shaar76H

موجة جبارة من المقاومة الشعبية اجتاحت مدن وقرى الضفة الغربية . لقد خرج أهالي الأرض المحتلة بألوفهم لمقاومة الاحتلال . في جنين ٬ نابلس ٬ طولكرم ٬ قلقيلية ٬ أريحا ٬ رام الله ٬ بيت لحم والخليل ٬ وتصدرتها القدس المحتلة والملحقة . وشملت المظاهرات أماكن لم تعرف من قبل لقارئ الصحف العبرية . ورغم وسائل القمع الوحشية واستخدام الشرطة وحرس الحدود وجرح واصابة واعتقال المئات من المناضلين ٬ فقد صمدت المظاهرات وتكررت يوميا .

فماذا جرى ؟ فهل ترجع هذه الموجة الأخيرة من المقاومة الى قرار تلك القاضية الاسرائيلية المجهولة التي أحلت لليهود اقامة الصلاة في حرم الأقصى ؟

ان هذه الاقاصيص ترمى الى تحويل الأنظار عن الاحتلال والاضطهاد والتشريد الزاحف ‒ دونم هنا ودونم هناك ‒ والاستيطان الجديد “القانوني” و”غير القانوني” . وبهذا المعنى كتبت “دفار” (16.2.1976):

“لقد جاء قرار القاضية الاسرائيلية في الوقت الذي كانت فيه مظاهرات الطلاب الثانويين على أشدها في نابلس ورام الله ٬ احتجاجا على النقض الأمريكي في مجلس الأمن . وقد سادت الاضطرابات أواسط الجمهور العربي في الضفة طيلة الأسابيع الاخيرة . وجاء قرار المحكمة (القاضي بالسماح لليهود الصلاة في حرم الأقصى) في غمرة هذه الأحداث : المباحثات في الجمعية العامة ومجلس الأمن ٬ مصير الفلسطينيين في حرب لبنان ٬ اقتراب الانتخابات (في الأراضي المحتلة) وانعقاد البرلمان الأردني لفترة قصيرة ٬ واستئناف النشاط الأردني في المناطق” .

وأضاف مراسل “دفار” : “لقد جرّب عرب المناطق دولة اسرائيل وسلوكها في السنوات الأخيرة : ففي البداية منعت السلطات الاستيطان في شومرون (منطقة نابلس) وأخرجت مستوطني سباسطية ٬ ثم أقيم معسكر الاستيطان في قدوم . وهكذا جرى للاستيطان في الخليل حيث اقيمت هناك قريات أربع . لذلك فمن الصعب تهدئة الأوضاع هذه المرة”!ّ وجاء في العدد نفسه : “المطالبة بوقف الاستيطان في المناطق ٬ واطلاق سراح المعتقلين ٬ كانت من الشعارات التي رفعها المتظاهرون” .

ولكن ذلك لا يقلل من مسؤولية شباب بيتار (حركة شباب اليمين الصهيوني) في تأجيج الكراهية بين أبناء الشعبين ٬ وسجلت هذه الحركة تاريخا طويلا من تحمية الجو في ظروف حرجة . فعلى سبيل التذكير ٬ قام رجال بيتار بمظاهرة استفزازية “لتحرير الأماكن المقدسة” في القدس القديمة ٬ وذلك في الأسبوع الذي سبق “حوادث” سنة 1929 .

ان أبعاد النضال وطابعه تطرح أسئلة مهمة :

هل أنت تؤيد استمرار الاحتلال والاضطهاد أم هل تعارضهما ؟ هل أنت تعترف بالحقوق الانسانية والقومية للشعب العربي الفلسطيني ٬ أم تتنكر لها ؟ وهل أنت تؤيد تفوق شعب على غيره من الشعوب أم تؤيد المساواة بين الشعوب . وما هي قيمة الحديث عن السلام طالما أنك تطالب بحقوق لشعبك وتنكرها على الشعب الآخر .

طريق السلام هو النضال ضد الاحتلال والاضطهاد والاعتراف بالحقوق الانسانية والقومية للشعب العربي الفلسطيني والمساواة بين الشعوب والاعتراف بحقوقهم .

وليكن واضحا : المسألة ليست بالمسألة الاخلاقية المبسطة ٬ ولا بالعدالة المجرّدة وما هي بالشفقة . انها قضية حياة أو موت لكل واحد منا .