aghourriya

احتفلت اليمن الديمقراطية بالذكرى الثالثة عشرة لانطلاقة الكفاح المسلح .. وهذه هي دروس التجربة .

تمكن اليساريون في الجبهة القومية ٬ الذين حملوا شرف النضال العسكري والسياسي والايديولوجي ابان الكفاح المسلح ومنذ فجر الاستقلال ٬ من طرح شعار رفض “برجوازية الدولة” المستندة الى حكم كبار الضباط المرتبطين بالانجليز ٬ بالتحالف مع فئة التجار الوسطاء بين المنتجات الرأسمالية والسوق المحلية والملاك العقاريين وشبه الاقطاع في الريف .

وبخطوة 22 يونيو 1969 التصحيحية اقصي الحكم الفردي القحطاني ٬ وتم قطع رأس الهرم في الجيش ٬ وطبقت قرارات التأميم على الشركات والبنوك والتجارة الداخلية والخارجية ٬ فأغلقت نافذة الاستعمار الجديد ٬ وبرز الوجه التقدمي لثورة 14 أكتوبر لأول مرة ٬ ومن موقع السلطة السياسية .

*     *     *

سالم ربيع علي (سالمين) ٬ رئيس مجلس الرئاسة ٬ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 

 

وعبر الاصلاح الديمقراطي في الريف ٬ تسلح الفلاحون الفقراء والعمال الزراعيون بقانون الاصلاح الزراعي ٬ وقاموا ‒ تحت قيادة التنظيم ‒ بتطبيقه عن طريق الانتفاضات الفلاحية المتلاحقة التي قضت على ملكية شبه الاقطاع وأغنياء الفلاحين ٬ واشاعت التعاونيات ٬ ودعمت تجربة المزارع الجماعية ومزارع الدولة كحقل اشعاع للخطوة اللاحقة المستقبلية ٬ الثورة الزراعية الاشتراكية في الريف .

وبالانتفاضات سحقت علاقات الانتاج شبه الاقطاعية ٬ وسددت ضربة معطلة للعلاقات الاجتماعية العشائرية ٬ فأصبح الريف ريف الثورة .

المكننة دخلت الريف عبر ورش الصيانة ومحطات التأجير وتأهيل الكادر الزراعي . كل السلع الضرورية وفرها الدكان التعاوني . وبالانخراط في منظمات الميليشيا أصبح الريف مسلحا للدفاع عن الاصلاح الزراعي الديمقراطي . وبذلك أصبح الريف مع اليسار .

*     *     *

ومن أجل تطوير القاعدة المادية في المجتمع ٬ نفذت خطة التنمية الثلاثية ٬ وانجز قسم وافر من الخطة الخمسية القائمة على قاعدة تصنيع الحاصلات الزراعية والثورة السمكية ٬ بالاعتماد على الذات وعلى مساعدات الأصدقاء ٬ والقليل القليل من (الأشقاء) .

وفي هذا الميدان لا مجال للقفز أو الهرولة . انهم يسيرون بخطوات بطيئة ٬ لكنها مدروسة ومخططة وصحيحة ٬ وبالعمل وحده ٬ بالتشغيل الكامل للطاقات ٬ يراكمون الخيرات التي ستحقق رفاهية الشعب في المستقبل .

*     *     *

“ان ثورتنا تلتزم بالفكر الاشتراكي العلمي” .

قالها الرفيق عبد الفتاح اسماعيل ٬ وحققتها وثائق المؤتمر الخامس ٬ والسادس للجبهة القومية ثم تبعها المؤتمر التوحيدي لفصائل العمل الوطني الثلاث [جبهة التحرير والشيوعيين والبعثيين] ٬ فصارت المرشد والموجه لكل تجربة الثورة الوطنية الديمقراطية في اليمن الديمقراطية . رفضوا “الاشتراكية الرشيدة” و”الاشتراكية الاسلامية” و”الاشتراكية العربية” .. وعرفوا ان الاشتراكية واحدة لكنها تأخذ الأشكال المتفاوتة في التطبيق طبقا لخصائص كل بلد ٬ والتسلح بالنظرية الصحيحة نصف الطريق نحو النصر .

ومن أجل تعميقها ٬ وتحويلها الى قوة مادية فعلية في حياة الناس ٬ عن طريق تبني الجماهير لها ٬ افتتحت معاهد العلوم الاشتراكية (المدارس الحزبية) في العاصمة والأرياف ٬ وارسلت عشرات الدورات الى الدول الاشتراكية وخلال التجربة النضالية الميدانية تفتحت براعم التطبيق والابداع .

*     *     *

الحدث الهام والدرس النموذجي في منطقتنا العربية ٬ انجاز توحيد فصائل العمل الوطني الديمقراطي في التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية ٬ كخطوة انتقال نحو بناء الحزب الطليعي . وبسبب القضاء على جذر تكوين الجبهة الوطنية ٬ نتيجة التماثل السياسي والطبقي للقوى السياسية الثلاث ٬ فان الانصهار في منظمة واحدة هو الحل ٬ لهذا سميت التجربة بكوبا العرب تيمنا بتجربة التوحيد الكوبية .

*     *     *

وحتى لا يظل التنظيم مقتصرا في غالبيته العظمى على فئات البرجوازية الصغيرة ٬ تم التوجه الى بناء المنظمات القاعدية في مرافق العمل والانتاج ٬ حتى يتعاظم حجم وفعالية العمال والعمال الزراعيين والفلاحين التعاونيين ٬ الذين كبر دورهم ونما على قاعدة التأميم والاصلاح الزراعي .

*     *     *

وفي الميدان العسكري ٬ تم تسليح الشعب للدفاع عن ثورته ٬ عبر الميليشيا المنظمة في كل محافظة ٬ وعلى قاعدة الكتائب والأولية ٬ لتشكل الرديف الحقيقي للجيش الشعبي .

وتكونت لجان الدفاع الشعبي كنواة للسلطة الشعبية ٬ ولاشاعة الديمقراطية في المجتمع ٬ وأخذت تدخل كل حي وكل قرية ومدينة . وتسلحت بأول دستور ديمقراطي في بلادنا العربية ٬ وبسلسلة من القوانين والاجراءات الثورية .

*     *     *

اتحاد الشباب ٬ الاحتياطي النشط للتنظيم ٬ تتعمق تجربته وتتأصل وتغتني بالممارسة ٬ ويوجه طاقات الالاف المتزايدة من الشباب والشابات نحو العمل الانتاجي والتطوعي والاسهام بمحو الامية والفعاليات الشبابية .

والى جواره تكبر وتنمو فعالية المنظمات الجماهيرية والنقابية ٬ لسائر قطاعات الشعب ٬ وتتوطد المنظمات الديمقراطية في مجال الثقافة والفنون والآداب .. وتتعزز الخطوات الديمقراطية في التربية والتعليم .

*     *     *

هذه هي دراس التجربة الغنية للثورة في اليمن الديمقراطية التي احتفلت بالعيد الثالث عشر لانطلاقتها المسلحة ٬ وعما قريب (30 تشرين ثاني) ستحتفل بالعيد التاسع لاستقلالها المجيد .

تحية لكل السواعد والعقول التي تبني أول سلطة شعبية ديمقراطية في منطقتنا العربية .. ورغم بعدها على الزاوية الجنوبية الشرقية لأسيا ٬ وعلى بوابة المحيط الهندي ٬ فانها فرضت احترامها وتقديرها على كل الثوريين في العالم .

تحية وسلاما لكم أيها الرفاق .

(علي)

[عن مجلة الحرية اللبنانية]

[“لماذا قاموا بتصفية سالمين ؟” – مقال تحليلي عن أحداث يونيو 1978 في اليمن الجنوبية – باللغتين الانجليزية والعبرية]