[سعيد حمامي ٬ ممثل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح اغتيل في لندن يوم 4 كانون ثاني 1978]

موشه : أود يا سعيد ان أبدأ بطرح الأسئلة المتعلقة بهدف منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) للمدى البعيد ٬ الا وهو اقامة دولة علمانية ديمقراطية واحدة .

السؤال الأول بسيط جدا : في خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة ٬ وكذلك في مقالك عن “استراتيجية فلسطينية من أجل التعايش السلمي” (الذي نشرت ترجمته العبرية في اسرائيل من قبل “متسبين” و”نضال”) ٬ تقولون انكم سترحبون باليهود المتواجدين حاليا في اسرائيل لو أرادوا البقاء شريطة ان يوافقوا على العيش بمساواة تامة مع العرب الفلسطينيين . من جهة أخرى ٬ هناك البند السادس من الميثاق الفلسطيني . فكيف يتلائم هذان الموقفان ؟

سعيد : صدقت عندما قلت ان هذا الحل يجب ان يكون للمدى البعيد بمعنى انه لا يمكن ان يحدث غدا . نقول في البند السادس ان جميع اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل العدوان الصهيوني هم فلسطينيون . اما متى بدأ العدوان الصهيوني فهذا لم يرد في الميثاق . لو قلنا ان العدوان الصهيوني بدأ عام 1917 فمن الصحيح ان اليهود الذين عاشوا أنذاك في فلسطين هم فلسطينيون . وحتى لو قلنا ان العدوان الصهيوني بدأ في عام 1948 . فمن الصحيح عندها أيضا ٬ ان اليهود الذين عشوا أنذاك هناك هم فلسطينيون . ففي ذلك الوقت لم تكن دولة اسرائيل قد وجدت بعد . لقد وضع الميثاق الفلسطيني عام 1964 واعتبر حينئذ خطوة هامة الى الأمام في فهم الفلسطينيين للجمهور اليهودي في فلسطين ٬ في الشرق الأوسط ٬ في اسرائيل . قبل عام 1948 اعتبرت القيادة الرجعية ‒ المفتي وغيره ‒ اليهود الذين عاشوا بشكل دائم فقط في فلسطين (في القدس القديمة في طبريا .. الخ) فلسطينيين ٬ ولا حق لسواهم في البقاء هناك وان عليهم ان يعودوا . في عام 1964 قال الشقيري وقال الميثاق ان جميع اليهود الذين جاءوا قبل العدوان الصهيوني فلسطينيون . وكان هذا ٬ في ذلك الحين ٬ خطوة الى الأمام اذ ان الميثاق لم يعتبر اليهود طائفة دينية تناهضنا كطائفة دينية . ليس ذلك قضية جهاد مقدس .

لغاية عام 1970 كان الميثاق الفلسطيني الوثيقة الفلسطينية الأساسية الموثوقة الوحيدة . في عام 1970 قرر المجلس الوطني الفلسطيني في البرنامج السياسي ان جميع اليهود الذين يعيشون في اسرائيل ٬ بوسعهم ان يصبحوا مواطني الدولة الديمقراطية التي نكافح من أجلها .

موشه : اذن ٬ هل النص الوارد في برنامج 1970 ساري المفعول بدلا من البند السادس في الميثاق ؟

سعيد : طبعا . انني أقرأ في الدعاية الصهيونية اننا نقول ٬ على حد زعمهم ٬ انه سيسمح بالبقاء فقط لأولئك اليهود الذين كانوا هناك قبل العدوان الصهيوني . حقيقة واقعية وهي ان اليهود الذين كانوا هناك قبل العدوان الصهيوني فقط يعتبرون فلسطينيين . فما يخص اليهود الذين وفدوا بعد ذلك ٬ فان الجواب موجود في البرنامج السياسي من عام 1970 وقد وصل الى مسامع الجميع في خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة عندما قال : عندما أفكر بفلسطين المستقيل فانني أقصد جميع اليهود الذين يعيشون هناك ويرغبون في العيش معنا بانسجام وسلام” .

موشه : في مقالك حول الاستراتيجية الفلسطينية ٬ كذلك في بعض المقالات الأخرى التي كتبها أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية ٬ تتحدثون عن اليهود الاسرائيليين كشعب وليس كطائفة دينية فحسب . في الماضي اعتاد الناطقون الفلسطينيون اعتبار يهود اسرائيل طائفة دينية فحسب ويظهر هذا جليا في نص “دولة علمانية ديمقراطية يعيش فيها جنبا الى جنب المسلمون واليهود والمسيحيون” . في هذا النص الذي كثر استعماله ٬ يذكر “اليهود” على مستوى واحد مع “المسلمين” و”المسيحيين” أي كطائفة دينية . اننا نعتبر ذلك خطأ . أولا ٬ غالبية يهود اسرائيل غير متدنية ولا تعتبر نفسها وحدة دينية وانما قومية . ثانيا ٬ من جهة موضوعية يتمتع الجمهور اليهودي في اسرائيل بطابع قومي وله المميزات القومية العادية وخاصة اللغة . اننا نرفض بالطبع ٬ الادعاء الصهيوني القائل بأن جميع يهود العالم يشكلون قومية واحدة . لكن حسب رأينا فان يهود اسرائيل يشكلون قومية . صحيح ان هذه القومية قد تكونت بشكل اصطناعي عن طريق الاستيطان الصهيوني وخلال هذه العملية لحق الجور والظلم بالشعب العربي الفلسطيني ٬ لكن ٬ كما ان الهضبة التي وجدت ليس بفعل العوامل الطبيعية وانما بواسطة بلدوزر هي بالرغم من ذلك هضبة ٬ كذلك فان الشعب الذي تكون خلال عملية اصطناعية هو أيضا شعب ويجب أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار . وعليه فالسؤال هو كيف يستطيع الطابع القومي للشعب اليهودي الاسرائيلي ان يعبر عن نفسه ويتخذ وضعا شرعيا في دولة ديمقراطية متجانسة . لهذا السؤال جانب آخر يتعلق بالعرب الفلسطينيين : هم أيضا يشكلون شعبا ذا طابع قومي خاص . ما هي تصوراتك حول الشكل الذي يستطيع به هذان الكيانان القوميان ان يعبرا عن نفسيهما في دولة مشتركة واحدة ؟

سعيد : حسنا . كما قلت انت ٬ ففي رأيي وفي راي جميع الفلسطينيين التقدميين يشكل يهود اسرائيل الذين يعيشون حاليا في فلسطين شعبا ٬ شعبا جديدا تكون خلال خمسين عاما من الصراع ولكن بشكل خاص منذ أواسط الأربعينات تقريبا وحتى يومنا هذا . هناك طبقة عاملة اسرائيلية ٬ هناك تنظيمات اسرائيلية تقدمية . الواقع ٬ اذن ٬ ان هناك شعبان اثنان : الشعب العربي الفلسطيني والشعب اليهودي الاسرائيلي . وكل منهما يطالب بحقه في فلسطين : أنا أعتقد بأننا نحن ننتمي لفلسطين وان فلسطين بلدنا . أعلم أيضا ان كل يهودي اسرائيلي حقيقي ٬ خاصة اذا ولد هناك وعاش لسنوات عديدة هناك ٬ يؤمن ان هذا وطنه وبلده هو . انا لا القي عليهم تبعة اعمال “حيروت” وما الحقته ببلدي المنظمات الصهيونية الرجعية والارهابية حتى انني لا اتهم الجيل الاسرائيلي الحالي بما الحقه اباؤهم بي شخصيا عندما طردوني من بلدي . لكن عليهم ان يعرفوا اننا أيضا شعب وان لنا حق في البلاد . ليس هناك فلسطيني تقدمي واحد يستطيع ان يقول لليهودي الاسرائيلي : “لا حق لك في هذه البلاد” .

لكن لا يستطيع أي يهودي اسرائيلي ان يقول للعربي الفلسطيني : حقي في هذا البلد أكبر من حقك” . ربما كان حقنا في فلسطين أكبر بقليل من حق اليهود الاسرائيليين .

الواقع ان كلا منا قائم كشعب . السؤال هو ما اذا كان الصراع هو العلاقة الممكنة الوحيدة بين هذين الشعبين . جوابي : بكل تأكيد ٬ لا . لقد بدأ الصراع نتيجة لسياسة واطماع عملاء الاستعمار في كلا الجانبين : الصهاينة الرجعيين والعرب الرجعيين . والسؤال المطروح حاليا هو : كيف نتوصل الى سلام بين الطرفين أي بين العرب الفلسطينيين واليهود الاسرائيليين . كلاهما يؤمن انه ينتمي الى بلد نفسه . وعليه ٬ فالجواب البسيط هو ان يتعايشا في هذا البلد .

كيف يستطيع شعبان لهما لغتان مختلفتان وثقافتان مختلفتان ان يعيشا سوية ؟ ‒ في دولة علمانية ٬ في دولة ديمقراطية ٬ في دولة غير طائفية أو ربما في دولة ثنائية القومية . لكن يجب عليهما ان يعيشا سوية في بلد واحد . يبدو ان تقسيم فلسطين بين الشعبين هو خطوة أولى أعتقد انها خطوة ضرورية لا مفر منها سواء شئنا ام ابينا . أتذكر يا موشه اننا تحدثنا فيما بيننا حول هذا الموضوع قبل سنوات ; كانت لدينا حينذاك اراء مختلفة .
في رأيي يجب تقسيم البلاد كخطوة أولى وفقط كخطوة أولى ٬ اذ انه من الهزؤ الاعتقاد ان تبقى منطقة صغيرة كهذه مشطورة الى دولتين أبديا . اذا وقف المرء على جبال السلط يستطيع رؤية جميع البلاد من بيسان الى وادي العربة . وخلال نصف يوم تستطيع ان تجوب البلاد في سيارة من أقصاها الى أقصاها . اذا استثنينا النقب ففلسطين بلد صغير جدا لا يستطيع ان يكون دولتين مستقلتين تتمكنان من البقاء على المدى البعيد . ولكن في سبيل السلام بين الشعبين يجب ان تكون هناك دولتان كخطوة أولى . وانطلاقا من هذه الخطوة الأولى ٬ أعتقد ان الحل سيكون بأيدي القوى التقدمية في كل من الطرفين .

موشه : لكن لنفترض انا أفلحنا في توحيد هاتين الدولتين ‒ وكلامي الآن عن المستقبل ‒ فكيف يجد الطابع القومي المختلف للشعبين تعبيره في اطار دولة مشتركة ؟ انني أطرح هذا السؤال خاصة وان المعادلة التي كانت شائعة لدى المتحدثين باسم م.ت.ف حول “دولة علمانية ديمقراطية يعيش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون جنبا الى جنب” قد لقيت معارضة في أوساط الكثيرين من الاسرائيليين ذوي النوايا الحسنة أيضا ٬ اذ قالوا تقريبا ما يلي : “العرب الفلسطينيون يخوضون حرب تحرير وطنية ويعتبرون أنفسهم مجموعة قومية . لكنهم من ناحية أخرى يعتبرون اليهود طائفة دينية فحسب . يبدو ٬ اذن ٬ انهم ينفون الوجود القومي لليهود الاسرائيليين ولا ينوون السماح بكيان كهذا في اسرائيل” .

انك تتكلم مؤخرا بشكل واضح عن يهود اسرائيل كشعب . وعليه فمن الممكن سؤالك يا سعيد : هل سيكون هنالك مكان في اطار الدولة الواحدة العتيدة التي تتصورها ٬ لمؤسسات قومية للتعبير عن الثقافات القومية المختلفة واللغات المختلفة .. الخ ؟

سعيد : أجل هذا مكتوب في برنامجنا السياسي . ستكون هناك حرية التعبير عن الرأي وحرية العقيدة . لن يكون تمييز قومي . وسيكون للجميع الحق في اقامة التنظيمات السياسية والقومية الخاصة بهم . انني أذكر اننا اثناء النقاش الذي دار حول البند الأول من برنامجنا السياسي عام 1971 تناقشنا لمدة يومين على كلمة “قومي” وهل نوافق على ان يهود اسرائيل يشكلون شعبا ويتمتعون بحق اقامة تنظيم قومي خاص بهم ضمن اطار فلسطين المستقبل . ولقد وافقنا على ذلك .

أتذكر يا موشه اننا كنا نتحدث عن هذا الموضوع في الماضي ؟ سألتك كيف يعرف اسرائيلي معاد للصهيونية اليهود المتواجدين في اسرائيل وأذكر انك استعملت مرة تعبير “جمهور الناطقين بالعبرية” . ولقد استعملت بنفسي هذا التعبير لفترة من الزمن . اما الآن ٬ ونتيجة للمحادثات الدائمة بينك وبيني حول هذا الموضوع نستطيع ان نسمي هذا الجمهور “الشعب اليهودي الاسرائيلي” .

كما سبق وقلت فان البرنامج الفلسطيني قد تبنى الرأي القائل بمنح اليهود الاسرائيليين حق اقامة تنظيمهم القومي في فلسطين المستقبل الموحدة وحفظ لغتهم وتقاليدهم وعقيدتهم وثقافتهم . وبما اننا وافقنا على ان هذه الدولة ديمقراطية ٬ فيجب ان تكون ديمقراطية حقيقية وليس ديمقراطية تمنح فيها الامتيازات للبعض في حين يميز ضد الآخرين .

موشه : وطبيعي انه لا يجوز مطالبة العرب الفلسطينيين قطع علاقاتهم واتصالاتهم مع بقية العالم العربي .

سعيد : طبعا . انني أعرف جيدا ان معظم اليهود الاسرائيليين يخشون من ان يكونوا أقلية بين العرب . لكن هناك حقيقة يجب ان يدركها جميع الاسرائيليين : فلسطين موجودة في الشرق الأوسط ٬ في ذلك الجزء المسمى “الوطن العربي” وسيكون لهم ‒ ولجميع الأقليات غير العربية الموجودة في الوطن العربي ‒ الحق في تقرير المصير ٬ بحيث لا يتناقض هذا الحق مع مصلحة الغالبية العظمى . يجب على جمهور الناطقين بالعبرية الموجودين في اسرائيل اليوم وفي فلسطين الغد ان يقر بحقيقة انهم موجودون في الشرق الأوسط وليس في أوروبا ٬ أي انهم جزء من العالم العربي . في اصطلاح “العالم العربي” ليس من اختراعي بل هكذا سميت المنطقة طوال مئات السنين . اليهود الاسرائيليون شعب شرق أوسطي . انني أعلم ان الصهاينة الرجعيين المتغطرسين بشكل خاص لا يستطيعون هضم هذه الحقيقة ولا يريدون مواجهتها . لو كانت هناك أية احتمالات بقاء لاسرائيل ٬ ولو كانت ثمة احتمالات للشعب الاسرائيلي بأن يقبله جيرانه العرب ٬ فان ذلك سيتأتى لو أقر الشعب الاسرائيلي بهذه الحقيقة وتصرف وفقا لذلك .
انني كانسان تقدمي ٬ ومنظمة التحرير كمنظمة تقدمية أعتقد ان لليهود الاسرائيليين ‒ تماما كما للأكراد ولبقية القوميات غير العربية القاطنة في الوطن العربي ‒ الحق في الحفاظ على لغتهم وفي اقامة تنظيماتهم السياسية ونقاباتهم المهنية وفي المحافظة على ثقافتهم ودينهم وفي ممارسة تقاليدهم وفي دراسة تاريخهم وحتى في اقامة علاقاتهم مع غير العرب المتواجدين خارج العالم العربي . في رأيي ان لأكراد العراق الحق في اقامة علاقات مع لأكراد تركيا والاتحاد السوفياتي …

موشه : أعتقد ان حق القوميات في انشاء نقابات مهنية خاصة بها هو أمر غير وارد في هذا الصدد . لأن النقابات المهنية هي ‒ أو ينبغي بها أن تكون ‒ نقابات طبقية ٬ ويجب ان تركز على تنظيم طبقي فوق ‒ قومي .

بمناسبة ذكرك الأكراد ٬ يا سعيد ٬ هناك من يحاول الاستخلاص من تجربتهم الكئيبة ان التعايش مستحيل : فالأكراد موجودون في العراق وهم مضطهدون ولا يحترم حقهم في تقرير المصير . كذلك فان كثيرا من الصهاينة يتخذون من الحوادث في لبنان برهانا على فشل الحياة المشتركة في مجتمع تعددي (بلورالي) .

سعيد : بالنسبة للأكراد فالأمر بسيط جدا . هناك تصريح صدر عن اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية يعرب عن تأييدها للحركة الوطنية الكردية ويندد بالتعاون الذي جرى بين العناصر الرجعية في القيادة وبين شاه ايران . لقد كنا أول قوة عربية تحذر الشعب الكردي من مغبة الوقوف الى جانب نظام رجعي كنظام الشاه وقلنا بان ذلك سيجلب الدمار على مصالح شعب كردستان باسره . استطيع القول باعتزاز : نحن ٬ الفلسطينيون ٬ قد توصلنا الى هذه النتيجة على ضوء تجاربنا منذ بداية التمرد الكردي وقلنا لنه لكي يصبح للشعب الكردي مستقبل أفضل في كردستان فانه يتحتم على حركة تحررهم الوطني ان تقف الى جانب حركة التحرر الوطني العربية وليس مع شاه ايران . نحن نؤيد حق الأكراد في تقرير المصير .
الآن ٬ بالنسبة للبنان . لبنان ليس دولة علمانية …

موشه : أجل لكنه دولة مؤلفة من جماهير (فئات) مختلفة كان بينهم نوع من التنسيق للعيش المشترك . ويبدو ان ذلك لم يكتب له النجاح .

سعيد : نعم ٬ ذلك لم يكتب له النجاح لسببين : أولا لأن ذلك ليس علمانيا ٬ ثانيا لأن ذلك لم يكن اشتراكيا .

ان الدولة التي يجب ان يكون رئيسها مارونيا ورئيس حكومتها مسلما سنيا ورئيس برلمانها مسلما شيعيا والقائد الأعلى لجيشها مارونيا ورئيس الاركان درزيا ٬ دولة كهذه ليست ٬ ولا يمكن ان تكوم ٬ علمانية . رأيي ان سفك الدماء في لبنان تمتد جذوره الى الميثاق الوطني اللبناني ٬ الى ما يسمى “الاتفاق الجنتلماني” بين رؤساء الطوائف الدينية . هؤلاء الرجال لم يكونوا متدينين حقا بل كانت هناك مصالح طبقية فقط . هذا يسوقنا الى النقطة الثانية : هذه الدولة لم تكن اشتراكية . لبنان كان دولة فساد . ما حدث مؤخرا في لبنان كان حتميا . ففي مجتمع بلغ فيه ثراء الأغنياء حدا كبيرا خاصة في السنوات الخمس الأخيرة ٬ كان هذا الأمر متوقعا . اما القول بان النزاع نشب بين المسيحيين والمسلمين والدروز فهذا غير صحيح . زعيم الكتائب المارونية اليمينية هو بيير جميل وهو بالفعل ماروني . حسنا ٬ لكن نائبه كاظم خليل مسلم شاعي من الجنوب ٬ من صور . زعيم التكتل اليساري ‒ “المسلم” كما يزعمون ‒ليس مسلما . انه درزي : كمال جنبلاط . زعيم آخر لهذا التجمع اليساري هو مسيحي : نيقولا شاوي الشيوعي . زعيم مسيحي أخر لهذا التجمع هو جورج حاوي . اما القول بان ذلك كان مواجهة بين المسلمين والمسيحيين فهو خطأ وتضليل في نفس الوقت . لو قرأت ما تكتبه الصحف حسبت ان النزاع بين المسلمين والمسيحيين لكنك لو عشت هناك خمسة أسابيع لقلت “والله ٬ من المحتم ان تشب يوما ما حرب أهلية” . لو رأيت العمارات الضخمة ومناطق الشراء الفخمة في بيروت وكل تلك الفخفخة الغربية ٬ ومن ثمة سافرت لمدة خمس دقائق فقط لرأيت الأحياء الفقيرة ٬ التخشيبات التي يسكنها اللبنانيون . ان عدد اللبنانيين الحقيقيين الذين يعيشون في المخيمات يبلغ ضعفي عدد أمثالهم من الفلسطينيين .

موشه : لننتقل الآن الى قضية تتعلق بالمدى القريب . أود ان أسألك عن مطلب م.ت.ف الداعي الى اقامة سلطة فلسطينية مستقلة في المناطق التي ستضطر اسرائيل الى اخلائها : وذلك كمرحلة انتقالية تمهيدا لاقامة دولة واحدة في فلسطين . وكما قلت في مقالك ٬ فانك تأمل ان تتحقق المرحلة الثانية مستقبلا بالطرق السلمية . كيف تقدر الآن ٬ أي بعد حرب أكتوبر بعامين ٬ واقعية هذا المطلب ؟ الى أي مدى يبدو لك واقعيا ؟ معروف ان السوفييت يدعمون هذا المطلب ٬ فماذا بشأن الأمريكان ؟ هل يؤيدون هذا المطلب أيضا ؟ ألديك علم بخطوات ما قد اتخذها الأمريكان اشارة الى تأييدهم لتسوية كهذه ؟

سعيد : هناك أمر يجب ان يكون معروفا جيدا اننا اذ نطالب باقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وفي غزة أي في المناطق التي ستنسحب منها اسرائيل ٬ فاننا بذلك لا نقوم بخطوة مساومة وانما واقعية . وسواء كانت هناك تسوية سلمية أم لا ٬ يجب ان نعترف بحقيقة ان هناك شعب يهودي اسرائيلي ٬ ويجب عليهم ان يعترفوا بحقيقة ان هناك شعب عربي فلسطيني . لكي يصبح بالامكان تعايش هذين الشعبين في دولة واحدة ٬ يجب ان تقام ٬ كمرحلة أولى ٬ دولتان . لم يؤيد السوفييت ذلك بادئ الأمر . لكننا مسرورون الآن جدا لأنهم يفهموننا بشكل أفضل . ومؤخرا كتبت صحيفة “البرافدا” ان القضية المركزية في الصراع هي قضية الحقوق المشروعة لشعب فلسطين وانه لن يكون سلام في الشرق الأوسط طالما ان الصهيونية موجودة . هذا تغيير كبير بالنسبة للاتحاد السوفييتي .

الأمريكان ما زالوا يقولون انهم لن يتحدثوا مع الفلسطينيين ما لم يعترفوا بدولة اسرائيل كدولة مستقلة واذا لم يضمنوا أمنها وسلامتها واستقلالها في المستقبل . لم نحاول مطلقا انشاء اتصال مع الأمريكان بل هم حاولوا الاتصال بنا بشكل غير مباشر وأعربوا عن رغبتهم في اجراء محادثات خاصة سرية . لقد قلنا : “لا ٬ اذا أردتم التكلم معنا فليكن ذلك علانية . اذا قمنا بعمل ما فاننا لا نخجل به : وعليه فلماذا نقوم بذلك سرا ؟ لا محادثات ولا صفقات سرية !” وطالما ان نضالنا مستمر فسيجيء اليوم ‒ وربما كان ذلك قريبا ‒ الذي يفهم فيه الأمريكان انهم اذا أرادوا درء الحرب لأسباب خاصة بهم ٬ فعليهم التحدث الينا . وأتوقع ان هذا اليوم سيكون قريبا .

موشه : كما نعرف ٬ هناك في الحركة الفلسطينية تيارات تعرف باسم “جبهة الرفض” تعارض مطالب انشاء دولة فلسطينية في المناطق التي ستضطر اسرائيل الى اخلائها . ومن بين هؤلاء “الجبهة الشعبية” بقيادة جورج حبش وكذلك مجموعة أحمد جبريل . وعندنا أيضا ٬ في اليسار الاسرائيلي ٬ يوجد أيضا من يعلن عن معارضة مماثلة . ويوجد في الخارج اسرائيليون يساريون قلائل لا يمثلون أي جسم منظم يعارضون بشكل عام مبدأ تقرير المصير ليس فقط للعرب الفلسطينيين أو لليهود الاسرائيليين انما بشكل عام وبالنسبة لأي شعب كان . في اسرائيل نفسها توجد منظمة تروتسكية انشقت عن “متسبين” قبل أربع سنوات تقريبا وأصبحت الفرع الاسرائيلي “للأممية الرابعة” التروتسكية (حصل في بعض الأحيان خلط بين هذه المنظمة وبين “متسبين” لأنهم يسمون أنفسهم أحيانا “متسبين” رغم ان خطهم السياسي يختلف عن خط “متسبين” الحقيقي) . هؤلاء التروتسكيين أيضا يعارضون مطلب اقامة دولة فلسطينية بالرغم من انهم يؤيدون بوجه عام مبدأ تقرير المصير .

يقول المعارضون أحيانا ان اقامة دولة فلسطينية في المناطق المحتلة التي سترغم اسرائيل على اخلائها ٬ ما هي الا أحد عناصر تسوية شاملة ٬ “سلام أمريكي” ٬ تسوية استعمارية في منطقة الشرق الأوسط . ويقولون أيضا ان مطلب اقامة دولة فلسطينية لن يكون له معنى بمعزل عن هذه التسوية الاستعمارية . ولذلك بقولون بان م.ت.ف برفعها هذا المطلب فانها تجعل من نفسها متواطئا مع الاستعمار . هذه الأقوال تصدر من طرفي الحدود . فما قولك ؟

سعيد : ان الذين يدعون ذلك ينقسمون الى نوعين من الناس . الوع الأول يتكون من عملاء أميركيين يريدون ان “يبيعوا” للشعب الفكرة القائلة ان أي أمر في العالم لا يحصل الا اذا حظي بموافقة (او. كي.) أميركية . فاذا اقيمت دولة فلسطينية فبسبب ال (او. كي.) الأميركي وان لم تقم ٬ فذلك لأن الأميركيين لا يريدون ذلك . أي ان الأمريكان هم مثل الله . فانسحابهم من جنوب شرث اسيا ناتج عن عقدهم صفقة مع الروس . واذا كان الآمر كذلك ٬ فمعناه ان على الشعوب ان تذهب لتنام قريرة العين دون ان تحرك ساكنا ٬ اذا ان الدول العظمى تعمل كل شيء . انه لرأي خطير جدا وأنا أشك دوما في الذين يبشرون به .

النوع الثاني من الأشخاص الذين يتكلمون هكذا يتكون من فوضويين أو من جهلة لا يفقهون معنى النضال الشعبي . ان من يحضر الى الشرق الأوسط ٬ الى أي مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان ويرى هناك الشعب ٬ يرى كيف يتدرب وكيف يتصرف وكيف ان معنوياته عالية ٬ ويحاول ان يتذكر ويقارن ذلك بما كانت عليه الأحوال قبل عشر سنين على سبيل المثال ٬ يفهم التغيير . لقد طرأ هذا التغيير نتيجة لنضال طويل ودموي . واذا كان باستطاعتنا ٬ انت وأنا ٬ ان نرى ذلك فلا شك في ان الأمريكان قادرون على رؤيته أيضا . اذا تحقق مطلبنا في اقامة دولة فلسطينية ‒ وامل ان يتم ذلك قريبا ‒ فان ذلك سيكون نتيجة نضال الشعب الفلسطيني الدموي . اما أولئك القائلون بانه سيكون جزءا من “سلام أمريكي” فجوابي لهم هو : الاستعمار ٬ وبشكل خاص الاستعمار الأمريكي لم يمنح لأي شعب كان في أي يوم من الأيام وطنا أو أي شيء حسن آخر . ان ما أعرفه هو ان الاستعمار يعطي الشعوب النابالم والموت والمدن المهدومة والبلدان المدمرة وسفك الدماء لكنه لا يعطيها دولا . اما اذا تحول الاستعمار الأمريكي الى جمعية خيرية تمنح دولة فلسطينية ٬ واستقلالا لشعوب جنوب شرق آسيا ٬ فعندها يتوجب علينا ان نغير رأينا في الاستعمار . باختصار : أولئك الذين يقولون ان تحرير الفلسطينيين لأي جزء من أرضهم واقامتهم دولة مستقلة عليه سيكون جزءا من صفقة أمريكية ٬ يجب ان يذهبوا لرؤية المقاتلين الفلسطينيين المناضلين من أجل ذلك على مدى عشر سنوات . وان لم يقنعهم ذلك ٬ فلن يقنعهم أي شيء آخر .

موشه : رأيي أيضا ‒ وأعتقد انه الرأي السائد في “متسبين” ‒ انه لا يوجد احتمال حقيقي بان يقدم الأمريكيون أية دولة مستقلة للفلسطينيين “على طبق من فضة” ويكمن السبب في ماهية العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل وفي معارضة القيادة الصهيونية المبدئية والأساسية لاقامة دولة فلسطينية .

اليوم ٬ وبعد حرب أكتوبر 1973 ٬ فان اسرائيل لم تعد الحليف الوحيد للولايات المتحدة في المنطقة لكنها ما زالت الحليف المضمون والقريب أكثر من غيره . هناك الآن حلفاء للولايات المتحدة من بين الأنظمة العربية . غير ان العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية ستبقى في الأساس علاقات استغلال . وعليه ٬ فحتى لو كان النظام في بلد عربي ما مستعدا في هذه الفترة للتعاون مع الولايات المتحدة ٬ ستبقى في هذا البلد قوى اجتماعية هامة ٬ قوى تاريخية تهدد دوما بتغيير سياسة هذا البلد في اتجاه معاد للاستعمار . بالنسبة لاسرائيل فالوضع يختلف : اسرائيل ليست مستغلة (بفتح الغين) اقتصاديا من قبل الاستعمار وانما تتلقى المعونات المالية منه . لذلك ٬ فطالما ان الاستعمار موجود في المنطقة وقادر على دعم اسرائيل فانها تشكل حليفا أكيدا ومضمونا له . وعليه ٬ فحتى لو كانت الولايات المتحدة على استعداد للضغط على حكومة اسرائيل ولفرض بعض التنازلات عليها هنا وهناك ٬ أعتقد ان هذا الضغط لن يصل الى درجة التخلي عن أمور تعتبرها القيادة الصهيونية الاسرائيلية أمورا مبدئية وجوهرية .
رأيي ان معارضة اقامة أية دولة فلسطينية مستقلة ٬ تشكل قضية مبدئية ورئيسية بالنسبة للقيادة الصهيونية . سبب المعارضة لا يمكن في خوفهم عسكريا من هذه الدولة على المدى القريب . الأمر أكثر مبدئية وجذرية من ذلك . ان الشرعية الصهيونية لانشاء دولة اسرائيل كدولة صهيونية اعتمدت دوما على “الحق التاريخي” المزعوم لجميع يهود العالم في فلسطين وليس على حق اليهود الموجودين هناك حاليا في تقرير مصيرهم . من وجهة النظر هذه ٬ فالاعتراف بان هناك شعب آخر في البلاد ٬ الشعب العربي الفلسطيني ٬ له مطلب قومي مشروع في البلاد ٬ يعني زعزعة أسس شرعية الصهيونية وتبريراتها .

يبدو لي ان هذا الأمر جوهري ومبدئي تماما بالنسبة للغالبية الساحقة من القادة الصهاينة سواء في الحكومة أم في المعارضة اليمينية . وبسبب أهمية اسرائيل للمصالح الأمريكية في المنطقة أعتقد ان الولايات المتحدة لن تسارع في ان تفرض على اسرائيل تنازلا حول هذا الأمر الذي قد يصر عليه النظام الصهيوني بعناد . لذلك استنتج ان الدولة الفلسطينية ليست شيئا سيمنحه الأمريكان طواعية للشعب الفلسطيني . دولة كهذه ستقدم نتيجة للنضال ومما قلته انت سابقا ٬ أفهم انك تفكر بشكل مماثل .

سعيد : أجل ٬ بالطبع ٬ وهذا النضال قد يطول وسيكون بالتأكيد دوميا .. هذا مطلب . هذه هي الكلمة الصحيحة بالفعل . اننا نطالب بلقامة مجتمع فلسطيني ٬سلطة فلسطينية ٬ دولة فلسطينية في كل قسم من فلسطين نتمكن من تحريره . وعندما يتحقق هذا الأمر سيسود جو جديد ٬ سينشأ وضع جديد ربما يتطلب استراتيجية جديدة .

يبدو لي ان “الرافضين” يخلطون بين ثلاثة أمور : الشعار ٬ المطلب ٬ والهدف . شعارنا هو “ثورة حتى النصر” . مطلبنا هو اقامة دولة فلسطينية مستقلة في أي جزء محرر من فلسطين وهدفنا هو اقامة فلسطين علمانية موحدة ومتجانسة يتمكن فيها جميع اليهود الاسرائيليين وجميع العرب الفلسطينيين ان يعيشوا بشكل ديمقراطي حسب مبدأ “لكل انسان صوت واحد” . يجب علينا ان لا نخلط بين هذه الأمور الثلاثة والا ضعنا في متاهات الف ليلة وليلة وعلاء الدين والفانوس السحري . لكن بفضل ما حدث في الشرق الأوسط خلال السنتين الأخيرتين يتناقص عدد الذين يؤمنون بان هذه الدولة الفلسطينية ستقام نتيجة “سلام أمريكي” حتى انني اكاد لا أجد مثل هؤلاء الأشخاص .

موشه : لدي بعض الأسئلة الاضافية حول مطلب اقامة سلطة فلسطينية مستقلة . ها هو السؤال الأول : باستطاعتي ان أفهم ان اقامة سلطة كهذه سترضي نوعا ما الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال الاسرائيلي في الضفة والقطاع . لكن ماذا بخصوص فلسطينيي عام 48 الذين يعيشون في الأردن أو لبنان أو في أماكن أخرى ‒ ما هي العلاقة بين ذلك (أي اقامة سلطة) وبين مشكلتهم ؟ نحن ٬ أعضاء متسبين ٬ ومعنا منظمات وأوساط تقدمية أخرى نناضل داخل اسرائيل في سبيل حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولة خاصة به وهذا الحق هو جزء من حقه في تقرير المصير . لكننا مع ذلك نعتقد ان اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع هي جواب مباشر على احتياجات ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني الموجود في المناطق المحتلة . اما بالنسبة للمتواجدين خارج فلسطين فيجب ان نتقدم بمطالب أخرى اضافية . وبالمناسبة ٬ هل يوجد ٬ كما يقول البعض ٬ خطر في ان تحاول بعض الحكومات العربية طرد الفلسطينيين القاطعين في بلدانها اذا اقيمت سلطة فلسطينية مستقلة ؟ أي هل تؤدي اقامة دولة كهذه الى اساءة أوضاعهم بدلا من ان تساعدهم ؟

سعيد : بالنسبة للاجئي 1948 فليس هناك أي شيء أسوأ من حياتهم الحاضرة . اقامة دولة فلسطينية لا يمكن لها ان تؤدي الى اساءة أوضاعهم . على العكس من ذلك فان وضعهم سيزداد سوءا اذا لم تقم دولة كهذه . أيوجد من يقول ان الدول العربية ستطرد اللاجئين الفلسطينيين الى الدولة الجديدة ؟ الدول العربية ليست بحاجة الى طردهم . سندعوهم جميعا للحضور وللعيش في أرضهم ٬ في فلسطينهم . هناك شيء خاص بنا ٬ بالشعب الفلسطيني يجب ان يعرفه الجميع : القضية ليست انني من يافا أو عكا أو نابلس أو القدس . انني من فلسطين . انا فلسطيني . وهذه الدولة ستكون جزءا من فلسطين وستدعى “دولة فلسطين الديمقراطية” . اننا ننادى بدولة ديمقراطية تشمل في المستقبل جميع فلسطين . ولو حصلنا على شبر واحد من فلسطين لاسميناه “دولة فلسطين الديمقراطية” . هذه الدولة ستكون ديمقراطية . وكما ذكرت في مقالي بودي ان أرى هذه الدولة ترحب بكل يهودي يحضر ليحيا معنا دون تمييز . سيكون لنا أيضا “قانون عودة” لكنه لن يكون قانونا عنصريا رجعيا بل ديمقراطيا تقدميا .

نريد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ليعيشوا في بلدهم . لا أرى أي منطق في ادعاء القائلين ان اقامة دولة كهذه ستعرض مصالح لاجئي 1948 للخطر .

موشه : ولكن ماذا بشأن حقهم في العودة الى الجانب الآخر من الحدود ٬ الى اسرائيل بحدود ما قبل يونيو 1967 ؟ منذ انشاء “متسبين” ‒ أي قبل حرب يونيو 67 بخمس سنوات ‒ ناضلنا دوما في سبيل حق لاجئي 48 في العودة . يبدو لنا ان هذا المطلب سليم اليوم أيضا ونحن نناضل في سبيل ذلك الى جانب نضالنا من أجل حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولة مستقلة .

سعيد : أجل يجب الحفاظ على حقهم . رأيي المبدئي ان يمنح الحق للجميع في العيش والعمل في كل مكان وهذا وارد في اعلان حقوق الانسان والمواطن الصادر عن الأمم المتحدة . لكن دعنا نأخذ مثالا : في عام 1948 طرد سبعون الف انسان من يافا وأنا واحد منهم . لقد طردت بشكل فعلي وجسدي ٬ ولا أزال أذكر ذلك . اني أذكر جميع التفاصيل . الآن ٬ لو أحضرنا غدا هؤلاء السبعين ألفا الى يافا ‒ وأنا منهم ‒ فانني متأكد من ان حربا أهلية ستنشب في اليوم التالي .

سنذهب الى المدينة المسماة يافا وستكون جديدة تماما بالنسبة لنا . سنجد أناسا يسكنون بيتنا ٬ أناسا لا نتكلم لغتهم ولا يتكلمون لغتنا ولكل منا ثقافة مختلفة . هذه الخلفية من العنف لن تكون أفضل خطوة نحو التعايش .

لذلك أقول : لتكن لنا دولة . فذلك سيخفف سم العداء وسيخفف من حالة الاستعداد المبالغ بها عند اليهود الاسرائيليين وسيضعف من حدة التوتر في أوساط الفلسطينيين . عندها ندع الأمور لوقت ما . لعقد أو عقد ونصف من الزمن . خلال هذه الفترة سيرى اليهود الاسرائيليين اننا أناس طيبون ولطفاء … انني بالفعل أؤمن بذلك سيرون اننا لسنا مسخا وانما أناس مثلهم وان هناك أشياء كثيرة تجلب لنا السعادة وان هناك أشياء نموت في سبيلها منذ عشر سنين . اننا أرغب في ان يعرفوا ذلك . لكن الأكثر أهمية او يوجد جو أفضل للنضال المشترك والحوار المشترك بين التنظيمات التقدمية في أوساط الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء .

اليوم عندما ينادى بشعار الاستعداد “العدو على الأبواب” فليس باستطاعة الاسرائيليين التقدميين والفلسطينيين ان يتحاوروا بشكل حر وليس لأننا ٬ أي م.ت.ف ٬ لا نريد التحادث مع الاسرائيليين التقدميين . ولكن حتى لو أردنا التكلم معهم فعلينا ان نحضر من أجل ذلك الى أوروبا . فنحن لا نستطيع الذهاب الى اسرائيل ولا نستطيع دعوتهم لأية دولة عربية . لو كانت لنا دولتنا لكان باستطاعتهم الحضور الينا والتحدث معنا ٬ وهذا سيكسر شوكة جميع الشوفينيين اليمينيين في الحركة الصهيونية في اسرائيل ويضعف موقف الشوفينيين في أوساطنا بشكل أكبر مما هو عليه الآن . هذا سبب آخر لاعتقادي بان الدولة الفلسطينية يجب ان تكون خطوة أولى لا غني عنها . اننا ٬ أعضاء م.ت.ف نعرف جيدا عن وجود عناصر تقدمية داخل المجتمع الاسرائيلي . هذا الأمر مذكور في جميع وثائقنا ونحن نحييهم في جميع مؤتمراتنا . لماذا لا نستطيع اذن دعوتهم لحضور مؤتمراتنا ؟ السبب بسيط : لأن جميع هذه الاجتماعات تعقد خارج فلسطين حيث نوجد نحن كضيوف لا غير . لو كانت لنا دولة لكان الحوار بيننا أكثر سهولة ولكان نضالهم ضد الصهيونية أكثر سهولة أيضا .

موشه : بودي ان أذكر جزءا آخر من الشعب العربي الفلسطيني : القسم الموجود داخل اسرائيل بحدود ما قبل 1967 . قسم من أعضاء “متسبين” ينتمي الى هذا الجمهور ٬ وقسم من العمال والطلاب والفلاحين العرب داخل اسرائيل يقرأون صحيفتنا . وهكذا فاننا نعرف مشاكل هذا الجمهور عن كثب . لقد دعمنا دوما ‒ وما زلنا ‒ نضالهم المزدوج : ضد التمييز وسلب حقوق الانسان ٬ وضد التنكر لحقوقهم القومية بصفتهم جزء من الشعب العربي الفلسطيني . هذا الجمهور الذي يبلغ تعداده نصف مليون ٬ هو اسرائيلي من الوجهة القانونية لكنه يشكل جزءا من الشعب العربي الفلسطيني من الوجهة القومية ومن وجهة وعيه . يبدو ان اقامة دولة فلسطينية في المناطق التي سترغم اسرائيل على اخلائها لن يحسن أوضاعهم بشكل مباشر . ماذا بشأن حقهم في تقرير مصيرهم ؟

سعيد : ان ما يحدث للفلسطينيين الذين يعيشون داخل اسرائيل يشغلنا كثيرا . غير اننا نعتقد انهم لا يشكلون المشكلة الفورية التي تواجهنا . ان مشكلتهم كبيرة غير ان المشكلة الأكبر هي اللاجئون وأولئك الذين يقبعون في ظل الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث يحاول الصهاينة هدم مجتمع عربي بأسره . لو حطم هذا المجتمع لكان في ذلك ضربة قاسية جدا للشعب الفلسطيني .

أعتقد شخصيا اننا لو أقمنا دولة فلسطينية في جزء من فلسطين يتوجب علينا ان نقول : “بما اننا ننادي باعادة توحيد فلسطين ٬ كل من يحمل جنسية اسرائيلية يستطيع الحصول على جنسية فلسطينية” وامل ان يتخذ الطرف الآخر خطوة مشابهة . بالطبع ستقول السلطات الصهيونية في اسرائيل : “لا ! اننا نريد دولة يهودية صرفة” غير ان هذا الأمر سيكون مطلبا موضوعيا يستطيع التقدميون الاسرائيليون ان يناضلون في سبيله وفي عدم وجود خطر فوري بنشوب حرب . فان احتمالات النضال من أجل هذا المطلب تكون أفضل .

كان الفلسطينيون داخل اسرائيل يسمون في الماضي “عرب اسرائيل” ولكن عندما شرعنا في الكفاح أصبحوا فلسطينيين مرة أخرى ٬ وفهمت السلطات الاسرائيلية انهم ليسوا “عربا اسرائيليين” بل يعتبرون أنفسهم فلسطينيين . أرى ان كيانهم كفلسطينيين سيتعزز عندما تقام دولة فلسطينية كما قلت سيسود جو جديد في الشرق الأوسط فانت لن تكون معرضا دوما لخطر استدعائك للخدمة العسكرية ٬ وأنا لن أكون معرضا طوال الوقت لقنابل النابالم داخل مخيم لاجئين . وبالنسبة للفلسطينيين داخل اسرائيل سيكون ذلك خطوة هامة الى الأمام نحو تعزيز هويتهم القومية .

مشكلة الفلسطينيين داخل اسرائيل هي سبب آخر لاعتقادي ان دولة فلسطينية هي خطوة أولى فقط . يجب ان تتبع ذلك خطوات أخرى من أجل تثبيت السلام . أقول خطوة أولى لأنها لن تحل جميع المشاكل . لكن ذلك ‒ ولن اسأم من التكرار ‒ سيخلق جوا جديدا للتفاهم الجديد .

اقامة دولة كهذه سيكون تراجعا كبيرا للصهاينة . اني كفلسطيني تنكروا لكيانه القومي ولم يعتبروه أبدا فلسطينيا ٬ أعرف ماذا يعني الأمر بالنسبة للسلطات الصهيونية ان تعترف بوجود شعب فلسطيني وبحقنا في دولة خاصة بنا في فلسطين . بالنسبة للصهيونية سيكون الاعتراف بنا تراجعا كبيرا . اننا نأمل في الحصول على اعتراف كهذا نتيجة للكفاح … بالكفاح فقط . لنعد قليلا الى الموضوع الذي تحدثنا عنه سابقا ٬ الى موضوع “الرافضين” . عليهم ان يفهموا ماذا يعني الاعتراف بنا كشعب وبحقنا في دولة بالنسبة للصهاينة وخاصة لأعضاء حكومة اسرائيل ٬ اذ سيبدو الأمر للكثيرين منهم وكأنه نهاية دولة اسرائيل . الحقيقة انني أعلم ان ذلك لن يكون نهاية اسرائيل . اسرائيل ستبقى ثلاثة أو أربعة أو خمسة عقود من الزمن بعد اقامة دولة فلسطينية ٬ لكن ربما كان في ذلك بداية النهاية للصهيونية ٬ بداية ازالة صهيونية دولة اسرائيل .

موشه : لي سؤال حساس . لقد تكلمت عن يهود اسرائيل ككيان قومي . هكذا تكلمت في حديثنا اليوم وفي مقالك الذي نشرنا ترجمته العبرية في اسرائيل . هل هذا رأيك الخاص فحسب أم انه رأي جزء من م.ت.ف أو كلها ؟ هل تذكر هذه الأمور باللغة العربية أيضا ؟

سعيد : كتبت هذا المقال حول الاستراتيجية الفلسطينية بصفتي ممثل رسمي لمنظمة التحرير . كان ذلك قبل عشرة أشهر وحتى الآن ما زلت ممثلا رسميا . لقد وقعت على المقال “سعيد حمامي . ممثل م.ت.ف” . اذا كنت تمثل منظمة فأقوالك يجب ان تمثل المنظمة . لكنني لست موظف دولة . لسنا منظمة بيروقراطية لديها سفراء وموظفون وظيفتهم المصادقة على كل ما يقال لهم من فوق . انني أيضا عضو المجلس الفلسطيني وعضو منظمة فتح . وما كتبته في ذلك المقال تمتع بتأييد داخل م.ت.ف وفتح كان كافيا لابقائي في وظيفتي . لو لم أحظ بتأييد أغلبية كبيرة لما كان بامكاني البقاء ممثلا لمنظمة التحرير .

صحيح ان هذا ليس الموقف الرسمي لمنظمة التحرير . لكن موقف “جبهة الرفض” بدوره ليس موقف منظمة التحرير الرسمي . الفارق هو ان أحدا من الممثلين الرسميين لمنظمة التحرير لم يعبر عن رأي “الرافضين” بينما الكثيرون من ممثلي م.ت.ف الرسميين يتحدثون مثلي . انني أحظى بتأييد معظم الفلسطينيين من جانب الجبهة الديمقراطية ومن جانب الغالبية العمى في فتح . انني أعتز بان أقول ان ياسر عرفات ‒ عندما سئل عن رأيه في مقالي ‒ قال مجيبا : “قرأته وأعتقد انه مليء بالمنطق ٬ بالاقتراحات المنطقية” . لقد سئل أيضا عما اذا كان ذلك موقف م.ت.ف الرسمي فأجاب : “كلا ٬ لكنه مليء بالمنطق ” واللبيب يفهم . في الدورة القادمة للمجلس الوطني الفلسطيني سأعرض هذا المقال لمصادقة المجلس عليه رسميا وامل ان تتم مصادقته .

موشه : بودي ان أطرح سؤالا صعبا آخر . على ان أوضح اننا في “متسبين” ندين بشكل مطلق جميع العمليات الوحشية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي مرارا ضد المواطنين وبضمن ذلك النساء والأطفال ٬ مثل القصف المعتمد للموطنين المدنيين ومخيمات اللاجئين . لكن بودي ان أسألك عن رأيك في عمليات مثل معلوت وما شابهها والتي كان ضحاياها مواطنون مدنيون وبشكل خاص أطفال ؟ انني لا أسأل عن شرعية الكفاح المسلح ٬ فذلك موضوع آخر . انني أسأل عن اختيار أهداف مدنية وخاصة الأطفال .

سعيد : انني مثلك أدين قتل المدنيين وبشكل خاص الأطفال والنساء والشيوخ وذلك تحت جميع الظروف . لكن رأيي ان التوجه “المسيحي” الذي على ضوئه ندين الارهاب وبعد ذلك نقبع بضمير نتي ٬ هذا التوجه سهل وعقيم في آن واحد ٬ ولا معنى له دون كشف جذور الصراع ولا يمكن وضع حد له . الارهاب هو أحد أعراض المرض الحقيقي ٬ أي العدوان ٬ الصهيونية ٬ هدم المجتمع الفلسطيني واقامة دولة في الشرق الأوسط على انقاض المجتمع الفلسطيني . اذا لم نبدأ من هذا المنطلق فاننا لن نصل الى أي مكان . هناك نزاع وهناك حرب بيننا وبين المؤسسة الاسرائيلية . خلال هذه الحرب اقترفت جرائم عديدة . انها لسخرية ان يتكلم الصهاينة عن الفلسطينيين ويصمونهم بأنهم ارهابيون ٬ اذ ان الارهاب قد ولج الشرق الأوسط بواسطة الصهاينة . خذ على سبيل المثال ناتان يلين ‒ مور ‒ ارهابي ! أخبرني صديقي عبد الله الحوراني انه اثناء أحد الاجتماعات في باريس وقف يلين ‒ مور وقال : “أنا ارهابي وقتلت مدنيين . ألقيت القنابل ٬ حرقت وقصفت أهدافا مدنية ٬ وأعلم جيدا ان دولة اسرائيل لم تكن لتقوم لولا الارهاب ٬ الآن تقومون انتم ٬ أيها الفلسطينيون ٬ بأعنال الارهاب ومن الممكن تبرير ذلك . لكن بودي أن أقول لكم ان هذا الأمر لن يفيدكم من الناحية السياسية لأنه يلقي بالجمهور الاسرائيلي في احضان النظام” .

كثيرون من زعماء المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة هم ارهابيون سابقون . أليس ذلك صحيحا ؟ ربما كانوا كلهم ارهابيون . ألون ورابين كانوا في البلماخ وبيغن كان زعيم الاتسل . حسب القانون البريطاني كانوا ارهابيين جميعا .

أما بالنسبة لمعلوت فالمجرم الحقيقي كان ديان الذي ضلل الحكومة الاسرائيلية فيما يتعلق بنوايا ومطالب الفلسطينيين أعضاء الجبهة الديمقراطية . بعد ذلك أصدر أوامره للجنود باطلاق النار وقد قتل الأطفال وسط هذه النيران . لا أريد ان تفهم أقوالي على انني أبرر الارهاب . انني أرفض الارهاب لا لأسباب اخلاقية فحسب وانما لأسباب سياسية أيضا بحكم كوني فلسطيني تقدمي يعتقد انه لو قتلنا اسرائيليين دون تمييز فاننا بذلك نلعب لعبة المؤسسة الصهيونية . الصهيونية عدونا وليس الاسرائيليين . اذا لم يدرك الجمهور الاسرائيلي انه في وضع كهذا من النزاع يكون كل واحد من أبنائهم عرضه للقتل ٬ تماما كما ان أي طفل فلسطيني معرض للقتل بواسطة سلاح الجو الاسرائيلي ٬ اذا لم يفهموا ذلك ولم يفهموا أيضا ان الحل السلمي هو الكفيل بوضع حد للقتل ٬ عندها سيستمر الارهاب وأخشى ان يحتد .

موشه : وفي النهاية بودي ان أطرح موضوعا آخر . اننا ٬ أعضاء “متسبين” ٬ لم نعتبر أنفسنا في يوم ما مناضلين من أجل ثورة منفصلة ومختلفة داخل اسرائيل وانما جزءا من قوى الثورة في المنطقة كلها ٬ في المشرق العربي . الهدف الذي نصبو اليه هو اقامة وحدة اشتراكية في جميع المشرق العربي تستطيع الانضمام اليها جميع القوميات غير العربية المتواجدة في المنطقة على أساس المساواة واحترام حقوقهم . تأييدنا لجميع النضالات العادلة في المنطقة وخاصة لنضال الشعب الفلسطيني في سبيل التحرر الوطني والاجتماعي لا يشكل بالنسبة لنا تضامنا مجردا وانما مشاركة قريبة . وعلى ضوء ذلك أريد ان أسألك حول ما تستطيع القوى التقدمية المعادية للشوفينية في الطرفين ان تعمله ضد الشوفينية . بشكل خاص : ماذا تستطيع هذه القوى القيام به بشكل منسق في سبيل هدف مشترك ؟

سعيد : حسنا . ليس من عادتنا تقديم النصح . حسب رأيي يجب على التنظيمات التقدمية في اسرائيل ان تقول بنفسها ماذا تستطيع ان تعمل . نحن لا نستطيع ان نقول لهم ذلك . انهم بعرفون مجتمعهم أفضل منا . لا نحب ان نقدم النصح ولا نحب ان يقدم لنا الاخرون النصح . لكن في اللحظة التي نوافق فيها ٬ نحن وهم ٬ على وقائع أساسية وجوهرية عندما نستطيع ٬ نحن وهم ٬ ان نكون متأكدين من اننا نسير قدما في الاتجاه الصحيح . رأيي ان لهم دور كبير جدا . ان اليهودي الاسرائيلي بحاجة الى شجاعة كبيرة ليقف في اسرائيل ويقول : “أيها الأخوة الاسرائيليون ٬ عليكم الانسحاب ! عليكم اجراء مفاوضات مع الفلسطينيين ! يجب ان تكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة بهم . دولة كهذه يجب ان تكون الخطوة الأولى نحو اعادة توحيد اسرائيل ‒ فلسطين ٬ توحيد جميع البلاد” .

ماذا نستطيع ان نعمل سوية ؟ يستطيعون مساعدتنا في تثقيف جماهيرنا ونستطيع مساعدتهم في تثقيف جماهيرهم . علينا ان نعرف أكثر عن المجتمع الاسرائيلي وعليهم ان بعرفوا أكثر عن المجتمع الفلسطيني . يجب ان نعرف حقائق أكثر عن الطبقة العاملة الاسرائيلية ٬ عن الامكانيات الكامنة لهذا المجتمع وعليهم ان يعرفوا نفس الشيء عنا . لو لم يكن الأمر جريمة في عرف القانون الاسرائيلي لدعونا اسرائيليين تقدميين معاديين للصهيونية للاشتراك معنا في المجلس الفلسطيني . نعتقد ان م.ت.ف بصفتها منظمة تناضل في سبيل فلسطين علمانية موحدة يجب ان تكون صورة مصغرة عن هذا المجتمع الذي نتصوره ٬ وعليه لكنا وجهنا الدعوة لجميع العناصر التقدمية المعارضة للصهيونية في اسرائيل لتشترك معنا في صياغة سياستنا . ربما يبدو ذلك متفائلا . صحيح . لكن قبل كل شيء يجب علينا ان نعرف أكثر عن بعضنا . اننا بحاجة لحوار دائم . عندها نستطيع نشر ادبيتهم بين جماهيرنا وهم يستطيعون نشر ادبيتنا بين جماهيرهم . من الممكن عمل الكثير سويا . لكن يجب أولا ان نصل الى تفاهم متبادل .

لندن ٬ نوفمبر 1975