تل أبيب ‒ يافا , شباط 1981
الكاريكاتور بريشة ناجي العلي
مطبعة م.ل.ن. ‒ تل أبيب ‒ يافا
*
أيها القراء !
في مطلع عام 1980 نظم نظام البعث الحاكم في سوريا وجبهته ‒ صنيعته المدعوة “الجبهة الوطنية التقدمية” مؤتمرا من الادباء والصحافيين السوريين , بغية كسب تأييدهم لسياسة القمع والاستغلال التي يديرها البعث , هذه المرة تحت شعار “رصّ الصفوف ازاء خطر الاخوان المسلمين” .
فسقط في أيدي قادة الجبهة عندما وقف الخطباء من المدعوين, الواحد تلو الآخر , وشرشحوا النظام وفضحوا ممارسته وعكاكيزه الجبهوية .
وأفلح بعض الحاضرين في تسجيل كلمات عدد من الخطباء سرا , وتهريب الشريط الى الخارج , حيث طبع ووزع في عدد يسير من النسخ بعنوان “وثيقة هامة حول الأزمة في سوريا” ووردتنا واحدة منها . وها نحن نسوقها الى القراء كاملة بحذافيرها .
وجدير بالذكر ان معظم الخطباء الذين تعرضوا للبعث وجبهته بالنقد الصريح قد فصلوا من أماكن عملهم واضطروا الى مغادرة سوريا .
هيئة تحرير متسبين
يجد القارئ في آخر الوثيقة تعريفا ببعض التنظيمات السرية الواردة .
وثيقة هامة حول الأزمة في سوريا
ما تكاد الدولة التعيسة في شرقنا المقهور تضع يدها على صمام الامان لتنفث شيئا من البخار المحتقن حتى يفلت الصمام ويتطاير القدر في وجهها . هذا الحدث الذي يتكرر كقاعدة وليس كاستثناء , ولكونه القاعدة تحرص حكوماتنا العتيدة الا تنفث البخار الا ما ندر , الا عندما تبلغ الأزمة حدا لا يطاق , أزمة من ؟ الشعب في أزمة مستمرة , الطبقات الكادحة لا تزال منذ خمسمئة عان في أزمة , لا ليست هذه هي الأزمة التي تدفع احدى الحكومات لتمد يدها الى صمام الامان , انها الأزمة الأخرى , أزمتها هي بعد أن انكسرت العصي والولد لم يزل شقيا , لم يركع , لكنها سرعان ما تحاول اغلاق الصمام هذا من جديد , خاصة وأن البخار لا ينفث في المجاري التي أعدتها له الدولة على عجل , انما يتطاير حاملا معه كل القدر , قدر هيبة الجبهة الوطنية التقدمية والاشتراكية العربية والى ما هنالك من أساطير مملة.
القصة هي التالية, بعد أيام من اذاعة بيان الجبهة الوطنية التقدمية (ج.و.ت) في سوريا عقدت قيادة الجبهة مؤتمرا للادباء والصحفيين السوريين “لتناقش معهم أساليب تحسين عمل الجبهة” , فتحول اللقاء الى انفجار يعبر عن أصدق مشاعر شعبنا وطبقاته الكادحة ومن هنا أهمية هذه الوثيقة التأريخية , لكي لا يتفاجأ أحد عندما يستيقظ من حلمه اللذيذ على ضجيج انتفاضة شعبية في سوريا , انتفاضة تزيد تلك الانتفاضة الباسلة لجماهير اللاذقية شمولا وعموما . لكي لا يستيقظ أحدهم من حلم جبهته الوطنية التقدمية التي فرعت من محتواها في اللحظة الأولى لتأسيسها ويشتم الامبريالية والصهيونية والمخابرات الأمريكية لأنها كانت وراء اغتيال “الجبهة” , لأنه لم يغتل الجبهة سوى مؤسسيها .
ان هذه المداخلات المطروحة في هذه الوثيقة من الشيوعيين (حزب الأغلبية المعارض) والبعثيين والوحدويين والناصريين المستقلين تعبر بصدق عن الوضع في سوريا , ملخص عن سبع سنين عجاف “جبهوية” ونحن نقدمها للقراء كوثيقة تأريخية . ان عدم اكتمال الوثيقة يعود للظروف الموضوعية التي سجلت فيها وسربت الى الخارج . على أي حال لا يؤثر هذا اطلاقا على المضمون , الصادق , الشجاع والذي ينحني امام شجاعته رأس كل مناضل ديمقراطي خبر الارهاب المطبق في بلادنا المنهوبة .
ديمقراطيون سوريون
(بداية الوجه الأول من الشريط … اسم الخطيب الأول غير مسجل)
… الجبهة اذا لم يقتنصوا حقا في صحفهم وآرائهم وصراع الأفكار والآراء لا يمكن ان يكونوا جبهة وأؤكد كذلك ان هناك تململا في أحزاب هذه الجبهة . لأن هذه القواعد من هذه الجماهير وحتى بأعضاء الجبهة هناك كلام كثير عما يسمعوه من الشارع ومن الأقرباء والأصدقاء وأصبحوا عبارة عن حجر عثرة اذا استمروا في هذا الشكل في معالجة قضايا الجماهير , وأرى مؤخرا ان الأساليب قي الاذاعة وفي الصحافة لا تتغير وكذلك في قطاعات كثيرة من الاعلام كأن هناك يوجد شك كبير في الجماهير , هذا الشك اذا لم يوضع له حد لا يمكن ان يكون هناك احساس بالمواطنة الصحيحة , مؤخرا قرأت حديث طويل للرفيق عبد الله الأحمر فوق كل هذه الأزمات في القطر وضع الحق على المواطن , هذا المواطن ماذا يحمل ؟ (يقاطع من منصة مديري الحوار : أين الحديث ؟ أينه ؟ من ؟؟) .. الأحمر !! وضع الحق على المواطن فوق كل ما يعانيه المواطن من ركوب , وضع الحق على المواطن وشكك بمواطنيته وقال انه على المواطن ان يأتي الى الخبز بوقت كذا ووقت كذا . هذا الكلام انا أقول عنه يعني على الأقل انه ليس جماهيري وان الناس انفصلت عن الجماهير وفي هذه الأزمة بالذات وفي هذه الأحداث بالذات , يجب ان نتكلم كلاما واقعيا وجماهيريا وأقول ان الصحافة لا بد لها من علاج , فلقد تسلل الكثير من الذين لا يهمهم الوطن اليها ولا الجماهير وتنقصهم الجرأة وينقصهم شرف الكلمة وشكرا . (تصفيق)
المسؤول : طيب اخوان اذا يريد أحد الكلام نحن قاعدين ونريد ان نسمع ويا ريت المرحلة الثانية باختصار أو ما يتكرر الكلام الذي قيل (تسجل الأسماء التالية : عادل محمود , ميشيل كيلو , أحمد دحبور , سمير الخطيب , ممدوح عدوان , محمد حوراني , علي المصري , أمير الصوا , علي عيسى , سعيد هلال ..)
فلا مشكلة الخبز انحلت ولا مشكلة الحرية
عادل محمود :
من خلال منهج العمل فبالنسبة للقضية الوطنية , اذا تفحصنا ما الذي صار فيها في السنة الماضية وصولا للنقطة هذه نرى انها اخفقت بكثير من الأمور الأساسية فاذا لخصنا القضية الوطنية الى أراضي محتلة والى قضية فلسطين نرى انه على مستوى الأراضي المحتلة ما استرجعنا ولا شبر من الأرض بالعكس رجعنا الى الوراء بالجبهة من الناحية العسكرية . على مستوى القضية الفلسطينية الكل يعرف ان الفلسطينيين أكلوا ضربة بلبنان بمساعدة أو بتغاضي القوات السورية . بالنسبة للقضية الاجتماعية , القضية الاجتماعية بالبلد تبدأ من قصة الخبز وتنتهي بمشكلة الحرية فلا مشكلة الخبز انحلت ولا مشكلة الحرية انحلت ولا ما بينهما انحل , ما انحا أي شيء على الاطلاق ونرى من بيان الجبهة الأخير ان الجبهة تريد ان تحاول بعد 16 سنة من حكم حزب البعث , تحاول ان تحل مشكلة الرغيف , تحاول ان تحل !! بالنسبة لمشكلة الحريات , الحقيقة ليس هناك داعي نحكي عنها طالما حكى كل الزملاء عنها وهي قضية واضحة جدا , ان الحريات تمارس فقط بمفهوم الدولة , بمفهوم النظام وضمن اطر محدودة جدا , حتى اني أعتقد انه بالجبهة نفسها , يعني ان مشكلة الحرية هي مشكلة قائمة ومطروحة للنقاش بالنسبة لل(جوت) . ان مشكلة ال(جوت) هي مع قواعدها ومع أصدقاء قواعدها ومع , دعونا نقول , الناس لأن الناس يقولون للأحزاب انتم تشاركون الدولة هذه الفطيرة على حسابنا نحن وبالتالي مشكلة الجبهة مع قواعدها ومع جماهيرها . بالنسبة لقضية الوحدة العربية التي هي من تفرعات القضية الوطنية والاجتماعية نرى انه اخفقت ثلاث محاولات لاقامة وحدات عربية , اخفقت الاتحاد الرباعي والثلاثي بعدها اخفق الثنائي اخفق التنسيق مع الأردن بعدها اخفق التنسيق مع العراق أو محاولة الوحدة مع العراق , فأنا تساؤلي الحقيقة , انه بعد كل هذه الاخفاقات هل المشكلة هي الآن بحدود اطار الحوار الجاري حاليا بين لجنة الجبهة وبين قطاعات الشعب المختلفة , الحقيقة الذي لم ينطرح برأي , لم تطرحه الجبهة على نفسها وما طرحه الحزب على نفسه ولا الناس على نفسه , انه هل اعادة النظر بالخط السياسي وبالنهج السياسي هو المطلوب أم لا ؟ هذا السؤال هو الذي أظن حتى الآن جرى تجنبه تماما لأنه اعتقد واضح لماذا “الخط السياسي صحيح والنهج السياسي صحيح وهذه مجرد أخطاء” , وانا اعتقد انها ليست مجرد أخطاء , انما أخطاء النهج السياسي والخط السياسي الذي يجب اعادة النظر فيه على كافة المستويات الوطنية والاجتماعية وكل التفرعات التي بينها . شكرا .
المسؤول : الاستاذ ميشيل كيلو .
الجبهة لعبة بعثية لخصي القوى السياسية
ميشيل كيلو :
الحقيقة ان الاستاذ عادل محمود صادر شيئا ما رأيي , أنا أريد الكلام عن موضوع الجبهة تحديدا وما أعتقد انه يتفرع عنه الجبهة كما طرح الاستاذ محمود الأيوبي انه “هل يجب ان نعيد النظر في ميثاقها ؟ أم يجب ان نعيد النظر في صلاحياتها ؟ أم نعيد النظر في أسلوب عملها ؟” (الأيوبي مردفا : أو في تكوينها ؟) .. أو في تكوينها . أنا في تقديري ان المسألة ليست الا بمعنى ما مسألة الجبهة , بوصف الجبهة هي المآل الأخير الذي يجب ان ينصب نحوه تطور كبير يجب ان تشهده البلد .
لو أخذنا ميثاق الجبهة القديم فاننا نجد ان فيه مجموعة ملاحظات أساسية : أول هذه الملاحظة ان هذه الجبهة هي جبهة قوى تلزم نفسها في رسم سياستها المختصة بالجبهة بالمنهاج المرحلي لحزب البعث العربي الاشتراكي وبمقررات مؤتمراته القطرية , وان هذه الجبهة باسم الحفاظ على الوحدة الوطنية يمنع على أربع من أحزابها ان تعمل في قطاعي الجيش والطلاب . هذا الأساس ينسف الجبهة ويمنع قيام جبهة . لا يجوز ان يكون هناك نظام مبني على التعددية السياسية ويشترك أعضاؤه وقياداته في تقرير مصير البلد الستراتيجي ثم لا يؤتمن على الوحدة الوطنية , لا يؤتمن على العمل في القطاعات الشعبية لأن هذا الموقف الذي هو في صميم الميثاق يلغي عمليا أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي ليست أحزابا عمالية وفلاحية وكلنا نعرف ذلك , انما هي أحزاب تتمركز أساسا في أوساط مثقفين وموظفين , فان منع عليها العمل بين الطلاب والشبيبة ثم في الجيش , وهي بالأصل ليست أحزابا عمالية وفلاحية فانها تتطور نحو التلاشي وهذا ما يحصل لأحزاب ال(جوت) في هذا القطر بدرجات متفاوتة , انها أحزاب تتطور نحو اللافاعلية لأن ق=في صميم عملها في صميم الميثاق الذي وافقت عليه فكرة تقييدها والغاءها ومنع نشاطها . هذا أولا . ثانيا هناك أسس للعمل رسمها ميثاق الجبهة : اجتماعات دورية , مناقشة القضايا الكبرى , رسم الخط السياسي للبلد , البت في القضايا الكبرى للبلد الخ الخ , الجبهة تستطيع ان تتبرأ من قسم كبير من القرارات ‒ وأعتقد ان أربعة من ممثلي الجبهة يجلسون هنا ‒ التي اتخذت في السنوات السبع الماضية , الجبهة لم اسمع انها ناقشت الخطط الاقتصادية , لم نسمع انها ناقشت الاصلاح الاداري , لم نسمع انها تكلمت عن تطوير عملها ككيان سياسي يقود البلد , لم نسمع انها تقدمت باقتراحات أو قدمت لها اقتراحات . هذه الجبهة مشكلتها الأساسية كانت ليس مع الجمهور الشعبي وانما مع النظام السياسي التي تدار بها الدولة في البلد . الآن تأتون الينا كلجنة جبهة كي تطوروا عمل الجبهة عبر حوار مع القواعد , انا أرجو الا أكون بحجا وأود ان أقول لكم , يجب ان تبدأوا بالنقاش حول صيغة الجبهة المستقبلية مع القيادة وليس مع القواعد , قواعد الشعب , الجمهور الشعبي , ليست هي التي وضعت صيغة الميثاق وليست هي التي طبقته وليست هي التي قادت الجبهة نحو هذه الحالة من اللافاعلية وليست هي المسؤولة عما حدث في أحزاب الجبهة جميعا , فكلها تعرضت للتفكك والتمزق الداخلي وسارت شيئا فشيئا في سياسة افقدتها الى حد كبير منابع قوتها التنظيمية والعددية .
اذا كنتم ايها الاخوان وايها الرفاق تفكرون الآن بأن تطوروا عمل الجبهة فأنا في رأيي ان هذه الجبهة “المتطورة” لن تعطي شيئا جديدا اذا لم تدرس علاقتها بالنظام السياسي وبالدولة وبالطريقة التي تتخذ فيها القرارات . في هذه الدولة نحن جميعا شهود وقائع لا أستطيع الآن ان أصفها وصفا اخلاقيا لأنه سيكون وصفا غير مهذب . كانت تتخذ القرارات ثم تجتمع الجبهة ويجتمع مجلس الشعب ويجتمع لست أدري من ليوافق عليها , المسألة ليست معنا نحن , مع الناس العاديين , ليست مع المنظمات , المسألة هي علاقة هذه الجبهة بالبنية التي يقوم عليها النظام السياسي وبالطريقة التي يتخذ فيها القرار السياسي في هذا البلد وأنا أعتقد بأنكم تستطيعون ان تناقشوا كل فرد في هذا الوطن في النهاية اذا لم تتحدد هذه المسألة بوضوح ودقة فان النقاشات هذه ستكون مفيدة كسجال , كحوار مع الناس , بالاستماع الى ارائهم , لكنها لن تكون مفيدة اذا حصرنا كلامنا مرة أخرى بالجبهة , فاني أجد ان ميثاق الجبهة كميثاق كان يضع قيودا على القوى السياسية ويمنع عملها كقوى سياسية . أي كشرائح سياسية لها وجهة نظر ايديولوجية مستقلة نسبيا تعبر عن استقلالية مصالح مجموعة من الشرائح الاجتماعية ‒ حتى لا أقول طبقة لأنها كلمة غير محبوبة في القاموس السياسي في دولتنا ‒ شرائح اجتماعية وهي مستقلة في وجهة نظرها ومستقلة في تنظيمها , حتى ولو اقتضت المرحلة ان تجد تقاطعا أو خطوط تقاطع مع الخط السياسي السائد .
هذه القوى التي تجلس في الجبهة لم تعد كذلك , انها في نظر الشعب لم تعد أحزابا , انها تجمعات حول شخص أو حول خط يمكن ان تروي عنه الأساطير والحكايات , في الخمسينات والستينات والأربعينات , لكنها لم تعد تعبر عن مصالح شرائح شعبية , مصالح اقتصادية اجتماعية سياسية متبلورة في خط له استقلالية نسبية , أصبحت توابع تدور في الفلك الأكبر , الذي هو فلك لست أدري من , هذا يجب على الجبهة ان تحدده , هذه المسألة الأساسية التي على الجبهة ان تقررها “نحن نتعاطى مع من ؟؟” اذا “كنا نتعاطى مع تحت” فقد سمعتم الى حد كبير الآن شريحة ليست مفرحة كثيرا عن رأي تحت , اذا كنتم تريدوا ان تتعاملوا كقوة سياسية هي قاعدة وقيادة هذه الدولة مع قضايا البلد فيجب في البداية ان تتحدد علاقتكم تماما بالدولة القائمة في هذا البلد وأنا أخشى ان تطرح عليكم الآن أسئلة كقيادة مركزية ل(جوت) حول هذه العلاقة , أعتقد انها محرجة الى حد ما .
أين هي الوحدة العربية ؟
(الكلام لا يزال لميشيل كيلو)
النقطة الثانية التي أود ان أتحدث بها : تحدثنا كثيرا عن “خلل” , “أخطاء” , “تقصير” , “اهمال” الخ الخ ضمن “اطار توجه عام صحيح عريض مظبوط هو توجه القيادة السياسية في سوريا” . أنا بتقديري ان بيان ال(جوت) الذي صدر قبل أيام قليلة كتب بهذه العقلية “هناك مسيرة صحيحة تشوبها أخطاء قليلة . هذه الأخطاء نابعة جزئيا عن عمل الجهاز الاداري , نابعة كثيرا عن المؤامرات الخارجية , واذا اتخذنا تدابير تقنية بحتة فاننا يمكن ان نصلح هذه الأخطاء” . أنا أعتقد ان هناك مؤامرة كبيرة على سوريا ليست ابنة 1976 , 1977 , المؤامرة على سوريا قائمة بأشكال مختلفة منذ قامت دولة اسرائيل ‒ ولنقل دولة اسرائيل بصراحة ‒ هذه المؤامرة مرت بمراحل كثيرة , أنا أميز فيها مرحلتين كبيرتين :
المرحلة الأولى هي اسقاط كل منجزات الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي وفي رأسها مرحلة طويلة من الليبرالية والحريات والديمقراطية البورجوازية وحريات العمل والسياسة ووو .. الخ . ثم مرحلة ثانية جاءت فيها الوحدة , وهذا فخر عبد الناصر الكبير , هي مرحلة جر ملايين البشر الى ساحة السياسة في اطر دولة اطارها العام , أي عملها العام , يقوم على الفرد وعلى مقاطعة الجماهير حتى منتصف الطريق وليس على التعبير عن الجماهير , أريد ان أقول انه اطار ليس ديمقراطيا الى درجة كبيرة . هذه المرحلة ‒ المؤامرة الكبرى ‒ التي نعيش نحن فيها الآن هي المؤامرة التي بدأت عندما اسقطت جميع حريات الشعب السوري بما فيها حريات العمل وحرية التعبير عن الذات وتكوين القوى السياسية ووو الخ , وعندما اسقط هذا الدور الشعبي . نحن الآن نواجه أزمة مميتة لأننا ندور في خواء كقيادة سياسية ومواطنين وقوى سياسية , لا نعرف ماذا نعمل خارج اطار الحرية ولا دور لنا خارج دور الشعب , المشكلة التي نعاني منها الآن ان هذه البلد ليس فيها دور للشعب وان الحريات خنقت فيها عن عمد وسابق تصميم والخ .لا يمكن ان يرمم وضع البلد بالحريات عن خلل , عن بعض العيوب هنا وهناك , العيب الأساسي الكامن في بنية البلد الآن , في سياسة البلد الآن هر عيب بنيوي يقوم داخل بنى الدولة والمجتمع والطبقات والقوى السياسية وهذا العيب جررنا اليه عبر مسيرة عمرها خمسين أو ستين سنة ونحن الآن نعاني منه باسم شعارات التقدم والوطنية والوحدة العربية وو . أنا أريد لن أسأل سؤالا صغيرا هنا : حزب البعث العربي الاشتراكي يقوم بايديولوجية على أولية المسألة القومية . الشيوعيون يقولون المسألة الاجتماعية , البعث يقول المسألة القومية هي رافعة التقدم الاجتماعي . أنا أوافق عموما على هذه الفكرة , كمواطن درويش يعني , أين هي الوحدة العربية ؟ ماذا جرى للمسألة القومية الآن ؟ من هو الذي يستطيع ان يتجرأ ويقول ان المسألة القومية الآن من بعد 20 سنة من حمك البعث هي بخير أكثر مما كانت عليه عام 1955 و1954 أيام حكم الشيشكلي و1958 أيام حكم الكتلة الوطنية أو التجمع الوطني ؟ أنا أريد التحدث عن المسألة الاجتماعية لكي أظهر لكم ما أقول انه أزمة بنيوية .
المسألة الاجتماعية : نحن نتحدث عن الاشتراكية , هل الاشتراكية في وعي الجماهير مسألة تتقدم ؟ انا باعتقادي ان الاشتراكية في وعي الجماهير مسألة تتراجع , هذا هو الواقع وهذا هو الشارع , ويستطيع أي انسان مسؤول ان يضع عقالا على رأسه وان يلبس جلابية وينزل الى فرن , الى باص ومدرسة ومشفى ليعود , بدون مناقشة مع الجمهور الشعبي , ان القضايا الكبرى قضايا الثورة العربية الكبرى تتراجع وتنهار وتتدمر وانها دمرت , وأنا شخصيا أعتقد ان وعي الشعب وهي مسألة هامة في السياسة ‒ السياسة تساوي بصلة اذا كان وعي الشعب ليس متكافئا مع الخط التقدمي الوطني الذي تطرحه القيادة ‒ اذا كان وعي الشعب يذهب في اتجاه وكلام القيادة يذهب في اتجاه آخر وعي الشعب وصل الى مرحلة من التدمير والعداء لا يمكن ان تصلح فيها أحوال البلد اذا لم يكن هناك اصلاح جذري للبنى التي اقيمت في هذا البلد . أريد الآن ان أتحدث عن ظواهر هذا الأزمة التي أقول انها أزمة بنيوية : هناك ظواهر خارجية وهناك ظواهر داخلية , أرجو ان لا اثقل عليكم فقط دقيقتين , سأختصر , أول ظاهرة خارجية اننا دخلنا في لعبة التسوية … السادات , “الاتفاق الستراتيجي مع السادات” دافعنا كثيرا عنه , أنا أذكر أحاديث المسؤولين في اتحاد الصحفيين كانوا يقولون “لا يمكن ان ينفك الحلف الستراتيجي بيننا وبين السادات” . مرة واحدة نجد ان السادات ذهب مع الأمريكان والاسرائيليين وذهبت معه شريحة كبيرة من الدول العربية , نحن نضحك على أنفسنا عندما نعتقد ان السعودية تقف مع الصمود والتصدي وان الخائن هو السلطان قابوس لوحده وجعفر النميري ونضحك على أنفسنا كثيرا عندما نعتقد ان السيد الحسن الثاني جلاد الشعب المغربي , كلب الاستعمار الغربي بكل أنواعه هو رجل يقف في وجه الامبريالية الأمريكية ومخططاتها . ذهب السادات فقلبت ميازين القوى في المنطقة كلها , هذه المسألة لا يمكن التجاوز عنها بشعار اسمه “اسقاط كامب ديفيد” , كامب ديفيد سيسقط المنطقة , وقد أسقط المنطقة , اذا كان هناك من يقاوم بالرمق الأخير فان هذا لا يعني ان مقاومة كامب ديفيد بالاذاعة هي مقاومة كامب ديفيد بالواقع .
“الشعب متواطئ” أما القيادة … فحكيمة !
(الكلام لا يزال لميشيل كيلو)
بعد كامب ديفيد كان يجب علينا ان نتخذ قرارات ستراتيجية كبيرة أما ان نذهب مع الأمريكان لأن التفاهم الدولي في المنطقة انهار بعد كامب ديفيد وأما ان نذهب الى الكتلة الاشتراكية أي نقف مع الدول الاشتراكية , يجب ان نتخذ قرار ستراتيجي , هذه مسألة لا تحتمل التأجيل , نحن نؤجل جميع مشاكلنا الكبيرة وندفعها أمامنا , وعندما تكبر الأزمة نتصور اننا نستطيع ان نحلها بادوات لا تلبث بعد قليل ان نكتشف انها أصبحت جزءا من الأزمة مثل البيان ل(جوت) . أنا برأيي هذا جزء وتعبير عن الأزمة عندما نعد الناس بعد 16 سنة بحل مشكلة الخبز , فمتى سنحل مشكلة فلسطين والوحدة العربية والاشتراكية والسكن واللبس والتعليم والصحة والزراعة المتدهورة والصناعة التابعة وووالخ , عندما نعد الناس بالسعي الى النظر في صلاحية مجلس الوزراء , هذه بحق فضيحة , بعد عشر سنوات نريد ان ننظر في صلاحيات ليس فقط رئيس الوزراء وانما الوزراء والمحافظين ومعاونين الوزراء ومعاوني رئيس الوزراء , ماذا كان يفعل رئيس الوزراء طوال تسع سنوات ؟ يتأجر بالمساكن ؟ يبيع ويشتري مساكن ؟ أنا لا أفهم بجد , بيان الجبهة , هذا مسألة أكبر بكثير من ان ينظر اليها بوصفها ورقة فيها 32 مطلب أو 33 مطلب . أريد ان أقرب هذه المسألة من الاذهان , بيان القيادة القطرية المؤقتة في 16 تشرين كان يقول ان المعركة الآن هي معركة تحرر وطني وليست معركة تحرر اجتماعي وان هذا التحرر الوطني هو المهمة الستراتيجية الأولى للثورة الديمقراطية التقدمية العربية في سوريا . لا يوجد ولا كلمة من هذه المهمة الستراتيجية في بيان الجبهة الأخير ولا حرف , هناك حديث عن الجبهة الداخلية . بدأنا نقول “ان المهمة ضد العدو الخارجي” والآن تتجمع الجبهة “على العدو الداخلي” , وفي أي اطار تتجمع أحزاب الجبهة على العدو الداخلي ؟ في اطار من عزلة شعبية خانقة , في اطار الانهيار في وضع وبنى النظام ومؤسساته وسياساته , عدم وجود ثقة فيه , ثم نهجم على العدو الداخلي بوصفه عميل لكامي ديفيد , في الداخل يوجد خلل , لا توجد بنى مغلوطة , يجب ان نفتح أعيننا أخيرا قبل ان تفوت الفرصة الأخيرة ونلتقي هنا بعد ست سنوات أو خمس سنوات ويقول انسان ما “لم يحذرنا احد , كان الشعب متواطئا” لأن كل ما يصدر الآن عن الدولة له هذا المدلول “لقد كان الشعب متواطئا” وشكرا لكم . (تصفيق)
المسؤول : الأستاذ أحمد دحبور .
الجبهة باركت ذبح الفلسطينيين في لبنان
أحمد دحبور :
لا أعرف ما هو الهامش الذي تركه لي الصديق ميشيل كيلو بعد هذه المداخلة الرائعة , ولكن أحسب انه سأل سؤالا , ما الذي لم تفعله الجبهة الوطنية التقدمية ؟ انني أريد ان أقول ما فعلته , على حد معلوماتي ان هناك موقفين هامين وتأريخيين لل(جوت) الأول التوقيع على وقف اطلاق النار في حرب تشرين والثاني هو مباركة ذبح الفلسطينيين في لبنان , هذا تأريخ . على أي حال لقد اهتممت مثيرا بما تفضل به للأستاذ الأيوبي عندما قال “ان الكلام يبقى كلاما ما لم يدخل حيز التنفيذ” واحسب انه كان يقصد ان الجبهة وان السلطة معنية بأن يدخل بيانها حيز التنفيذ . هذا شيء جميل ولكن أرجو ان تسمحوا لي بالسماع الى قصتين احدهما جرت قبل بيان ال(جوت) والثانية جرت بعدها .
عام 1976 ارتكبت عناصر غير منضبطة , كما قيل انذاك في بيان , من قوات الصاعقة جريمة ضرب مكتبين لجريدتين وطنيتين في لبنان هما “بيروت” و”المحرر” وأنا بالمناسبة لست بعثيا عراقيا وانا احتقر النظام العراقي . دخلت الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين , دخلت الى البلد هنا وقابلت الرفيق عبد الله الأحمر الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي , حدثته في أمور كثيرة بينها هذا الموضوع , استمع الرجل استماعا طيبا وابدى أسفه وهو موجود الآن وأكد ان ما جرى هو تصرف عناصر غير منضبطة . في المساء نقلت وكالة الأنباء السورية قدوم وفد امانة عامة للكتاب والصحفيين الفلسطينيين لمباركة النظام ‒ هذا ما جرى . بعد بيان الجبهة ‒ لا أدري اذا كان بعد بيان الجبهة انما بعد الوعود الكثيرة التي نسمعها الآن ‒ اجتمع مجلس اتحاد الكتاب العرب مع رئيس الجمهورية واعتقد ان هناك من قال من أعضاء مجلس الاتحاد كلاما ما , مثلا ان هناك طائفية تمزق البلد , مثلا ان هناك خطرا على البلد والبيان الذي صدر عن هذا اللقاء كان يؤكد وقوف الكتاب جميعا صفا واحدا خلف الخط السياسي والقيادة الحكيمة لهذا البلد . هاتان القصتين تطرحان أسئلة ربما تلخص هذه الأسئلة في سؤال واحد في كلمة واحدة , الثقة , النوايا طيبة بالتأكيد , الأيدي ممدوة بالتأكيد , انتم تسمعون كما هو واضح , ولكن ما هي الضمانات , من الذي يضمن لي اننا في هذا اليوم لن نسمع خبرا ان “الكتاب والصحفيين السوريين اجتمعوا مع قيادة ال(جوت) وممثليهم ليؤكدوا مباركتهم ودعمهم” ؟ أرجو أن لا أسمع هذا الخبر وساعتها سأكون سعيدا , بالتأكيد , لأنني لست متصيدا ولست شامتا , أنا معني ان ينتصر هذا الوطن , أنا معني بأن تتمكن سوريا فعلا من الوقوف في وجه مؤامرة كامب ديفيد ولذلك أطرح هذه الأسئلة الجارحة وان لم تكن أكثر ايلاما بأكثر مما تقدم به الزملاء الاخرون ثم ماذا عن القاسم المشترك لحديث الاخوان جميعا , ماذا عن الديمقراطية , وماذا عن كل ما يتشعب عن هذا السؤال الشرك المخيف , لماذا احتاج أنا كمواطن ‒ وأنا بالمناسبة مواطن عربي فلسطيني من رعايا الجمهورية العربية السورية ‒ لماذا احتاج الى موافقة المخابرات حتى تقرر اذا كان يحق لي ان أسكن ابني في الجمعية السكنية في دمر , ولماذا طلبي موجود عند المخابرات من شهر 2 1976 حتى الآن . أنا لا أرفع شكوى وأرجو ان لا يؤخذ كلامي بعين الاعتبار , لأني لا أطلب التماسا . نزيه ابو عفش , واحد من أهم شعراء هذا الوطن يحمل وثيقة معززة بتوقيع السيد رئيس الوزراء والسيد معاون وزير التربية والسيد رئيس اتحاد الكتاب العرب وشفاعة خمسة أطباء على الأقل بأنه لا يستطيع ان يعمل لأنه صحيا مريض لأنه معه الشقيقة وكل ما يطلبه طلب بسيط صغير ان ينقل الى عمل اداري , السيد مدير تربية دمشق يرفض ذلك ولكنني متأكد من انه استجاب لطلبات أخرى وشكرا .
المسؤول : الأستاذ سمير الخطيب .
ضيق أفق القيادات الحالية
سمير الخطيب :
كان من المفترض على الأقل بحكم ان أي نتيجة سياسية يجب ان يرافقها تغيرات سياسية , الجماهير كانت تعتقد ان صدور لأي قرار أو بيان عن الجبهة يجب أن يرافقه أيضا تغييرات في الأشخاص التأريخيين الموجودين على رأس الجبهة , ان كان ذلك نسبيا أو بشكل مطلق , لم يحدث ذلك اطلاقا , كانت الورقة التي طرحتها ال(جوت) والتي أخذت اسم الميثاق (عفوا اسمحوا لي بالجلوس فأنا تعب قليلا) كان ميثاق الجبهة كما يفترض ان يكون مقدمة ويجب ان ترافقها تغيرات في البنى في الأسس التي أوصلت الى هذه المشكلة ولكن يبدو ان عدم تغيير الأشخاص كان ينبغي ان يشير بأن هذه المتغيرات في المستقبل لن تتجاوز السطح . نحن لا نعتقد ذلك الا من تجربة طويلة , قد لا أزعم ذلك بالنظر الى سني ولكنني استطيع ان أتنبأ بذلك تماما . لنسأل أنفسنا أولا : القيادة الحالية التأريخية في ال(جوت) هل هي مؤهلة حتى من قبل أحزابها لقيادة هذه الأحزاب ؟ انني أطالب ‒وانني لن أخوف في مجال النقد فكلامي سيكون مختصرا جدا , ولن أدخل في المشكلة البنيوية لأن الحديث عن هذه المسألة سيطول فعلا ‒ أنا أطالب بعقد مؤتمر استثنائي لكافة الأحزاب الممثلة في ال(جوت) , مؤتمر عام استثنائي كما يحدث عادة في اللحظات التأريخية والمصيرية تقرر فيها قواعد وأعضاء الجبهة ما اذا كانت راضية عن القيادات الموجودة في الجبهة , نطالب أيضا بعد ان يتم هذا المؤتمر لن ينعقد أيضا مؤتمرا استثنائيا يضم كافة قواعد الأحزاب الممثلة في الجبهة لنرى ما اذا كانت ستختار فعلا القيادات الموجودة حاليا أم انها ستطرح بدائل أخرى , قلت اني سأخوض في البدائل ولن أخوض عملية النقد . أحب هنا أن أورد مثلا صغيرا : في اللعبة البرلمانية في ايطاليا لعب الحزب الشيوعي الايطالي دورا انفصل فيه عن الجماهير منذ فترة الأربعينات وحتى فترة الخمسينات , ولذلك ظهر نوع من الغضب الشعبي الحقيقي داخل الحزب الشيوعي الايطالي فظهر حزبان , الحزب الشيوعي الرسمي والذي يجلس على مقاعد الحكومة في البرلمان أيضا والحزب الشيوعي الشعبي الذي يعتقد بأن ما يمثله الحزب الشيوعي الرسمي لا يمثل الجماهير الواسعة العريضة ونتيجة تصرفات الحزب الشيوعي ظهرت فئات راديكالية والتي تجاوزت الحزب الشيوعي والحزب الشيوعي الشعبي , ونتيجة لذلك أتنبأ ولدى معلومات , لقد ذكر لي صديق من أحد الأحزاب التقدمية جدا في هذا البلد ان القيادة الحالية له طلبت مؤتمرا يضم شيوعيي دمشق فقط لالغاء المؤتمر العام , أو لمعاداة المؤتمر العام على الأرجح من أجل تجاوز ما تطرحه القواعد وأؤكد هنا اني لست شيوعيا , وهذا التأكيد ليس خوفا فلم يعد هناك ما يخيف على الاطلاق , أنا أطلب اجتماع القواعد للتأكيد على هذا , للتأكيد ما اذا كانت القواعد ستختار فعلا هذه القيادات التي حصلت على امتياز تأريخي أعطته فترة الخمسينات ‒ الفترة الوطنية ‒ أما نحن الآن فبعد المسألة له طابع وطني وله طابع اجتماعي , أفق القيادات الحالية هو أفق وطني لم يستطع تجاوز أفق دائرة الخمسينات التي كانت مجرد نضال وطني كانت مجرد التأكيد على أولية الاستقلال الوطني . في ضوء المتغيرات الحالية التي تطلب فعلا استقلال وطني واجتماعي لنسأل القواعد : هل هذه القيادة مؤهلة لقيادتكم على المستويين ؟ وهل هي مؤهلة لاستيعاب الدوائر الجديدة في منظورات التطور المحلي والعربي والدولي أيضا ؟ في ضوء ذلك أنا أعتقد , وقد أكون مختصرا الى حد بعيد , ستتحدد تحالفاتنا وتتحدد تحالفات هذه الأحزاب أيضا وستفرز قوى على المستوى الطبقي وعلى المستوى السياسي , تلك هي البدائل التي كنت أريد ان أطرحها . شكرا جزيلا .
المسؤول : الأستاذ ممدوح عدوان .
لماذا تلجأ الجبهة الى الكذب والتمويه
ممدوح عدوان :
ضمن الأسباب الداعية لاجتماعنا هذا لا شك انه هناك احساس عند ال(جوت) انها بعيدة قليلا عن الناس وال(جوت) جزء من هذا النظام الذي يحس انه بعيد عن الناس بعد هذا الشارع السياسي السوري عن السلطات السورية المتتالية سببه تأريخ من وقوع هذا الشعب ضحية لكذب الأنظمة . الأنظمة السياسية كذابة لذلك لا يصدقها , لا يصدق بيان عن معركة بعدد الشهداء ولا يصدق حتى درجات الحرارة القصوى والصغرى . الاعلام كمعبر عن السلطة يكذب أيضا , أنا أشتغل في اعلام أخجل منه لأنه يكذب بهذا المقدار , يكذب بدرجة الحرارة , يكذب باخفاء الكوليرا ‒ وهل هناك أحد يخفي الكوليرا “‒” يكذب بالتستير على اللصوص وعلى التجار والمرتشين وشركائهم ويشكك بي وبكم حين كنتم تقولون ان هناك فساد . السؤال : لماذا يكذب الواحد ؟ ولماذا يكذب الحزب ؟ لماذا تكذب فئة ما ؟ أين الكذب وأين موقعه ؟ الكذب له نوعين : نوع ما يغاير الحقيقة ونوع اخفاء قسم من الحقيقة أو اخفاءها كلها وفي الحالتين ينطلق الكذب من الخوف , الخوف من الاخرين . والسلطات التي تكذب هي سلطات تخاف الشعب وليست مسألة “لا تثق بالشعب لأنه ما عنده مبادرات بناءة وفعالة” , لا , هي سلطات تخاف هذا الشعب , تخاف ان يراها على حقيقتها لذلك يقمعوا رأي الشعب يقمعوا حتى سؤاله , مثلا أنا أريد ان أسأل سؤال : كنا على خصومة مع العراق , والعراق ببياناتنا الرسمية من نفس الأشخاص الذين كانوا موجودين واستمروا حتى الآن , من وزراء عامين و(جوت) وقيادات في الحزب , كلهم ادلوا ببيانات شديدة اللهجة عن خيانة الحكم العراقي وارتباطه بالاستعمار وتواطئه مع أمريكا وعداؤه لحركة التحرر العربية ومسؤوليته عن قتل الناس واغتيالهم في شوارع دمشق . وبعدها تصالح النظام في سوريا مع النظام في العراق , لم يكلف مسؤول واحد نفسه , في سوريا والعراق , ان يقول لهذا الشعب ‒ والذي لا أعرف كم مليون صار ‒ “يا جماعة , كنا غلطانين بحق , بحق بعضنا” , فقط هذه الكلمة , ما خطر لواحد ان يقول : “كنا غلطانين بحق بعضنا” ؟ لا , هم كانوا عملاء ونحن بنظرهم عملاء وتصالحنا . ولم يكلف أحد خاطره ليقول : “يا شعب , تريد ان تعمل وحدة , تريد ان تخوض معركة التحرير , تريد ان تخوض معارك البناء , نحن كنا غلطانين يوم قلنا عنهم جواسيس , والآن نتحالف معهم لأنهم ليسوا جواسيس” , لم يقل أحد هذا , للان لهذا اللحظة , لماذا ؟؟ لأنه نحن لا نهم أحد , ولأننا لا نهم أحد فال(جوت) ‒ باعتبارنا الآن نناقش مشكلة الجبهة الوطنية ‒ ال(جوت) معترفة الآن ‒ ببيانها وبكلام الأستاذ محمود الأيوبي انه فعلا البلد في أزمة , وهناك ست أو سبع سنوات من العمل الذي ليس صحيحا تماما , هناك اعتراف بهذه المسألة ‒ طيب أين كانت الجبهة , خلال هذه السنوات التي حدث فيها أخطاء وفواجع ؟ كانت غائبة وليس لها دور ؟ دورها ليس فعال وبناء ؟ لماذا لم تطلع ببيان تقول لنا فيه : “نحن اسفين , السنوات الماضية لم تكن جيدين” , كيف أستطيع ان اثق فيهم وهم الآن أنفسهم ؟؟ ألم تكن مرحلة الفساد التي مرت , والكلام الذي ملأ الشارع عن الرشاوى والعمولات والسمسرة والضباط الذين يساهمون في شركات ويحمون المهربين , والنهب الذي حصل في لبنان واغتنى منه ناس وصاروا من أصحاب الملايين والبناء الذي عمل بعضهم من أصحاب الملايين . هذا الكلام تناول أيضا أناسا هم في رأس السلطة وهم في قيادة ال(جوت) وهناك أشخاص موجودين الآن هنا تناولهم كلام الشارع , يجوز كذب أو صح , المهم تناولهم ولا ثقة بهم على الأقل , اذاغ كانت التهم كاذبة فهناك زعزعة بالثقة ولم يكلف حزب من الأحزاب نفسه مسؤولية القول “والله مندوبنا في الجبهة لم يكن نشيط” , على الأقل هكذا , وليضحك علينا يا أخي , وقولوا : “ان مندوبنا لم يكن نشيطا” وغيروا مندوبكم بالجبهة , لا الأحزاب قالت “مشاركتنا لم تكن بناءة” ولا الجبهة قالت “ان وجودنا في السلطة لم يكن بناء” . اذا لا أعرف أين المشكلة نفس الأشخاص , نفس الأحزاب , اذا انتم الذين ارتكبتم الأخطاء , انتم وانتم بالأشخاص , قيادات هذه الأحزاب أو تطلعوا ببيان تقولوا من عمل كل ذلك , تقولون لماذا لم تستطيعوا تصليحها ؟ ولماذا سكتم عنها ؟ ولماذا خنقتم أصواتنا وشككتم بوطنيتنا عندما كنا ننتقدها ؟ فنحن من كثرة التشكيك بوطنية المواطن , ومن الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن العربي , صار يتجنب المشاكل ولا يريد بوجع الرأس , حتى صار لا يريد مواطنيته , هذه هي النتيجة ‒ لا يريد مواطنيته .
الممارسة الطائفية للسلطة
(الكلام لا يزال لممدوح عدوان)
كلنا تحدثنا عن مسائل تبدو جريئة , هناك مسائل كلنا تجنبناها , لم يتكلم أحد عن سرايا الدفاع , لم يتحدث أحد عن المخابرات , لم يتحدث أحد عن , اذا لم نقل الوجه الطائفي للسلطة , الممارسة الطائفية لبعض عناصر السلطة , في الشارع الآن هناك تهيج قائم وانتم تعرفوه … (بعض كلمات غير واضحة) وأمريكا تريد المنطقة , وتريد ان تركعنا شعبا وارادة وكرامة لكن انا حتى الآن , في كل شيء حصل في سوريا على الأقل من كامب ديفيد وحتى الآن , لم أسمع انه اعتقل جندي أمريكي في سوريا ولا اعتقل جاسوس أمريكي في سوريا . الذي يخرب والذي يقاوم التخريب مواطنين , والذي يتعاطف مع التخريب ويصبح سلبيا مع الدولة هم مواطنين والمواطنين الذين كانوا يطاردون الاخوان المسلمين في حماة ‒ والأستاذ محمد حيدر يمكن ان يتذكر ذلك ‒ في حماة أيام ما قبل الوحدة حيث كانوا يطاردوهم للمساجد والبيوت , وكان البعثيين قلة مضطهدة وفي نضال سلبي , الآن حزب البعث ‒ ولا أعلم يا استاذ كم صار تعداده ‒ في البيوت والاخوان المسلمون يملكون الشارع , ولماذا كان المواطنون اذا قلت “حرامي” يركض معك الف مواطن ليقبض عليه , الآن يقتل انسان في وضح النهار بطلقات مسدس ويمشي القاتل ولا أحد يدل عليه ولا أحد يقول ملامحه , لأنه هناك ممارسات خاطئة , تركت المواطن يتراجع , يصير عنده انتكاسات طائفية , شعبنا متخلف وعنده بذور طائفية , لكنها كانت متجمدة الآن تنمو , لماذا ؟ لدي سؤال اشرحوه لي الآن , أريد جوابه الآن : اشرحوا لي ما هي سرايا الدفاع ؟ ولماذا لها هذه الامتيازات , لماذا تكون امتيازات جندي بسرايا الدفاع أكثر من ضابط بالقوات العاملة ؟ ولماذا لا نتجرأ ان نحكي عليها ؟ ولماذا تحكي الناس عليها بالهمس والوشوشة , وتعرفون انه يحكى عليها بالهمس (وشوشة في الجمهور) وانتم تحكون عليها بالوشوشة … (ضحك في القاعة وتصفيق) , فالمأزق الطائفي مثلا ضمن المآزق الوطنية التي نصل اليها مسألة تحتاج الى مواجهة مباشرة , تحتاج الى صورة أشعة واضحة ليعرف الطبيب الدواء وشكرا . (تصفيق)
المسؤول : الأستاذ محمد حوراني .
التصدي لكامب ديفيد ‒ كيف ؟
محمد حوراني :
الحقيقة ما تحدث به الأخ ميشيل كيلو والأخ ممدوح عدوان لم يتركان لأحد شيئا (الأيوبي : الذين كانوا قبلك نفس الشيء وحكوا أكثر …) …
(نهاية الوجه الأول من الشريط .. اسم الخطيب الأول من الوجه الثاني غير مسجل , ويمكن انه نفس الخطيب أي محمد حوراني ..)
… أصدروه وهي الجبهة الوطنية التقدمية انه حدث هام في سوريا , وهكذا مطلوب منا أن نتحدث لكننا .. (الأيوبي يقاطع المتحدث : نحنا ما قلنا حدث هام ولا طلبنا من أحد يقول هذا الكلام والله .. نحنا في الجبهة على الأقل ..) طيّب بيان الجبهة الذي اذيع والذي اعتبر انه ليس حدثا هاما .. (ضحك) .. لم يثق به المواطن قطعا ولا تطلبوا من المواطن ان يثق بما جاء به , لأن كل لنصوص التي وردت في نصوص الجبهة انها نصوص وردت في خطاب السيد رئيس الجمهورية في ولايته الثانية امام مجلس الشعب . الا أن هذه البنود التي وردت في بيان الجبهة لم تنفذ مع انها صدرت من جهة أعلى وهي السيد الرئيس , فكيف ستستطيع اذن الجبهة الوطنية التقدمية (جوت) مع كل الشحنات التي حملت بها لكي تنفذها , الحقيقة ان المشكلة ليست في ال(جوت) .. (مقاطعة غير واضحة) .. لا أريد أن أقول انها غير موجودة أو انها ستوجد خلال الفترة القادمة مع ان حزب البعث والذي يشكل فيها وهو قائدها موجود في القيادة السياسية في البلد موجود في مجلس الوزراء وأعضاء في مجلس الوزراء موجودين في ال(جوت) , يعني الأمور متداخلة ومختلطة اما أن تحمل الآن ال(جوت) كباب منفذ جديد يتحدث به لسنة أو سنة ونصف أو ستة أشهر , بكل الحالات المواطنون في هذه الأيام لم يقتنعوا قطعا , لأن حادثة رجل أمن واحد يتخطى شارة حمراء وهو يشطط بسيارته يؤثر أكثر مما يؤثر بيان الجبهة الوطنية .. (من الجمهور : صحيح ..) . نقطة أخرى انتم في هذه الجلسة اردتم ان تتحملوا المسؤولية أو وضعتم ،نفسكم في مكان وكأن الحل سيمر من هذه النقطة مع ان الكل يعرف ان الحل ليس من عندكم وليس من ال(جوت) وان حل كل هذه الاشكالات التي يعيشها المواطن والتي يقول فيها وبحق , كيف تستطيع سوريا أن تتصدى لكامب ديفيد ولا تستطيع ان تتصدى لمشكلة الخبز .. (تساؤل من رئاسة الحوار : شو .. خبز .. خبز ؟ ..) ويبدو انها … فعلا هذا سؤال كبير , كيف نستطيع أن نتصدى لأمريكا ؟ ولاسرائيل ؟ وللنظام المصري الذي اضيف اليها حديثا وبعد الدول العربية التي هي منضمة تسترا ولا نريد نحن ان نعلن عنها ؟ كيف نستطيع ان نتصدى لهذا الحلف الطويل العريض ولا نستطيع ان نحل مشكلة الخبز الا اذا كان مطلوبا ان تكون هناك مشكلة خبز ومشكلة مواصلات ومشكلة أمن ومشكلة غاز لكي .. وهذا ما يقوله الشارع , “يريدون ان يلهونا عن مشاكلنا الأساسية بمشاكل ثانوية , يريدون الا نفكر بالسياسة وبأحداث السياسة وبالمشاكل السياسية وبالقضايا الكبرى , يريدون ان نلتفت الى القضايا الصغيرة لكي ننشغل بها طيلة النهار” .. حتى لا نكون من الشكاوين أي نشكي فقط الحل واضح وتعرفوه قبل غيركم , الحل بالديمقراطية والتي لن يستطيع أحد ان يتخذ قرار بأن تمارس الديمقراطية في هذا البلاد لأن جهات هامة وكثيرة لا ترغب في ان يكون هناك ديمقراطية ولا تستطيع , أو عقلها لا يستطيع ان يتحمل ان تكون هناك ديمقراطية , يعني من الممكن ان يكون أحد المسؤولين المتنفذين والذين بيدهم السلطات المسؤولة ولو كتب أحد الصحفيين مقالا أو سرب مقالا في صحيفة ممكن ان يعتقله أو يفصله كما حدث قبل فترة , صاروا يفصلوا بعضهم (يقاطعه الوزير : وضعوه تحت التصرف ..) فلذلك الحل بالديمقراطية وبممارسة الديمقراطية حقيقة , ان يكون لكل حزب صحيفة وان يفتح المجال لكل المواطنين لكي يعبروا عن آرائهم وان تمارس الديمقراطية في كافة المجالات الحياة وشكرا .
المسؤول : الأستاذ علي المصري … يحدث التباس ويتحدث الصحفي على العيسى …
كيف نمت ظاهرة الاخوان المسلمين
علي العيسى :
قد تستغربون اذ أعلن أمامكم ان الأحزاب المشتركة في الجبهة لا أعرف أسماءها تماما رغم أني أعمل في الصحافة ولكن ليس الأمر بالمستغرب , طبعا من أين لي أن أسمع بهذه الأحزاب , بأسماء هذه الأحزاب وان أعرفها بدقة طالما انكم أنتم أعلنتم في بداية هذا الاجتماع ان ال(جوت) كانت غائبة تماما عن كل ما يجري في هذا البلد ؟ وأنا شخصيا لم يتح لي ان أعرف عنها الا تلك الأخبار البسيطة التي تنشر في أعقاب بعض الاجتماعات التي تحدث بين الحين والآخر . يضاف الى ذلك أود أن أسأل سؤال : من هي هذه الأحزاب ؟ وما هي الشرائح التي تمثلها ؟ وكم تمثل من الشعب ؟ أنا أفترض ان القيادة المركزية أو ان الأحزاب الممثلة في القيادة المركزية ل(جوت) يجب أن تمثل غالبية الشعب والا تفقد الجبهة أو قيادة الجبهة مبررات وجودها . فكم تمثلون أنتم الآن , أنتم الأحزاب الممثلة في الجبهة والتي انضوت تحت لواء الميثاق ؟ الأكثر من ذلك ان المواطن العادي , بكل أسف , لا يتعامل مع هذه الأحزاب كأحزاب . نحن نعرف ان أحزاب الجبهة ممثلة داخل الحكومة ولكن بكل أسف يقال دائما ان هذا الوزير من جماعة فلان حتى كلمة “حزب” لم تعد واردة , الآن لا يقال ان هذا الحزب الفلاني أو ان الوزير من الحزب الفلاني , يقال ان هذا الوزير من جماعة فلان , اضافة الى الانشقاقات الكبرى التي حدثت بين الأحزاب لنأخذ الحزب الشيوعي مثلا , هل الشيوعيين في سوريا ممثلين فعلا بكل قواعدهم , بكل شرائحهم داخل الجبهة الوطنية التقدمية ؟ أنا لا أعرف كل الانقسامات التي حدثت , لكن كل ما أعرفه أن هناك مجموعات , جماعة فلان , جماعة خالد بكداش , جماعة رياض الترك , جماعة غيره , أخيرا دعونا نحكي بالشيء الأهم والأكبر وهو حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يقود هذه الجبهة . الآن ما هو واقع هذا الحزب , هل يتعرض لنفس الأمراض التي تتعرض لها الأحزاب الأخرى ؟ بكل أسف ربما كانت أمراضه أكبر وأشد وأمرّ . في بدايات الستينات من هذا القرن أصدر حزب البعث المنهاج المرحلي الذي اعترفت فيه كل القوى التقدمية في العالم على انه منهاج متقدم وثوري وما شابه ذلك , والآن وبعد هذه الفترة الطويلة من الزمن نشاهد ان حزب البعث قد تحول الى تجمع مثل بقية الأحزاب . فاذا كان هذا هو واقع الحزب الذي يقود هذه الجبهة فكيف حال بقية الأحزاب ؟ لا شك انها ليست أحسن حالا , ما الذي نشأ في ظل هذه الظروف ؟ كيف تمت وترعرعت ووصلت الى هذه القوى ظاهرة الاخوان المسلمين ؟ حزب البعث يمتلك كل هذه المقدرات المفترضة والوهمية غالبا ومعه بقية الأحزاب , التي تطلق على نفسها تسمية تقدمية وطنية اشتراكية ثورية وما شابه ذلك , ومع حزب البعث منظماته الشعبية الجماهيرية التي ينضوي كل الناس تقريبا دون استثناء تحت لواءها , أين هذه المنظمات وأين هذه الأحزاب ؟ في اللاذقية اغتيل أحد رجال الدين , كنا نأمل ونتوقع ان تتصدى الأحزاب جماهير حزب البعث جماهير الشيوعيين , جماهير … ما بعرف شو اسمها (ضحك في القاعة..) أعذروني , والمنظمات الشعبية , عمال وفلاحين وشبيبة وطلاب كان من الممكن ان تتصدى لمظاهر الشغب التي ظهرت , أينها هي ؟ بالأخير طلع “لا تستغربوا هذه ما فيها شيء هذه جماعة رياض الترك وجماعة صلاح جديد وجماعة رابطة العمل الشيوعي” , أنا بودي ان أسأل الآن هل من معلومات دقيقة لدى قيادة حزب البعث أو لدى القيادة المركزية ل(جوت) عن هوية وطبيعة الناس المنضوين تحت لواء رابطة العمل الشيوعي ؟ أنا معلوماتي ان المنضوين تحت لواء هذه الرابطة هم من خيرة العناصر الذي عرفهم حزب البعث العربي الاشتراكي , فكيف حصل ذلك ؟ لماذا نجد الآن الجيل الجديد يلفظ ويرفض قياداته ويرفض كل القوى السياسية الموجودة ويبحث أما عن التيارات المتطرفة يمينا أو يسارا ؟ من هنا ظهرت ونشأت ظاهرة الاخوان المسلمين , حيث يفترض ان منظمة الشبيبة مثلا هي الموجه والقائد لجيل الشباب وهي التي تبحث عن كل الوسائل والصيغ التي تمتن من علاقة هذا الجيل بالثورة وبمستقبل الثورة , نجد ان الاخوان المسلمين ينظمون الدورات التدريسية والتعليمية المجانية لجماهير الشباب , حيث فقد الشباب أي أمل في ان هذه المنظمات وان هذه الأحزاب تمثلهم فعلا وتلبي طموحهم بدأوا يبحثون عن تنظيمات أخرى حتى وان كانت تتعارض الى حد ما مع اهتماماتهم .
في بداية الحديث سأل الرفيق محمود الأيوبي أو قال “الناس تقول أو تتساءل هل سينفذ بيان الجبهة ؟” نحن سنفترض الكمال في هذا البيان وبودي ان أسأل نفس السؤال للرفيق محمود ولجميع الرفاق الموجودين , هل سينفذ فعلا بيان الجبهة ؟ هذا ما لم نستطع الاجابة عليه ولا يستطيع الاجابة عليه أي منكم قطعا بدليل ان مثل هذا البيان قد صدر سابقا .
القيادة الفاشلة عليها ان تستقيل أو … تنتحر
(الكلام لا يزال اعلي العيسى)
بعد أو في أعقاب تشكيل لجنة المحاسبة في عام 1978 أنا وأحد من الصحفيين أو أول صحفي التقيت مع الرفيق أحمد دياب وأجريت حديث مطول معه وكان كلامه انه سيضرب بيد من حديد على أيدي كافة العابثين والمستهترين وفي أعقاب ذلك توزعت القيادة القطرية للحزب على فروع الحزب وبدأت تشرح للناس الأوضاع الراهنة ومستقبل القطر والتغيرات المتوقعة وما شابه لكن ما الذي حدث ؟ الذي حدث ان الناس اصيبوا باحباط كبير وان من تحدث بجرأة في ذلك الحين مثلي أنا على ما أذكر , اتهم بأنه من المناورين وانه من العقلية المتسلطة , أنا شخصيا اتهمت بأني من جماعة صلاح جديد لكوني تحدثت بصراحة وبجرأة عما يجب ان يكون , ولا أدري بماذا يتهم الأخ ممدوح أو الاخوان الاخرين الذين تحدثوا بصراحة وبوضوح . الناس حتى بحسهم العفوي البسيط يقولون ان القائد العسكري الذي يفشل في معركة عسكرية الذي ينهزم , عندئذ ينتحر أو يستقيل أو ما شابه . الناس الآن تقول ان القيادة الموجودة ‒ وهي تقول تحديدا القيادة القطرية ‒ وتقول القيادة المركزية ل(جوت) وتقول ان مجلس الوزراء وتقول مجلس الشعب , تقول ان هذه القيادات يفترض فيها الآن ان تعلن انها فشلت وغير قادرة على ان تستمر , وبالتالي فهي تقدم استقالتها وتترك الفرصة لادوات تنفيذية جديدة قادرة على تنفيذ ما هو مطلوب في المرحلة القادمة . كيف نطور الجبهة ؟ هذا الذي يهمكم أكثر ‒ أعرف ‒ قبل كل شيء لا بد من ان نحدد بوضوح مطلق من نحن ؟ ما هي هويتنا الاجتماعية ؟ طبعا أنا لا اطالبكم بأن تقولوا باننا سنسلك وسننهج نهج اشتراكي تقدمي ثوري , لكن ان تحددوا بوضوح من نحن ؟ نحن اشتراكيون ؟ لا بأس فللاشتراكية أساليب عملها وللاشتراكية مقوماتها . نحن رأسماليون ؟ أيضا لا بأس , لكن أنا واحد من المنخرطين في حزب البعث , أنا حتى هذه اللحظة لا استطيع ان أحدد بوضوح من نحن , هل نحن اشتراكيون فعلا ؟ لا أظن , رأسماليون ؟ لا أظن , لذلك أرى ان المسألة بمقدار ما هي سهلة وواضحة , هي أيضا معقدة وصعبة , من سيجيب على هذه الأسئلة وعلى هذه التساؤلات ؟ أنتم ؟ ‒ لا أعتقد , انا أعرف وسمعت أحاديث منقولة عن بعضكم انكم لا تعرفون شيئا , عما يجري , عما يمكن ان يحدث , فكيف سنطور الجبهة ؟ اذن لنحدد هويتنا الاجتماعية أولا , لنعزز المناخ الديمقراطي ثانيا . كيف يمكن ان يعزز المناخ الديمقراطي ؟ عندما وقع السادات اتفاق كامب دافيد وفي أعقاب التوقيع أو في نفس لحظة التوقيع شاهدت بنفسي طلبة المدينة الجامعية وقد تركوا غرفهم واجتمعوا ونزلوا الى مسيرة غير منظمة يعبروا عن مشاعرهم الوطنية الحقيقية تجاه هذه الخيانة وعندما ساروا في شوارع دمشق بدأت الجماهير تنضم اليهم لكن بكل أسف جاء من يقول “لا , المسيرة غدا” و”نحن سننظم المسيرة” . أية ديمقراطية هذه لا يحق فيها للمواطن ان يعبر عن رأيه حتى حيال مسائل كبرى التي هي من هذا النوع ؟ فهل الديمقراطية بالمقدار الذي نريد وبالصيغ التي نريد ؟ اذا كان الأمر كذلك لا أدري , أنا أعرف ان الديمقراطية غير ذلك . هموم المواطنين ومشكلاتهم لا أريد ان أتحدث عنها كثيرا لأنكم تعرفونها أو ربما لا تعرفونها ومن حقكم الا تعرفونها لأنكم لا تركبون الباص ولا تشترون السلع ولا تعرفون وضع الخبز , هذه المسائل يعرفها المواطنون العاديون أمثالنا لكن مثل هذه الأزمات الخانقة القاتلة تترك آثارا سلبية مدمرة في نفوس الناس . المواطن بدأ يحس ان علاقته بمواطنيته مفقودة . طبعا المواطنية ليست مثل ما قال عنها الرفيق عبدالله الأحمر انه “هي ليست خبز , هي نضال” , يعني نحن لا نعرف كيف النضال , حتى داخل الحزب الآن الحزب الذي يقود ال(جوت) ومعه كل الأحزاب قالت انه في البلد كيت وكيت ومطلوب كذا للمرحلة المقبلة . على رأي الرفيق صياغ أنا الآن وكل الاخرين الذين تحدثوا من جماعة كامب دافيد ومن مؤيدي كامب دافيد , وان كل واحد يضخم الأخطار بالنهاية يصب مع جماعة كامب دافيد , اسئلة كثيرة بتقديري لا أنا ولا أنتم المطلوب مننا نبحث عن أجوبة لها , لماذا الآن ‒ مثل ما حكى أكثر من صديق ‒ يقتل خيرة علماء هذه الأمة ولا نجد من يمكن ان يدل على القاتل . أين النهوض الوطني الذي شهده شعبنا , الذي شهدتموه أنتم فنحن كنا وقتها صغار في الخمسينات من هذا القرن , حزب البعث بعد هذا الحكم الطويل , بعد 16 سنة يحس انه ليس له جماهير . وشكرا .
المسؤول : الأستاذ أمير الصوا .
أحزاب الجبهة لا تمثل تقدميي سوريا
أمير الصوا :
أنا عندما أسمع بعبارة (جوت) مباشرة أقول هذه الجبهة تضم وتمثل كل تقدمي موجود في هذا البلد . طبعا التقدمي ليس من يوقع على وثيقة بانه ينتمي الى حزب من الأحزاب التي تمثلها الجبهة . التقدمي معروفة هويته بممارسته , بوقوفه مع الجماهير العريضة من أبناء هذا الشعب . السؤال الذي أريد أن أساله الآن هل (جوت) تمثل تقدمي في هذا البلد ؟ أعتقد ان الجواب أنتم تعرفوه وأنا أعرفه . في تقديري لتطوير عمل الجبهة التقدمية الوطنية يجب ان تمثل كافة التقدميين الذين يعملون على الساحة في هذا القطر , الناحية الثانية بالنسبة لأحزاب (جوت) أريد أن أسأل سؤالا هل قيادات هذه الأحزاب تمثل قواعد أحزابها بالفعل ؟ لا أخفي عليكم سرا اذا قلت ان كل ما يدور من أحاديث في اجتماعات أحزاب (جوت) القائمة الآن نسمع به ولا تستغربون اذا قلت نسمع به ربما من بعض معارفنا وليس أصدقائنا التجار في هذا البلد .. (يقاطعه الأيوبي : شو بتسمع من حديث ؟) .. يعني ما يدور من أحاديث سرية في جميع قيادات أحزاب ال(جوت) الآن بما فيهم حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الوحدويون الاشتراكيون والحزب الناصري القومي الى آخر أحزاب الجبهة ونسمع به من خلال تجار سوريا وربما أكثر من خلالتجار دمشق تحديدا (الأيوبي : يعني شوب تقصد يا أخي أنا ما فهمت ؟) .. (يكرر أمير الصوا الجملة الأخيرة للمرة الثالثة) . الشيء الأساسي والهام لتطوير الجبهة بتقديري الفروع في المحافظات ليست هي الحل , ربما تكون جزء من الحل ولكن ليس له الأهمية الكبيرة اذا أردنا ان نطور عمل الجبهة أولا يجب ان تمثل الجبهة كافة التقدميين الموجودين في هذا البلد , اذا أردنا تطويب عمل الجبهة يجب تقديم شيء لهذا الشعب لنحقق الشيء المبدئي والضروري للنجاح , نحقق له شيئا , نزيل عنه بعض المنغصات نزيل عنه بعض المعاناة التي يعانيها هذا الشعب ولا أخفي أي سر : نلتقي كأعلاميين ممكن نمثل الجبهة القائمة الآن ونعرف ما يدور في قواعد كل حزب من أحزاب هذه الجبهة وفي انفصال هذه القواعد انفصالا تاما عن قيادة هذه الأحزاب , للتطوير يجب ان يكون هناك تغيير والتغيير يجب ان يكون ديمقراطي شعبي مركزي لا ان يكون تعيينا كما هو واقع الحال في جميع الأحزاب في الجبهة بلا استثناء .
نسمع عن ألسنة القيادة السياسية بما فيها أنتم “اذا حدث فشل في هذا القطر سوف نحمل الرفيق القائد السيد رئيس الجمهورية مسؤولية الفشل فهو تنطح لمسؤولية قيادة هذا القطر في هذه المرحلة” . أنا أقول لكم وبكل صراحة : المسؤولية مسؤولية الجميع , جميع الأشخاص القائمين , والمسؤولية مسؤولية جميع الأحزاب المشاركة في هذه الجبهة , ولولم يكن ذلك على الأقل لانسحب حزب من هذه الأحزاب احتجاجا على موقف غلط قد يحدث مستقبلا فالمسؤولية مسؤولية الجميع كأشخاص ومسؤولية الجميع كأحزاب . هذا هو التقييم الش .. (يقاطعه الأيوبي : ومين قال لك أخي انه ما أحد مسؤول أو انه ما نحن مسؤولين ؟) .. نسمع .. (الأيوبي : ها !!) .. هذا هو وضع الشارع , هذا هو الوضع الشعبي وأنا أنقل بصدق احساس الناس كل الناس , أنا أيضا لا أخفيك انني لا أكذب هذه الأمور الصادرة من شارعنا , بزماني ومن فترة قريبة جدا وبعد أحداث اللاذقية أحد المسؤولين الكبار في قيادة هذا البلد الحالية صور أحداث اللاذقية بأشياء أخرى , أنا كنت في اللاذقية في وقت الأحداث وأنا كنت أتنقل بين ال.. (من الجمهور : الصليبة والرمل .. ضحك) … بين الصليبة والرمل كنت أتنقل وبصدق أنا بعرف الأمر ما كان طائفيا لأنه اتحدى حدث واحد طائفي أو يشير الى الطائفية في كل أحداث اللاذقية , أنا بعرف جغرافية اللاذقية جيدا , الأمور متداخلة ببعضها , حتى يمكن بعض الحارات مغلقة من فئات أخرى ثانية , اتحدى اذا كانت هناك ضربة كف واحدة تمت على أساس طائفي , ما حدث في اللاذقية كان احتجاج على قيادة هذا البلد السياسية تماما , ولا أخفيكم القول ان من طور أحداث اللاذقية هم من رجال السلطة المحلية في اللاذقية لسبب بسيط وأساسي جدا , انه على مدى هذه الفترة الزمنية من الممارسة الغير صحيحة ‒ معليش أقول غير صحيحة كليا يجوز نسبيا صحيحة ‒ ثبت في اذهان الناس انه أنا اذا أكون مشاغبا وحولي قليل من لزعران تتقبلني السلطة عشان .. (ضجيج في القاعة) .. معروفة الشغلة وما في حاجة للتكملة , وجوه السلطة المحلية في اللاذقية نعلمهم ونعرفهم جيدا , من هم ومن ورائهم .
يريدون من اعلامنا ان يأخذ دوره , بتقديري عندنا كلنا النوايا وعند كل الزملاء النوايا بأن يأخذ الاعلام دوره ولكن نصادق كثير من العوائق , مثال على ذلك أنا في الاجتماع مع المسؤول الذي حدث طلب انه على الأقل نبين الأبيض من الأسود يعني نعطيه 60 بالمائة من الأمور الايجابية ونترك 40 بالمائة للأمور السلبية , فرويت حادثة أو تكلمت بحدث بسيط , انه نحن نتعب كأعلاميين على مدى سنة لنربح ثقة الناس , اذا حطيناها على سلم النسب , لنربح ثقة الناس بالنسبة 20 بالمائة يجيء أحدهم , وربما يقحم حقل الصحافة أو حقل الاعلام ولا يكون له أي علاقة فيه لا سابقا ولا حاليا , ولا نراه الا بقدرة قادر صار صحفي وقدم لك وجه مشرف لهذا البلد , وضربت حادثة على ذلك , يا أخي عندما أقول مثلا عن شوارع اللاذقية انها نظيفة , طيب أنا ابن مدينة اللاذقية أستمع لهذا الكلام الموجود في تلاعلام وأعرف الواقع عكس ذلك , أشوفه بعيني كيف أستطيع أنا أن أصدق الاعلام وبعرف ان الواقع عكس ذلك , عندما اندفع من قبل السلطة للكتابة بتصوري لا بد ان اجانب الحقيقة وهذه المجانبة ستؤدي الى زعزعة ثقة الناس فينا كقيادة ليس فقط كاعلام , بل كقيادة سياسية .
لنطور عمل الجبهة أؤكد على نقطة انه التقدمي بالسلوكية وبالممارسة , من تثبت ادانته نقلع رقبته ومن لم يكن حوله أي شبهة من الشبهات ما في مانع ان نشركه بالتالي فهو مواطن من هذا القطر . اذا نعمل احصائية نلاقي التقدميين الذين هم خارج نطاق الجبهة هم أكثر عددا من الموجودين ضمن أحزاب الجبهة وأيضا لنربح ثقة الناس بقيادتنا بعد صدور البيان لازم نقدم شيئا لهذه الناس لهذه الجماهير العريضة , وشكرا .
المسؤول : الأستاذ علي المصري , تفضل .
أرخص ما في البلاد ‒ الكلمة و … الانسان !
علي المصري :
استوقفتنا عند الصباح أم العيال وراء غسالة الفريسكو من طراز 60 ترجوني الا أتكلم .. (الأيوبي مقاطعا : ألا ؟؟؟) .. أتكلم .. (الأيوبي : ما سمعت والله) .. ترجوني ألا أتكلم (صوت من الجمهور موضحا للأيوبي : مرته قالت له لا تحكي ..) فقل لها : رجاؤك مقبول , انما أريد نقل آراءك فقالت : دعك من هذا فالكلمة بغي فقدت شرفها . ان تاج العروس ولسان العرب الذي تعود اليه لم تعد الكلمات الآن من عوائده وليست تمت اليه بصلة , فقلت لها : دعيني أنقل مشاعركم على الأقل ادافع عن حسام ووسام وهمام . قالت : لا يمكنك الدفاع عنهم لأنك لا تملك في هذا القطر شيئا . قلت : بل سأتكلم , قالت : تذكر ان من ستتكلم اليهم اليوم سيعودون بالتكسي المرسيدس 280 وانت ستعود بالباص , فقلت لها : فليكن لن اتخلى عن مسؤوليتي , قالت : انك لست مسؤولا ولا حتى عن نفسك لأنك بكتيك الثمانية يأتي أحدهم من أسفل الاقبية ويسألك من انت فبماذا تجيب ؟ قلت لها القصة التالية : سافرت في السنة الماضية الى أوروبا وقضيت ثلاثة أشهر . على باب الهجرة والجوازات نودى “على المصري” فرفعت يدي فقال بالحرف الواحد , واستميحكم العذر , “يا خرى صار لنا ساعتين ننادي عليك” وقذف لي الجواز من فوق رؤوس الجماهير , وقفت في مطار لندن اقدم جواز سفري لأحدهن , نظرت في الجواز فقلبته قلت لرفاقي “علقنا” لماذا ؟؟؟ لأني منذ 1948 حتى اليوم لا أملك الا الرعب والخوف من الحاضر من المستقبل , قلت جاءت المخابرات , “one moment” ثم عادت بالبوليس سلمته جواز السفر ووقفت تحييني فاستغربت , جاء البوليس ووقف بين الحقيبتين وحمل احداهن باليمني والأخرى باليسرى الى باب المطار , استوقف تكسي “هل تملك العنوان ؟” , “نعم” وضع الحقيبتين داخل السيارة فاستغربت ذلك , ثم دار الى السيارة الثاني وفتحه وقال “تفضل” وحياني وقال “يشرف حكومة صاحبة الجلالة ان أكون برفقة عضو اتحاد الكتاب العرب في سوريا” فضحكت وكان بودي ان أبكي ولكنني ضحكت . فصممت الا أتكلم وجئت اليكم لأقول هل للكلام جدوى ؟ لا جدوى للكلام لأن أرخص ما في هذه البلاد الانسان والكلمة , اذا كان الانسان رخيصا والكلمة رخيصة فأستميحكم العذر لأعود الى أم العيال كما وعدت ان لا أتكلم وشكرا (تصفيق عاصف) الأيوبي يضحك) .
المسؤول : الأستاذ سعيد هلال .. (ضحك احد مديري الحوار لا يزال مستمر صوت منهم يقول ضاحكا : “ظريف هذا الرجل , ظريف والله …”) .
هل كل شيوعي خارج الجبهة ‒ خائن ؟
سعيد هلال :
لن اطيل وسأحاول الاختصار بمجموعة من الأسئلة , أريد أن أسأل هل الأزمة التي يمر بها بلدنا هي أزمة بين السلطة وبين جماعة كما سماها اعلامنا وكما نقتنع نحن انها ال(…) والاخوان المسلمون ؟ اذا كان كذلك فمبرر التبرير الكامل للسلطة ان تضخم أجهزتها الأمنية لتنزل الى الشارع فتستعرض عضلاتها وتحاول ان تخلصنا من هذه الأزمة , في كل شارع في كل زاوية في أي مكان حتى ولو اردت ان تدخل كصحفي يطلبون منك هويتك الشخصية , أحيانا يعرقلون لك مهمتك بسبب التوترات الأمنية , والوضع الأمني المتوتر , اذا عدت الى بيتي اخر (…) فيمكن ان أتعرض الى خمس أو ست دوريات أمن , هذه الحادثة صدفت عدة مرات فاضطر ان ابرز هويتي , أكثر من خمس مرات هويتي الشخصية وفي المرة الأخيرة احسست انني سأقع في مأزق فاضطررت خلالها ان ابرز هويتي الصحفية فتركوني , لماذا ؟ لأني أردت أن أعود متنزها الى البيت في نفس الليلة سمعت بحادثة اغتيال , اذن ما المبرر ؟ ماذا تفعل أجهزة الأمن هذه اذا كانت استوقفتني خمس أو ست مرات لأني مواطن وفي نفس اللحظة حدث اغتيال وفر الهارب (…) تعمل هذه الأجهزة المتورمة , لقد سمعت عدة مرات ان عددها كاف وهنا أسألكم اذا كان بلدنا يمر فعلا بأزمة ومحنة هل تستطيعون ان تحددوا لنا المدة أو هل يمكن لأجهزة الأمن ان تقول لنا , في سنة في ستة أشهر يمكن ان ننهي الاخوان المسلمين وان نتعاضد يدا واحدة لكي نبني هذا الوطن , صار الواحد منا يخاف من جاره يخاف من السمان يخاف ان يعرب من هو , لا نعرف . الاخوان المسلمون يعتبروننا بأننا جزء من السلطة ويمكن ان ينالونا ونحن ما هو موقفنا ؟ نحن لسنا مستفيدين بأي شكل من الأشكال بأي امتياز من هذه السلطة اذا من نحن ؟ اذا كانت الأزمة بين السلطة والاخوان المسلمين فمبرر للأمر أن تقوم بدورها لكن على ما نسمع من تصريحات المسؤولين بأن الأزمة أزمة تجتاح الوطن بكامله الأزمة تريد اغتيال الوطن وتفجير أزمة في كل الوطن وفي كل البلاد , في هذه الحال ما هو دور الشعب ؟ وهذا يطرح السؤال الذي طرحته في البداية هل مثل هذه الأزمة مخول أو متروكة لقوى الأمن أن تحلها ؟ أم ان الشعب له دور في حلها ؟ وما هي المنظمات أو ما هي ال(…) التي يمكن لها استدعاء الشعب وتكليفه بدوره الوطني بتخليص البلاد من محنتها ؟ السؤال الثاني أريد أن أطرحه على الجبهة الوطني في هذه المناسبة التي لم نشهدها من قبل , ما هو المعيار الذي تقيس به السلطة مواطنية ووطنية المواطن ؟ وبناء على ذلك ما مبرر قبوع المئات من القوى اليسارية والذي تحدث بالتغميز عنها بعض الزملاء ؟ وأعتقد ان الزميل علي العيسى حاول ان يحدد بعض الأسماء وبعض الفئات وهنا أريد أن أعيد وأؤكد ما هو المعيار والميزان الذي تحدد به السلطة مواطنية المواطن ؟ نحن لا نعرف , عندما أكتب مقالا أعيده مرة وثانية خوفا من ان اتهم بالتوباماروس فرضا (الأيوبي : ما سمهنا الكلمة , تتهم بماذا ؟؟) اخاف ان اتهم بالتوباماروس (يشرح المسؤول معناها فيقول نعم ويسود شيئا من الضجيج في القاعة) .. وهنا أريد ان أطرح السؤال اذا كان كذلك فحددوا لنا المعيار الذي يحدد لنا الهوية التي نحملها والمكتوب عليها الجمهورية العربية السورية مواطن ولد في كذا في قرية كذا في عام كذا , حددوا لنا المعيار ما هو المعيار الذي تقاس به مواطنية المواطن في هذا البلد ؟ وبناء على ذلك أريد أن أسأل اذا كنا نمر الآن بمحنة الاخوان المسلمين والذين صنفناهم جميعا بأنهم خونة ومرتبطين بالخارج والداخل … الخ وبالتالي يستحقون السجن والمحاكمة والاعتقال وكل ما هو وارد في الدستور , هناك فئات أخرى وللأسف تحدثت عنها لو موند (Le Monde) الفرنسية في السنة الماضية وأعتقد ان الكثير قرأها , هناك مقالا نشر في السنة الماضية في الصحافة الغربية بأن المعتقلين السياسيين في سوريا ينوف عددهم عن الالاف هؤلاء المعتقلون لم يقدم أي منهم الى محاكمة , لا زالوا رهن الاعتقال الآن وقد اعتقلوا بطرق تعسفية , منها في الشارع ومنها أمام الناس وفي كل الأساليب التي تضرب شعور المواطن عرض الحائط , هذا ما حدث في الصالحية لاسم كلنا نعرفه وامام الناس ولم يتحرك أحد , لماذا ؟ هل هو خائن ؟ هل اذا انتقدت موقف بلدي وموقف مسؤول بسلوك غير واعي حتى اتهم خائن وأقبع في السجن لمدة سنوات ؟ نريد ان تحددوا لنا حجم هؤلاء المعتقلين السياسيين ودرجة خيانتهم لهذا الوطن , هل كل شيوعي ليس في الجبهة الوطنية ‒ وأنا مضطر أن أقول كزملاء بأنني لست شيوعي ليس خوفا بل لأنني لا أريد أن أنتمي الى حزب في هذا البلد فشل في قيادة هذا البلد ‒ نريد أن تحددوا لنا هؤلاء السياسيين من اليساريين من رابطة العمل الشيوعي و23 شباط والمكتب السياسي الذين يعانون أقسى أنواع العذاب في السجن هل خونة أم لا ؟ اذا كانوا خونة لكي نقف ورائكم ونطالب باعدامهم في الشارع , حددوا لنا مدى درجة خيانتهم , عندي تساؤل والزميل علي العيسى شاهده عندما كان رئيس قسمي في الجريدة . يوجد زميل يعمل في احدى المؤسسات وعندما طلبت المؤسسة تعيينه فقبل وطلبت منه نشرة استعلامات , جاءت نشرة الاستعلامات من الأمن بعدم الموافقة على تعيينه حاولنا ان نسأل بطرق خاصة : “لانتماءاته المعينة” و ما هي انتماءاته ؟ الى متى ستبقى في هذا البلد تعاني الأجهزة الادارية ؟ وأريد ان أسأل بصراحة ماذا تفهم أجهزة الأمن بوزارة الثقافة أو في وزارة الاعلام أو في الخطط الخمسية ؟ فاذا كانت أجهزة الأمن في بلدنا على هذه الدرجة من العلم والجهبذة والثقافة فلتنصب نفسها قيادة لهذا البلد , وليكن مدير المخابرات العامة هو رئيس مجلس الوزراء . (ضحك الجمهور) لماذا نضع رئيسا ؟ لماذا نشكل مجلس الوزراء ويمكن لرئيس الشعبة السياسية أن يقول لي انت لا تعمل ؟ ويوجد عندي أصدقاء تخرجوا السنة من الجامعة ومن كليات نبحث عنها بالمصباح اليدوي من اختصاصات من اللغة الفرنسية والانكليزية والتجارة والهندسة يبحثون عن عمل ولا يجدون تعيين في مؤسسات الدولة , لماذا ؟ لأنهم “خطرون على أمن الدولة” . نريد أن تحددوا لنا ما الخطر ؟ خطر هؤلاء على أمن الدولة انهم ليسوا اخوان مسلمين بالتأكيد اذا كانت الخطر الآن هو الاخوان المسلمون . لقد كتب الاعلام كثيرا عن الهجرة الخارجية وكلنا يعلم ان العمال والفنيين السوريين يشكلون ‒ وهذا تصريح لوزير العمل بالذات ‒ عددهم ينوف على نصف مليون عامل وفني يعملون خارج القطر منهم من ذهب عن طريق الدولة ومنهم من ذهب بشكل كيفي ونشرات وزارة الداخلية تشير انه في عام 1977 خلال الثلاث الأشهر الأولى من العام خرج ما يقارب عن 4500 عامل فني من القطر منهم من ترك مؤسسته والآن يلاحقهم القضاء , ما موقف السلطة من نصف مليون عامل قادرون على تشغيل ليس سوريا وحدها لأنهم يشغلون كل المشاريع التنموية ويقودونها في السعودية والخليج العربي ونحن احوج ما يكون اليهم .
السؤال الأخير أريد أن أسأله : منذ ثلاثة أشهر تقريبا نشر خبر في جريدة “تشرين” في زاوية مهملة لكي لا يقرأها أحد على ما يبدو انه “بناء على قرار من السيد وزير الداخلية يحق للمؤسسات الحكومية تسريح أي معتقل سياسي بعد سجنه لمدة عام” . نريد ان نسأل الى متى سيبقى هذا القرار نافذا ؟ اذا اعتقل شخص في بلدنا لمجرد انتمائه السياسي واعتقد ان رئيس الجمهورية قال في خطابه في ورقة العمل الوطني “لن يسأل أحد عن انتمائه ومعتقده , مهما كانت انتمائه ومعتقده طالما يمارس انتمائه ومعتقده في حدود الدستور” . ولا اعتقد ان هؤلاء الذين يقبعون في سجوننا منذ سنوات , اعتقد انهم لم يمارسوا معتقدهم خارج نطاق الدستور ولم يتعاملوا مع كامب ديفيد : انهم من الشيوعيين , الشيوعيين الذين لم يدخلوا الجبهة , نريد ان نسأل لماذا هذا القرار الذي يقضي باماته عائلاتهم من الجوع ؟ هذا القرار نشر في الصحيفة الرسمية وشكرا .
(نهاية الشريط …)
تعريفا بالتنظيمات السرية المذكورة
الحزب الشيوعي السوري ‒ المكتب السياسي (ويعرف كذلك باسم “جماعة رياض الترك”)
انشق الحزب الشيوعي السوري عام 1972 بعد ان صوت أغلبيت أعضاء مكتبه السياسي مع رياض الترك وضد زعيم الحزب يومئذ خالد بكداش . رفض بكداش قرار المكتب السياسي وانشق عن الحزب مع مؤيديه (أقلية) .
انتقدت جماعو الترك الممارسة غير الديمقراطية للحزب وعبادة الفردية ومفاهيم الحزب الفكرية . واقترحت توحيد كافة الأحزاب الشيوعية العربية في حزب شيوعي عربي موحد ذي فروع في كل قطر عربي , وذلك كنموذج فعال لممارسة الوحدة العربية التي كان الشيوعيون كالقوميين العرب ينادون بها . غير ان بكداش ومستشاريه من أوروبا الشرقية رفضوا هذا الاقتراح بشدة .
لا تزال جماعة المكتب السياسي في المعارضة غير المشروعة ووقفت بشدة ضد الغزو السوري للبنان والتدخل السوفييتي في أثيوبيا في حربها ضد حركة تحرير ارتريا , وضد الغزو السوفييتي لأفغانستان والتدخل الفيتنامي في كمبوديا . هذا وجدير بالذكر ان جماعة بكداش تشارك البعث في جبهته .
الاتحاد الاشتراكي (ويعرف كذلك باسم “جماعة جمال الأتاسي”)
يتألف من الناصريين اليساريين المنادين بانشاء جبهة مع البعث لكن ليس في الظروف الراهنة . ويشترطون مشاركتهم هذه بالسماح لهم بحرية العمل السياسي المكشوف دونما تقييد . وانشق بعد الأفراد من هذه الفئة والتحق بالجبهة .
جماعة البعث “23 شباط”
هو الجناح اليساري لحزب البعث بقيادة صلاح جديد واأتاسي , الذين قاما سنة 1966 بانقلاب ضد جناح اليمين الحاكم بقيادة أمين الحافظ . وجماعة “23 شباط” في المعارضة منذ حركة الأسد “التصحيحية” عام 1970 .
رابطة العمل الشيوعي
انشأت في بداية السبعينات كنظيرة لمنظمة العمل الشيوعي اللبنانية التي يزعمها محسن ابراهيم , والتي هي حليفة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .
رابطة العمل الشيوعي في سوريا محظورة قانونيا , ورغم ذلك فهي ذات نشاط كبير , خاصة في أوساط الطلبة الجامعيين , ومؤخرا التحق بها كثير من الشباب الذي نبذ تنظيمات البعث .
تعارض الرابطة التحالف مع القوى الوطنية ‒ البرجوازية وتعمل في سبيل توحيد القوى الثورية .
صفحة آخر