(نشر في مجلة “متسبين” , العدد ٨٥– ٨٦ , شباط – آذار ١٩٧٩)

ان تأريخ النزاع المستمر بين الصهيونية وعرب البلاد لا يظهر بالدماء والدموع وحسب بل بالكذب أيضا . ومنذ سنوات ونحن لا نذخر جهدا لتعرية أكاذيب الصهيونية . ويتجسد هذا الجهد كذلك على صفحات “متسبين” . وضمن هذا الاطار ننشر هذه المرة منشورا لأحد قواد الانتفاضة العربية في سنوات ١٩٣٦–١٩٣٩ هو عارف عبد الرازق من قرية طيبة في المثلث . وقد نشر هذا المنشور بالعبرية وظهر وقتئذ في “قول هعام” لسان حال الحزب الشيوعي الفلسطيني (القسم اليهودي) رقم ١٨ (اذار ١٩٣٩) . فيما يلي النص الكامل للمنشور :

إلى الشعب اليهودي في البلاد والخارج !

عندما قمنا بانتفاضتنا توكلنا على الله قبل كل شيء . ثم استيقظ العالم العربي والإسلامي فدعمنا في حرب تحريرنا المقدسة . ومن وراء العالم الإسلامي هنالك تأييد العالم الديمقراطي .

مرت ثلاث سنوات على انتفاضتنا هذه . وبقينا صامدين في المعركة دونما احجام أمام وسائل الفتل الحديثة وقوانين الامبريالية الفتاكة . وقفنا بحزم وايمان كبير بعدالة حربنا القومية .

ان ما دفعنا إلى هذه الحرب هو تشوقنا الى الحرية وانقاذ وطننا من خطر الاستعمار البريطاني وحليفته الصهيونية . وحركتنا هي حركة تحرر قومي موجهة ضد الامبريالية والصهيونية وضد كل من يقف عثرة أمامنا على درب الحرية . لذلك فان حركتنا لا تقوم مطلقا على عداوة دينية أو عنصرية .

الإنجليز وزعماء الصهيونية “المتأنجلزين” يخفون عنكم هذه الحقيقة عمدا , ويعرضون موقفنا كموقف ديني وعنصري , وهدفهم ان يبقوكم أعداء لنا لكي يستطيعوا تجنيدكم لتحقيق التقسيم وحماية المصالح البريطانية والصهيونية وخط النفط وسكة الحديد والحدود حتى ولو ادى ذلك إلى ابادة العرب وابادتكم أيضا .

زعماؤكم الصهاينة الخونة يخدعونكم ويستغلونكم الآن حماية لمصالح الامبريالية مثلما خدعوكم اذ جلبوكم إلى هذه البلاد واذ وصفوها لكم “أرض الحليب والعسل” وبريطانيا تحرضكم بواسطة زعمائكم على مناصة العرب العداء , بينما تتظاهر بالوقوف إلى جانبكم دائما .

اننا نعرف بريطانيا جيدا . نحن نعلم انما لن تتردد في خذلكم اذا ما استدعت مصلحتها ذلك وهل يغني عنكم زعماؤكم شيئا يوم تتخلى عنكم بريطانيا ؟ لن يشفعوا لكم , كما لم تشفع لشعوبها زعامة الأرمن والاشوريون . فهؤلاء أثاروا شعوبهم بايعاز من بريطانيا ضد تركيا والعرب , ولما هزموا لم تنجدهم بريطانيا وتركتهم لوحدهم تحت رحمة العرب .

اننا ننصح لكم بنبذ الانجليز وزعمائكم الذين باعوكم لبريطانيا , وبعدم محاربة حركة الاستقلال العربية . بذلك تؤمنون سلامتكم وتكونون مطمئنين .

اننا نرفض التقسيم , ونريد تحرير فلسطين كلها من نير الاستعمار وإقامة حكم ديمقراطي منتخب في البلاد . وبالنسبة لليهود فانهم سيعيشون بسلام كما عاشوا قبل مجيء الإنجليز وكما يعيشون اليوم في مختلف الدول العربية . وكذب اننا نهدف إلى “قذفكم إلى البحر” أو اننا سنعاملكم كما يعاملونكم في أوروبا .

لقد عاش اليهود زمنا طويلا في ظل العرب والمسلمين . فهل وقع لهم شيء مما يجري هذه الأيام في أوروبا ؟

ألم يعش حكماء اليهود والفلسفة أمثال ابن ميمون سوية مع حكماء العرب في قصور الأمراء في اسبانيا ؟ وعاشوا في سلام زمن العثمانيين وأيام الملك فيصل وغازي في العراق ؟

هذا عهدنا لكم بتأمين سلامتكم وحريتكم ما دمتم لا تتواطؤون مع الامبريالية ضدنا , والسلام .

قائد الثوار عارف عبد الرازق 

ايلول ١٩٣٨