حضرة رئيس الجلسة

حضرات المندوبين

ان قيام دولة اسرائيل ‒ قبل 25 عاما ‒ فتح صفحة جديدة في تاريخ عذاب الشعب العربي الفلسطيني ٬ الشعب الذي سلبت حقوقه واضطهد وشرد من وطنه . لذا فاننا نعود اليوم بالذات ونعرب عن تضامننا العميق مع نضال الشعب العربي الفلسطيني لاستعادة كافة حقوقه .

ان مبادئنا الاشتراكية ونظرتنا الأممية ٬ يدفعاننا الى مناهضة غير متهادنة مع الصهيونية . اننا نرى في الصهيونية مشروعا استعماريا يجري تنفيذه منذ أواخر القرن الماضي ٬ على حساب الجماهير العربية ٬ وخاصة الشعب العربي الفلسطيني ‒ تحت رعاية الامبريالية وبالتعاون معها .

ولكن ليست الصهيونية هي وحدها عدوة شعوب المنطقة . فالى جانب الصهيونية ٬ وفي جبهة واحدة معها تقف الطبقات الحاكمة العربية . والحقيقة ان الصهيونية هي العامل المباشر لسلب واضطهاد الشعب العربي الفلسطيني ٬ انما تعمل عمل قناة لتصريف كافة التوترات الاجتماعية في العالم العربي ٬ الى داخل مستنقع التطرف القومي . والعامل المساعد والممَكن لمثل هذا الوضع هي أنظمة الحكم القائمة ٬ والطبقات المستغِلة في العالم العربي .

ها قد مر ما يزيد على 50 عاما منذ اللقاء بين وايزمان وفيصل ٬ ولكن العلاقات المتبادلة بين الصهيونية والرجعية العربية لم تتوقف ٬ في الوقت الذي تلجأ كليتهما الى حماية الامبريالية .

واليوم وقبل 25 عاما توصل بن غوريون والملك عبد الله الى اتفاقيات ٬ كان الهدف منها محو حقوق الشعب العربي الفلسطيني . ومن الذي أدار المحادثات من الجانب الصهيوني ؟ لم يكن سوى غولدة مئير وموشي ديان ٬ اللذين يديران اليوم سياسة الاضطهاد ٬ والاحتلال وترسيخ انجتزات عدوان حزيران 1967 .

وكلنا نذكر الابتهاج الذي عم الصهيونية في ايلول 1970 ٬ حينما كان حسين يذبح الفلسطينيين . وكلنا نذكر التجند الاسرائيلي ٬ من أجل حماية كرسي الملك السفاح . واليوم ؟ ولم ينته الحداد على ضحايا الغزوة الاسرائيلية في بيروت ٬ فها هو الجيش اللبناني شرع بمذبحة ضد الفلسطينيين . وزعماء اسرائيل مبتهجون ٬ انهم يهمسون بالتشجيع لزعماء لبنان ٬ وينتقدونهم على ترددهم وخشيتهم “من السير حتى النهاية” . وفي نفس الوقت يهددون بالتدخل ٬ اذا لم ترق التطورات في لبنان في أعينهم .

واذن ٬ فان يدا تغسل يدا !

وبالاضافة لذلك فاننا نؤكد ٬ بان ذلك النظام الذي أنزل الكارثة بشعب فلسطين ٬ لهو ليس بعدو الجماهير العربية في الشرق الأوسط ٬ وانما أيضا عدو الجماهير الاسرائيلية ٬ المستغَلة والمضطهَدة من قبله . انه هو الذي يحول بين يهود اسرائيل من الاندماج الحقيقي في النضال من أجل تغيير المجتمع من الأساس في رحاب المشرق . ولذا فأنه من الواجب التمييز بين الصهيونية ٬ وسياستها ومؤسسات الحكم فيها ٬ وبين جماهير العمال اليهود في اسرائيل . ان كل عمل سياسي لا يميز بصورة واضحة بين الصهيونية وبين الجماهير اليهودية في اسرائيل ٬ ليدفع هذه الجماهير الى احضان الصهيونية . وان أعمالا من هذا القبيل تشكل سدا وحجر عثرة في طريق التطورات الثورية في الشرق الأوسط ٬ لأنها تعمق عوامل التطرف القومي في النزاع في المنطقة .

وان تاريخ النضال ضد الصهيونية في العالم العربي ملئ بالنكسات المتوالية . وهذه النكسات في أعوام 1948 و1967 وفي ايلول 1970 ٬ وما يجري الآن في لبنان ٬ تثبت بأنه يجب عدم الفصل بين النضال الفلسطيني وبين كافة المشاكل الاجتماعية في المشرق . ان ما هزم في صحراء سيناء عام 1967 لم يكن الجيش وحده ٬ وانما النظام الاجتماعي الذي وقف ورائه ٬ وان ما هزم في ايلول عام 1970 كان المبدأ القائل بان اشتراك الفلسطينيين في النضال ضد الأنظمة العربية يجب أن يؤجل الى ما بعد هزم الصهيونية .

لا يمكن التغلب على الاضطهاد القومي ٬ عن طريق نضال قومي ٬ مع تأجيل النضال الاجتماعي الى وقت متأخر . ونظرية المراحل هذه التي توحى بالقيام بالنضال للتحرر الوطني أولا ٬ ثم الديمقراطية على غرار النظام البرجوازي فيما بعد ٬ وفي النهاية النضال للتحرر الاجتماعي ٬ لهي نظرية فاشلة ٬ حيث انها تسلم مقاليد الزعامة في أيدي تلك القوى المناهضة للنضال الطبقي داخل كل أمة ٬ تحت شعار التعاون بين الطبقات وباسم الوحدة الوطنية .

ورأينا هو انه لا يمكن حل المشكلة الفلسطينية ٬ بعيدا عن النضال الثوري الشامل في المشرق ٬ اننا نعتقد انه لا يوجد حل لمشكلة استغلال واضطهاد جماهير الكادحين اليهود والعرب في اسرائيل بعيدا عن النضال الشامل في المنطقة . اننا نعتقد ان كل نضال ضد الاضطهاد والاستغلال على أسس طبقية ٬ وقومية ٬ ودينية ٬ وجنسية ‒ أو (ضد) أي شكل آخر من اضطهاد انسان من قبل انسان آخر ‒ لن يكتب له النجاح ٬ اذا فصل نفسه عن النضال من أجل انتصار الثورة الاشتراكية .

ومن فوق هذه المنصة فاننا نناشد كافة الثوريين في المنطقة للعمل من أجل بلورة استراتيجية مشتركة ٬ تتعدى القوميات ٬ ضد الامبريالية ٬ وضد الصهيونية وضد الرجعية العربية ‒ من أجل ثورة اشتراكية تؤمن وحدة المشرق ٬ ومع احترام حقوق الأقليات القومية في المنطقة .

المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية “متسبين”

الاتحاد الشيوعي الثوري “مآباك”

المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية (“متسبين ماركسي” ‒ فرع الأممية الرابعة)

أيار 1973