نحن, اشتراكيون ثوريون من اليهود والعرب, نرفض باشمئزاز محاولات البيروقراطية السوفيينية حل مسائل ذات طابع سياسي اجتماعي بواسطة محاكمات مثل محاكمة لينينغراد. اننا نرى, ان سبلا ووسائل كهذه لا تؤدي الا الى اظهار الطريق المسدود الذي توصل اليه حكام الاتحاد السوفييتي البيروقراطيون. ففي الحادث المذكور يبدو افلاس البيروقراطية وهي تقدم على معالجة مسائل قومية ومشاكل أقليات قومية, عنصرية أو دينية.

النتيجة: مزيد من اليهود يُدفعون نحو الصهيونية, وهذا بالتحديد, سبب فرح الصهاينة في اسرائيل والعالم, حيال ما يطلقون عليه “معجزة النهضة اليهودية في الاتحاد السوفييتي”.

البيروقراطيون يسمون أنفسهم ثوارا, ويعلنون عن حكمهم كاشتراكية, في اثناء هذه الأيام وهم يظهرون فسادهم بقمع العمال في بولندا بالقوة ‒ قمع مخلوط بالدم والدموع, والذي يصفونه بأنه دفاع عن الاشتراكية.

ان الرجعية العالمية توقع بكلتا يديها على ذلك, اذ ان اظهار الاشتراكية بهذا الشكل, يساعدها في شن حربها الفكرية والسياسية ضد الاشتراكيين الثوريين في كافة أرجاء العالم.

هنا, في اسرائيل نشهد ذلك يوميا. اذ ان محاكمة لينينغراد مثلا, تساعد “التحالف القومي” في صراخه باسم “الضمير العالمي” و”الخلق الانساني” بينما هو يمارس سياسة الاحتلال والاضطهاد ضد الشعب العربي الفلسطيني, وينظم الاستيطان وضم الأراضي ويتنكر لأبسط حقوق الفلسطينيين الأساسية.

حقا, يد تغسل يدا.

ان نقد الصهاينة الموجه ضد النظام في الاتحاد السوفييتي ليس مجردا من كل أساس خلقي فحسب, بل انه في صميمه, يناقض الحقائق التاريخية. انه يستند على الافتراض الكاذب القائل, بأنه في الامكان فصل المسألة اليهودية, وحل مشاكل اليهود بانفراد عن سائر المسائل الاجتماعية.

اننا نرى ان المسألة اليهودية هي مسألة عالمية, لا يمكن حلها الا عن طريق تغييرات في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي.

ان محاكمة لينينغراد لن تنسينا تجربة عشرات السنين الأخيرة, التي تعلمنا ان الرأسمالية, التي تعر بأزمة تاريخية, لا مخرج لها منها, ليس بمقدورها (الرأسمالية) حل المسألة اليهودية.

ان الحرب العالمية الثانية والبربرية النازية, لهما البرهان الدامغ على ذلك. ان هذه التجربة تعلمنا ان الصهيونية لا يمكنها, كذلك, حل المسألة اليهودية, فقد وضعت الصهيونية اليهود القاطنين اسرائيل في صراع مع البيئة التي يعيشون فيها, صراع لا مخرج منه. صراع مع الشعب العربي الفلسطيني ومع عشرات لملايين من العرب. لقد خلقت “غيتو” جديد لليهود. وقد اقامت ولا تزال تقيم على الدوام التحالف مع الاستعمار, في حين تقوم بطرد العرب الفلسطينيين وابعادهم.

اننا نرى انه منذ بداية هذا القرن, يقف اليهود امام أحد أمرين: اما دعم الرأسمالية الفاسدة عامة, والصهيونية بوجه خاص, اللائي يجلبن على الانسانية وعلى اليهود معها المآسي والأهوال, أو دعم النضال من أجل الاشتراكية التي يمكنها وحدها حل المسائل المصيرية في عصرنا.
لقد ارتأينا ذلك قبل محاكمة لينينغراد, ولا زلنا نرى ذلك اليوم بعدها.

ان النضال من أجل تأمين حقوق اليهود, اينما كانوا, هو النضال الثوري من أجل الاشتراكية, ليس بمنعزل عن أبناء الشعوب الأخرى, بل معهم سوية.

المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية

كانون الثاني 1971