demo matzpen - 10.1969

ايها القارئ الكريم ،

ان النشرة التي في يديك هي عبارة عن عمل صحفي فريد من نوعه ، يشبه المخلوق المولد فنصفه عبري ونصفه الآخر عربي ، ويصدر عن المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية .

تضم المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية – التي تأسست عام ١٩٦٢ – بين صفوفها ثوارا يهودا وعربا . وتستطيع ال تطلع من خلال هذه الصفحات على آراء المنظمة ومواقفها تجاه قضايا مباشرة وفورية (كالانتخابات للكنيست) ، وتجاه قضايا اكثر اتساعا وشمولا (مثل الكفاح الفلسطيني والثورة الاشتراكية في الشرق الأوسط) ، وذلك باللغتين العبرية والعربية .

تصدر المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية مجلة شهرية منتظمة باللغة العبرية بعنوان “متسبين” التي تعد اكثر صحيفة عبرية مكروهة في اسرائيل . انها مكروهة من قبل الأحزاب الصهيونية ، كما يشهريها كافة الناطقون بلسان حكومة اسرائيل ، وتقاطعها معظم مكاتب ووكلات التوزيع في البلاد . لماذا؟ يمكنك الحصول على الجواب بنفسك ، فيما لو تمعنت هذه النشرة الخاصة . ولكن هنالك سؤال أخر لن تجدله جوابا بنفسك . انه سؤال تلقائي: ما الذي يدفع منظمة كمنظمة الاشتراكية الاسرائيلية ، التي تكتل بين صفوفها يهودا وعربا ، الى اصدار صحيفة دائمة باللغة العبرية فقط؟ ما الذي يمنع منظمة كهذه ، التي تحث على نضال مشترك بين شعوب الشرق الاوسط بأجمعها ضد الاستعمار ، وضد الصهيونية وضد الرجعية العربية – من اصدار صحيفة دائمة باللغة العربية كذلك؟ ولتكن تلك صحيفة اسبوعية او نصف شهرية او شهرية؟

والحقيقة ان الجواب قصير: ان السلطات تمنع المنظمة من اصدار صحيفة دائمة بالعربية . تمنع – ولا تبرر . ويبدو أن للسلطات مبرراتها. يبدو أن لها أسباب معقولة تدفعها لمنعنا من اصدار صحيفة باللغة العربية .

اننا لا نأخذ على عاتقنا مهمة محاولة لكشف عن دوافع السلطات. سيقوم بها الناطقون بلسانها وابواقها. واذا ما فضلت السلطة الصمت وعدم الافصاح مؤقتا – فنحن ندعوك لقراءة هذه النشرة والحكم بنفسك. لتطلع على آرائنا ولتتفهم بنفسك الدافع الى الحظر التعسفي. اننا نتصور ان كل شخص عاقل يمكنه على ضوء هذه النشرة الوحيدة التوصل الى تفسير لذلك.
سنكتفي هذه المرة بسرد تفاصيل الحادث – التي تضم بين تناياها عبر لمن يعتبر.

كان ذلك قبل اكثر من عام حينما توجهنا الى وزارة الداخلية بطلب رخصة لاصدار مجلة اسبوعية بالعربية. واطلقنا على المجلة اسم “النور”. عبأنا جميع الأوراق الرسمية بجميع التفاصيل بموجب القانون. تماما كما فعل في حينه محررو وناشرو صحف أخرى ، كالاتحاد وهذا العالم ، على سبيل المثال.

انتظرنا بضعة أسابيع ، نتوقع تلقي جواب الموظفين المختصين في وزارة الداخلية ، الجواب الذي تأخر عن الوصول. وارسلنا مذكرة نستعجل الجواب. وانتظرنا ثانية ، دون ان يصلنا الجواب في هذا المرة أيضا. وارسلنا احد اعضاء المنظمة – محرر “النور” – ليطلع بنفسه على جواب وزارة الداخلية. وعاد من الوزارة دونما جواب ، فقد طلبوا منه الانتظار.
هكذا ضاعت سنة كاملة. اذ منعت السلطات خلال ١٢ شهرا اصدار مجلة اسبوعية اشتراكية ثورية باللغة العربية في اسرائيل. لم نترك الموظفين طوال ذلك الوقت. فقد طلبنا منهم جوابا واضحا وصريحا – وذلك حق يمنحنا اياه قانون البلاد.

وأخيرا ، وصلنا الجواب – على ورقة رسمية عليها شعار وتأريخ وتوقيع موظف. يمكنك مشاهدة صورة الرسالة الرسمية تشرح نفسها بنفسها.

____________________________________________________

 دولة اسرائيل

ادارة منطقة حيفا – ص.ب. 4891

تاريخ: (التأريخ العبري)
8 ايلول / سبتمبر 1969

بريد مسجّل

حضرة السيد
فيكتور نقولا
شارع عباس 34
حيفا

السيد المحترم
الموضوع: اصدار المجلة الاسبوعية ” ألنور “

من ملابسات الموضوع يبدو أن طلبك قد اُهمل واذا صدر مني أي خطأ فأنا أسالك المعذرة.

فيما يخص طلبك الجديد فان جوابي هو كالتالي:
حسب الصلاحيات المخولة الي في بند 94 من أنظمة الدفاع ( حالة الطوارئ) لعام 1945
أرفض منحك ترخيصا لاصدار المجلة الاسبوعية اياها.

مع جزيل الاحترام

(توقيع )

دكتور نفتالي ايلاتي

الموظف المسئول عن منطقة حيفا

____________________________________________________

لقد تسلم موظف وزارة الداخلية – شخص يدعى ايلاتي – بالوراثة ، صلاحيات المندوب السامي البريطاني – الحاكم الامر الناهي على هذه البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حتى ١٩٤٨ . هل تذكرونه؟ ذلك المندوب السامي؟

ان الشبان لا يذكرونه بالطبع. كان ذاك ممثل جلالة ملك بريطانيا العظمى. كان تجسد ورمز للاستعمار البريطاني في هذه البلاد. كان المستبد والمضطهد الاستعماري بكل جلاله.
وهكذا نرى تلك القوانين الاستعمارية اياها ، التي سنها المندوب السامي ، الحاكم بأمر الملك ، سارية المفعول حتى اليوم.

لقد تبناها السيد ايلاتي من وزارة الداخلية ، بعد ان تلقى التعليمات من المسؤولين عنه – واستعملها ضدنا ، وضدك.

انه لن يثنينا عن عزمنا!

بمؤازرتك!

[المقال التالي في هذه النشرة : كلهم يريدون صوتك]