سهرة في القنطاري . القنطاري الذي يخص البرجوازية اللبنانية الغارقة في العاج والفسيفساء والشهوات . ورجل مندلق الكرش هو ابن رئيس دولة سابق ٬ ترتجف شفتاه وهو يعلك قطعة من لحم الخنزير المستوردة خصيصا من ايطاليا . يتوقف الرجل عن الأكل . يحكي يضحك الجميع .
حوله سيدتان . الغشاتين تبرق برقا تحت الاضواء . وفوقها الحلي والجواهر .
الرجل يتحدث عن ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية !!
مشهد اخر في الجبل لملاك ثري كبير ‒ هنري صفير وحوله جمع من الصحفيين . يتحدث عن محبته للبنان ٬ للجبل ٬ للقيم الفينيقية ٬ عن الاصالة اللبنانية وكراهته للغرباء . ويعلن ان تحت تصرفه مئات المقاتلين .
والى جانبه يجلس الضابط الفرنسي المرتزق “غوديه” . من مؤسسي “تنظيم الجيش السري” الفرنسي لمحاربة استقلال الجزائر ٬ ومدرب ميليشيا السيد صفير . هذا البطل الفرنسي يعلن : “أنا أحب الدماء . التذ لرؤية الدم” . ويروي ان هذا الهوى بدأ في نفسه بعد ان قتل بيده سبعة مدنيين جزائريين .
مشهدان من الفيلم الذي اخرجه الحفيان جوسلين صعب ويورغ ستوكلين وجرى تصويره في لبنان بين مطلع اب وأواسط ايلول الماضي . ومن جملة من تحمله الصحفيان اعتداء غلمان بشير الجميل عليهما ٬ وعلى الصحفي الفرنسي اريك رولو وزوجته ٬ خلال زيارتهم لمخيم ميروبا ٬ باذن من الجميل الاب !
وفيلم “لبنان في الدوامة” مجموعة كبيرة من المقابلات تتخللها بعض المشاهد المتنوعة من الجبل الى الجنوب وبعلبك مرورا بمزارعي التبغ والصيادين وضواحي بيروت .
ويقول النقاد الفرنسيين الذين شاهدوا الفيلم انه برغم تعدد وتشابك القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية ان على الصعيد الاجتماعي أو الديني أو السياسي أو على صعيد المؤسسات الا ان فيلم يورغ ستوكلين وجوسلين صعب يقدم معلومات لا غنى عنها لفهم الوضع اللبناني .
ويلاحظ احد نقاد الصحيفة التقدمية “ليبراسيون” ‒ التحرير ‒ “الهوة الكبيرة بين أكثرية القادة اليمينيين (باستثناء ريمون اده) وبين قادة اليسار الشيوعي خاصة ٬ ويقول ان كلام المسؤولين السياسيين اليمينيين “فارغ ومنحظ” ويصف كلام قادة اليسار الشيوعي بأنه واضح ودقيق ثم يستدرك : “هذه حقيقة واقعة ولا يعرفها حتى الان الا قليل من الناس وسوف يساعد هذا الفيلم على نشرها” .
ويضيف هذا الناقد ان هذا الفيلم يشكل فعلا مادة لفهم الأحداث التي تجري منذ سنة على الساحة اللبنانية خاصة بعد الاستماع الى الكلام “المروع بجنونه” الصادر عن بطرس الجميل أو خليل الخوري أو شربل قسيس .
هذا الفيلم كان قد انتج أصلا لحساب التلفزيون الفرنسي ولكن الرسميين في الشركة الفرنسية رفضوا عرضه على الشاشة الصغيرة .
فيلم اخر اذن … عن لبنان … ولا امل للبنانيين بأن يشاهدوه .