الى أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الموقورين .
لقد كانت الأشهر الثمانية الأخيرة من أحرج الفترات في تأريخ الشعب العربي الفلسطيني حيث بلغت الهجمة ضده ذروة جديدة من الهمجية . فاشتد القمع في الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 , وأصبحت مصادرة الأراضي والطرد والتعرض للمؤسسات الأكاديمية وقتل المتظاهرين في الشوارع من الأمور اليومية . وباتت هذه الحقائق معلومة للجميع حتى ان الدعاة الصهاينة قد كفوا عن انكارها .
جاء الغزو الاسرائيلي للبنان في الذكرى الخامسة عشرة لحرب حزيران 1967 , مستهدفا القضاء على القوة السياسية والعسكرية للشعب الفلسطيني وبالتالي تأمين الاحتلال الاسرائيلي من عام 1967 . فعلا لقد وقف المقاتلون الفلسطينيون وحلفاؤهم اللبنانيون في وجه ماكنة الحرب الاسرائيلية الهائلة وحدهم دون عون من أي بلد . ورغم ذلك صمد النضال الفلسطيني .
ووقف المقاتلون الفلسطينيون في معركة بيروت ببسالة اثارت حتى تقدير الجنود الاسرائيليين , وفشلت اسرائيل في مخططها ونجا الشعب الفلسطيني من الكارثة التي دبرتها له الصهيونية واعيد فتح ملف 1948 وراح المجتمع الاسرائيلي يتخبط في أشد الأزمات التي اجتاحته في تأريخه .
أعضاء المجلس الموقورين ,
نحن تنظيم صغير من الاشتراكيين الثوريين ننفي الايديولوجيا والأهداف العنصرية الرائجة لدى السواد الأعظم من الاسرائيليين . لقد عملنا خلال سنوات طويلة داخل المجتمع الاسرائيلي في سبيل الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير بما في ذلك حقهم في اقامة الدولة المستقلة , وحق اللاجئين في العودة ومن أجل التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل المعترف للشعب العربي الفلسطيني , وذلك سعيا لتحقيق العيش من خلال المساواة والاحترام المتبادلين بين أبناء الشعبين . اننا ندرك ودونما أوهام كوننا قلة قليلة في اسرائيل وندرك كذلك قلة شركائنا . غير اننا نعتقد ان منظورنا هذا ليس ضربا من الوهم أو الخيال .
ان الثمن الباهض والمتزايد الذي يقدمه الاسرائيليون لقاء السياسة الصهيونية لحكوماتهم ينبت وينمي المزيد من مظاهر المعارضة , يوسع ويعزز المعسكر الاسرائيلي الذي يعترف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني .
واننا كمناضلين ضد الصهيونية عقيدة وممارسة منذ أكثر من عقدين من الزمان , نعتقد انه من أجل الوصول الى حل عادل للنزاع فانه لا بد للاسرائيليين من الاعتراف بحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير , ولا بد للفلسطينيين أيضا من الاعتراف بحق الشعب اليهودي الاسرائيلي في تقرير المصير .
ان أبناء الشعب الاسرائيلي الذين يؤيدون اليوم بأغلبيتهم الساحقة السياسة الصهيونية ويتجندون طوعا في سبيل تحقيقها , هم هم الذين ينبغي على الفلسطينيين معايشتهم مستقبلا , وبالعكس , فأبناء الشعب الفلسطيني الذين يعتبرونهم الاسرائيليون أشد أعدائهم حاليا ¸هم هم الذين ينبغي على الاسرائيليين معايشتهم في الغد . وعيش مشترك لا يكدره قمع ولا قهر لا يتأتى الا اذا اعطى كل من الطرفين الضمانات بألا يضطهد الطرف الآخر . بعبارة أخرى : ان يعترف بحقه في تقرير المصير . ان الاعتراف بحق الاسرائيليين في تقرير المصير هو اذن ليس فحسب الموقف العادل الذي ينبغي اتخاذه , بل هو اداة انجع اداة لاقناع قطاعات واسعة من الشعب الاسرائيلي للتحرر من اكبال الصهيونية والانطلاق على طريق السلام .
ان كل اسرائيلي يسير على هذا الدرب سيكون حليفا وفيا لكم يربط مصيره بمصيركم . فالمصالح الحيوية التي تهم الشعبين تتنافى والصداقة المتقلبة التي تعتمدها القوى غير المتضررة مباشرة من الصراع .
وكما أثبت مقاتلوكم بسالتهم امام الاسرائيليين في ساحات القتال , كذلك انتم أعضاء المجلس الوطني الموقرين تستطيعون ان تعلموا الاسرائيليين كيف يكون الاعتراف بحق الشعوب .
مركز المنظمة الاشتراكية في اسرائيل ‒ ماتسبين
تل أبيب ‒ يافا ,
العاشر من شباط 1983