فلسطينيون معلقون على مشانق الأسد في دمشق

 

لقد صدق ماير فلنر ٬ السكرتير العام لركاح (الحزب الشيوعي الاسرائيلي) اذ أعلن في مؤتمرها ان السعودية والكويت واتحاد امارات النفط هي “دول عربية رجعية ومؤيدة للامبريالية” وصدق كذلك ٬ طبعا ٬ اذ أضاف ان دولة اسرائيل هي “الركيزة الرئيسية” للامبريالية في المنطقة .

لكنه لدى تطرقه الى الكلام عن دول أخرى في منطقتنا أخذ يتكلم لغة أقل وضوحا وأكثر غموضا . فقال : “في الأقطار العربية اشتد النضال الطبقي” . لكنه لم يفصل في أي الأقطار . وما هي هذه الطبقات التي اشتركت في هذا النضال . لقد عين انه “أحرزت مكاسب اضافية هامة في النضال المعادي للامبريالية وفي تعزيز الاستقلال الوطني وتنفيذ تحولات اجتماعية تقدمية في سلسلة من الأقطار العربية” . ما هي هذه المكاسب ؟ ما هي التحولات الاجتماعية التقدمية ؟ وفي أي الأقطار جرى ذلك ؟ لم يفصح السكرتير العام .

وفي سياق كلامه اكتفى فلنر فقط برموز زادت من الغموض أكثر مما وضحت .

الرمز الأول : “كانت تراجعات وخاصة في مصر” ؟ . ماذا قصد زعيم ركاح ؟ ما هو الطابع الطبقي لهذه التراجعات ؟ وما هو التجسيد الواقعي لهذه التراجعات ؟ مرة أخرى لم يفصح فلنر .

الرمز الثاني : “اليمين في القيادة البعثية السورية دفع الى التدخل العسكري في لبنان” . من هو هذا اليمين ؟ ما هي طبيعته ؟ وما تأثيره ٬ ومن هو اليسار في قيادة البعث ؟ وماذا كان موقفه من التدخل في لبنان ٬ وما هي الطبيعة الاجتماعية للنظام في سوريا ؟ وأي طبقة تحكم في سوريا ؟ ماذا قال وماذا يقول الحزب الشيوعي السوري عن غزو لبنان ؟ ولماذا يشترك الحزب الشيوعي في الحكومة السورية ؟ وماذا يقول الحزب الشيوعي الاسرائيلي عن موقف الحزب السوري الشقيق ؟

ولا كلمة ! لقد أمسك فلنر عن الكلام ! سر مكنون !

*     *     *

رابين وحسين والأسد هم المنتفعون من الدم المسفوك في لبنان

متسبين 78-79 – صورة الغلاف بالعبرية : رابين وحسين والأسد هم المنتفعون من الدم المسفوك في لبنان

في العدد السابق من “متسبين” شجبنا الحلف غير المكتوب بين رابين وحسين والأسد وكتبنا على غلاف العدد السابق “هم المنتفعون من الدم المسفوك في لبنان” (صورة الغلاف بالعبرية) وفضحنا الطبيعة الاستغلالية للنظام في سوريا وقلنا بصراحة ان الأسد هو عدو الجماهير (غلاف العدد الماضي بالعربية) .

وتلعثمت ركاح اثناء الغزو السوري للبنان وما زالت تتلعثم في هذا الأمر حتى اليوم . وقلنا في العدد السابق ان الأسد قد “نسى” الأحاديث السامية عن “الوحدة القومية” وبعث بجيشه العربي لقمع الجماهير العربية ٬ لأن الأسد الذي اعتبر “حامي” الفلسطينيين أصبح سفاحهم ٬ وان الأسد الذي اعتبر “مناضلا” ضد الامبريالية انفضح كعميل لها . وأن الأسد الذي تشدق بهزم الصهيونية تعرى عن حليف لها في الواقع .

وأضفنا انه لكي نفهم الأسد على حقيقته علينا ان نذكر تضامنات رابين وحسين معه ٬ وما أبداه هنري كيسنجر من تفهم وعطف للأسد ٬ وان الأسد ليس الا حاكما يحظى بتبريكات الصهيونية والرجعية العربية والامبريالية .

وننشر في هذا العدد موضوعات حول “الحركة القومية العربية ‒ نهاية المطاف” (باللغة العبرية) وضعها اثنان من أعضاء منظمتنا .

اننا نوصى قرائنا بقراءة هذه الموضوعات وندعوهم لمناقشتها من على صفحات “متسبين” ونوصى على الأخص أعضاء الحزب الشيوعي اخوتنا وشركائنا في النضال الثوري في المنطقة . فصفحات جريدتنا مفتوحة امامكم .

*     *     *

تمعن في قراءة الفقرة التالية :

“ان التصالح السوري ‒ المصري يعتبر في بيروت نصرا للعربية السعودية التي فرضت وقف اطلاق النار في لبنان على السوريين والفلسطينيين في تشرين أول ٬ ودعت السادات والأسد الى الرياض الى مؤتمر قمة مع عرفات وسركيس ٬ والسعودية تمول سوريا ومصر وهي بذلك توجه الى حد بعيد الاستراتيجية السياسية والعسكرية لدولتي المجابهة” .

هذا الكلام عن مقال ظهر في احدى أهم الصحف اليومية الأمريكية ٬ “نيو يورك تايمس” ونشرته هآرتس بالعبرية ٬ (26/12/1976) .

لا جديد في هذا الكلام . فالحلف بين الدول العربية المدعوة “تقدمية” وبين الدول العربية الرجعية أصبح منذ وقت بعيد حقيقة معروفة للجميع . لكن عبارة “معروفة للجميع” هي غير دقيقة . للأن زعامة ركاح لا تزال مصرة على تعاميها ٬ وتتشبث بأمثلتها المتحجرة تشبث العميان بعصيهم .

وعلى سبيل المثال ٬ لا الحصر ٬ انظروا الى ما جاء في هذا الشأن ٬ في رؤوس الاقلام التي أعدتها اللجنة المركزية لركاح بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الاسرائيلي (ركاح) : “لقد واصلت سوريا ٬ بشكل عام ٬ خط معاداة الامبريالية ٬ ورغم الصعوبات لا تزال قائمة الجبهة الوطنية ‒ التقدمية المؤلفة من حزب البعث والحزب الشيوعي السوري ٬ وعناصر سياسية أخرى . ويشترك الحزب الشيوعي السوري في الحكومة” .

ونحن نورد هذه المواقف لزعامة ركاح لكي نحذر منها ولندعو قرائنا الى نبذها . ان من يحاول في هذه الأيام التغطية على الأنظمة في سوريا ومصر بكلام شبه ثوري فانما يخدم الرجعية والبرجوازية في العالم العربي ويعين على ذر الرناد في عيون الجماهير الطامحة الى التحرر من نير الاستغلال من الداخل والخارج ٬ والباحثة عن السبل لتحقيق هذا التحرر .

ان كل طفل يعرف ويدرك معنى خطوات الأسد في الآونة الأخيرة : تعزيز نظام الاستغلال في الداخل وفتح أبواب سوريا للمستغلين الامبرياليين من الخارج ٬ هذه سياسة منافية لمصالح الجماهير وتنفذ خلال تعزيز التحالف بين الطبقات المستغلة (بكسر الغين) في العالم العربي وبين الامبريالية .

أفلا يدرك زعماء ركاح فلنر وطوبي ما يدرك كل صبي ؟ . والجواب كامن في رؤوس الأقلام نفسها التي جاء فيها : “لقد واصلت سوريا ٬ بشكل عام ٬ خط معاداة الامبريالية ٬ بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي ومع بقية الدول الاشتراكية الأخرى” .

ولن نكل من العودة الى تنبيه أصدقائنا الشيوعيين بألا يغرهم التعاون بين أنظمة الاستغلال والاضطهاد وبين الاتحاد السوفييتي ٬ ولا ينبغي بنا أن ننخدع بكون الأسد لا يزال راغبا حتى الان بالاستعانة بالاتحاد السوفييتي . فدولة اسرائيل أيضا تعاونت مع الاتحاد السوفييتي وتمتعت بتزويد السلاح من الكتلة السوفيتية سنة 1948 . فهل غيرت حقيقة التعاون بين اسرائيل والاتحاد السوفييتي الطبيعة الاستعمارية ‒ الاستيطانية للصهيونية وهل حالت هذه الحقيقة دون سياسة الاحتلال والتشريد في تلك السنوات ؟ وهل خلقت صفقات السلاح بين اسرائيل وتشيكوسلوفاكيا دولة مناهضة لللامبريالية ؟

كلنا نعرف الأجوبة . وكذلك فلنر وطوبي يعرفون الحقيقة ٬ لكنهم لسبب ما يؤثرون أحيانا تجاهلها .

ونحن نسألهم : لماذا ؟ لماذا تتهربون من الحقيقة ؟ .