بقلم الكاتب اليساري البريطاني فرد هاليدي
عن مجلة “نيو لفت ريفيو” (New Left Review), عدد خريف 1970
يقول الرأي السائد في الغرب , حول الحرب في اليمن , ان النظام الجمهوري هناك قد اعتمد على القوات المصرية . كما ان مصيرها قد تقرر حينما غادرت تلك القوات اليمن . وهذا هو نفس الاعتقاد المصري .
اما الحقيقة , فتختلف عن ذلك أشد الاختلاف : لقد خلق المصريون في اليمن وضعا جعل الجمهورية تعتمد عليهم , مما أدى الى الحاق الضعف بها .
زيادة على ذلك , لم تقع الجمهورية فريسة في أيدي القوات الملكية من الخارج , بل في أيدي “الجمهوريين الاقطاعيين” في الداخل (الاقطاع الجمهوري أو “الجمهوريين الاقطاعيين” تعبيران يستعملهما اليسار اليمني . ويجب ان لا يفهم من ذلك ان المجتمع اليمني كان مجتمع اقطاعيا بالمعنى العلمي المتعارف عليه , أو مشابه للاقطاع في أوروبا) . لقد كانت القوات ذاتها , التي اعتمد عليها المصريون في اليمن وأيدوها , هي التي جعلت من اليمن فيما بعد يدور في فلك السعودية . ولم يكن المصريون قادرين على المستوى العسكري مجابهة الظروف الطبيعية في اليمن , اذ ان الكثيرين منهم الذين جاءوا من دلتا النيل , لم يشاهدوا جبالا طوال حياتهم . كانت عمليات الاركان والتخطيط مضطربة . كما سادت العلاقات بين الضباط والجنود صفة الآمر والمأمور . لقد عبّر تركيب الجيش المصري عن شكل العلاقات السائدة بين الطبقات في المجتمع المصري .
ان افلاس الجيش , بالاضافة الى نواقصه وعيوبه , التي بدت خافية عن الانظار , خلال أحداث اليمن , عادت وظهرت ابان حرب حزيران 1967 .
لقد عانى جيش الجمهورية النظامي , خلال عام 1962 من نقص في القوى البشرية والمعدات , كما كان بحاجة لمعونة سَوقية (من نقل الجنود وايوائهم وتموينهم ‒ logistic) واستراتيجية . ولكن المصريين اهملوه جانبا .
كما كان الضباط اليمنيون اللذين يرسلون الى الاتحاد السوفييتي ومصر للتدريب , يوضعون بعد عودتهم في وظائف استخدامية , ولا تتاح لهم الفرصة في القتال .
حينما سافر عبدالله السلال , رئيس الجمهورية عام 1964 الى موسكو , في محاولة لطلب معونة عسكرية , بطريق مباشر واجه هناك ضغطا مصريا لافشال المشروع والغاء ذلك الاتفاق . بعد مرور عامين , توجه [رئيس الحكومة اليمنية] حسن العمري الى القاهرة لمقابلة [رئيس الحكومة السوفييتية] كوسيغين الذي كان يزورها , وكان ينوي طلب تجديد الاتفاقية . ولكن المصريون منعوا اجراء المقابلة .
لقد بلغ الوضع حدا , اضطر فيه العمري , بعد ان طلب كمية معينة من المصفحات من المانيا الديموقراطية الى الغاء الصفقة , بعد ان أخبره المصريون بانهم سوف يستولون على المصفحات حال وصولها .
الواقع ان حجم الجيش الجمهوري قد انخفض بين 1962 ‒ 1967 , من 20 ألف جندي الى 7 الاف . كانت القوات الرئيسية التي استعملها المصريون , عبارة عن قبائل “جمهورية” معينة , كانت تناهض حكم الامامة على مدى التاريخ , وقد استأجرها المصريون وسلحوها من أجل القتال في صفهم . لقد حررهم الاعلان عن قيام الجمهورية , من وصاية الامام عليهم , ومنحهم الاستقلال الذاتي الذي كان ينقصهم في الماضي . فقد أصبح كل شاخ من المشايخ , في مركز قوة يتيح له الفرصة لبيع ولائه لمن يشاء . كانت تلك القبائل ” الجمهورية” كما تقدم , مناوئة للملكيين . ولكن المحافظة على ولائها كانت تتطلب امدادها بشكل دائم بالأسلحة . كما كانت تلك القبائل وغيرها من القبائل ‒ المحايدة ‒ في وضع يجعلها تحظى بالمعونة من كلا الطرفين وتفضيل طرف على الآخر تبعا لمصالحها . لقد وضعت الجمهورية حدا للرضوخ لسلطة حكومة مركزية , كما ان الحرب الأهلية قد أدت الى زيادة استقلال القبائل .
كانت القبائل التي نالت استقلالها بهذه الطريقة , قبائل “جمهورية” و”اقطاعية” . لقد كانت جمهورية بمعنى انها باركت تنحية الامام , وعملت على المحافظة على الجمهورية ‒ بشرط ان تكون تلك جمهورية يمكن لهم تسييرها . كانت أرضية قوى هذه العشائر وأهدافها تقليدية , كما انها كانت مصممة على العمل على الغاء اصلاحات ثورة 1962 .
حصل الازدياد في قوة “الاقطاع الجمهوري” ابّان فترة الجمود , الى حين هزيمة الجيش المصري عام 1967 . أصبح النظام الناصري بحاجة ماسة , بعد الهزيمة للمعونات التي تقدمها السعودية والكويت (البالغة 110 مليون جناه استرليني سنويا) التي خصصت لتعويضه عن فقدان الدخل من عائدات قناة السويس , والتي وافق عبد الناصر مقابلها على سحب قواته من اليمن . تم الاتفاق على الانسحاب في مؤتمر الخرطوم في اب 1967 , ففي مطلع كانون الأول من نفس العام كانت جميع القوات المصرية قد غادرت اليمن .
اما السلال , فانه بالرغم من ارتباطه الوثيق بالوجود المصري العسكري في اليمن , فقد عارض الاتفاق ورفض التعاون مع اللجنة الثلاثية , التي شكلت في مؤتمر الخرطوم , بهدف التوصل الى تسوية في اليمن . وحينما وصلت اللجنة الى اليمن قامت جماهير غاضبة بمهاجمتها , مما أدى الى مقتل ثلاثين مصري . ولكن السلال كان يفتقر الى قاعدة قوية مستقلة من أجل القدرة على المقاومة .
لقد تآمر كل من حسن العمري وجماعة القاضي عبد الرحمن الارياني والنعمان ضده , معتمدين على المصريين اللذين اذنوا لهم بالعودة الى مصر . كانت نهاية السلال في شهر تشرين الثاني , حينما سافر السلال الى موسكو للمشاركة في الاحتفالات بالذكرى الخمسين لثورة أكتوبر الاشتراكية , وتم عزله زمن غيابه في الخامس من تشرين الثاني 1967 .
ضمت الحكومة الجديدة التي تولت الحكم بعد الانقلاب في تشرين الثاني , كلا من زعيمي “القوة الثالثة” النعمان والارياني , بالاضافة الى العمري الذي تولى قيادة الجيش . كانت الفترة فترة وصل فيها نشاط الاقطاع الجمهوري ذروته , بقيادة “القوة الثالثة” ‒ وهي تيار سياسي داخل المعسكر الجمهوري يتألف من تجار شافعيين , ومشايخ عشائر محايدة و”يمنيين أحرار” , من بين اللذين اشتركوا في محاولة اغتيال الامام يحيى عام 1948 .
لقد تخلص الزعماء الجدد من السلال , ولكن على الرغم من رغبتهم في المصالحة مع الملكيين , ورغم الضغط العربي الشامل من أجل التوصل الى تسوية , نشب القتال من جديد , عندما بدأت فلول الملكيين المتشددين بقيادة محمد بن الحسين , ابن عم الامام البدر , بمحاولة شرسة لاحتلال صنعاء , وتحديد مستقبل اليمن وفق مخططاتهم . والواقع انه بعد نزوح القوات المصرية , برزت بكل حدة , التناقضات بين المحاور المختلفة داخل القوات القبلية التي تنازعت السلطة . وقد أدى ذلك الى تبلور تيار ثوري وشعبي , للمرة الأولى .
ظهور اليسار
لقد سنحت الفرصة لتكوين معارضة يسارية مستقلة في فترة الحصار حول صنعاء , الذي استمر لمدة سبعين يوما , بعد نزوح القوات المصرية . كان الحصار الذي استمر منذ بداية كانون الأول عام 1967 حتى منتصف شباط 1968 , بمثابة المحاولة الأخيرة من جانب عائلة الامام والقبائل الموالية لها , من أجل العودة الى الحكم .
كانت العناصر النشيطة التي ارست دعائم المعارضة الجديدة بشكل عام , من بين الأعضاء السابقين في “حركة القوميين العرب” (تأسست الحركة في بيروت في بداية الخمسينات , من قبل جماعة من الفلسطينيين , من بيتهم جورج حبش ونايف حواتمة ومحسن ابراهيم . كانت الحركة تؤيد الناصرية بين 1959 ‒ 1969 , وقد كان للحركة فروعا في أرجاء العالم العربي . حلت الحركة عام 1968 . في مطلع عام 1969 قام اليسار في حركة القوميين العرب بخطوة رئيسية أولى , حينما انفصل شكلا ومحتوى عنها . وقد أعلن في شباط 1969 , عن فصم العلاقة بين الفصائل اليسارية وبين يمين الحركة في مختلف الأقطار العربية) . وتعاون الحزب الشيوعي الصغير بالدرجة الأولى , مع السلال والمصريين . اما البعثيون فلم يلعبوا دورا كبيرا , لضئالة عددهم , مع ان محسن العيني , أبرز ممثليهم , قد عين رئيسا للحكومة الجديدة التي شكلت في أعقاب انقلاب الخامس من تشرين الثاني , وذلك بخلاف حركة القوميين العرب التي قامت بدور اكثر ايجابية في تاريخ الجمهورية .
افتتح القوميون العرب , بعد قيام الثورة , ناديا ثقافيا في تعز ووسعوا حركة النقابات المهنية , من قاعدتها الأساسية , بين عمال الشوارع . كما أسسوا عام 1963 النقابة العامة لعمال تعز , التي تطورت وأصبحت فيما بعد نقابة عامة لعمال اليمن . وقد اعترف الاتحاد العربي للنقابات المهنية بالنقابة عام 1965 .
لقد كانت احدى النتائج الاقتصادية للحرب , تشييد مصانع في صنعاء وتعز , ومن أهمها مصنع النسيج الذي مولته الصين الشعبية , ويعمل في المصنع الذي أقيم في صنعاء , خمسمائة عاملة وثمنمائة عامل . كما تم توسيع ميناء الحديدة نتيجة لازدياد الواردات العسكرية والاستهلاكية . قامت حركة القوميين العرب بنشاطها بين هذه الفئات العمالية الجديدة , وبين أصحاب الدكاكين الصغيرة والمثقفين , وشيدت قاعدتها الشعبية .
لكنهم بعد حدوث الانشقاق مع المصريين في مؤتمر عمران عام 1964 , الذي حاول النظام المصري التوصل خلاله الى تسوية مع الملكيين , صار القوميون يبعدون من وظائفهم في الجهاز الحكومي , بما في ذلك من دار الاذاعة التي كانوا يديرونها بأنفسهم . كما أغلق النادي الثقافي في تعز , وقتل ثلاثة من أعضاء النقابات المهنية , حينما هاجم جنود من القوات المصرية مسيرة احتفال بالذكرى الرابعة لحركة السادس والعشرون من ايلول 1962 , وعزل الامام .
نظم أعضاء حركة القوميين العرب , عام 1967 , مظاهرة معادية للسياسة المصرية , بكل ما يتعلق في شئون الجمهورية اليمنية , وضد النوايا المصرية في التوصل الى حل تصفوي , مع الملكيين . كما نظمت حركة القوميين , المظاهرات في ايلول 1966 , ضد زيارة لجنة التوفيق الثلاثية . وفي نفس الوقت الذي كان يجري تطور الحركة وتحولها نحو اليسار في اليمن , كانت الحركة تتفكك في أرجاء العالم العربي . فقد قطع فرع القوميين علاقاته مع المصريين , قبل قيام مركز الحركة بذلك . كما ان “الحرية” , مجلة حركو القوميين العرب الأسبوعية الصادرة في بيروت , كانت مالا تزال آنذاك تتحدث عن “الدور التقدمي” الذي تقوم به القوات المصرية في اليمن , حتى في الوقت الذي تحول الفرع اليمني الى المعارضة (تنطق “الحرية اليوم بلسان “منظمة الاشتراكيين اللبنانيين” , وهي التنظيم الماركسي اللينيني الخارج من حركة القوميين العرب , التي تم تأسيسها في أواخر 1969 , ونشرت وثيقة تحليلية حول تاريخ حركة القوميين العرب في عدد “الحرية” الصادر في 20/10/1969) . وعندما تكشفت معوقات القومية العربية ‒ المصرية , بدأ يتطور بين القوميين العرب اتجاه انتقادي لسياسة مصر الخارجية والداخلية وممارساتها , وقد تأثر هذا الاتجاه من تجربة الثورة الكوبية والصينية , وأدعى هذا الاتجاه التزام الماركسية ‒ اللينينية , بالرغم من انه لم يطور نظرية واضحة لقضية الثورة الاشتراكية في العالم العربي .
وقد اصطدمت الأجنحة القومية “بالماركسيين ‒ اللينينيين” , في المؤتمر الذي عقد في صيف 1964 , وقد خسرت الحركة تنظيمها المركزي عام 1968 . كما تحولت بعض فصائلها الى الكيان السياسي المستقل , كالجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية الديموقراطية لتحرير فلسطين والجبهة القومية لتحرير اليمن الجنوبي .
تأسست حركة القوميين العرب , خلال فترة حصار صنعاء , التي غدت آنذاك حركة مستقلة تماما , تنظيمين للدفاع عن الجمهورية : قوات المقاومة الشعبية في صنعاء والحديدة وتعز , والتي تحولت بعد ذلك الى ميليشيا شعبية يساندها ضباط ذوي الرتب المنخفضة , ولجان الفلاحين التي نظمتها كوادر حركة القوميين العرب , التي كانت مهمتها تجنيد الفلاحين من أجل مقاومة الجمهوريين الاقطاعيين .
كان الدافع الى تأسيس المقاومة الشعبية في صنعاء انعدام جيش نظامي فعّال , وفراز الكثيرين من الموظفين الحكوميين الكبار , وكبار الضباط الى أماكن اكثر امانا . كما ان البعثات الديبلوماسية قد غادرت صنعاء , باستثناء الصينيين الذين أرسلوا فرقة هندسة لتقديم المساعدة للمدافعين . اما المقاومة الشعبية ذاتها , فقد قامت بتجميع أفرادها من بين العمال المنظمين في المصانع , وأصحاب المتاجر الصغيرة والمثقفين , كما تعاونت مع طلاب الكلية العسكرية الشبان في صنعاء . وقام هؤلاء بمساندة بضع فرق الكوماندو والمظليين , من الجيش النظامي , بالدفاع عن المدينة حتى فك الحصار عنها بعد شهرين .
كسب اليسار من خلال تنظيم الدفاع في فترة الحصار , نواة من قوات الميليشيا , التي لم تقتصر على صنعاء , بل تخطتها الى تعز والحديدة , كما كانت تقع تحت تأثيره بعض قطاعات من الجيش النظامي . وكان القسط الكبير من التأييد الذي حظي به اليسار , بين الشافعيين اللذين يعارضون سيطرة القبائل الزيدية الكبيرة على الجمهورية اليمنية . وكانت مطالبهم :
- رفض مقررات الخرطوم , وجميع محاولات التوصل الى حل وسط مع الملكيين .
- بناء جيش مركزي من أجل تشييد قوة دعم عسكرية للجمهورية .
- توسيع ودعم قوات المقاومة الشعبية .
- المساواة بين الشافعيين والزيدية في الحكم .
قامت الميليشيا والعناصر الفعالة بين الضباط برفع هذه المطالب في المدن , كما جرى في المناطق المحيطة بتعز وراده وايب , تنظيم لجان الفلاحين .
كان ذلك تطورا على درجة كبيرة من الأهمية , اذ ان الجمهورية لم تصدر مراسيم للاصلاح الزراعي , بل اكتفت بمصادرة أراضي الامام . لأن أية خطوة في هذا المجال , كانت تهدد باثارة معارضة المشايخ وأصحاب الأراضي اللذين اعتمد المصريون عليهم . لذلك , كان تحرك الفلاحين وتنظيمهم بمثابة هجوم مباشر على مواقع الاقطاعيين الجمهوريين . لكن البرامج التي عرضتها لجان الفلاحين , كانت متواضعة , لأنها عبرت عن ضعف الوعي الطبقي , وقلة ممارستها السياسية .
كانت تلك المطالب تتلخص في النقاط التالية :
- تسوية الخلافات بين الفلاحين مجانا بلا مقابل , الأمر الذي سيضع حدا لمحاولات الابتزاز التي يقوم بها المحامون .
- تشييد لمدارس .
- تعبيد الشوارع وبناء المستشفيات ومد شبكات الري .
- تنمية الوعي القومي والثوري , وتأسيس الجمعيات التعاونية , وتشكيل اتحاد نقابي عام للفلاحين الصغار الذين لا يمتلكون الأراضي .
- تصفية ونزع سلطات المشايخ , وملاك الأراضي الكبار , السياسية والاقتصادية والادارية .
كان نطاق التنظيم على المستوى الجمهوري العام محدودا للغاية , غير انه كان ملحوظا في بعض المناطق وبات يهدد مصالح أصحاب الأراضي والمشايخ . ففي منطقة عبوس مثلا , قامت لجان الفلاحين بخلع المشايخ واغرامهم على التوقيع على أوراق الاستقالة , كما قامت بالتصدي لكل من الفئتين المستغِلتين : كبار ملاك الأراضي والمشايخ اللذين كانوا يقومون بجباية الضرائب .
كانت نتيجة نزوح القوات المصرية , ونجاح الدفاع عن صنعاء , بروز قوة جديدة في الجمهورية اليمنية , ترتكز على قاعدة شعبية في القرى والمدن , وتناهض الاقطاع ‒ الجمهوري . وقد اضطر العمري لتقديم بعض التنازلات لقوات المقاومة الشعبية , خلال حصار صنعاء . ولكنه شرع بعد فك الحصار , مباشرة , في العمل على تصفيتها .
كانت صنعاء , من الناحية العسكرية , تحت امرة عبد الراغب عبد الوهاب , قائد فرق الكوماندو والتابعة لقوات الصاعقة . وقد استمر في عمليات التجنيد من أجل تعزيز الجيش النظامي وتقويته . وبعد ان تم دحر الملكيين من صنعاء , تركز الصراع الرئيسي بين الجمهوريين الراديكاليين وبين الجمهوريين الاقطاعيين .
الردّة
وقع الصراع الأول الرئيسي بين المعسكرين في شهر آذار , حول وصول سفينة سلاح سوفييتية مرتقب الى ميناء الحديدة . وكانت السفينة محملة بخمسين دبابة ومجموعة من الأسلحة المختلفة . وقد صرح العمري انه سوف يوزع الأسلحة على قوات المشايخ البارزين الخاصة , الأمر الذي أثار معارضة قوات المقاومة الشعبية ومؤيدي عبد الراغب عبد الوهاب , اللذين صمموا على الاستيلاء على الدبابات وتسليمها الى قوات الجيش النظامي , وقد قاموا قبل وصول السفينة بثلاثة أيام بعزل الحديدة عن باقي اجزاء اليمن . وسارع العمري , الذي كان ينزل في القاهرة في طريقه الى بيكين , بالعودة وتجنيد 10 لآلاف جندي من رجال القبائل المحلية , بقيادة الشيخ سنان أبو اللحوم (الجمهوري سيء السمعة ونسيب الزعيم البعثي محسن العيني) الذي قام بتجميعهم في منطقة الحديدة والزحف عليها . وابدت قوات المقاومة الشعبية , التي كانت تعتمد على نقابة عمال الميناء , مقاومة عنيفة أدت الى هدم مراكز قيادتها . وقد سحقت قوات المقاومة نتيجة لتفوق قوات العمري عليها , كذلك عجزت فصائل قوات المقاومة في صنعاء عن القدرة على المناورة , فقد قام العمري بارسال قوات من رجال قبيلة الشيخ عبدالله الأحمر الى المدينة , لضرب اليسار .
بعد صدام آذار , شرع الاقطاعيين في التحضير لتصفية اليسار نهائيا وكان اليسار في تلك الفترة يمر مرحلة من التحول , فقد عقد في حزيران مؤتمر الكوادر التي كانت تنتمي في السابق الى حركة القوميين العرب , بهدف تأسيس تنظيم جديد وتطوير استراتيجية جديدة . وقد اتخذت فيه قرارات منها :
- الانفصال رسميا عن قيادة حركة القوميين العرب والتجمع كحزب ديموقراطي ثوري .
- ارساء دعائم الحزب على الأسس الماركسية ‒ اللينينية .
- محاربة الاقطاع الجمهوري , بالوسائل السياسية والعسكرية .
- مساندة الجناح اليساري في “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن” , في نضاله ضد قحطان الشعبي , والعمل على القيام بنضال مشترك .
- انتخاب لجنة مركزية تتألف من 11 عضوا .
- كان يبدو آنذاك , ان اليسار الجمهوري لم يطور استراتيجية ثورية واضحة المعالم , من أجل تولي السلطة واقامة دولة عمال وفلاحين تستند على شكل جديد من السلطة الشعبية . فقد عقد الحزب تحالفا مع العناصر النشيطة سياسيا , من بين ضباط الجيش ذوي الرتب المنخفضة . ولكن الحزب لم يراقبهم بشكل منتظم . وحينما صممت جماعة العمري على القضاء على اليسار , كان الحزب في تلك الفترة في مركز ضعف عسكري وسياسي , بسبب اعتماده بالدرجة الأولى على المدن , التي كانت مكشوفة لضربات قوات العمري العشائرية .
في شهر تموز , انعقد في عبس اجتماع لمشايخ العشائر , وصودق فيه على قرار العمري “بتطهير” الجيش , وطرد كافة الضباط اليساريين من القوات المسلحة , وتسريح قوات المقاومة الشعبية , وفرض الحظر على “الأفكار الهدامة” ‒ أي المنشورات والصحافة الماركسية . كما دعى اجتماع المشايخ الى انشاء “جيش شعبي” . وبمعنى آخر : جيش القوات العشائرية سيقع تحت سلطة المشايخ .
حينما أقال العمري , الذي اعتمد على العشائر , رئيس اركان الجيش وقائد سلاح المدفعية , الذي كان أحد قواد قوات الدفاع عن صنعاء , ادى ذلك الى اثارة سخط العديد من الضباط . وتبين للعمري ان اليسار متغلغل في بعض قطاعات الجيش , ويعد نفسه لمقاومة عنيفة , لذا فقد استنفر العمري القوات القبلية من مناطق الجبال المحيطة بصنعاء الى المدينة , مما ادى الى نشوب القتال . وقد قتل من جراء المعارك العنيفة التي دارت خلال شهر آب , والتي استمرت مدة يومين , 300 شخص معظمهم من أنصار العمري , وقد قتلوا حينما قاموا بمهاجمة بنايات كان يتمركز داخلها بعض صغار الضباط .
ولكن العمري أحرز النصر ثانية , فقد سرحت القوات الشعبية وحلت لجان الفلاحين , وفر عدد كبير من الكوادر السياسية والنقابية والتجأوا الى عدن , كما التجأ عبد الوهاب الى الجزائر يصحبه 21 ضابطا .
بعد فترة من الوقت , في كانون الأول , عاد عبد الراغب عن طريق عدن الو اليمن , وشرع يدعو الى اطلاق سراح الضباط وأعضاء النقابات المهنية اللذين اعتقلوا بعد أحداث آب . فكان رد فعل العمري ارسال وحدو عسكرية , وقصفت منزل عبد الراغب عليه وقتلته .
وصدر في أعقاب ذلك بيان رسمي زعم ان عبد الراغب قد تآمر على اغتيال الرئيس الارياني . واستمر العمري في “تطهير” الجيش , دون التصريح عن وجود مقاومة جدية لخطواته .
لقد عززت هزيمة آب مراكز قوة الجمهوريين ‒ الاقطاعين , اللذين استغلوا الفرصة لضرب الحزب الديموقراطي الثوري والنقابات العمالية . والحقيقة ان الحزب نفسه قد عارض خط الضباط الشبان , وذلك بسبب ضئالة قوتهم , ولكن الحزب لم يكن حذرا بما فيه الكفاية , أو حتى على ممارسة العمل السري .
استمرت العناصر النشطة , خارج اليمن في نضالها , كما استولى 300 طالب يمني , بعد مصرع عبد الراغب على السفارة اليمنية في القاهرة , وأبدوا احتجاجهم على “المؤامرة التي تحيكها بعض عناصر السلطة الحاكمة في صنعاء , بالاشتراك مع الملكيين من أجل قلب الجمهورية اليمنية الى دولة اسلامية , تحافظ في الظاهر على لقب الجمهورية , وتتخلى في الواقع عن مبادئ الثورة” .
سيطرة الاستعمار الجديد
في عام 1969 خطى نظام العمري خطوة نحو التقرب من الملكيين . كما ان عدد القبائل الملكية التي انضمت الى صفوف الجمهوريين كان في ازدياد , وأبدت السعودية موافقتها على ايقاف العون الى الامام بشرط ان تصفي الجمهورية القوى اليسارية , وتتبنى سياسة خارجية موالية للغرب . وكان التعبير السعودي الذي لخص مطالبهم , هو تحول الجمهورية الى دولة اسلامية . واعدت حكومة العمري تمشيا مع تلك الضغوط , مؤتمرا وطنيا يضم زعماء الدين ومشايخ العشائر , ثلاثون منهم منتخبون و(15) يتم تعيينهم (كما حجز 12 مقعدا لممثلي جنوب اليمن , غير انها لم تمنح لهم) . كذلك تم منع الأحزاب , وبرر العمري ذلك قائلا : “ان الأحزاب تعمل في معظم الأحيان من أجل مصالحها هي , وليس من أجل صالح البلاد العام” .
اما في مجال السياسة الخارجية فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية المانيا الديموقراطية , واستُؤنفت العلاقات مع المانيا الغربية والولايات المتحدة . كما ساءت العلاقات مع جمهورية يمن الجنوبية , وخصوصا بعد تولي الجناح ليساري في “الجبهة القومية” , الحكم في جمهورية اليمن الجنوبية في حزيران 1969 .
لقد كان المؤتمر الاسلامي الذي انعقد في جدة في آذار 1970 , بدعوة من السعودية , بمثابة فرصة سانحة للمصالحة الرسمية .
فقد توصلت البعثة اليمنية برئاسة محسن العيني الى اتفاق مع الملك فيصل , حول انهاء النزاع ووقف اطلاق النار نهائيا , وقطع المساعدات السعودية الى الملكيين . وتم بعد ذلك توسيع الجمعية الوطنية اليمنية , من أجل ضم 18 ملكي اليها , كما ضم ستة ملكيين الى الوزارة . وقد حظر على عائلة الامام دخول اليمن . وفي تموز 1970 ربطت علاقات دبلوماسية بين اليمن والسعودية , وتم وضع حد لمقاومة فلول قوات الملكيين . وهكذا أصبح الاقطاعيون الجمهوريون آمنين في ظل الحماية السعودية .
ان استعراض ما يجري في اليمن , يجعلنا ندرك انه طرأت تحولات هناك , نتيجة للحرب الأهلية التي نشبت في أعقاب الانقلاب والردة الرجعية . فقد انتزعت السلطة السياسية من أيدي الامام وأعوانه , واستولى عليها تحالف جديد عِماده مشايخ العشائر والتجار . لقد أعدت اليمن اقتصاديا للسير في اتجاه رأسمالي , كما بدأت تتكون في المدن طبقة عاملة ناشئة . صحيح ان القوى الموالية للاستعمار , استطاعت فرض ارادتها على الدولة والمجتمع الجديد , لكنه لا يمكن القول بأنه لم يطرأ أي تغيير جذري على اليمن , بالرغم من ان التحول الراديكالي قد أُغرق في حمام من الدم . (كما ان رِدة عام 1794 وأحداث 1815 في فرنسا لم تمحى آثار ثورة 1789 , كما هو معروف) .
ان طبيعة نظام العمري الرجعية , لا يمكنها محو التحولات التي طرأت على اليمن . ان الطبقة الحاكمة الجديدة , مرتبطة بكل جوارحها بالاستعمار , كما ان الركود الذي كان يخيم على الاقتصاد ما قبل الكولونيالي قد تم خرقه . ظهرت عملية التحول المشوّه هذه بشكل واضح في الجهاز الاداري والاقتصاد فقد تمت تصفية الفئة التقليدية التي تحكمت في الجهاز الاداري حتى عام 1962 . كما قتل البعض من زعمائها , واحتلت مكانها عناصر جديدة اختيرت من بين زعماء العشائر والمثقفين الشافعيين من سكان المدن . وأدى ذلك الى تغيير كامل في طابع الجهاز الاداري ‒ وتحول من اداة طيعة تخدم الحكم الاستبدادي الى مؤسسة طفيلية تبتلع 80 بالمائة من ميزانية الرواتب وتبذر المعونات الخارجية . ففي السنة المالية 1968 ‒ 1969 بلغ عدد الموظفين 13520 موظفا .
تم في المدن تشييد المصانع الأولى للنسيج والادوات المنزلية والمشروبات , بتمويل من أصحاب رؤوس أموال أجانب ومن قبل الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية , اما البرجوازية الوطنية اليمنية فقد ظلت تتركز في مجال التجارة . وأصبحت الواردات الى اليمن , الاخذة في الازدياد , تستورد عن طريق ميناء الحديدة , بدل عدن . وحينما بدأ تأميم الشركات الأجنبية في تشرين أول 1969 بجمهورية اليمن الجنوبية , بدأت الشركات التجارية الأجنبية تنزح من عدن الى الحديدة , وبلغ العجز التجاري عام 1968 نسبة مدهشة , نتيجة لازدهار السوق السوداء , والاضطراب في نسبة الواردات , وتمت تغطية العجز بواسطة الديون الخارجية , وهبطت قيمة الريال اليمني من 6,6 شلنات يمنية جنوبية الى 1,2 شلنا عام 1970) .
كان معظم التجار اللذين اداروا التجارة ووسعوها , من التجار الشافعيين اللذين كانوا منفيين خلال فترة حكم الامام , وكان هدفهم الرئيسي : احتكار الاتجار بالسلع الغربية الغالية , بهدف الحصول على الأرباح الطائلة . فقد أسسوا مثر شركة احتكارية لاستيراد سجائر “روثمانز” من الولايات المتحدة , بالرغم من ان اثمان تشكيلة السجائر الصينية كانت تبلغ الربع (ان المنطق اياه قد دفع الحكومة اليمنية الى قطع العلاقات مع جمهورية المانيا الديموقراطية وتجديد العلاقات مع حكومة بون) .
ان الانقلاب الأخير في الجمهورية اليمنية , يشكل ذروة المحاولات التي قام بها الاستعمار والرجعية خلال ثمانية أعوام من أجل تصفية الثورة .
التدخل البريطاني
لعب بريطانيا في اليمن دورا رئيسيا , أكثر من أية قوة رجعية أخرى , باستثناء المملكة السعودية (قامت السعودية بتقديم معظم المساعدات بالمال والسلاح للملكيين , كما قدمت الأردن والباكستان بعض المساعدات , كذلك أرسلت بعثة الى اسرائيل عام 1963 لطلب المعونة , ولكن الاسرائيليين قدروا بأن المشاكل السوقية لا تسمح لهم بالاستجابة لطلب الملكيين ‒ عن لوموند في 16/5/1967) . وقد حاولت الصحافة البريطانية طمس ذلك الدور المشين , اذ أطلقت على العسكريين البريطانيين اسم “المرتزقة” , وغطت بصمتها على السيل المتدفق من الأسلحة والعتاد والأموال . فقد نظر البريطانيون الى وجود القوات المصرية في اليمن على انها تشكل خطرا مباشرا عليهم , كما استيقظت في عقول البريطانيين , وحتى في صحافتهم , العنصرية المستترة المعادية للعرب التي خفت منذ هزيمة بريطانيا في حملة السويس عام 1956 .

صورة لخبر ورد في صحيفة “المحرر” اللبنانية (1/12/1965) ونقلت عن صحيفة “روما” الايطالية . وقد أجرى مراسل الصحيفة مقابلة صحفية مع الامام المخلوع البدر , في معسكر المنصورة في اليمن .
كانت المعونات بالأسلحة والأموال التي ترد من الخارج , تمر عبر امارة بيهان , احدى الامارات التي تشكل اتحاد الامارات في الجنوب العربي . كما كانت الشخصية التي اختيرت كوسيط , حاكم بيهان ‒ الشريف حسين . وقد كانت قوافل الجمال تغادر بيهان بشكل منتظم ميممة شطر الجبال المحيطة التي يسيطر عليها الملكيون . كذلك كان الشريف يمد الملكيين بسيارات اللاندروفر , ويقدم المشورة والمساعدة لعائلة الامام منذ الأيام الأولى التي أعقبت الثورة . واستمر في مساندته للملكيين بدون انقطاع , الى حين طرده ونفيه في صيف 1967 .
ويشكل اليوم الشريف حسين أحد أقطاب الثورة المضادة في المنفى . وكان هو نفسه زعيما قبليا ضعيفا يعتمد في حكمه على الدعم البريطاني , لكنه أعلن على العالم انه يمتلك كمية ضخمة من العتاد والسلاح والمال . كان واضحا انه يشكل ادة تمويه لعملية جاسوسية بريطانية , كما قبض أموالا من مصادر سعودية , صرفت ونقلت عن طريق فرع “بنك كرندليز” (Grindlays Bank) في عدن .
كانت الطريقة الثانية لمساعدة الملكيين , ارسال المرتزقة البريطانيين المتقاعدين ‒ لكنهم كانوا لا يزالون , في ذلك الوقت ضباطا في الخدمة العسكرية ‒ نظمتهم وكالات مختلفة وأهمها Watchguard International (حرس الرقابة الدولي) التي أدارها الكولونيل دافيد ستيرلينغ , بطل القوات الجوية الخاصة , وهي فرق كوماندوز عملت خلف خطوط العدو النازي خلال الحرب العالمية الثانية (منقول عن كتاب : “اليمن : الحرب المجهولة” الذي صدر عام 1968 , وألفه دانا أدامس شميدت , وقد كتبه من وجهة نظر متعاطفة مع الملكيين) .
حاولت الوكالات المختلفة وقوات المرتزقة ادعاء الاستقلال , وعدم تلقيها الأوامر من الحكومة البريطانية , لكن بعض الحقائق تثير الشك حول هذه المزاعم , فقد اقترح سترلينغ على حكومة السعودية عام 1967 خطة ترسل الى اليمن بموجبها قوة خاصة من المرتزقة تقوم بأعمال “التخريب على نطاق واسع” (عن طريق استعمال أساليب فنية مستحدثة) , وأضاف ان تلك العملية ستمهد الطريق لدخول قوة بريطانية خاصة (عن “الساندي تايمز” في 18/1/1970) .
وهنالك برهان آخر على التآمر (بين قوات المرتزقة والحكومة البريطانية) : لقد شوهد أنتوني ألكسندر بويل , الضابط المساعد للمندوب السامي البريطاني في عدن , وهو يقوم باتصالات مع جماعات من جنود المرتزقة , وذلك في حين الاعلان عن اعتزاله الخدمة النظامية , كما كان ضيفا دائما في المناطق الملكية . ان قوات المرتزقة لم تكن لتعمل بدون تصريح وتشجيع بريطاني رسمي لها .
وصل المرتزقة الأوائل الى اليمن عام 1963 , وعملوا بالدرجة الأولى على تدريب الجنود الملكيين , وادارة شبكة الاتصالات . اما في عام 1964 فقد عثر على بعض المرتزقة البريطانيين , وهم يقصفون صنعاء خلال هجوم الملكيين عليها , وحينما زار اريك رولو , مراسل صحيفة “لوموند” مناطق الملكيين علم 1967 شاهد هناك ضباطا بريطانيين وهم يديرون شبكة الاتصالات : وكانوا يقبضون رواتبهم من “مركز خفي في لندن , قد أطلق عليه اسم “المنظمة” , ويعتقد ان الكولونيل سترلينغ والرائد بروك يديرانها . وحينما سأل الصحفي أحد مشايخ القبائل عن هوية الجندي البريطاني , أجابه بأنه “من المؤرخين اللذين يحققون معنا حول الوضع الحالي في اليمن” .
كان الجنود المرتزقة يقيضون رواتب ضخمة , ويقدر عددهم ب (500) جندي , ما بين عامي 1964 ‒ 1967 , ومعظمهم من البريطانيين , بالاضافة الى الفرنسيين والبلجيكيين اللذين اشتركوا في تدريب الملكيين .
كان هؤلاء من المرتزقة اللذين حاربوا في الجزائر والكونغو , ويمقتون “الناصرية , وأصدقاء الفييتناميين والفلاحين” (عن “لوموند في 16/5/1967) .