أحزاب اليمين تعدك بالسلام ‒ بالمزيد من الاحتلال . تتحدث عن “أرض اسرائيل بحدودها التاريخية” , “من الفرات الى النيل” , وهي تنكر كليا وجود الشعب الفلسطيني .

والأحزاب الحاكمة و”المبام” الذي يسير في ركابها , تعد بالسلام , بتخليد الاحتلال . وهي لا تعترف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني الأساسية , وتزعم ان حل قضاياه انما يكون في الأقطار العربية .

أما “ماكي” (حزب سنيه) و”هعولام هزيه ‒ قوة جديدة” فيترعان مشاريع كثيرة للسلام , كلها قائمة على أساس استمرار الاحتلال الى حين … حلول السلام . ان هذين الحزبين يتفضلان بالاعتراف بوجود الشعب العربي الفلسطيني , ويدعوان الى ان تحل حكومة اسرائيل قضاياه دون استشارته .

اذن , انه لائتلاف واسع من دعاة السلام , تتمثل فيه كافة الاتجاهات الصهيونية , من طلاب الحد الأقصى الى طلاب الحد الأدنى , من المتطرفين ومن المعتدلين , من “الصقور” ومن “الحمائم” , ومن الصهيونيين الخفرين أمثال موشيه سنيه وأوري أفنيري .

فاذا كنت تؤيد السياسة القائمة ‒ فالاختيار سهل . التشكيلة المعروضة كبيرة . أحزاب كثيرة , برامج كثيرة , وأوهام كثيرة .

أما اذا كنت ترفض السياسة القائمة , وتريد ان تحتج عليها بالتصويت في الانتخابات , فانك تجابه مشكلة غير سهلة . فمن تؤيد ؟ ولمن تعطي صوتك ؟

لا تعط صوتك لسنيه أو أفنيري , اذا كنت تريد التعبير عن احتجاجك . فهما يدعيان معارضة النظام القائم وسياسته , ولكن ينبغي عليك ان تذكرهما بمواقفهما وتصاريحهما في ساعة الامتحان , في أيام ايار وحزيران من عام 1967 .

لتتذكر تبرير سنيه التام للسياسة الاسرائيلية تحت ستار الثورة والشيوعية . لتتذكر دعوة أفنيري الى “الزحف على دمشق” , وتصويته في الكنيست من أجل ضم القدس .

انهما معا , سنيه وأفنيري ‒ يهللان لكل مظاهرة قوة اسرائيلية , سواء أكانت حربا أو “عملية محدودة” , ويؤيدان استمرار الاحتلال , ويبرران أعمال النفي والاعتقال ونسف البيوت , وبعد كل ذلك يتحدثان عن السلام . ولقد أخذا على عاتقهما مهمة أخرى : مهاجمتنا وتزييف موافقنا والتحريض علينا لمطالبتنا بالانسحاب الفوري الغير مشروط , من جميع الأراضي المحتلة . انهما يدعواننا “خونة” و”عملاء للعدو” و”أعداء الشعب” .

اذن , من تؤيد في هذه الانتخابات ؟

هنالك حزب برلماني واحد خارج معسكر الحكم القائم واذنابه , وهو يستحق التأييد : القائمة الشيوعية الجديدة في اسرائيل ‒ راكاح .

ان التصويت لراكاح , في الأوضاع الحاضرة , لا يعني بشكل من الأشكال الموافقة التامة على سياسة هذا الحزب وآرائه . انه تصويت احتجاج على السياسة القائمة .

انه الطريقة الممكنة الوحيدة للتصويت ضد الاحتلال . ولو لمجرد ان كافة الأحزاب الأخرى لا تذكر “الاحتلال” و”الأراضي المحتلة” , فمثل هذه الكلمات والتعابير لا وجود لها في قاموسها . ففي نظر هذه الأحزاب كلها : احتلال ‒ يوك !. اما “راكاح , فليس ضد الاحتلال فحسب , بل لنه الوحيد من بين الأحزاب البرلمانية الذي ينتظم بين صفوفه يهود وعرب , والوحيد من بينها الذي يناضل ضد الكبت في المناطق المحتلة .

ان بيننا وبين راكاح خلافات حادة وواسعة بشأن القضايا المحلية والقضايا العالمية , خلافات في القضايا الايديولوجية وفي المسائل اليومية . وراكاح نفسه يدعونا بين الفينة والأخرى “مغامرين” و”ضد السوفييت” .

وعلى سبيل المثال : راكاح يؤيد كل التأييد السياسة السوفييتية ويهلل لسياسة “التعايش السلمي” , التي ينتهجها الاتحاد السوفييتي مع الاستعمار الأمريكي . ونحن نرفض هذه السياسة باعتبارها سياسة غير ثورية . راكاح يؤيد كل نظام له علاقات صداقة مع الاتحاد السوفييتي . ونحن نقرر موقفنا من كل نظام بناء على طابعه الطبقي وقسطه في النضال العالمي ضد الاستعمار , وليس بناء على علا2قته بحكومة الاتحاد السوفييتي . راكاح يعتقد ان بالامكان التوصل الى السلام على أساس الأنظمة القائمة اليوم في المنطقة , وانه بالامكان حل النزاع العربي ‒ الاسرائيلي على أساس بقاء النظام الصهيوني والأنظمة البرجوازية الصغيرة والرجعية في العالم العربي . ونحن نعتقد ان هذه وهم خطر يعرقل نضال شعوب الشرق الأوسط كلها ضد الاستعمار .

راكاح يعتقد بأن بالامكان حل القضية الاسرائيلية ‒ العربية باتفاقات بين الدول الكبرى, تقبلها الحكومات القائمة في المنطقة , ونحن نعتقد ان هذا التوجه يتناقض ومصالح كافة شعوب المنطقة , ويخلق الأوهام لدى الجماهير , ويكبح نضالها ضد الأنظمة الموالية للاستعمار : النظام الصهيوني في اسرائيل والأنظمة الرجعية في العالم العربي .

ان النزاع العربي ‒ الاسرائيلي , في رأينا , لا يحل الا بثورة اشتراكية مظفرة في المنطقة بأسرها ‒ اذ ان ثورة كهذه تشكل الضمان الوحيد لحل قضايا القوميات المختلفة في العالم العربي , ليس الأكراد والسودانيين الجنوبيين فحسب , بل يهود اسرائيل أيضا .

ان راكاح لا يقبل هذا الموقف . ولكن هذه المسائل لا تحل بالانتخابات للكنيست , وليس هذا هو الموضوع الآن المطروح للفصل . فالمسألة التي تواجهك اليوم هي : كيف تحتج في الانتخابات على السياسة القائمة .

هنالك , في نظرنا , طريق واحد : انتخب القائمة الشيوعية الجديدة في اسرائيل ‒ راكاح . صوت (و) .

المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية (متسبين)

أكتوبر 1969