الاجتماع التأبيني في عرابة, أيار 1976

في الرابع عشر والخامس عشر من أيار قام وفد عن المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية “متسبين” بزيارة لعائلات شهداء يون الأرض الستة, وبوضع أكاليل الزهور على مقابرهم, وشارك الوفد بالاجتماع لاحياء ذكرى الأربعين الذي جرى في عرابة الجليل, والذي نظمته اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي. وضم الوفد أعضاء يهودا وعربا من منظمتنا, وسلم العائلات رسالة تضامن وتليت هذه الرسالة من على منصة الاجتماع.

ولم نكن نحن الوحيدين الذين أعربوا عن تضامنهم مع عائلات الشهداء. فبالاضافة الى كبار ممثلي ركاح, حضر الى اجتماع الأربعين العديد من نشيطي “اليسار الصهيوني” مثل رجال مبام, “هعولام نزه” وموكيد. هذا وكانت جماعات من المواطنين اليهود من حيفا وتل أبيب قد قامت خلال الأيام السابقة للاجتماع بزيارات لقرى الجليل, استمعت خلالها الى مصادر مباشرة عن أحداث يوم الأرض.

وأما عائلة زهيري من مخيم اللاجئين نور شمس قرب طولكرم فقد كان حظها من الزيارات والاهتمام ضئيلا. ذلك لأن نور شمس واقع كما هو معلوم خارج حدود “الخط الأخضر” أي في المناطق التي احتلت سنة 1967, لقد كانت هذه الحقيقة مبررا كافيا لجميع المنظمات والأحزاب الاسرائيلية ما عدا أعضاء “متسبين”, لاهمال عائلة زهيري. اذ أن أفراد العائلة ليسوا مواطنين اسرائيليين, وهي عائلة لا تزيد عن كونها عائلة من اللاجئين الفلسطينيين…

حتى الحزب الشيوعي الاسرائيلي “ركاح” لم يتكلف ارسال وفد رسمي باسمه الى نور شمس. ولئن قام بعض أعضاء ركاح بزيارة لنور شمس, فقد فعلوا ذلك ضمن زيارة لوفود قرى المثلث أو اللجان المحلية للدفاع عن الأراضي في المثلث, ولم يفعلوا ذلك باسم الحزب. هذا وقد امتاز موقف ركاح بالتهرب من مسألة استشهاد زهيري وبرز هذا الموقف واضحا من خلال تركيز ركاح على وصف أحداث يوم الأرض في الجليل.

لقد كان تصرف عائلات الشهداء جديرا بالذكر: فلم يبد أحد حدادا بالمعنى المعروف لهذه العبارة. لقد كانوا جميعا مدركين للمدلول العام لحدادهم الشخصي. لقد قال لنا والد الشهيد من عائلة خلايلة من سخنين على ضريح ولده: “لا نزاع لنا مع اليهود. انما مع السلطات. وضحايا يوم الأرض هي لأجل الشعبين”.

من يمر في الجليل بعد يوم الأرض تصحبه روح نضالية جديدة روح عدم الخنوع وعدم التسليم. قال لنا أحد أهالي عرابة: “أن تكون عربيا فلسطينيا في اسرائيل ليس بالشيء غير المشرف بعد اليوم. لقد أثبتنا في يوم الأرض شدة صلتنا بالأرض وعزمنا الصارم على التشبث بها”.

لقد تجلّت هذه الروح في الاجتماع التأبيني في عرابة. ففي الوقت الذي تكلم أكثرية الضيوف اليهود عن “شعور المشاطرة في الحزن”, كان ممثلو القرى وذوو الشهداء يحدثون عن يوم الأرض ومغزاه, وعن عزمهم على الاستمرار في النضال ضد مخططات السلطات. وكان الجمهور الذي قارب الثمانية آلاف انسان يهتف باستمرار “بالدم بالروح نفديك يا جليل!”

واحتدمت هذه الهتافات لتبلغ أوجها عندما حلقت طائرة هليكوبتر عسكرية فوق الاجتماع. ان هذه “الشجاعة” السلطوية التي تجلت بكل عنف يوم 30 آذار, لم تزد هذه المرة عن مظاهرة ضعف حقيرة.

ولا يكفي الحزن والغضب

عائلة خلايلة      سخنين
عائلة شواهنة    سخنين
عائلة أبو ريا     سخنين
عائلة زهيري     مخيم اللاجئين في نور شمس
عائلة طه           كفر كنا
عائلة ياسين      عرابة

جئنا اليوم الى مقابر شهداء يوم الأرض , لنعبر عن مشاركتنا في عزائكم .

ان أسفنا يشوبه السخط ضد الذين يخططون وينفذون سياسة التفرقة والتشريد والاضطهاد تجاه أبناء الشعب العربي الفلسطيني , وما شهداء يوم الأرض الا أبناء هذا الشعب وضحايا هذه السياسة .

ولا يكفي الحزن والغضب , أننا نضيف الى ذلك ارادتنا الصارمة للاستمرار في الكفاح ضد سياسة التفرقة والتشريد والاضطهاد التي تمارس ضد الفلسطينيين بما في ذلك النضال ضد المخطط العنصري “تهويد الجليل” الذي يهدف الى سلب الأراضي العربية . ان هذا النضال ليس الا مساهمة منا لأجل تطوير نضال عربي- يهودي مشترك , ودفعه الى الأمام , ضد الصهيونية والرجعية العربية والامبريالية .

وفد عن المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية “متسبين”
الجمعة 14 أيار 1976