منذ ان بعثت جماعة “الأرض” بمذكرتها الى هيئة الأمم المتحدة أخذت الأوساط الحاكمة في اسرائيل ٬ والصحف الصهيونية كلها ٬ بوحي من هذه الأوساط ٬ تشن حملة تحريض شعواء على هذه الجماعة خاصة ٬ وعلى عرب اسرائيل عامة .

ولم تكتف السلطات الحاكمة بهذا التحريض السام بل انها أصرت على حرمان تلك الجماعة من حقها في اصدار جريدة تعرب فيها عن آرائها ومطالبها ٬ وتدحض فيها هذا التحريض الارعن ٬ ثم رفضت تسجيلها كجمعية قانونية بحسب القانون العثماني بحجة ان أهدافها “غير قانونية” . ولما لجأت جماعة الأرض الى محكمة العدل العليا معترضة على هذا الرفض ٬ قبلت المحكمة بوجهة نظر السلطات الحاكمة بأن أهداف هذه الجماعة “غير قانونية” وأصدرت قرارا هو في الواقع قرار سياسي يدعم وجهة نظر الحكومة بحجج سياسية .

ولماذا تعتبر السلطات أهداف جماعة الأرض “غير قانونية” ؟ لأنها ترى ان جماعة الأرض لا تعترف بدولة اسرائيل … وهذه حجة واهية لا أساس لها ٬ فهذه الجماعة تقبل قرار الأمم المتحدة الذي على أساسه قامت دولة اسرائيل ٬ وقبول هذا القرار اعتراف صريح بدولة اسرائيل ٬ ولكنها اذ تقبل هذا القرار تطالب بتنفيذه كاملا ٬ أي انها لا تعترف بحدود الهدنة حدودا ثابتة .

نحن نختلف مع جماعة الأرض ايديولوجياً ٬ فهم يصدرون عن نقطة انطلاق قومية ٬ ونحن نصدر عن نقطة انطلاق اشتراكية أممية . ونرى ان التنظيم السياسي على أساس قومي لا يؤدي الى حل القضايا القومية والاجتماعية ٬ ولكننا نرى ان لكل قومية ٬ ولكل أقلية قومية ٬ الحق كل الحق في ان تقيم لها تشكيلاتها السياسية حتى على أساس قومي بحت .

وجماعة الأرض يعتبرون أنفسهم جزءا من الأمة العربية ٬ وليس لأحد ان يطلب منهم الاعتراف بالحدود والأوضاع التي نجمت عن الهدنة على حساب عرب فلسطين ٬ وعلى حساب “الدولة العربية” التي كان ينبغي ان تقوم بناء على قرارات الأمم المتحدة التي بموجبها قامت دولة اسرائيل . ان بعض الأحزاب الصهيونية لا تعترف بهذه الأوضاع ولا بهذه الحدود ٬ بل تطالب بتوسيعها حتى الأردن أو حتى الفرات . فهل المطالبة بتوسيع هذه الحدود على حساب العرب “هدف قانوني” ٬ والمطالبة بتعديلها لصالح العرب وفقاً لقرار قامت بموجبه دولة اسرائيل ٬ “هدف غير قانوني” ؟

وفي سبيل مكافحة رجال “الأرض” والتحريض عليهم وتشويه سمعتهم ٬ لم تقتصر السلطات الحاكمة على الكبت الاداري ٬ بل لجأت الى تلفيق التهم والصاقها بهم ٬ فزعمت ان جواسيس متسللين من الدول العربية جاءوا للاتصال بهم يحملون اليهم الذهب لتمويل أعمالهم ٬ واوحت الى أبواقها ٬ من صحف واذاعة ٬ فطبلت وزمرت بهذه “الأنباء” الخطيرة … واذ ظهر بطلات هذه التهمة ٬ واضطر البوليس الى الاعتراف بان ليس لديه بينات تجرمهم ٬ واطلق سراحهم ٬ لم يبد على تلك الأبواق وموجهيها شيء من الخجل ٬ بل ان معظم تلك الأبواق لم تشر الى هذا التطور الأخير بحرف .

ان حملة الكبت والتحريض هذه التي تشنها السلطات الحاكمة وأبواقها على جماعة “الأرض” لا تقتصر على جماعة “الأرض” ولا يقصد بها جماعة “الأرض” بالذات ٬ وانما هي حملة على الجمهور العربي في اسرائيل لارهابه وكبته ومنعه من اقامة تشكيلاته السياسية للدفاع عن حقوقه . وان هي دلت على شيء فانما تدل على شعور حكام اسرائيل بفشل سياستهم الموالية للاستعمار ٬ وفزعهم من تعاظم حركة التحرر في آسيا وافريقيا ولا سيما في الأقطار العربية ٬ وما نجم وينجم عن هذا التعاظم من تشجيع الجمهور العربي في اسرائيل الذي يرى في كل انتصار على الاستعمار في هذه الناحية من العالم خطوة تقربه من حل قضيته ونيل حقوقه .

والكبت والارهاب ليس في وسعها ولن يكون في وسعها ان يغيرا شيئاً من هذه الأوضاع . فلعرب فلسطين في اشرائيل وخارجها قضية ينبغي ان تحل ٬ وحقوق ينبغي ان تحقق ٬ وليس لأحد ان يمنع عرب اسرائيل من المطالبة بحقوقهم واقامة تشكيلاتهم السياسية للنضال من أجلها .

اننا نناضل من أجل حق الجمهور العربي في اقامة تشكيلاته السياسية ٬ وندعو جميع الأحزاب والمنظمات في اسرائيل التي تعترف مثلنا بهذا الحق ٬ الى النضال سوية في هذا السبيل .

المنظمة الاشتراكية الاسرائيلية
فرع حيفا
داود تركي
السكرتير

كانون أول 1964