نشر هذا المقال بالعبرية في صحيفة “متسبين” العدد 68 ٬ وفيما يلي ترجمته بالعربية : ‒

يجري حاليا نهب أراضي العرب الفلسطينيين في وضح النهار ٬ لم يعد ذلك في الخفاء ٬ أو في الظلام .

في البداية استعمل السلاح ٬ استعمل من أجل احتلال البلاد .

وبعدها استعملت قوة القانون ٬ استعمل وما زال ٬ من أجل اضطهاد سكان البلاد .

والآن تستعمل قوة المال ‒ من أجل تفريغ البلاد من سكانها الفلسطينيين . هذه هي الصهيونية على حقيقتها .

الماضي يعود ادراجه : دونم هنا ودونم هناك ٬ كتلة تراب وراء كتلة تراب .

لكن شيئا ما تغير منذ الأيام الأولى للصهيونية . فالمستوطنون ليسوا بحاجة اليوم الى قوة الأتراك ٬ كما كانوا بحاجة اليها أيام “المطلة” ٬ واليوم لا يحتاج ناهبوا الأرض الى القوة البريطانية ٬ كما كانوا بحاجة اليها أيام “العفولة” .

فالصهيونية في أيامنا لها شرطتها ٬ ولها جيش ٬ وهي نفسها التي تسن القوانين ٬ التي انيط بها اخفاء الشرعية على أعمال النهب .

أين هم اليوم كل أولئك الذين يصرخون صباح مساء ٬ بأن الصهيونية ماتت ٬ أو انها توقفت عن النشاط منذ 1948 ؟ أي تبرير يختلقونه اليوم للتملص من منازلة الصهيونية ٬ كفكرة وكعمل ؟

أما نتائج “النقاش” في أوساط الزعامة الحاكمة الاسرائيلية ‒ أين يسمح “بالشراء” ومن يحق له “ان يشتري” ٬ فانها ليست الامر الحاسم . المهم هو ٬ أنه تبين الآن للجميع ٬ أن حملة “شراء الوطن” ٬ تجري منذ حرب حزيران 1967 ٬ وانها تمر الآن بمرحلة متقدمة أكثر .

ان من يشك في المستقبل الذي يعده رجالات الحكم في اسرائيل ٬ لجماهير الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة ٬ عليه أن يدرس أوضاع عرب اسرائيل ٬ ذلك الجزء من الشعب العربي الفلسطيني الذي انتقل تحت الحكم الاسرائيلي في عامي 1948-1949 . وعرب اسرائيل ٬ الذين كانوا في غالبيتهم فلاحين ٬ طردوا من أراضيهم منذ عام 1948 ٬ وتحولوا الى عمال بسطاء “حطابون وسقاؤون” . كل هذا حصل بفضل قوانين مختلفة اعتمدت عليها الحكومة الاسرائيلية ٬ وبصورة مماثلة يمكن تخمين ما سيكون مصير اخونهم في المناطق المحتلة .

ان اسرائيل تخطط اجلاء جزء من السكان ٬ والجزء الباقي تخطط له الاضطهاد القومي والاستغلال الطبقي وستنقل الأراضي من ملكية عربية الى أياد يهودية ٬ وكل منطقة تعتبر حتى الآن منطقة “مدارة” أو “محررة” ستتحول الى جزء الدولة الصهيونية ٬ ستتحول الى عضو من جسم “الوطن التاريخي المتجدد” . (وواضح ٬ أن الشعب في اسرائيل سيدعى للدفاع عن هذا الجزء ٬ اذ انه كما في كل جيل وجيل “يقوم الأعداء بمحاولة ابادتنا” ٬ كذلك سيحصل في جيل المستقبل) .

وعليه ٬ “فان أردتم ٬ فليست تلك خرافة” . اقد مرت 78 سنة منذ 12 حزيران 1895 حيث كتب “أوضح أسس دولة اليهود” ان “الأراضي الخاصة داخل أقاليم البلاد المعطاة لنا ٬ يجب أن نخرجها قليلا قليلا من أيدي أصحابها … ومن المستحسن أن يعتقد أصحاب الأراضي أنهم يستغلوننا وأنهم يقبضون أسعارا أعلى من قيمتها الحقيقية . ولكن لا تباع الأراضي من جديد الى أصحابها القدامى” .

لو لم يكن الأمر فظيعا الى هذه الدرجة ‒ فقد كان بالامكان النظر اليه كأملوحة تاريخية . اذ أن صاحب الأقوال المرددة هنا ٬ تيودور هرتسل ٬ قد وصف الأمر الى أدق التفاصيل ٬ باحساس نبوي تقريبا :

“شراء الأراضي برغبة أصحابها ٬ تجري من قبل وكلاء سريين ٬ لأنه لو أرادت “الشركة” شراء الأراضي بنفسها أو بسكل مباشر ٬ لكلفها ذلك كثيرا … ومن أجل شراء الأراضي من أصحابها بصورة حرة ٬ يجب الاعتماد على وكلاء ثانويين من ابناء البلاد ٬ الذين يجب الا يعرفوا ٬ ٬ ان الشخص الذي يتصل بهم انما هو بنفسه وكيلا سريا ٬ وأنه يطيع الا التعليمات المركزية التي تصدر من قبل (لجنة شراء الأراضي)” .

ان السلب المتزايد يثبت الآن وبشكل نهائي ٬ لأولئك الذين شكوا في ذلك ٬ أن فضائح مثل مشارف رفح وعقربة لم تكن أمورا “شاذة” وانما جزء من الخطة . وعلى هذه الخطة تشير “متسبين” في كافة أعدادها . وباختصار شديد فان هذا الأمر يرو في مبادئنا الأساسية كما يلي :

“ان مبادئنا الاشتراكية تضعنا في موقف متعارض غير متهادن مع الصهيونية . اننا نعتبر الصهيونية مشروعا استيطانيا كولونياليا يجري تنفيذه على حساب الجماهير العربية (وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني) تحت رعاية الاستعمار وبالشراكة معه” .

*

في هذه الأيام بالذات ٬ وفي الوقت الذي دار فيه النقاش حول سلب الأراضي ٬ أرسلت حكومة اسرائيل “أفضل” و”أحسن” قواتها ٬ لغزو بيروت ٬ لكي “تقاصص” و”توذى” و”تقضى” . على من ؟

على أبناء ذلك الشعب الغ=عربي الفلسطيني الذين يحملون سلاح المقاومة . واذن ٬ فان الدائرة قد أغلقت في سلسلة هذه الأحداث الرمزية ٬ السلب يؤدي الى المقاومة ٬ المقاومة تزيد من الاضطهاد ٬ وازدياد الاضطهاد يعزز المقاومة . ولذا فاننا نعود ونقول : حتى ذلك الوقت الذي لا يحصل فيه الشعب العربي الفلسطيني على حقوقه وحريته ٬ فانه لا يمكن التوصل الى سلام ٬ حتى ولو وقعت حكومات المنطقة ٬ على “اتفاقيات” ٬ “معاهدات” وعلى بقية الوثائق .

سنستمر في حمل لواء السلام ٬ وهو العلم الأحمر :

من أجل نضال يهودي ‒ عربي مشترك ٬ ضد الامبريالية ٬ ضد الصهيونية ٬ ضد الرجعية العربية ٬ من أجل الثورة الاشتراكية .