اضرابات تلو الاضرابات , موجة من المطالبة برفع الأجور تلاحق موجة جديدة , دورة لا تنتهي من رفع الأجور والغلاء وثم العلاء ورفع الأجور , الدولة تفتقر الى قيادة قوية فكل واحد يفعل ما يشاء . لقد حان الوقت لوضع حد للفوضى , حكومة حازمة , يد من حديد , لا تراجع امام جماعات الضغط .. أخيرا تجرأت الحكومة على اصدار أوامر الاقامة الجبرية ضد العمال المضربين (العمال اليهود) , فليتعلم هؤلاء الملاعين , كي لا يستغلوا أكثر من اللازم حساسية الدولة تجاه ايقافهم للعمل أو المضي فيه …

هذا هو الاتجاه السائد على عقول أنصار “النظام” و”الاستقرار” , ذلك الاتجاه الذي يتغدى من عمليات غسيل المخ التي لا نهاية لها , ومن البرامج التعليمية والدعاية الرسمية والصحافة .

ان دولة اسرائيل التي تتقنع بقناع الاشتراكية امام عيون هواة اليسار , والتي تفتخر برأسماليتها امام أرباب المال وزمرة الغربان المحيطة بهم ‒ لا تعدو كونها نموذجا جذايا لدولة رأسمالية تابعة , ومغمورة بالتطرف القومي الصهيوني . انها دولة ينخر فيها سوس الفقر , حينما تثار قضية بناء مساكن لعائلات العمال , أو سن قانون يحدد مستوى أدنى للأجور , أو منح مخصصات اجتماعية تضمن حياة شريفة , أو توفير تعليم مجاني أو بناء مستشفيات .

وهي دولة فاحشة الغنى حينما تمنح الهبات بملايين الليرات للشركات المدعومة (مثل مصنع “جيبور” للنسيج) , وحينما تحافظ على بيروقراطية متخمة , وتزيد أرباح المقاولين العاملين في خدمة الجيش , وحينما تمنح القادمين الجدد من بلدان أوروبا وأمريكا القروض السخية .

هي دولة كل ما فيها معروض للتجارة , كما أن العمل فيها سلعة . اما السعي وراء أعلى مستوى ربح ممكن , يشكل أحد الدوافع الرئيسية للحياة . بأي حق يلوم اللائمون العمال اللذين يجمعون أنفسهم , ليلعبوا هم أيضا وفق شروط اللعب الرأسمالية ؟

حينما اختفى الاسمنت من الأسواق , ارتفعت أسعار الكميات التي في المخازن بمقدار الضعف أو ثلاثة أضعاف ولم ير أحد في ذلك شذوذا عن القاعدة , بل على العكس , فقد حسد الكثيرون تجار الاسمنت على الفرصة الذهبية التي سنحت لهم . فلماذا سيكون على السلعة المدعوة “عملا” التصرف بشكل مخالف ؟ ولماذا لا يضغط العمال من أجل الحصول على علاوات مختلفة , في حالة النقص في الأيدي العاملة ؟ اذ هل سيكون بمقدورهم القيام بذلك في فترات البطالة ؟

ان معظم ذوي النصائح على اختلاف أشكالهم , لم يعملوا كأجراء من أجل لقمة العيش , حتى أولاء اللذين اشتغلوا في يوم من الأيام , قد نسوا كيف تبدوا الأمور من وجهة نظر عامل أجير .

ان أية نقابة عمالية في بلد غربي , كانت ستهب لنضال عام من أجل الحصول على علاوات ومنح للعمال , بخلاف مما تفعل “هستدروتنا” التي تعرف كيف تدير “سوليل بونيه” أو “هامشبير” , مثلها في ذلك مثل التاجر المحنك , ولكنها تحرم جمهور العاملين , ذلك .