rami livne talks - arabic frontيفيد مراسلنا في لندن بأنه مجلة “فلسطين الحرة” الناطقة بلسان “منظمة التحرير الفلسطينية” والتي تصدر في لندن نشرت في عددها الصادر في ايلول من هذه السنة ترجمة باللغة الانجليزية للخطاب الذي القاه الرفيق رامي ليفنه أمام المحكمة التي حكمت عليه بالسجن لمدة عشر سنوات . وقد قدمت هيئة تحرير “فلسطين الحرة” ملاحظة نقدية للخطاب . وفيما يلي ترجمة كاملة لتلك المقدمة .

*     *     *

منذ فترة قصيرة حكم على رامي ليفنه , ابن عضو الكنيست أبراهام ليفنبراون , بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة الاتصال بفلسطيني , عضو فتح , منظمة التحرير القومية الفلسطينية , وبتهمة الحوزة على منشورات فلسطينية مطبوعة . لقد كانت محاكمته حلقة اخيرة من سلسلة المحاكمات السياسية التي عقدت في اسرائيل منذ بداية السنة , والتي هدفت في الأساس مجموعتين – الجبهة الحمراء والرابطة الشيوعية الثورية . وقد انتسب رامي ليفنه للمجموعة الاخيرة .

في تأريخ 20 حزيران وقف رامي ليفنه أمام المحكمة الاسرائيلية , وعرض نقدا مفصلا للقناع الليبرالي تتستر من ورائه اسرائيل .

يؤكد رامي ليفنه في خطابه ليس فقط الاضطهاد الذي “يعيشه العرب الفلسطينيين تحت الحكم الاسرائيلي , ان كان في دولة اسرائيل أو في المناطق التي احتلت سنة 1967” , وانما يعرض وسائل استغلال العمال اليهود أيضا . ان الواقع هو ان اسرائيل اوجدت وضعا يستغل فيه اليهودي يهوديا آخر . وينادى رامي ليفنه بنضال طبقي يؤدي الى الثورة . انه لا يرى حدا لنضال كهذا , حيث انه يؤمن انه عاجلا أو آجلا لا بد من ربط الحركة الثورية في اسرائيل وفي العالم العربي معا .

ويرى رامي ليفنه بظهور فتح , منظمة التحرير القومية الفلسطينية , كظاهرة ايجابية بالنسبة لتلك النظرة الثورية : أي عزل نضال الشعب الفلسطيني المشروع عن الحكومات الرجعية لعدة دول عربية .

ونتيجة لاجتماعه بفلسطيني عضو فتح , وللفوارق الاستراتيجية التي ظهرت بينهما , تبلور عنده نقد شديد لفتح مما يطابق نظرة ليفنه للوضع . وقد ادلى بنقده في سياق خطابه .
انه يحصى أربعة أسباب لعدم تطابق أفكاره مع مواقف فتح . وخطابه يشكل تحليلا للنضال الثوري في الشرق الأوسط – ليس فقط في داخل الحدود الاسرائيلية وانما عبر تلك الحدود أيضا . ان عديدا من مواقف هذا الشاب الاسرائيلي مقبولة بالنسبة لكثير من الفلسطينيين , ويظهر ذلك جليا ليس فقط من خلال القرارات والبيانات التي تصدرها كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وانما تلك التي تصدر عن فتح وعن منظمة التحرير الفلسطينية عامة .

لقد كان العامل الرئيسي في خلق حركة المقاومة الفلسطينية تحرير المناطق التي تحتلها اسرائيل . ومع ان الفلسطينيين نظروا الى ذلك كأمر منفصل عن الحياة السياسية في العالم العربي على المستوى العلني , الا انهم عامة واعون لابعاد ثورتهم ان كان في اسرائيل أو في العالم العربي , وعلى المستوى الفردي .

ان موقف ليفنه هو وجوب تغيير جذري داخل الدول العربية كشرط مسبق لكون فلسطين جاهزة للثورة وللتحرير . الا ان ادعاء كهذا لم يسبق دعم الثورة الجزائرية . هل كان الجزائريون ملزمين باسقاط الحكومات المراكشية والتونسية , وحكومات أخرى في طريقهم لتحرير الجزائر ؟ ؟ لا شك بان شرطا كهذا لم يوضع ولم يكن هنالك أي وجوب له .
غير ان ذلك لا يعني ان العقبات التي اعترضت الثورة الجزائرية كانت على مستولى الأهمية كؤولائك الذين يقفون على الجبهة الفلسطينية . فمن الواضح ان احكاما معينة , تشكل الأردن مثلا جليا لها , هم أعداء للنضال الفلسطيني . ثم ان ليفنه عندما يرمز في الخطاب الذي ألقاه قبل شهرين الى ان الفتح لا يعي ذلك , فهو يتجاهل واقع الثورة الفلسطينية .

ان ادعاء ليفنه بالنسبة لقضية كون الاسرائيليين شعب , هو علامة تميز غالبية ثوار المقاهى ان اسرائيل التي تشكل مجموعات من المستعمرين الذين اتوا من جميع أنحاء المعمورة , والذين لا يجمعهم أي شيء مشترك من ناحية الثقافة , والماضي وحتى الدين , أوجدت شعبا من خلال حقيقة وجود اسرائيل فقط . انه شعب مستعمرين تماما كؤولئك الأوروبيين في جنوب أفريقيا أو روديسيا .

وحتى اذا كان الاسرائيليون يرون أنفسهم كشعب , فان ذلك لا يعني ان نتجاهل الحقيقة المنتجة لذلك , وهي احتلالهم لفلسطين وسلب شعبها واستغلاله – تلك الحقيقة التي يعترف بها ليفنه بشكل واضح .

ان ادعاء ليفنه بان الثورة الفلسطينية “لا تفرق بين اليهود والصهيونية , بين الحكام والمحكومين , وبين المستغِلين والمستغَلين” لا يحتوي على أي أساس من الصحة , حتى ولو كان ذلك انطباعه من مقابلة اجراها مع عضو واحد من المقاومة الفلسطينية . ثم انه من الصعب القول الى أي مدى يرتكز هذا النقد على الدعاية الاسرائيلية .

ان هنالك كثير من التصريحات التي ألقى بها قادة الثورة الفلسطينية , نشر العديد منها في “فلسطين الحرة” , والتي تؤكد النضال المشترك لليهود الاسرائيليين وللفلسطينيين ضد الصهيونية , ثم ان ذلك البعد الجديد للثورة الفلسطينية ضد الصهيونية برز وتلقى دعما من قبل الفلسطينيين ابتداء من قادة المقاومة وانتهاء بالطلاب في مخيمات اللاجئين .

لقد دفع رامي ليفنه ثمنا باهظا من أجل مبادئه . تلك المبادئ التي تكون خلفية للحل العادل والتقدمي للصراع في فلسطين . يجب ان لا نرى نقده لفتح كتعبير عن ذلك الحقد الذي يدفع بكثير من الصهاينة الذين يدلون بوجهات نظرهم العنصرية في الجامعات البريطانية .

ان اسرائيل بطبيعتها منفصلة تماما عن المنطقة التي غرست فيها , وربما كان رامي ليفنه ضحية لذلك . هو ثائر يعيش في جو يخنق كل المبادئ التقدمية والثوار – يهودا وعربا على حد سواء .

ان خطاب رامي ليفنه , وكونه في مجتمع أكثر دوغمائية من أي مجتمع دكتاتوري آخر , يعبر عن قوة الدعاية الاسرائيلية التي تتمنى الجهل بالنسبة للعالم العربي وثورته .

*     *     *

الى هنا تنتهي مقالة “فلسطين الحرة” . وفيما يلي نص الرد الذي بعث به سليمان بشير وموشه ماحوفر , ايسراك (لجنة العمل الثوري الاسرائيلية في الخارج) الى هيئة تحرير “فلسطين الحرة” .

*     *     *

لقد سررنا بنشركم , في عدد ايلول , مقال الرفيق رامي ليفنه . نحن نبارك هذه الخطوة التي تعرف قارئيكم على نضال الثوريين الاسرائيليين ومواقفهم . ومع ذلك فنحن نود ادلاء بعض الملاحظات للمقدمة التي وضعتموها لخطاب الرفيق ليفنه .

1. ردا على نقد الرفيق ليفنه لفتح فقد قلتم بان “العامل الرئيسي في خلق حركة المقاومة الفلسطينية تحرير المناطق التي تحتلها اسرائيل . ومع ان الفلسطينيين نظروا الى ذلك كأمر منفصل عن الحياة السياسية في العالم العربي على المستوى العلني , الا انهم عامة واعون لابعاد ثورتهم ان كان في اسرائيل أو في العالم العربي , وعلى المستوى الفردي” . ويجدر السؤال هنا الا يكون “ذلك الوعى لابعاد الثورة” ذا أهمية سياسية أكبر بكثير , قيّم وعملى أكثر لو لم يتحضر في مستوى الاقناع الفردي فقط , بل تجلى في اعلانات الحركة الفلسطينية واستراتيجيتها وتكتيكها ؟ ان ذلك الفارق بين الاقناع الفردى وبين التعبير العلني والعملي هو ما يشكل الخلفية الأساسية للنقد الذي وجهه الرفيق ليفنه لفتح .

2. انكم تتهمون الرفيق ليفنه لاتخاذه “موقف وجوب التغيير الجذري داخل الدول العربية كشرط مسبق لكون فلسطين جاهزة للثورة وللتحرير” . غير ان ليفنه لا يتخذ موقفا كهذا بتاتا , ثم ان خطابه لا يحتوي على أي أساس لمثل ذلك التفسير . انه ينتقد فتح على “ايمانه بامكانية النصر العسكري على اسرائيل دون ثورة اجتماعية جذرية داخل العالم العربي” وعلى “التفكير بامكانية فصل الصراع ضد الصهيونية عن الصراع ضد الرجعية , وتأجيل ذلك الى مرحلة متأخرة” . انه لا يعني بذلك وجوب التحرك الثوري داخل العالم العربي قبل التحرير القومي الفلسطيني . ان موقفه هو ان مجرد فصل ذينك المستويين للصراع وحصرهما في مراحل منفردة امر بالغ الضرر . اننا , كغالبية الثوريين الاشتراكيين في اسرائيل , نقبل ذلك التحليل , وقد اعتمدنا عليه في ارتقاب وتفسير فشل الحركة الفلسطينية الجذرى .

ثم اننا على العكس مما تظنون , لا نطالب الفلسطينيين باسقاط الحكومات العربية الحالية بأنفسهم . ان موقفنا هو ان الفلسطينيين لا يستطيعون تحرير أنفسهم دون ان تشكل حركتهم جزءا من حركة ثورية عربية شاملة هدفها التحرير القومي والاجتماعي في آن واحد .

3. انكم على حق عندما تقولون بان يهود اسرائيل هم “شعب مستعمر” غير انكم خاطئين عندما تقولون بان هذا الشعب هو تماما كالأوروبيين في جنوب افريقيا أو روديسيا” . فعلى العكس من البيض في جنوب افريقيا وروديسيا , يشكل يهود اسرائيل كيانا قوميا كاملا , ذا مبنى طبقي , وليس طبقة مستغلة واحدة ذات طابع متناسق نسبيا . صحيح بان ذلك الكيان القومي خلق بصورة استعمارية واليوم يشكل شعبا مضطهِدا غير انه في حالة انتصار الثورة الاشتراكية وتقويض الصهيونية , يبقى يهود اسرائيل شعب يستطيع العيش بصورة استقلال ذاتي داخل شرق عربي اشتراكي وموحد . ان الرفيق ليفنه على حق عندما ينتقد تجاهل فتح لتشكيل يهود اسرائيل كيانا قوميا , وعدم اعطاءهم الامكانية لوجود قومي بعد التحرير . ثم ان غلاف المجلة التي نشرتم فيها خطاب الرفيق ليفنه يثبت صدق نقده حيث يصور ذلك الغلاف المستقبل الحر كتواجد بين طوائف دينية وليس بين قوميات (ملاحظة : تظهر على غلاف هذا العدد من مجلة “فلسطين الحرة” صورة الهلال والصليب والشمعدان متداخلين بعضهم ببعض , تحت الشعار “فلسطين موحدة , وديمقراطية , ودون تفرقة دينية – الفتح”).

4. انكم تهاجمون الرفيق ليفنه عندما يقول بان فتح “لا يفرق بين اليهود والصهاينة , بين الحكام والمحكومين , وبين المستغِلين والمستغَلين” , وتدعون بان تصريحات كثيرة للقادة الفلسطينيين أثبتت العكس , ثم انكم ترمزون الى كون الرفيق ليفنه متأثر من الدعاية الاسرائيلية . ليس الأمر كذلك , انه على علم بالتصريحات التي تذكرونها . غير انه على اذا تفحصتم ما يقوله بالنسبة لهذا الموضوع بدقة فانكم تجدون بان نقده لا يخص التصريحات بل استراتيجية وفعالية فتح العملية , والتي لا تطابق التصريحات دائما , ولا تعمل على دحض الدعاية الاسرائيلية .

5. انكم تصفون الرفيق ليفنه كضحية لكون اسرائيل منفصلة عن العالم العربي المحيط بها ومن ثم “كجاهل للعالم العربي وثورته” وكفريسة للدعاية الاسرائيلية الكاذبة . ان ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة . فالرفيق ليفنه على معرفة تامة باللغة العربية ويقرأ باستمرار الصحف العربية التقدمية . وعلى ضوء الحقيقة بان احدى التهم التي وجهت للرفيق ليفنه والتي حكم بموجبها كانت حوزته على اعداد من مجلة “الحرية” الأسبوعية اليسارية التي تصدر في بيروت , يتخذ ادعائكم طابع هزلى خاص .

6. ان وصفكم الرفيق ليفنه “كثائر مقاهى” لا يحتاج الى أي رد . نحن نطالبكم فقط بالاعتذار في عددكم القادم على ذلك الوصف لعامل فعال وصاحب وعي وادراك , قضى سنين طويلة في النضال ضد الصهيونية والرجعية وحكم عليه حتما لاجل ذلك بالسجن لفترة طويلة .

باخلاص :
(–) سليمان بشير
(–) موشه ماحوفر