصري السابق وقال “يقول السادات اننا نتناول أطنانا من الذخيرة والمعدات الحربية من اسرائيل . وأنا أقول باننا نشتري بمالنا ذخيرة ومعدات حربية وهذه الذخيرة والمعدات مصدرها مصري ٬ وأترك الرئيس السادات ان يوضح لنا الظروف التي جعلتنا نستطيع ان نحصل على المعدات المصرية وأطلب كذلك ان يوضح للرأي العام بأي وسيلة وطريقة تصلنا الذخيرة ٬ فليقل ذلك عله يفيد الرأي العام ويفيدنا” .
3 ‒ ان الأيام وتطوراتها ستكشف عن طبيعة وابعاد هذه التبدلات في موقف مصر من أحداث لبنان وهل هو يعكس موقفا ثابتا أم انه مجرد مناورة تكتيكية مؤقتة تستهدف اللعب على التناقضات القائمة بين النظام السوري والأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية ومنظمة تحرير فلسطين . وان كنا ندرك جيدا بانه طالما استمرت العناصر العميلة واليمينية في مواقعها في الحكم فلا أمل في تغيير حقيقي ايجابي للمواقف السياسية المصرية .
4 ‒ ان الحكومة المصرية في مواقفها المعلنة الجديدة من الأزمة اللبنانية تحاشت كلية التطرق الى المبادرة الفرنسية من قريب أو بعيد . ان خطورة المبادرة الفرنسية تستوجب اعلان المواقف على الفور فهل الحكومة المصرية اتبعت سياسة “السكوت علامة الرضى” خاصة ان بعض قطع الأسطول الفرنسي تزور في هذه الأيام بالذات ميناء الاسكندرية لمدة 6 أيام ومن بينها حاملة طائرات ضخمة ٬ مما يحمل دلالة خاصة قد ترتبط بين هذه الزيارة وبين الاعداد للتدخل الفرنسي في لبنان ؟ سؤال مطروح تحدد الاجابة عليه ايجابية تغيرات الموقف المصري .