[عن مجلة “الحرية” اللبنانية]

اضرابات وتحركات عمالية متواصلة ٬ تتميز بطابع المواجهة والتصادم مع أجهزة القمع السلطوية المختلفة . تحركات ونشاطات طلابية متصاعدة ٬ تحاول الارتباط بحركة اضرابات العمال وكفاحهم . اطر سياسية ونقابية لتنظيم النشاطات الثورية وقيادة النضالات الجماهيرية المتنوعة .

ان الصراع الايديولوجي والسياسي والاجتماعي في مصر يتبلور ويحتدم حول أهم المعضلات الأساسية للتحرر الوطني والتقدم الاجتماعي ٬ وتحديدا :

  • المسألة الوطنية والنضال لتحرير الأرض المحتلة ٬ ومناصرة الثورة الفلسطينية والقوى التقدمية اللبنانية .
  • الصراعات الاجتماعية وواقع حياة الجماهير الشعبية .
  • قضية الديمقراطية في المجتمع المصري .

لكن النضال من أجل هذه المعضلات يتداخل ويتخذ له تغيرات متنوعة تجعل جميع النضالات الاجتماعية والوطنية مترابطة ٬ ومؤثرة بعضها ببعض .

*     *     *

تقارير من موقع الأحداث :

انتبهوا :

خرج الفقر الى الشارع .

من حزن العينين وتسبيل الجفنين وتقليب الكفين الى الشارع .

من مر القهر وصبر الدهر .. الى الشارع

من كرد السغب وقدر التعب .. الى الشارع

من كل الأطباق الفارغة وكل الحارات المزدحمة .. خرج الفقر الى الشارع .

يقول أحد التقارير: نجد أنفسنا هذه الأيام امام ميلاد جديد لحركة الطبقة العاملة المصرية ٬ حركة المطالبة بالحقوق الاقتصادية . وسقط شعار “التحالف المميز” وبرز الصراع الطبقي كحقيقة واقعة واضحة طالما حاولوا عبثا طمسها . وانكشف التمايز الطبقي الحاد ٬ وكشفت الاضرابات عن مدى تناقض المصالح بين العمال والكادحين من جهة والرأسماليين المستغلين من جهة ثانية ٬ والدولة وأجهزتها منحازة كليا وبشراسة ضد العمال والى جانب الرأسماليين المستغلين وعسفهم .

اضرابات بين حزيران وايلول

  • اضراب عمال النصر للسيارات . قرر عمال الشركة الاضراب في يوم 29 حزيران 1976 حين أعلن عن تأجيل صرف الأرباح ٬ حتى الاستجابة لمطالبهم .

‒ في مواجهة الاضراب صعد رئيس مجلس الادارة تحديه للعمال وصرح بعبارات استفزازية حقيرة خرقاء منها “ان العمال ليسوا سوى مجموعة من الخرفان سيدخلون الى أماكن عملهم بمجرد سماع صفارة انتهاء فترة الراحة” !

‒ عند تسرب الأخبار الى العمال ٬ انطلقوا هاتفين ومهددين “الانتاج مية المية .. والأرباح للحرامية” .. “شيلوا شاهين وزير الصناعة” .. “شيلوا جزارين رئيس مجلس الادارة” .. “يسقط مجلس الادارة” .. وسيطر العمال على المصنع وأغلقوا الأبواب من الداخل محافظين على كافة محتوياته وصاغوا مطالبهم ٬ منها : صرف الأرباح ٬ الغاء مكافآت المديرين ٬ احتساب أيام الجمع ٬ زيادة بدل طبيعة عمل “زيادات اخطار العمل” . الحوافز ربح سنوية ٬ صرف وجبة صحية للعمال . مواجهة انحراف العاملين بالشؤون الادارية . رفع مستوى الخدمة الاجتماعية . توفير المواصلات .

  • حضر أعضاء الاتحاد الاشتراكي في المساء فتدخل أمينهم “محمد محجوب” وشكل العمال وفدا لمقابلة الوزير والتفاوض حول المطالب بعد ان وعدهم مدير مباحث الجنوب “عقيد علي حسين” واقسم “بشرفه” بان أحدا منهم لم يمس .. وفي مكتب رئيس الوزراء قبض على الوفد كالعادة .
  • اندفع العمال خارج الشركة يهتفون بسقوط الادارة والأجهزة الرسمية ٬ ثم ألقي القبض على عدد كبير منهم .

‒ في 3 تموز دخلت ثلاث عربات من الشركة تخفي بداخلها مجموعات من رجال المباحث مرتدين ملابس العمال الذين انتشروا لكي يثيروا جو الارهاب والشائعات المغرضة ٬ لتفتيت وحدة العمال وخفض روحهم المعنوية .

في ظل اجواء الارهاب ٬ وبعد الفاء القبض على عشرات العمال ٬ والتهديد بأقصى درجات القمع صرف الادارة النسب المختصة من الأرباح ! .. وانصرف العمال لاعادة تنظيم صفوفهم مرى أخرى .

اضراب الشركة الشرفية للدخان . أعضاء “الاتحاد الاشتراكي” يتعاونون مع أجهزة المباحث 

‒ بدأ الاضراب حينما علم العمال ان الشركة وادارتها قررتا صرف 3 أيام حوافز عام 1975 مع ان الشركة حازت المركز الثاني في الانتاج على مستوى الجمهورية .

قرر العمال الاضراب عن العمل والاعتصام داخل المصنع . وتشكيل لجان عمالية داخلية لحماية الماكينات والمنشآت من تخريب المباحث ومحاولاتهم لكسر الاضراب . وحددوا مطالبهم لانهاء الاضراب .

‒ في اليوم التالي ٬ في الثانية صباحا ٬ تم اقتحام المصنع بواسطة مصفحة وعشر عربات محماة بجنود جيش قمع الشعب “الأمن المركزي” وتم احتلال المصنع حتى يوم الأحد ٬ القي القبض على 62 عاملا . حدث هذا ظل تهديد العمال باطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع .

‒ أعضاء الاتحاد الاشتراكي تعاونوا مع أجهزة المباحث ٬ وجلسوا مع العمال محاولين اثباط عزائمهم عبر مختلف الأساليب والادعاءات الا ان العمال خبروا أساليبهم وعمالتهم لأجهزة السلطة . أخيرا تم صرف سلفة جماعية حرم منها الكثير من العمال .

اضراب عمال هيئة النقل العام . وظاهرة “محطمي الاضراب” !

‒ بدأ الاضراب بعدد من المطالب النقابية والتي تتعلق بتحسين ظروف العمل . أطلق الأمن المركزي الرصاص والقنابل المسيلة للدموع . قامت وحدات الأمن المركزي بفك الاضراب بالقوة في جراج السواح وسقط عدد من العمال قتلى وجرحى .

‒ انتشر الاضراب وشمل معظم جراجات النقل العام .

‒ في جراج الايدية وقعت معركة بين عمال الجراج وسكان المساكن الشعبية بالحي من جهة وبين قوات الأمن المركزي . اطلق رجال الأمن المركزي الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والمثيرة للأعصاب (محرمة دوليا) على العمال وسكان الحي ٬ سقط عدد من القتلى والجرحى نتيجة لذلك .

حالة الطوارئ في الجيش

أعلنت حالة الطوارئ خاصة في سلاح المركبات وتمت الاستعانة بسائقي وزارة الداخلية ٬ وسائقي الجيش لركوب عربات الأتوبيس والاستمرار في العمل .

‒ استخدم النظام فرق “محطمي الاضراب” وهي تتألف من سائقي وزارة الداخلية . ووحدات الأمن المركزي وفرقة رجال المباحث الخاصة بمكافحة الاضراب ٬ بالاستعانة بأعضاء الاتحاد الاشتراكي ٬ ومديري المؤسسات وعملاء السلطة داخل النقابات . والنقابيين الصفر المندوبين رسميا من السلطة .

‒ لقد تميز هذا الاضراب بظاهرة التأييد الشعبي الجماهيري الواسع . وقد ساندت الجماهير ٬ العمال المضربين في قصر القبة وحي الأميرية وواجهت معهم قوات الأمن المركزي وقدمت الضحايا في المعركة .

‒ اعترفت السلطات الرسمية بالاضراب وخطورته ٬ على لسان رئيس الوزراء بالرغم من تشويه الحقائق حول مجرياته .

تقرير عن أحداث الدرب الأحمر

“لم كلابك يا سادات .. هيي فين الحريات” .. “يا حرية فينك فينك .. سيد فهمي وببنك” .. “الوزراء عايشين في قصور والفقراء في جحور” .. “بيسكروا وياكلوا فراخ .. والشعب من الجوع أهو داخ” .. “مش حنخاف من الارهاب .. هنأيد حق الاضراب” .. “يسقط الاتحاد الاشتراكي” .. “تنظيماتنا المستقلة ضد السلطة المستغلة” .

‒ بدأت الأحداث صباح الاثنين 5 ايلول 1975 ٬ بمصرع العامل حسين محمد حسين متأثرا بجراحه بعد الضرب المبرح الذي تعرض له على يد مدير الشرطة . وقد أصر البوليس على دفن العامل فورا ودون التحقيق في الحادث . وكان ذلك امام زوجته وبعض من أقاربه .

‒ احتج الأهالي ٬ وقاموا بحرق نقطة بوليس المتولي والدرب الأحمر ومنعوا عربات الاطفاء من الوصول اليهما وقاموا بعد ذلك بحرق عربة مساعد مدير الأمن ٬ معبرين عن سخطهم الشديد تجاه القسوة والمعاملة اللاانسانية التي يلقونها داخل اقسام البوليس واتسعت التظاهرات لتعم كل أحياء الدرب الأحمر ٬ وباب الحلق وميدان العتبة وعابدين وشارع فؤاد . مما أدى بقوات الأمن لاغلاق كل الشوارع المؤدية لتلك المناطق خوفا من انفجار سخط الشعب .

وبدأت الجماهير تردد الهتافات والأهازيج الشعبية المعادية للسلطة والبوليس . “لم كلابك يا سادات” .. الخ .

نضالات طلابية

‒ أقدمت السلطات المصرية على اعتقال المناضل محمد قاسم نعمان ٬ رئيس الاتحاد الوطني العام لطلبة اليمن ٬ وعضو المكتب التنفيذي لسكرتارية المنظمات الطلابية العربية بالقاهرة . وذلك بتهمة اشتراكه بمحاولة اغتيال “محمد علي هيثم” مع العلم بأنه كان موجودا في اليمن ٬ وعاد الى القاهرة بعد شهر ونصف . ولم يتم القاء القبض عليه بعد وصوله الى القاهرة !

‒ أصدرت سكرتارية المنظمات الطلابية بالقاهرة في 5 ايلول 1975 بيانا الى جماهير الطلبة استنكرت فيه بشدة حادث الاعتقال .

‒ كل الديمقراطية للشعب كل التفاني للوطن

‒ في أوائل تشرين الأول صدر العدد الأول من نشرة “21 فبراير” ووضعت النشرة في صدر صفحتها الأولى شعار “كل الديمقراطية للشعب وكل التفاني للوطن” وأعلنت انها “نشرة داخلية يصدرها نادي الفكر الاشتراكي التقدمي” بجامعة القاهرة .

‒ تأسس النادي كما ورد في النشرة في 29/1/1976 وقد تشكل من لجان عديدة وهي :

  • لجنة العمل السياسي .
  • لجنة الدعاية والاعلام .
  • لجنة الثقافية والفنية .
  • اللجنة النقابية والاجتماعية .

‒ احتفل النادي بذكرى انتفاضة فبراير 1946 لمدة أربعة أيام ٬ تحت شعار “يوم الشهداء” .

‒ عقد مؤتمرا لمناصرة الثورة الفلسطينية والقوى التقدمية اللبنانية في 12 ‒ 15 تموز .

نظمت ندوات دراسية حول المخطط الأميركي في المنطقة . في الفترة ما بين 2 و 6 تشرين الأول . تناولت المخطط السياسي والاقتصادي من جوانبه المختلفة . وتناولت كذلك مساندة الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية .