(نشر هذا البيان في “هآرتس” ٬ بالعبرية ٬ في 27 / 12/ 1977 ٬ بمناسبة مؤتمر الاسماعيلية ) .

ان مهرجان السلام بقيادة رئيس حكومة اسرائيل ٬ وبمساعدة حشد كامل من تابعيه من اليمين و”اليسار” ٬ يهدف الى ذر الرماد في أعين الجماهير .

هدف مشروع بيغن : الاثبات على رؤوس الاشهاد ان حكومة اسرائيل تحت زعامة بيغن ٬ عملت كل شيء من أجل السلام ٬ وان الكرة موجودة الآن في ايدي العرب . وعليهم ان يختاروا احدى الامكانيتين : قبول المشروع ٬ ومساعدة بيغن وشركاؤه بذلك ٬ على تخليد اضطهاد الشعب العربي الفلسطيني وتوطيد احتلال الاراضي العربية ٬ او رفض المشروع وتحمل المسؤولية لاحباط السلام ٬ حسب رﺃي بيغن ٬ وسفك المزيد من دماء اليهود والعرب في الحرب القادمة . حقا انها لمكيدة حقيقية من صنع اسرائيل .

لكن الحقيقة هي شيء آخر : اسرائيل هي الملزمة ان تختار طريقها ‒ اما الى السلام واما الى الحرب .

من رغب في السلام فعليه النضال من أجل الاعتراف بالحقوق الانسانية والقومية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني واحترامها . ومن يتملص من هذا النضال فانه عمليا يسلم باستمرار الاضطهاد والاحتلال ٬ ويمهد الطريق الى الحرب القادمة التي ستكون أفظع من كل سابقاتها .

مشروع بيغن يقوم على الفرضية الكاذبة ٬ وكانما بالامكان اللعب على الحبلين في آن واحد : تخليد اضطهاد الفلسطينيين وتوطيد احتلال أراضيهم ٬ ومع ذلك الفوز أيضا بالسلام ونيل اعتراف الشعوب العربية باسرائيل .

من يتبنى هذه الفرضية الكاذبة فمآله الخيبة . ولا يعسر علينا أن نستوعب دروس التاريخ وندرك ان الاضطهاد ينبت التمرد والتفرقة تنبت المقاومة .

والأمثلة على ذلك متوفرة . ففي هذه البلاد ٬ وقبل ثلاثين عاما اتفق زعيمان اسرائيلي وعربي على تسوية وسلام بينهما يقومان على سلب حقوق الفلسطينيين واضطهادهم ٬ كل واحد في مملكته ٬ الا هما بن غوريون والملك عبد الله . والنتائج معروفة : سفك دم غزير منذئذ صيانة لذلك الوضع الراهن الذي اتفقا عليه . واما الجماهير الفلسطينية التي بدا وكانما قد أسقطت عن حلبة التاريخ ٬ فقد عادت ورفعت هاماتها .

begin dayan

اذن ٬ فحتى وان وجد بيغن بين زعماء الدول العربية من يوقع على مشروع “الحكم الذاتي” الذي يقترحه ٬ فان السلام الحقيقي لن يتوفر بين الشعب اليهودي الاسرائيلي والشعب العربي الفلسطيني . لأن هذا “الحكم الذاتي” يعني اقامة بانتوستان للفلسطينيين الذين يعيشون في البلاد ٬ وابقاء الفلسطينيين الذين يعيشون خارج البلاد على وضعهم كلاجئين . وستكون فلسطينستان ٬ مثل البانتوستان الواقع تحت حماية جنوب أفريقيا ٬ معتقلا تحت حماية اسرائيل . وفيما البانتوستان الأسود هو معتقل مغلق في وجه البيض ٬ فان فلسطينستان العربية ستكون معتقلا سائبا للمستوطنين الاسرائيليين .

ان رئيس حكومة اسرائيل يستغل الطموح الصادق الى السلام الذي تفهم به قلوب الجماهير العربية واليهودية لكي يتستر على استمرار الاحتلال ويزينه “بالأوتونوميا” ويعينه على ذلك الصهاينة “اليساريون” من “مبام” و”شلي” الذين نسوا فجأة الأقوال السامية عن حقوق الفلسطينيين . لكن وجه هذه “الأوتونوميا” واضح تماما : جيش فلسطيني ‒ لا ! حكومة فلسطينية ‒ لا ولا ! وحسب قول مناحيم بيغن فان هذه “الأوتونوميا” لا تعتبر حتى “حكما ذاتيا” ٬ بل “ادارة ذاتية” فقط .

وذلك الجزء من الشعب الفلسطيني الذين سيكون في اطار هذه الأوتونوميا ٬ سيسلب حقه في تقرير المصير . ولكن سيتمتع كل فرد من أبنائه وبناته بذلك الحق المريب لاختيار جنسيته : بين ان يكون من رعايا الملك الهاشمي أو من رعايا الدولة الصهيونية . وكل هذا تحت حراب جيش الاحتلال الاسرائيلي وتحت ضغط المستوطنين الاسرائيليين المتواصل .

اننا رغم قلتنا نعود ونعلن تأييدنا لنضال الشعب العربي الفلسطيني لتحرره ٬ بما في ذلك ٬ نضاله لانسحاب اسرائيل الكامل وغير المشروط من الأراضي المحتلة سنة 1967 ٬ واقامة اطار سياسي مستقل فيها .

وبهذه الروح نحن نناضل :

  • من أجل انسحاب اسرائيلي كامل فوري وغير مشروط من جميع الأراضي المحتلة !
  • ضد كل محاولة اسرائيلية تفرض على الجماهير الفلسطينية ممثليها !
  • ضد كل محاولة اسرائيلية تفرض ما سيكون عليه مستقبل الأراضي التي ستنسحب منها اسرائيل !

هكذا فقط يمكن دفع السلام والمساواة بين الشعبين الى الأمام ‒ الشعب العربي الفلسطيني والشعب اليهودي الاسرائيلي .

نحن مقتنعون انه ٬ حتى اذا اضطرت حكومة بيغن الى التنازل للسادات وتبني برنامجه فلن يكون في هذا حل لقضية الشعب العربي الفلسطيني . لأن قضية الشعب الفلسطيني ستصل الى حل شامل فقط في نطاق انتصار نضال ثوري في المنطقة كلها من أجل الاشتراكية . نضال يدحر الامبريالية ٬ يقضي على حكم وكلائها المحليين في اسرائيل والدول العربية ٬ ويزيل الحدود القائمة ٬ يوحد الشعوب العربية ويضمن الحقوق الكاملة للشعوب غير العربية التي تعيش في المنطقة ٬ بما في ذلك الشعب اليهودي الاسرائيلي .

مركز المنظمة الاشتراكية في اسرائيل “متسبين”

تل أبيب في 25 كانون أول 1977 ٬ بمناسبة مؤتمر الاسماعيلية